"الصادق المهدي".. هل هو شخصية 2014؟!
بقلم – عادل عبده
لا أنسى أن صورة الإمام “الصادق المهدي” رئيس حزب الأمة القومي كانت على الأفواه في الساحة السودانية كلاعب أساسي في خضم الوثبة الرئاسية التي لاحت في الأفق في بداية هذا العام بوصفها صيغة سياسية غير مسبوقة تكسوها علامات العشم والرجاء والتفاؤل.. كانت المجالس تعتقد أن الإمام “الصادق” سيلتقط القفاز في المبادرة الساحرة ارتكازاً على التنسيق مع أصحاب التدابير ليلعب دوراً مفصلياً خلال المستقبل في تحريك بطارية الحكم إلى دهاليز الإصلاح والشفافية.
مسكينة الدعاية الخيالية.. انفض سامر الاحتفائية ولم يفهم الكثيرون ما جاء في لوغريثمات الوثبة، وكان مشهد الإمام “الصادق” والدكتور “الترابي” والدكتور “غازي صلاح الدين” وهم يغادرون القاعة يحمل تعابير مخلوطة التفاسير في الدواخل.
في ثنايا هذا العام 2014 دخل “الصادق المهدي” السجن من خلال القصة المشهودة.. كانت الجرح عميقاً في كرامة الإمام.. عندما شعرت السلطة بأن الرجل كسب من إفرازات حبسه أطلقت سراحه من خلال مبادرة مصنوعة.. غادر الإمام إلى الخارج في رحلة من نوع آخر شكلت واقعاً مغايراً لخياراته في التعامل مع الإنقاذ.. ترك “الصادق المهدي” منهج التفاوض السلمي المباشر والثورة الناعمة مع الحكومة واستخدم سلاحاً جديداً يرتكز على إرهاق السلطة بتحركات سياسية منتظمة حافلة بالخشونة والتحدي بطعم لا يخلو من الحكمة والدهاء.
كان إعلان باريس مع الجبهة الثورية الذي أغضب الحكومة ثم كانت الجولات المكوكية مع دهاقنة المجتمع الدولي.. كلما دخل النظام في ثبات من هجمة الإمام عاد الرجل يضرب في جبهة أخرى.. هكذا ظل حال “الصادق المهدي” وهو بين العواصم العربية والأجنبية، فقد لمس الزر السحري في تركيبة الإنقاذ وهو يمارس عليهم صيغة الإرهاب في مشهد سريالي.
كان رد الحكومة على الإمام “الصادق” عنيفاً وصاخباً حتى وصل إلى مستوى إخضاعه للقانون إذا عاد للداخل، ومن ناحيته لم يتوان الرجل في إطلاق مدفعيته المستمرة حتى وقع (إعلان نداء السودان) مع القوى السياسية المعارضة في أديس أبابا وبذلك ازدادت الهوة السحيقة بينه وبين الإنقاذ، وتفاقم حجم الكراهية السياسية بين الطرفين إلى مستوى كبير.
في الصورة المقطعية قال الإمام “الصادق” في احتفائية عيد ميلاده التي أقيمت بالقاهرة خلال الأيام الفائتة إن السلطة لم تدفع لحزبه سوى (6%) من أصوله المصادرة، وإن المتبقي لهم (45) مليار جنيه من جملة (48) مليار جنيه، بل لم يتوان في القول إن رحم السودان يحمل جنيناً جديداً (جريدة المستقلة بتاريخ 27/12/2014).
ما زالت انعكاسات وإفرازات الخصومة بين الإمام “الصادق” والسلطة واضحة للعيان.. فقد ذبلت زهور الحوار الوطني حتى وصل نداء المشاركة إلى مرحلة من حضر!! وبذات القدر ها هو النظام يحارب في جبهة خطيرة ممثلة في الأمم المتحدة بأعصاب مشدودة بعد طرد “الزعتري” و”هيلي”، فضلاً عن إغلاق ملف التحاور مع الجبهة الثورية وقطاع الشمال، بل يقال إن الأيام القادمة تحمل موقفاً تصعيدياً في ساحة الجنائية!!
ها هو الشفق الأحمر يرتسم على لوحة عام 2014 يعزف أوركسترا الوداع.. والمشهد السياسي يغلي كالمرجل بأحداث عنيفة وخطيرة وموجعة.. من يمتشق عصا الهيبة الملفتة في هذا العام من بين ثلاثة سياسيين؟ “الترابي” بمواقفه المذهلة التي انقلبت على غبائن المفاصلة؟ أم الدكتور “إبراهيم غندور” وهو يطلع الدرج محاطاً بالأضواء الصاخبة؟؟ أم الإمام “الصادق” وهو يبدل موقفه على نهج مغاير في الخارج أرهق السلطة في الداخل.. من منظوري كان “الصادق المهدي” هو شخصية 2014!!