غضبة "الترابي" من "أبو بكر عبد الرازق"
بقلم – عادل عبده
الغضب الذي لاح على وجه الدكتور “الترابي” يوم (السبت) المنصرم أحدث إفرازات تلقائية على مزاجه جعلته يمتنع عن إحتساء أكواب الشاي والعصير التي تقدم له كل صباح، حيث لم يستطع الرجل أن يكتم غيظه وتبرمه من التصريحات التي أدلى بها القيادي بحزب الشعبي “أبو بكر عبد الرازق” على صفحات جريدة المستقلة عندما هاجم المؤتمر المؤتمر الوطني بضراوة، مؤكداً بأن حزبه لن ينخدع لهم بعد أن ارتد عن الحوار الوطني. وقد حاول الحضور تهدئة الأب الروحي والمنظر الآيديولوجي بالحركة الإسلامية السودانية على رأسهم القيادي “الرضي أحمد التوم”، غير أن الدكتور “الترابي” الذي تعود على العواصف والبلايا سرعان ما استعاد هدوءه وهو يطوي الألم والحسرة في ضلوعه، حيث ذهب بعد ساعات قليلة إلى دار المؤتمر الشعبي لحضور اجتماع مهم.
ظل “أبو بكر عبد الرازق” على الدوام يكسر الجدول ويخالف مرجعية حزبه ويضرب متطلبات العلاقة الجديدة بين الحزب الشعبي والمؤتمر الوطني القائمة على معطيات واضحة، ترتكز على الصبر والانتظار والتحسب العميق حتى يتسنى الوصول إلى الأهداف المنشودة.
في الصورة المقطعية تقوم فلسفة الدكتور “الترابي” من الحوار مع المؤتمر الوطني على تخفيف الحملة على الإنقاذ حتى تعود إلى صرخة الضمير الوطني، فضلاً عن كبح الخطر الخارجي وترتيب أوضاع الساحة السودانية من خلال تكاتف الفرقاء، ونجد في الاتجاه المعاكس “أبو بكر عبد الرازق” يمارس الخصوم الغليظة وتصفية الحسابات مع المؤتمر الوطني في إطار خطوة منفردة لا تعبر عن الحزب الشعبي، فهو يرسم صورة غاتمة على مشوار الحوار قبل أن يكتمل ويضع الأشواك على الطريق قبل أن تصل الأقدام إلى الميس، كأن الرجل يريد هدم المعبد على الرؤوس في حين أن حزبه بقيادة “الترابي” يعرف كيف يقابل أساليب المراوغة والمناورة المتعلقة بالحوار في التوقيت المرسوم.
كان “الترابي” غاضباً ومهموماً في صبيحة يوم تصريحات “عبد الرازق” لجريدة(المستقلة) بتاريخ (10) أكتوبر الجاري، فهو يريد للمياه أن تتدفق دون حواجز والأمور تسير دون اضطراب، ولا يحبذ أن تكون العراقيل محسوبة على حزبه من الأيادي التي لا تعرف حكم دوران الميكانيزم!! فالمؤتمر الشعبي الذي يعبر عن الآيديولوجية الإخوانية التي اشتهرت بالقدرة التنظيمية والتماسك الصلب في التوجهات والخطوط تصاب بالحرج والشعور المؤلم من تلك التصرفات التي تحاول ضرب الحوار.
ها هو المحامي “كمال عم” كان مقاتلاً شرساً في وجه الإنقاذ وفقاً لتوجهات حزبه، وسرعان ما احتكم إلى فلسفة التنظيم عندما قرر التوجه إلى ناحية الحوار الوطني.
غضبة “الترابي” من “أبو بكر” ليست شخصية فهي تنظيمية فإنها سوف تزول عندما يلتزم الرجل بتوجهات المؤسسة، فـ”الترابي” الذي سامح “النميري” حين سجنه (8) سنوات جدير بأن يعانق “أبو بكر”، وهما يعملان سوياً تحت سقف الحزب الواحد والمقاصد المشتركة، فـ”الترابي” يرى بأن أولوياته من قيادة دفة الحوار الوطني ودفعه للأمام النظر إلى حكم التاريخ، حتى لو جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن!!