الرئيس "البشير" والرئيس المصري "السادات".. ملامح الشبه وتطابق المحطات!!
بقلم – عادل عبده
ما الذي يجمع بين الرئيس “عمر البشير” والرئيس المصري الراحل “أنور السادات” وهما لم يلتقيا وجهاً لوجه في الساحة السياسية العربية، فالشاهد عندما كان “السادات” حاكماً لمصر، فإن الثاني كان ضابطاً في الجيش السوداني، وبذات القدر عندما تولى “البشير” السلطة في يونيو 1989م كان “السادات” قد ذهب إلى دار الخلود على خلفية حادثة المنصة عام 1981م.. الإجابة عن هذا السؤال الكبير.. تتأطر على ملامح اللوحة البليغة التي تعكس أوجه الشبه وتطابق المحطات بين الرجلين في إيقاع مذهل ونادر التكرار.. يخطف الألباب والأبصار.. وكم كان عجيباً ومدهشاً ظهور المواقف والمشاوير والخطوات والقرارات والصفات على أريكة التشابه والتطابق بين “السادات” و”البشير” على حلقة متماسكة من نسيج محكم يراعي اختلاف أوضاع المآلات في البلدين.
أمامنا أولى المحطات المشتركة التي تتمثل في اتخاذ الاثنين قرارات تاريخية انتهت إلى استعادة السلطة والصولجان لكلاهما، فقد انقلب “السادات” على مراكز القوى بقيادة “علي صبري” في 15 مايو 1971م وبذلك صار صاحب القرار الأول في مصر، بينما أزاح “البشير” الدكتور “الترابي” في 10 رمضان 1999م على خلفية الصراع الرهيب بين (القصر) و(المنشية)، حيث صار “البشير” بعد ذلك الحاكم بلا منازع، هنالك القرارات الخالدة والاستثنائية في سجل الرجلين انعكست في خطوة انفصال الجنوب عن شمال السودان في عهد الرئيس “البشير”، بينما يماثل هذا الموقف قرار “السادات” بإقامة علاقة سياسية ودبلوماسية مع “إسرائيل” استناداً إلى (اتفاقية كامب ديفيد) بين البلدين، وهذان الحدثان كانت لهما إفرازات غير مسبوقة ونقلة سياسية تحدث لأول مرة في “مصر” و”السودان”.
أيضاً تتطابق المشاوير بين “البشير” و”السادات” في عودة الأحزاب السياسية في القطرين بعد قرارات العسكر التي قامت بحل الأحزاب والتنظيمات السياسية في “مصر” و”السودان”، ومن الأشياء الملفتة المشتركة بين الاثنين تلوح تجربة العزلة الخارجية، فقد واجه “البشير” عزلة واضحة من معظم دول الخليج أيام (غزو الكويت)، فضلاً عن المقاطعة الأمريكية المتزامنة مع بعض منظمات العالم الأول، وعلى ذات النسق مارست الدول العربية مقاطعة محكمة على الرئيس “السادات” بعد توقيع (كامب ديفيد)، علاوة على قطيعة محدودة من بعض دول المعسكر الشرقي يومذاك، غير أن تلك القرارات واجهت إلى حد كبير قوة التماسك في هيكل النظام في البلدين.. لا أحد ينكر وجود الاستخدام المتطابق في المدفعية اللفظية بين “البشير” و”السادات” كسلاح خطير في مواجهة الخصوم والسياسيين المناوئين في الضفة الأخرى، حيث نجد “السادات” بصوته الجهور شديد الغضب على معارضيه ويصفهم بالحقد والجهل ويحاول تهديهم بالنصير الأسود، وقد ذكر “السادات” قولته المشهورة في “خالد محيي الدين” رئيس التجمع الوحدوي المعارض عقب اعتقالات سبتمبر 1981م بأنه (مرمي في السجن ذي الكلب)، وكذلك أطلق “السادات” توصيف (مجنون ليبيا) على الرئيس الليبي الراحل “معمر القذافي”، أما الرئيس “البشير” فقد وصفه الإمام “الصادق” بأنه غير متطرف، لكنه قابل للحماسة، فالشاهد أن حماسة الرئيس “البشير” تنطلق من ورائها عبارات نارية، حيث ذكر قولته المشهورة لقادة التجمع المعارض في “بورتسودان” قبل المصالحة بأن عليهم الاغتسال في البحر إذا كانوا يريدون محاورة الحكومة، فضلاً عن ذلك توجد مدفعيته الخطيرة حيال مدعي الجنائية السابق “أوكامبو”.
كلا الرئيسين “البشير” و”السادات” يعشقان الدعابة وإطلاق النكتة.. إنها تركيبة البشر في تفاعلات الروح والجسد.. ومن جهته أطلق “البشير” نكتة مشهودة على النظام الذي يديره عندما تحدث في التلفزيون ذات مرة عن الرجل الذي يكره الحكومة، وبذات القدر أطلق “السادات” النكتة على نفسه، فقد ذكرت “جيهان السادات” بأن زوجها “أنور السادات” قال لها بأن الشارع المصري يردد بأن الرئيس راح للترزي يحيك له جيب (بدل الجيب اللي عنده) في إشارة للثغرة التي حدثت في حرب أكتوبر 1973م.. “السادات” و”البشير” يمارسان إطلاق النكات ويرسمان الدعابة والقفشات خلف المسؤوليات الضخمة وأعمال السيادة.
ملامسة الجذور واحدة من ملامح الشبه بين “البشير” و”السادات” وهما ينتميان إلى عائلتين من طبقة الفلاحين والمزارعين في ظل وجود مناخات النزعات الإيمانية، فـ”البشير” كثير العشق إلى منطقة “حوش بانقا”، بينما “السادات” كان دائم الولع بقرية “ميت أبو الكوم”.
هنالك تقارب في الملامح الشخصية بين “البشير” و”السادات” حيث توجد مكونات الشبه في اللون الأسمر والشارب والعيون القلقة الواسعة والقامة المربوعة والصوت الجهور، بل كلاهما صار أصلع عندما تراجع شعر الرأس الأمامي بعد مرحلة الشباب.