(لعبة) حلوة يا "عرمان" فهل من مزيد؟!
قرار الحركة الشعبية (قطاع الشمال) بإطلاق سراح (20) أسيراً محتجزاً لديها في جبال النوبة، كإثبات لحسن النوايا ومقدمة لحوارها مع مجموعة (سائحون)، هو بلا شك عمل سياسي جدير بالمتابعة والاهتمام، إن لم يرقَ لمقام الاحترام.
صحيح أنه عمل (تكتيكي) هدفه فك الحصار (السياسي) و(العسكري) المضروب على الحركة وقواتها التي تتلقى ضربات موجعة في أنحاء جبال النوبة، ومحاولة لتعبئة (الداخل) ضد الحكومة، لكنها في النهاية مبادرة (سياسية) وإنسانية، ترفرف حولها الرايات البيضاء وتلوح بإشارات للحوار والسلام والتنازلات.
بيان الحركة حول إطلاق سراح الأسرى وإعلان الاستعداد لترحيلهم عبر طائرة تابعة للصليب الأحمر، قبل بداية الجولة المقبلة من المفاوضات أو الدخول في حوار تفصيلي مع (سائحون)، وإن كنت لا أتوقع مردوداً يتجاوز مثل هذه المبادرات من وراء التفاوض مع جهة لا تملك سلطة ولا قراراً ، بيان الحركة مؤشر قوي على أن قادة (القطاع) لديهم (جديد) يقولونه بعد أن نسفوا الجولات السابقات من المفاوضات مع الحكومة بالإصرار على مطالب ومواقف لا يمكن تكرارها في السودان بعد كارثة (نيفاشا) التي أودت بحياة وطن واحد كان اسمه (السودان أبو مليون ميل مربع.. من حلفا لنمولي).
عاوزين سلام.. واستقرار وتنمية وخدمات.. وقبل ذلك حريات عامة، وديمقراطية نزيهة وشفافة، أهلاً وسهلاً.. نحن معاكم ضد الحكومة و(المؤتمر الوطني) .
عاوزين تنادوا بـ(حكم ذاتي) لجبال النوبة، والنيل الأزرق الما عندكم فيها (عشرة كيلومتر)، وترددوا محفوظات إثارة العنصرية مثل (جلابة) .. و رق.. وعبودية.. وغيرها من الأكاذيب، دا تاني ما في ليهو سكة.. باب وانسد.. بعد سلمت حكومتنا جنوبنا وشعبه لعصبتكم من لدن “سلفا” و”باقان” و”مشار”، فضيعوا شعب الجنوب، اختطفوه بعون أمريكا والاتحاد الأوروبي.. وحكومة السودان ليست بريئة بل شريكة في هذا الجرم، فقذفوا جميعاً بعشرة ملايين جنوبي إلى أتون المجهول وجحيم حرب لا تنتهي !! أين “باقان” الآن.. أين طائر الشؤم الذي كان يحرض شعب الجنوب لست سنوات، على الانفصال والتحرر من عبودية الشمال، ويصرخ في احتفال إعلان الدولة بهستيريا مهللاً بالحرية والاستقلال؟؟
شعب السودان لن يسمح بتكرار الفجيعة.. يا قطاع الشمال.
على كل، شكراً على مبادرة إطلاق عشرين أسيراً حرموا لسنوات من أهلهم.. أمهاتهم وآبائهم .. إخوانهم وأخواتهم.. وأبنائهم وبناتهم .
خارج النص:
قال الأخ “ياسر عرمان” على هامش مفاوضات “أديس” لأحد الزملاء إنه يعتبر “الهندي عز الدين” أكثر تطرفاً من “الطيب مصطفى”!!
فليكن.. ولكن وفق رؤية سياسية وطنية لم تثبت لي الأيام خطأها حتى الآن، منذ العام 2005، فعندما كان الجميع – حكومة ومعارضة – يهلل لـ(نيفاشا) وبطلي السلام “قرنق” و”علي عثمان” ووقتها لم يكن هناك (منبر سلام عادل)، كتبت بجريدة (الصحافة) سلسلة مقالات بعنوان (السلام المثقوب).
وللأسف كان بالفعل مثقوباً.. ثقباً كبيراً تسربت منه أكثر من (ستمائة ألف كيلو متر مربع).. تسرب منه كل الجنوب!!