حوارات

عضو مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني "إبراهيم نايل إيدام" في حوار الصراحة مع (المجهر السياسي) (1-2)

(حوّا والدة).. لكن المؤتمر الوطني سيصبح في مهبّ الريح إن لم يرشح “البشير”!!
حلّ مجلس الثورة كان مؤامرة.. (والترابي عمل الشغلانة كلها)!
لست راضياً عن الإنقاذ.. والوطني الآن وعى الدرس!!
خطأ الإنقاذ الكبير أنها تخلصت من الحرس الأول من أجل أناس آخرين!!
الإسلاميون أنانيون ولا يعرفون النظرة القومية.. لكن “البشير” قومي لأن (تيرابو عسكري)!!
حوار – سوسن يس

حمّل اللواء “إبراهيم نايل إيدام” عضو مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني الإسلاميين مسؤولية الأخطاء التي صاحبت سنوات الإنقاذ.. وقال: (الـ21 سنة الأخيرة من عمر الإنقاذ كلها كانت أخطاء في أخطاء.. وتقارير المؤتمر العام الأخير للمؤتمر الوطني تؤكد أن كل السودانيين غير راضين عن تلك الفترة).
وقال “إيدام” إن إبعاد الحرس الأول من أجل أناس آخرين كان هو أحد الأخطاء، ووصف الخطوة بأنها كانت (مؤامرة)، وأن “الترابي” كان (وراء الشغلانة كلها)- على حد وصفه- وأكد “إيدام” أن التقارب الذي حدث بين المؤتمر الشعبي والوطني سيعيد ذات سيناريو الأخطاء والفشل، وقال: (أنا أقول لهما معاً – للوطني والشعبي- اتقوا الله فينا.. اتقوا الله).. وإلى مضابط الحوار.

{ سعادة اللواء “إبراهيم نايل إيدام” أين أنت الآن وماذا تفعل؟
– الآن أنا عضو في المؤتمر الوطني.. والآن أيضاً أنا خارج المنظومة التنفيذية.. لي عملي الخاص.
{ حقبة الإنقاذ تمضي الآن نحو نهاياتها كيف تنظر للسنوات الخمس والعشرين التي مضت.. هل أنت راضٍ عن هذه الفترة؟
– والله بكل صدق.. نحن حضرنا المؤتمر العام الأخير للمؤتمر الوطني واستمعنا خلاله إلى كل التقارير.. والتقرير الذي قدمه نائب رئيس الجمهورية أخونا “حسبو” يؤكد عدم رضا كل السودانيين عن هذه الفترة.. أنا لست راضياً عنها، لأن ما جئنا من أجله لم ينفذ.. نحن جئنا كي ما نوقف الحرب.. جئنا كي ما ننقذ البلاد اقتصادياً.. جئنا كي ما ننقذ البلد من مشكلات أخرى.. لكن كل هذا لم يحدث ورجعنا إلى المربع الأول.
والآن الرئيس طالب بإجراء تعديلات دستورية في ما يختص بنظام الحكم، وهذا الكلام نحن كنا قد قلناه منذ البداية.. قلنا لهم (يا جماعة إنتو بتكرسوا للقبلية) لكن لم يسمعوا كلامنا.. وكما يقال (كلام القصير ما بتسمع).. والآن هم رجعوا لكلام القصير.. وأعجبني ما قام به البرلمان أمس في وجود وزير الداخلية، حيث أمر بشطب ما يسمى بـ(القبيلة).. وهذا هو الكلام الذي كنا نقوله لهم نحن.. وللأسف الشديد هم كانوا لا يستجيبون لما كنا نقوله لهم وكانوا يعدّوننا كمن يغرد خارج السرب (والآن كلامنا هو المشى).
{ معنى ذلك أنك مع تعيين الولاة وليس انتخابهم؟
– (ما تعيين الولاة وبس).. لكن لا بد من إتاحة براح كبير جداً.. أنا أريد أن أقول لك شيئاً.. نحن شفنا هذه البلد عندما كان يحكمنا الإنجليز.. كان أي مواطن يرسل لأي مكان يؤدي الغرض.. ليس بالضرورة أن يكون من القبيلة الموجودة في المكان الذي أرسل له.. هذا الأمر لا بد من العودة له.. هناك أشياء كثيرة نحن أضعناها.. نحن ضيعنا التعليم ولم يعد قومياً.. وضيعنا الخدمة المدنية وأصبحت غير قومية.. وأشياء كثيرة جداً نحن ضيعناها.. (يا دوب الآن الإنقاذ، أو بتعبير أدق المؤتمر الوطني وعى.. وعى الدرس.. ونسأل الله أن يكون هذا نهاية اللا وعي).
{ لكن أيضاً هناك من يقول (إن المؤتمر الوطني يا دوب بدأ يغرق في التخبط).. هو كان متخبطاً ولكن تخبطه ازداد وعاد لمسألة محاولة إحكام القبضة والابتعاد عن الديمقراطية بتعيين الولاة؟
– التعيين يمكّن من إحكام القبضة.. لكنه يبعدني عن القبلية.. نعم الديمقراطية تكون غير موجودة إذا كان التعيين موجوداً، اللهم إلا إذا كان هذا التعيين في مرحلة معينة وبعد الحوار ينتهي التعيين.. لكن إذا استمر التعيين بعد الحوار فهذا سيعني أنك حجبت الديمقراطية وحجبت الحوار نفسه.
{ المؤتمر الوطني قام بترشيح “البشير” لدورة قادمة.. إذا سارت الأمور بهذه الطريقة فإن الرئيس “البشير” سيأتي رئيساً لفترة أخرى.. ما رأيك في استمرار “البشير” في الحكم؟
– المؤتمر الوطني ليس عنده خيار آخر غير ترشيح “البشير”، وذلك لعدة أسباب منها أنه ليس هناك أحد في داخل الوطني مجمع عليه غير “البشير”.. القيادات الأخرى لا تجد الإجماع الذي يلقاه “البشير”.. هذه حقيقة سواء رضوا أم لم يرضوا، لا بد للوطني أن يختار “البشير”.. وإذا لم يختر “البشير”، المؤتمر الوطني سيكون في مهب التاريخ.. في مهب الريح.. لأن ليس هناك أحد من قيادات الوطني مجمع عليه.. كل واحد يرى نفسه أفضل من الآخرين.. هناك صراعات في داخل المؤتمر الوطني.. نعم هناك صراعات.. وكل مجموعة ملتفة حول مجموعة.. هذه هي طبيعتهم.. إخواننا الإسلاميون طبيعتهم هكذا، يتمحورون حول الواحد منهم.. وللأسف الشديد إخواننا الإسلاميون كلهم لا توجد لديهم النظرة القومية.. عندهم النظرة الحزبية، وإطلاقاً لا ينظرون للقومية.
لكن “البشير” نظرته قومية.. لأن (تيرابو عسكري).. ونحن العسكريين نعرف ما هي القومية لأننا تربينا عليها.. هذا هو الفرق بيننا وبينهم.
{ هل (حواء) المؤتمر الوطني عقرت من أن تنجب شخصية أخرى تجد الإجماع غير “البشير”؟
– لا.. (حوّا والدة).. (حوّا والدة.. ما دايرة اتنين تلاتة).. لكن في هذه المرحلة بالذات، أنت تحتاج أن تؤسس لمرحلة قادمة، فبالرغم من أن “البشير” أخذ فرصته لكن لو اخترت شخصاً آخر من الـ(5) الآخرين (مافي واحد منهم يستطيع أن يقدم لك شيء).
{ أنتم مضطرون لإعادة ترشيح “البشير” إذن؟
– مضطرون.. نعم.
{ سعادة اللواء كيف تصف المشهد السياسي الراهن.. هناك حوار متعثر.. وهناك تحالف معارضة غاضب و(زعلان).. وهناك حكومة تصر على إجراء الانتخابات في موعدها؟
– في الحقيقة هناك أشياء جاءت متزامنة كلها مع بعضها.. المفاوضات في أديس أبابا، والتعديلات في المجلس الوطني.. كل الخطوات تجري نحو شيء واحد هو توسعة الحوار ليشارك فيه كل الناس حتى الحركات المسلحة.. لا بد من توسعة الحوار.. وحتى الحركات المسلحة لا بد من إعطائها الضمان حتى تأتي وتحضر الحوار.. وأعتقد أنه من الأفضل لكل السودانيين.. للوطني وللأحزاب الأخرى وللحركات أن يجلسوا مع بعضهم، وإلا فإن هذا السودان سيكون في مهب الريح.
إذا لم يجلسوا فإن ما سيحدث في هذا البلد لا يعلمه إلا الله.. البلاد حبلى.. والبلاد مليئة بالسلاح سواءً لدى الجيش أو الشرطة أو الأمن أو لدى المواطنين.. وهذا نذير شر إذا لم نتوصل بالحوار إلى صيغة نتوافق عليها كلنا كسودانيين.
{ لكن المؤتمر الوطني يقول إن قطار الحوار سيمضي ولن ينتظر أحداً؟
– (الحوار لازم يمضي.. وهؤلاء يقتنعوا ويجلسوا).. هذه الفرصة هي الأخيرة لنا كسودانيين، والبندقية ليست حلاً.. لم نسمع بأن البندقية حلت في يوم من الأيام مشكلة.. لأنه في النهاية لا بد من العودة إلى الحوار.. فإذا كان لا بد من الحوار، فعلينا أن نجلس اليوم قبل الغد.
{ “إبراهيم نايل إيدام” عضو مجلس قيادة الثورة.. كيف ينظر الآن إلى الثورة؟
– الثورة انتهت سنة 93.. ثورة الإنقاذ انتهت سنة 1993م، بخروج أعضاء مجلس قيادة الثورة.
{ طيب.. كيف تنظر إلى الإنقاذ الآن؟
– الإنقاذ، وكما ذكرت لك، التقارير التي استمعنا لها في المؤتمر الأخير أكدت لنا أن السنوات التي (مشوا فيها) كلها كانت أخطاء.. خلال الـ(25) سنة الماضية الإنقاذ استمرت خمس سنوات فقط.. أعضاء مجلس قيادة الثورة غادروا سنة 93، ومن 93 وحتى الآن (21) سنة هذه كانت كلها أخطاء، والدليل على ذلك تقاريرهم هم.. هذا ليس كلامي أنا، هذه تقاريرهم.. تقارير المؤتمر الوطني تؤكد ذلك.
يعني الثلاثة أيام التي أمضيناها في أرض المعارض توضح أنها كلها كانت أخطاء في أخطاء.. والخطأ الكبير أن تتخلص من الحرس الأول في سبيل أناس آخرين.. نحن لسنا أغبياء.. ولسنا غير وطنيين.. نحن وطنيون ونعرف ما يريده هذا السودان.. لكن إخواننا.. هؤلاء السياسيون.. أقولها بكل صراحة كانوا أنانيين أكثر من اللازم، والأنانية جعلتهم يبعدون مجلس قيادة الثورة.
{ هل كان “الترابي” يقف وراء قرار إبعاد مجلس قيادة الثورة؟
– “الترابي” جزء منهم.. (مستدركاً بسرعة).. “الترابي” وراء القرار.. (الوراهو منو يعني؟ ما هو عمل الشغلانة دي كلها).
{ هل جاءكم الرئيس “البشير” وشاوركم في موضوع حل المجلس قبل أن يحل مجلس قيادة الثورة؟
– (البشير ما شاورنا).. بالعكس نحن جاءنا المرحوم “الزبير” الساعة (11) ليلاً وفي اليوم التالي كان تنازلنا.. هذا كان (كلام غريب شوية) لكن نحن لأننا لم نأت لنحقق أهدافاً خاصة أو من أجل أن نحكم، لذلك لم نتناقش وقدمنا استقالاتنا.
{ الآن بعد كل هذه السنوات التي مضت.. هل تشعر أن الصورة قد اتضحت أكثر؟ هل تعتقد أنها كانت مؤامرة؟
– هي مؤامرة.. (ما دايرة اتنين تلاتة.. هي مؤامرة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى).
{ هل التقيتم “الترابي” وتحدثتم معه؟
– لا.. لا.. (مافي لقاء تم).. لأنهم يعرفون رأينا، ونحن نعرف رأيهم.. هم يعرفوننا ونحن نعرفهم.. لن نلتقي، لأن كلاً منا له رأي.. أنا أتكلم عن السودان كسودان.. وهم يتكلمون عن المجموعة كمجموعة.. هذا هو الفرق.
{ متى كانت آخر مرة التقيت فيها الرئيس “البشير”؟
– التقيته قبل فترة قريبة في المؤتمر.
{ هل جلست معه وتحدثت؟
– التقيته في المؤتمر.. جلست.. سلمت عليه وسلم عليّ.
{ ألم يدُر نقاش بينكما؟
– لا.. (ما عندنا حاجة نحن مع البشير).. (ما عندما غضاضة مع البشير).
{ هل عذرتموه على الخطوة التي قام بها.. حلّ مجلس قيادة الثورة؟
– (نحن عارفين الحاصل).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية