نضال أم (بزنس)
قبل يومين تسلل خبر ملتاع بين قروبات الأخبار والأسافير وانتقل للصحف، يتحدث عن مطاردات وملاحقات لعدد من قيادات النضال السوداني، من قطاع الشمال ومتمردي دارفور. أوغندا التي بذلت بصحيح الشهود والمنشورات هويات السفر ومنحتها غطاء مواطنتها لأولئك الناس، لم تنسَ أن لهم ديوناً على الخزينة الأوغندية، عوائد أرباح وأشغال تجارة، أنكرها أولئك أو تلكأوا في ردها فتحركت قبضات القانون، والقانون هناك لا يجامل، وحار الناس عشية الخبر إن كان من يدعون النضال ويحملون رايات الوعيد في الدنيا والقبل الأربعة محض رجال أعمال في المنشط والمكره، فمن يقاتل عنهم في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. والسؤال الأهم متى كان الجمع جائزاً بين الثورة من أجل الناس والنهوض من أجل عروض التجارة !
وقبل أن يرتد حجر النفي والإنكار اندلقت فضيحة أخرى، إذ اكتشف السودانيون بالصور التي لا تكذب أن رسول العناية السياسية إليهم “ياسر عرمان” ورفاقه، إنما هم محض (نهابة) للذهب وغيره من المعادن في جنوب كردفان، وأن الجيش الشعبي الذي يرتدي لامة الحرب من أجل الفقراء بزعمه، إنما هو محض عمالة موسمية للتعدين عن الذهب، وأن المواطن الذي يموت في “هيبان” ويقتل في “كاودا”، إنما هو معول لحفر الصخر لصالح لوردات الحرب الذين أوفدوا إلى مناطق الحركة الشعبية أو المواقع التي تحت سيطرتهم، رجال البنوك وتجار الذهب. وهكذا يهتف الجميع هناك عاش النضال ولتذهب معاناة الأهالي إلى حيث ألقت الريح، وأيقنت الآن وفهمت كيف أن حلولاً مثل الوقف الشامل لإطلاق النار والبدء في الترتيبات الأمنية سيعني ببساطة أن (نقاطة) جنرالات الحرب في التمرد قد توقفت لأن السلام سيعني أن كل المناطق مفتوحة، وما لم تفضحه الصحافة في أتون القتال ستفضحه حكايات الناس ومطالباتهم بما نهب من أراضيهم في حين غفلة.
إن الحقيقة التي تقف ناصعة أن من يستفيدون من استمرار اندلاع النيران والمصائب في هذا الوطن، بعض المتمردين الذين وفرت لهم تلك البيئة موارد للاستثمار في كثير قد تكون المعادن الأهلية فيه جزء يسير مما هو أشد سرقاً ونهباً ونقلاً لخارج السودان، وتحول إلى أرصدة عاتية لصالح من يصرون أنهم يحملون هموم التحرير والمساواة والفجر الجديد. ولهذا حق لأي سوداني أن يتشكك في كل ناهض ورافع لراية تطلب السلطة وتحرض عليها، إذ من المؤكد أن هذا الوطن يسرق وفي رابعة النهار، ومن يسرقه يأتي عشاءً يبكي الفساد وإهدار موارد البلاد وهو يبيعها بثمن بخس في أسواق الجوار وليتك ترضى والأنام غضاب لسان حالهم.
ستنقل أطنان الذهب من هيبان وغيرها، وسيتحول “عرمان” وغيره من القيادات إلى أثرياء، أرصدتهم بالخارج بالعملة الأجنبية، وقد أمنوا مستقبل أبنائهم وأسرهم، وضمنوا لهم رغيد العيش وطيبه، ولن يهم هؤلاء أن يموت كل شعبنا لصالح مشروعهم الاستثماري.