حوارات

رئيس مفوضية الانتخابات بروفسيور "مختار الأصم"

“البشير” أوصانا أن نسلّم البلد لمن يختاره الشعب عبر صناديق الاقتراع
شرعية الرئيس والولاة والبرلمان ستنتهي في (أبريل) القادم
توجد جهات معادية ترغب في أن يكون هنالك فراغ دستوري واضطراب سياسي
سمحنا للأحزاب بالوجود عند طباعة أوراق الاقتراع في مطابع العملة
تكلفة الناخب الواحد في السودان تصل إلى (9) دولارات.. و(800) مليون جنيه هي تقديراتنا لكل العملية
رصد – طلال إسماعيل

تظل جدية تأجيل الانتخابات وقيامها واحدة من الأطروحات السياسية التي تنتظر مآلات ونتائج الحوار الوطني، وتلك القضية كانت حاضرة أمس (الجمعة) في برنامج (مؤتمر إذاعي) الشهير بالإذاعة السودانية، الذي استضاف رئيس مفوضية الانتخابات “مختار الأصم”، حيث تسير الانتخابات وفقاً لجدولها الزمني المعلن، ونلاحظ ذلك في المركز والولايات للنشاط الجاد والمزود بالخبرة الإدارية والقانونية، والذي يميز المفوضية القومية للانتخابات منذ أدائها القسم.. و(السبت) الماضي أنهت المفوضية مرحلة تسجيل للانتخابات، وهي الآن في مرحلة جديدة سنتعرف عليها بإذن الله تعالى.. هذه الحلقة من برنامج (مؤتمر إذاعي) نخصصها للانتخابات البرلمانية والرئاسية، وما تم من إجراءاتها والمراحل المتبقية.. وللحديث حول هذا الموضوع نسعد كثيراً أن يكون معنا في داخل أستوديو الإذاعة رئيس مفوضية الانتخابات “مختار الأصم”.. مرحباً بك يا بروف، ونحن نقدر لكم اهتمامكم بالإعلام لإنجاح عمل المفوضية.
{ سؤال مباشر.. هنالك حراك سياسي مآلاته غير معروفة حتى الآن ونشاط موازٍ جاء من قبل المفوضية القومية للانتخابات.. وقد يسأل متسائل لماذا انتخابات في الأصل في الوقت الذي يجرى فيه الحوار الوطني؟
– سؤال مشروع للغاية، ومن واجبنا أن نحاول الرد عليه.. حقيقة الانتخابات، أي انتخابات تعني التبادل السلمي للسلطة ما لم ترد أن تجعل السلطة في يد جهة واحدة أو حكومة واحدة أبد الآبدين، لا بد أن تخلق لك آلية تتيح أن تذهب السلطة من هذه الجهة إلى تلك الجهة.. تبادل سليم للسلطة بدون عنف وبدون بندقية.. هذه هي الانتخابات.. ولا بديل للانتخابات إلا الرصاص والعنف.. العالم كله لم يجد سبيلاً آخر لتبادل سليم للسلطة إلا عبر صناديق الاقتراع هذه.. وبحمد الله سبحانه وتعالى عندنا دستور السودان انتقالي للعام 2005م أمن على هذه المسألة.. إذن نحن عندما نقول إن الانتخابات ضرورة نعني أنه لا يوجد سبيل آخر للانتخابات إلا البندقية.. هذه واحدة.. ثانياً، دعنا نتذكر ذكرى تنفع المؤمنين.. في عام 2005م والعالم يشهد تبني السودان دستوراً انتقالياً.. هذا الدستور هو الذي يحكم السودان اليوم مع تعديلات بسيطة.. وهذا الدستور شهدت عليه حوالي (23) دولة وأمنت عليه.. الدستور هذا أجريت به أول انتخابات بعد الفترة الانتقالية.. وعادة الفترة الانتقالية تجُب ما قبلها.. الفترة الانتقالية التي بدأت في العام 2005م، بدأت بهذا الدستور الانتقالي، وقامت الانتخابات الأولى في أبريل 2010م.. إذن استقرار الحكم وشرعية الحكم نبعت من تلك الانتخابات.. وذلك الدستور الذي يحكم السودان الآن حدد بما لا يدع مجال للشك أن هنالك فترة  زمنية تنتهي بعدها هذه الشرعية، شرعية رئيس الجمهورية وشرعية البرلمان وشرعية المجالس الولائية، وحتى الولاة.. كل هذه الشرعيات تنتهي في أبريل 2015م…
{ (مقاطعة).. إذا لم تقم الانتخابات في موعدها القادم (أبريل 2015م) قد تكون هناك مضاعفات سياسية ومضاعفات في العلاقات الخارجية للسودان على خلفية عدم قيام الانتخابات؟
– قلتها أنت.. نعم، تماماً.. إذا لم تقم الانتخابات في موعدها من دون التعديلات التي يمكن أن تتم، معنى هذا، يستطيع أي إنسان أن يقول: من الذي جعلك تحكم السودان يا (فلان)؟ من الذي أعطاك هذا الحق؟ لأن هذا الحق انتهى في أبريل 2015م.. يعني يستطيع أي إنسان أن يدعي عدم شرعية الحكم.. وخلي بالك هناك أكثر من دولة معادية وأكثر من جهة ترغب في هذه المسألة، وترغب أن ترى فراغاً دستورياً يؤدي إلى اضطراب سياسي.
إذن أحد أغراض الانتخابات الأساسية هو سد الفراغ الدستوري وسد باب الذرائع نحو الاضطراب السياسي وجعل شرعية للحكم.. هذه ما فيها أي شك.. ما لم تقل لي إن هنالك سبيلاً إلى شرعية الحكم هذا من دون انتخابات.. وهذا غير موجود.. وأشرت أنت في حديثك إلى موضوع الحوار الوطني، ولا يمكن أن تكون الانتخابات عائقاً أمام اتفاق السودانيين في الحوار الوطني.. يستحيل ذلك.. لأن المفوضية المسؤولة عن إجراء هذه الانتخابات، والمسؤولة عن عدم خلق فراغ دستوري والمناط بها عدم خلق اضطراب سياسي هي جهاز فني، حساس سياسياً، نفتح الآذان والأعين لأي اتفاق سوداني سياسي يؤمن لنا أن لا يحدث فراغ، ويؤمن لنا أن يحدث اتفاق، ويؤمن لنا أن لا تحدث زعزعة للسودان.. وإذا حدث هذا على العين والرأس.. لكن في غياب هذا لا بد أن تأتي شرعية الحكم الجديدة ولا أدري كيف!!
نحن نريد استقراراً سياسياً للسودان، وأي إنسان لديه (روشتة) لهذا الاستقرار سوى الانتخابات فليقل بها، ولكن نحن لا ندري أي (روشتة) يمكن أن تجعل استقراراً سياسياً وتوقف الفراغ الدستوري، وتمنع الاضطراب السياسي، وتمنع أي إنسان يريد أن يخلق اضطراباً ويقول للحكم أنت غير شرعي.. وبالطبع إذا حدث في الحوار الوطني ما يعدل هذا الأمر وما يؤمن الاستقرار السياسي، بالتأكيد مفوضية الانتخابات ما هي إلا جهاز فني يستوعب المتغيرات السياسية.
{ بعض الأحزاب منذ هذه اللحظة رفعت لافتة (لا للانتخابات) وأعلنت مقاطعتها وبعضها يشكك في المفوضية نفسها وعلاقتها بالدولة وبعضها يشكك في شفافية الانتخابات في المستقبل؟
– هذا سؤال شرعي من حقك أن تسأل هذا السؤال.. نحن في المفوضية نظرنا في كل الأساليب التي يمكن أن تؤمن للمتنافسين والمشاركين نزاهة الانتخابات، وأي حزب سياسي مسجل في مسجل الأحزاب عندنا هو يساوي الحزب الآخر، والأحزاب السياسية المسجلة عندنا كأسنان المشط لا نفرق بينها، ولا علاقة لنا بحزب سياسي أكثر من الأحزاب الأخرى.. المفوضية مستقلة استقلالاً تاماً.. استقلال إداري ومالي وسياسي ولا يملي عليها أحد.. يعلم الله ذلك ويشهد لم يملي علينا أحد شيء، بالعكس إنما هنالك حديث قاله رئيس الجمهورية للمفوضية في أول لقاء عند تعيينها الجديد قال: (أنتم جهة مستقلة أديروا انتخاباتكم كما ترون والشاهد عليكم رب العالمين وسلموا البلد لمن يختاره الشعب السوداني).. بل زاد الرئيس على ذلك بالقول: (إذا أردتم أن تحسبوا الأصوات عقب كل يوم أفعلوا ذلك).. والمهم نحن في المفوضية اتبعنا أسلوب الشفافية والنزاهة والأمانة، ووضعنا رقابة على كل عمليات الانتخابات منذ التسجيل وتوزيع البطاقات، ووصلنا إلى مرحلة الطباعة نفسها.. نحن سنطبع أوراق الاقتراع في مطابع العملة السودانية، ومثلما تؤمن أوراق النقود من فئات الخمسين جنيهاً، والعشرين جنيهاً، جعلنا بطاقة الاقتراع تأخذ نفس عملية التأمين حتى لا تتعرض للتزوير، وسمحنا لمناديب الأحزاب السياسية والمراقبين بالوجود عند طباعة هذه البطاقات، وأمنا لهم قاعة لنعرض عليهم البطاقات قبل أن تطبع وتحسب ويشاهدوا حسابها، وعند الطباعة تكون هنالك بطاقات صحيحة وأخرى تالفة، الجزء التالف يُحرق أمامهم ويرونه رأي العين، والجزء السليم يقسم إلى (بكتات) وتكتب فيه الأعداد أمام أعينهم ويقفل ويوزع على المراكز.. هذه لا يقوم بها إنسان يريد أن يزور.. وهذه غير موجودة وغير مسموح بها لكل إنسان، ولكن نحن سمحنا بهذه المسألة.. وثانياً عندما طبعنا هذه الأوراق في الانتخابات الماضية، جزء منها كانت طباعته داخل السودان بضعهم تساءل: كيف تطبعون أوراق الاقتراع في داخل السودان؟
{ (مقاطعة).. هنالك سؤال من “صالح علي عبد الله صالح” من نيالا عبر البريد الإلكتروني يسأل: لماذا تمت طباعة أوراق الاقتراع في انتخابات 2010م خارج السودان.. هل هنالك دعم من خارج البلاد لتلك الانتخابات؟
– في عام 2010م، جزء كبير جداً من الطباعة قامت به الأمم المتحدة وقامت بطباعته في جنوب أفريقيا وفي بريطانيا وفي دول الخليج، وحدثت ارتباكات في جنوب أفريقيا وفي بريطانيا عندما طبعوا الأوراق كتبوا عليها أسماء دوائر بالخطأ وحملت من جنوب أفريقيا ومن بريطانيا وعندما وصلت إلى الدوائر وفتحت وجدنا الأخطاء، وحدث ارتباك، وجاءنا حديث من الأمم المتحدة نفسها عندما أكملنا البطاقات داخل مطابع العملة السودانية.. الأمم المتحدة أصدرت بياناً وقالت إن الطباعة تمت من دون رقابة.. فلنسأل أنفسنا: هل الذي تم في جنوب أفريقيا تم برقابة؟ هل الذي تم في لندن تم برقابة؟ وهل تملك الأحزاب السياسية وحتى المفوضية مقدرة على الوجود في المطابع في جنوب أفريقيا وفي بريطانيا لكي تراقب هذه العملية؟ بالعكس الرقابة الحقيقية عندما تطبع أوراق الاقتراع في مكان يستطيع كل الناس أن يصلوا إليه ويرونها رأي العين؟ ولكن أن تطبع خارج السودان وتقول إن هذا هو الأسلوب الآمن، بالطبع هذه أكذوبة كبرى، وهذا ظلم للسودان نفسه، لأننا عندما طبعنا أوراق الاقتراع في 2010م داخل مطابع العملة، الآن جاءت عروض من دولتين لمطابع العملة لطباعة أوراق الاقتراع وعملة تلك الدولتين.. نحن فتحنا الباب لتوطين طباعة أوراق الاقتراع في داخل السودان، وزدنا من الخبرة السودانية، أليس هذا واجباً علينا؟ هل هذا يحسب لنا أم علينا؟ هذا ما كنت أظن أنه يحسب لنا، لأننا شجعنا شركة وطنية على تحسين عملها إلى مستوى يجعلها تجلب عملة صعبة من دول تطلب طباعة أوراقها في السودان.. نحن نؤمن للأحزاب السياسية والمراقبين أن يكونوا موجودين في مطابع العملة ويروا رأي العين.
{ نريد أن نعمل مقارنة بين الأجسام التي تدير الانتخابات في الدول الأخرى والمفوضية التي تتولى العملية في السودان؟
– قانون الانتخابات الذي شكل المفوضية، هو القانون الوحيد الذي شارك فيه التجمع الوطني بجميع مكوناته بما في ذلك حزب الأمة القومي الذي لم يكن له تمثيل في البرلمان.. البرلمان كان فيه كل أحزاب التجمع والحركة الشعبية.. كلهم كانوا مشاركين.. وهذا القانون أخذ سنة كاملة ووضعته مفوضية المراجعة الدستورية.. وهذا القانون اختار نظام المفوضيات وهو نظام معروف في العالم، أن تأتي بأشخاص مشهود لهم بالأمانة والحيدة والنزاهة ليديروا العملية الانتخابية باستقلالية.. وأنا أشهد بهذه الاستقلالية منذ “أبيل ألير” و”عبد الله أحمد عبد الله” ودوري الآن، لم يتدخل أي فرد في عمل هذه المفوضية، بل رئيس الجمهورية أكد استقلالنا وطلب منا أن نحافظ عليه من دون تدخل أية جهة في عمل المفوضية.. وليطمئن الناس أن هذه المفوضية هي مستقلة وتعمل بشفافية كاملة في كل خطواتها.
{ كم تبلغ تكلفة هذه الانتخابات منذ بدايتها وحتى نهايتها في ظل هذا الوضع الاقتصادي.. هل هنالك أي دعم خارجي لهذه العملية؟
– تقديرنا لتكلفة الانتخابات القادمة أنها ستبلغ حوالي (800) جنيه عملتها بالدولار.. بعض الصحف (شالت) كلمة جنيه (عملتها) بالدولار، وبعضها الآخر زاد للمبلغ أصفاراً.. هي (800) مليون جنيه سوداني قد تزيد (5%) أو تنقص (5%).. هذه التكلفة.. وهذا هو التقدير الرسمي لها.. عادة الانتخابات في الدول تتفاوت نسبة تكلفة الناخب ما بين نصف دولار إلى (15) دولاراً، والسودان واقع ضمن الدول التي تبلغ تكلفة الناخب الواحد فيها ما بين (8) إلى (9) دولارات، وهي نسبة ليست صغيرة، لكنه ثمن قليل جداً للاستقرار السياسي، لأنك مثلما تنفق على الأمن والقوات المسلحة والصحة والتعليم يلزمك أن تنفق للاستقرار السياسي، ويلزمك أن تنفق على آلية التبادل السلمي للسلطة، وإلا تكون أنت تدعو إلى فوضى وتنازع.. لكن كلما تتطور العملية الانتخابية كلما تقل التكلفة، ونحن الآن جعلنا سجلاً دائماً، ولأول مرة في السودان يكون هنالك سجل دائم للناخبين.. كل الانتخابات الماضية كانت بالسجل المؤقت، ونحن نعتمد على  السجل الانتخابي الذي أنشئ في العام 2009 – 2010م، والذي سجل (11) مليوناً و(600) ألف ناخب، وهؤلاء ناخبون أسماؤهم معتمدة ينقصون بالوفاة ويزيدون بالذين بلغ عمرهم (18) سنة، وعندما فتح باب التسجيل حالياً سجلنا حوالي مليون و(700) ألف ناخب إضافي، وبلغنا الآن حوالي (13) مليوناً و(300) ألف ناخب، وأصبح هذا هو السجل الانتخابي الجديد الدائم في البلاد.. لذلك الناس الذين يقولون إن الإقبال ضعيف هم لا يدرون أن هذا ليس تسجيلاً جديداً وإنما هو إضافة للسجل القديم.
{ (مقاطعة).. مستقبلاً.. يمكن أن يكون التسجيل عبر الوسائط الإلكترونية؟
– التكلفة ستقل للغاية، بمجرد أن يصبح التسجيل إلكترونياً أو عندما يتمكن السودان من إكمال مشروع البطاقة المدنية عبر الرقم الوطني، لن تكون هنالك حاجة للتسجيل، لأنك ستأخذ من السجل المدني الذين بلغ عمرهم (18) سنة وتعطيهم بطاقة اقتراع للتصويت.. ونحن بدأنا نقلل التكلفة بأن جعلنا هنالك مراكز ثابتة للاقتراع، وفي كل الولايات لدينا مقر دائم لمفوضية الانتخابات، والآن نسعى مع المحليات لإنشاء مراكز دائمة للاقتراع لتقليل التكلفة.. والسودانيون سريعون جداً في فهم التكنولوجيا ويستخدمون الوسائط الإلكترونية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية