"أمين حسن عمر".. عقلية اكتشافات الفضاء!!
يقلم – عادل عبده
الدكتور “أمين حسن عمر” القيادي بالمؤتمر الوطني ما زالت نكهة عطبرة تجري في دمائه!!.. بيئة المصادمة والحقوق العامة.. غير أن الدكتور “أمين” طور من الكثافة إلى اللطافة.. والمراقب الحصيف يستطيع التقاط منهج التحديث والتغيير وإزاحة الركام على تضاريس المؤتمر الوطني يقوده الدكتور “أمين” انطلاقاً من رؤى تتوكأ على إيقاعات البراغماتية وفرضيات المراجعة الدقيقة والمسايرة الظرفية والمنطقية التي اجتاحت عالم السياسة.
كان الرجل يقدم فلسفته في بوتقة لامعة وسط ظلال داكنة يتحسب تحرك حملة سهام الإطفاء، لكنه كسب العديد من الأنصار والمؤيدين، فالمعركة حامية الوطيس بين حراس الإنقاذ ومفكري الإنقاذ، فهي قائمة على طبق من التكتم وأحياناً تلوح على السطح، الحراس ينظرون إلى الإطار والمفكرون يراهنون على الجوهر.. ها هو الدكتور “أمين حسن عمر” يعلن بالصوت العالي أنه يناصر تقديم القيادات الجديدة على كل المستويات في باحة المؤتمر الوطني ولا يؤيد حتى عملية الاستثناء.. إنه تفكير يتماشى مع روح الألفية الثالثة وعصر اكتشافات الفضاء، فالرجل يبلور أهدافه إلى إحداث تغيير غير مسبوق في تركيبة الحزب على صعيد السياسات والاقتصاد والماعون الاجتماعي والهيكلة الداخلية وصولاً إلى خلق اللحمة الوطنية المعافاة.
الدكتور “أمين” لا يريد أن يكسر الجدول ويتجاوز الأسلاك الشائكة، لذلك يصدح قائلاً: (ليس بالضرورة أن أتصدى لمسؤوليات عليا)، فهو يريد إطلاق مشروعه الانفتاحي على ذمة التاريخ، فالتجربة التي تحمل الإشارات الشفافة على أعتاب الانغلاق ربما تولد الفاتورة الباهظة!!
حراك المؤتمر الوطني الكثيف الذي نتج عنه إعلان الرئيس “البشير” مرشحاً أوحد للرئاسة فضلاً عن خطوات المؤتمر الماثلة للعيان، فإن ذلك يحمل مضامين تحويل الحزب من قلعة التنظيم المصنوع إلى رحاب ملامسة مرحلة التطوير، ومن ثنايا تلك المعطيات يطل الدكتور “أمين” والعديد من القيادات في المؤتمر الوطني الذين يسيرون على هذا المنوال، وربما كان هؤلاء أقرب إلى قناعات الدكتور “غازي صلاح الدين” الذي غادر الأسوار، وبذات القدر تتبلور صورة الوزيرة “سناء حمد” الإصلاحية بالتنويم المغنطيسي!!، كان الدكتور “أمين” يدافع عن التنظيم الحاكم باللسان الذرب والحجة الدامغة والمنهج الاستعلائي، لكنه شعر بأن حكم الوقت يتطلب قلب الصورة إلى الداخل، فالميكانيزم لا يكون إيقاعه ملهماً إذا لم يتم تدارك العمق!!
توحد دكتور “أمين حسن عمر” مع ثقافته وإطلاعه الكثيف، حيث تمرد على القديم والوصفة الكلاسيكية والصورة المثبتة على الفترينة، فهو الذي أدار ظهره للشيوعية عندما دخل أسوارها في “عطبرة” حيناً من الدهر، ثم دخل إلى ردهات الحركة الإسلامية عاشقاً لـ”الترابي” و”علي عثمان” والإنقاذ، لكنه الآن يريد أن يقبض على تلابيب المنظمة الانفتاحية التي تجسد الطموحات الإنسانية الراقية. كان الرجل متشدداً على ظهور العديد من المثالب في سياق الدعوى إلى التجديد والتحديث.. يرفض الانشقاق في التنظيم حتى ينهدم المعبد.. لم يدعو الدكتور “أمين” من داخل مئذنة لكنه أطلق إيماءات وإشارات كثيرة من خلال خطوات محسوسة.. ربما يخسر البعض إلى حين. صراع الأفكار مهما كان غليظاً يمثل ظاهرة صحية، فالمؤتمر الوطني اختار طريقاً مغايراً بعد ربع قرن من الجلوس على الصولجان، فإن ذلك يتطلب استعداداً جديداً لا يعرف المخادعة والود المزيف. مهما يكن فإن رافعة الدكتور أمين الانفتاحية تعكس علامة بارزة لها القدرة على النهوض!!