حوارات

مدير (المركز الأفريقي لدراسات حقوق الإنسان في الاتحاد الأوروبي) لـ(المجهر): (2-2)

{ الجهة التي تقود الحوار لابد أن تكون محايدة يرتضيها الجميع على أن تكون من الداخل
{ (إعلان باريس) مقدمة لحل شامل للقضية السودانية
{ أزمة الهامش والمركز هي أزمة السودان منذ الاستقلال وحتى اليوم
{ ذهاب الرئيس الكيني لمحكمة الجنايات الدولية (مسرحية سياسية)

حوار – صلاح حمد مضوي
{ كيف يمكن المواءمة بين مطالب الحكومة و(قطاع الشمال)؟
–    الوفد الحكومي المفاوض يرى أن فتح ممرات آمنة يمكن أن تستخدمه (الحركة الشعبية) في إيصال معدات عسكرية، و(الحركة الشعبية) ترى أن فتح الممرات الآمنة بإشراف حكومي يمكّن الحكومة من الحصول على معلومات استخباراتية أو غيرها عن المناطق المحاصرة، قلنا لهم لا هذا ولا ذاك، أتركونا كمنظمات نوصل هذه.
{ كمنظمات محلية أم دولية؟
–    كمنظمات دولية، فالمنظمات المحلية أعتقد أنها غير مؤهلة ولا تمتلك إمكانات لإيصال هذه المعونات للمواطنين، قلنا لهم أتركونا نحن نوصل هذه المعونات ونكفيكم شر هذا وشر ذاك للطرفين.
{ كيف تنظرون لمطلوبات الحكومة والحركات المسلحة؟
–    جميعهم لم يخرجوا من دائرة المنطق سواء النظام أو الحركات المسلحة، فهم جميعهم يتحدثون حول أمور مهمة لكن الخلاف حول التنفيذ.
{ لماذا فشلت الاتفاقيات الموقعة وظلت (قضية دارفور) تراوح مكانها برأيك؟
–    (قضية دارفور) تراوح مكانها لأنه لا توجد جدية من الأطراف السياسية، وأعتقد أن النظام في (اتفاقية الدوحة) كان جاداً، لكن إنزال الاتفاقية صعب جداً.
مقاطعة..
{ لماذا صعب؟
–    لأن حركة (التحرير والعدالة) تملك دعماً لوجستياً كبيراً لبسط الأمن في كل ولايات دارفور، هنا نحن نتحدث عن مجموعات سياسية تراضت وجاءت إلى “الدوحة” وكونت (التحرير والعدالة)، وأنا الذي أجلس أمامك كنت جزءاً من هذه الحركات المسلحة، ولكن إنزال الاتفاقية على أرض الواقع يحتاج إلى فرض الاتفاقية بالقوة.
مقاطعة ..
{ هنالك حركات رافضة لـ(اتفاقية الدوحة) ولا ترى فيها حلاً مثل حركة (تحرير السودان) بقيادة “عبد الواحد محمد نور”؟
–    كما قلت لك جميع هؤلاء متفقين على الأساسيات ومختلفين حول التطبيق.
{ ما هي الأساسيات التي تتفق عليها جميع حركات دارفور؟
–    كل حركات دارفور متفقة على أن هنالك غبناً تاريخياً حدث لدارفور، وهذا يحتاج لأن يجلس الناس بشفافية ووضوح لتشخيص الأزمة السودانية منذ الاستقلال وحتى هذه اللحظة، أزمة المركز والهامش، أزمة عدم وجود تنمية في كل الأقاليم، أنا لا أقول “جنوب كردفان” و”النيل الأزرق” و”دارفور”، حتى “شرق السودان”، بل وحتى “الشمال” فمن يذهب إلى “الدبة” مثلاً يعلم أنها خارج التاريخ، نتحدث عن نسبة التهميش، إذاً هنالك مركز فقط يسيطر على الأطراف، وهنا نحن نرجع لنقطة مهمة وهي لامركزية الحكم لابد أن تكون بإمكانيات مقدرة من أجل أن تنمي الولايات نفسها بنفسها ولا ترتبط بالمركز، إشكالية المركز والهامش هذه لابد أن تحل، غير ذلك فالحركات المسلحة كلها متفقة على أن الحل السياسي لابد أن يكون شاملاً، وأنا اتفق مع الحركات في جزئية واختلف معها في أخرى، اتفق معها في جزئية أن الحل السياسي لابد أن يكون شاملاً لكل ألوان الطيف السياسي السوداني يجلسون ويقدمون رأيهم.
{ ولكن هنالك مطالباً أخرى للحركات مثل (الهوية) و(علمانية) الدولة؟
–    في ظل دولة متعددة الاثنيات والأعراق والأديان، فالنظام الأمثل هو نظام لا ديني يتراضى عليه الجميع، وبرأيي أن النظام الذي يمكن أن يرضي كل القوى السياسية السودانية هو نظام (ليبرالي) يشارك فيه الجميع لا يفرض فيه أحد رأيه أو دينه على الطرف الآخر، وبالمناسبة “ماليزيا” فيها اثنيات خرجت من هذه الأزمة بأنها خلقت نظاماً تراضى عليه كل أبناء “ماليزيا”، وكذلك “الهند” التي خرجت بنظام لا يوجد به أي نوع من أنواع اللبس حول الهوية أو غيرها.
{ ما رأيك في وثيقة الفجر الجديد؟
–    (وثيقة الفجر) ذهبت إلى نهاياتها، ونحن كنا أيدنا هذه الوثيقة إلا أننا اختلفنا معهم في (حق تقرير) المصير للأقاليم الأمر الذي يعني تفكيك الدولة، وأيضاً (شكل الدولة) لا يمكن أن تفرض شكل الدولة وأنت خارج إطار البلد، قلنا لهم تعالوا في مرحلة انتقالية أو بعد زوال النظام القائم أو بعد الوصول لاتفاق (الناس تجلس وتحدد شكل الدولة التي يمكن أن تدير البلد في المرحلة المقبلة).
{ كيف قرأت (إعلان باريس)؟
–    نحن رحبنا به في (المركز الأفريقي) وقلنا إنه خطوة مهمة جداً رسخت لمبدأ واحد هو مبدأ التحاور وإبداء لغة الحوار أكثر من لغة حمل السلاح في العمل السياسي السوداني، وحقيقة يمكن أن يمثل (إعلان باريس) مقدمة لحل شامل للقضية السودانية.
{ كيف تصف خطوة ذهاب الرئيس “اوهورو كينياتا” لمحكمة لاهاي؟
–    نحن أيدنا في البدء ذهاب الرئيس الكيني لمحكمة الجنايات الدولية، لكن بعدما علمنا أنها (مسرحية سياسية) لا أكثر ولا أقل من انسحاب الشهود وعدم كفاية الأدلة، أيدنا الخطوة في البدء، وأنا خاطبت الخارجية الكينية لحظتها مرحباً بذهاب الرئيس (كينياتا)، ولكن بعد ذهابه وانسحاب الشهود وعدم كفاية الأدلة والعديد من المسائل الأخرى جعلتنا نشك في هذا الأمر.
{ هل تحصلت على براهين بأن ما حدث مجرد مسرحية؟
–    نحن لم نتحصل على براهين ولكن من يقرأ المشهد يرى بأن هنالك قضية ورئيساً حوكم ذهب بإرادته بعد أكثر من عام ونصف العام إلى “لاهاي”، وفجأة ينسحب الشهود وبأن الأدلة غير كافية، ثم أجلت القضية لأجل غير محدد، ولم تكن هنالك محكمة كاملة الأركان لـ(كينياتا).
{ ولكنه سلك الطريق القانوني؟
–    أنا لا أتحدث عن الطريق القانوني إنما عن ما ترتب على سلوكه الطريق القانوني، نحن أيدنا المحكمة الجنائية الدولية ووقفنا مع تطبيق العدالة، ولكن غير ذلك فأنا خاطبت وزارة الخارجية الكينية بعد ذهاب الرئيس، وقلت لها بأن أمر محاكمة أي أفريقي خارج أفريقيا بأيدٍ غير أفريقية، فإن ذلك يضعف العدالة الأفريقية ويضربها في مقتل، نحن تحدثنا بأننا لسنا في مشكلة مع المحكمة الجنائية الدولية، ولكن المشكلة في تقوية العدالة في أفريقيا وتتم محاكمة من أخطأ بحق الأفارقة في بلده أو بقانون أفريقي أو عبر الاتحاد الأفريقي، والعدالة الأفريقية قادرة على محاكمة مرتكبي الجرائم إذا ما دُرب القضاة بشكل صحيح، وتوجد دول أفريقية تمتلك قدرات مهولة وقضاة على مستوى عالٍ والدليل أن رئيس المحكمة الجنائية الدولية أفريقية.
{ وحول السودان؟
–    قلنا إن قضية المحكمة لابد أن يوجد لها حل عقلاني عبر القانونيين بحيث يجنب البلاد المشاكل طالما أن القضية قانونية، ولكن التخندق تحت رأي واحد يضر البلاد على أن يأتي القرار السياسي بعد القانوني.
{ هل تجري المحكمة الجنائية (تسويات سياسية)؟
–    لا أعتقد أن التسويات السياسية موجودة بصورة كبيرة إنما عمليات (تسهيل) إن صح التعبير لإعطاء طابع شرعي بصورة كبيرة للمحكمة.
{ هل تحدث تسويات من دول كبرى؟
–    هذه غير ممكنة.
{ لماذا؟
–    لأن عمل المحكمة الجنائية الدولية منفصل عن أية ضغوط خارجية، ونحن نعلم أن في ملف الرئيس هناك شخص جاء إلى “كينيا” ورتب لهذا الأمر وغادر، ووافق الرئيس على الذهاب إلى “لاهاي”، المحكمة منفصلة عن الضغوط السياسية، وعدم ذهاب الرئيس كان ستحدث معه أزمة لـ”كينيا”.
 { ماذا سمعت من القانونيين الأمريكان في ملف السودان؟
–    كان رأيهم واضحاً إنكم كسودانيين لابد أن تطلقوا الحريات وبعدها الذهاب إلى المراحل الأخرى ومن دون ذلك لن يبنى مستقبل البلد مع وجود المعتقلات وتكميم الأفواه ومصادرة الصحف.
{ الرئيس “البشير” دعا للحوار؟
–    أيدنا الحوار ولكن مع من وكيف؟ هذه هي المشكلة، فالقوى المؤثرة تحمل السلاح وهؤلاء يجب أن يتم البدء بهم وإصدار عفو عن القيادات التي صدرت بحقها أحكام إعدام، وأطلقوا المعتقلين من الطرفين مع الدخول في مرحلة تمهيدية، ونحن كمركز نرحب وندعم الحوار، ولكن لنا ملاحظات عليه.
{ ما هي هذه الملاحظات؟
–    الحوار ليس شاملاً ويجب أن لا يقصي أحداً، كما أن الجهة التي تقود الحوار لابد أن تكون جهة محايدة يرتضيها من هو داخل وخارج الحوار على أن تكون جهة داخلية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية