وما الحل
لا خلاف أو جدال حول سلوك “ياسر عرمان” الذي ينتهجه في إثارة الغبار السياسي الذي يؤدي لانعدام الرؤيا عند كل جلسة تفاوض تجمعه بوفد الحكومة، ودائماً ما يصبح “عرمان” نفسه موضوعاً في جلسات التفاوض ومادة في الصحافة السودانية والتي تنعت “عرمان” بكل قبح وترميه بكل سوء، وهو يستحق ذلك لأنه يميل لإثارة المشكلات ويتفنن في استحضار أدب جدال الحركة الطلابية القديم، ويوظف قدراته التي اكتسبها من تجربته في الحزب الشيوعي وفي الحركة المتمردة، بتقديم نفسه في الإعلام بطريقة غير مألوفة لخصومه ومنافسيه.
“عرمان” حالة ينظر إليها من قبل أغلب الشماليين بحالة العار السياسي ويرفضون مجرد رؤيته جالساً في طاولة المفاوضات، ينوب عن أناس ما كان ينبغي له الاقتراب منهم لأنه لا قضية له. ورغم كل ذلك ماذا بعد وكيف يمكن حل قضايا مناطق شقيت طويلاً بالحروب والمآسي والدموع والأحزان، وهل بسبب “عرمان” تستديم الحروب وتبقى المآسي، أم يتجاوز المفاوض كل متعلق في النفوس وكل ما هو نفسي ووجداني من حل قضية واستقرار وطن. وإذا غابت إرادة الحل وغشيت الأبصار الغشاوة عن الذين هم بعيدون عن الأثر المباشر للحرب، فلماذا تغيب عن المفاوض إرادة الحل والنظر لمأساة الشعب الذي طحنه البؤس والفقر، وبات نصفه نازحاً في أطراف المدن والنصف الآخر ما بين لاجئ في دول الجوار القريب والبعيد. طرق الشباب حتى أبواب “تل أبيب” و”سيدني” في استراليا ومن بقي في الداخل إما مهدداً بالموت بدانات الهاون أو يسير في الطرقات فاقداً للأمل بأن تعود الحياة لوطنه الصغير. إن القيادة الكبيرة هي من يكسر القيود وينظر لقضايا وطنه بعين الحكمة والشمول لأعين عامة الناس، ومسؤولية القائد السياسي أكبر من مماحكات من لا يسأله شعبه عن لقمة العيش وأسباب الرفاهية والحياة الكريمة.