"حسّان" طالب كلية العلوم الطبية والتكنولوجيا.. رائحة البارود وضعته في القوائم السوداء
السلطات البريطانية كشفت عن هويته
الخرطوم – الهادي محمد الأمين
لم يكن الطالب المنحدر من أصول مغربية ويدرس بكلية الطب – جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا شرقي الخرطوم “طارق عبد الرحمن حسّان” متوقعاً أن تثير تغريدته في (تويتر) كل هذه الزوابع والعواصف التي هبت عليه بعد أن أطلق عبارات قليلة الكلمات في صدر صفحته الشخصية بـ(تويتر) حينما دوّن قائلاً: (أيها الشباب… أنا أشم رائحة الحرب).. تسللت هذه الأسطر ووصلت حتى أبواب ونوافذ شرطة مكافحة الإرهاب بلندن التي هي الأخرى قامت (بشم رائحة التغريدة التي يفوح منها عطر البارود).
قد لا تكون هذه الكلمات جريمة في حق شاب مسلم يبلغ من العمر (21) عاماً يتمنى الشهادة في سبيل الله وقتال الأمريكان أو مجاهدة الجيوش الغربية أو الإثخان في العدو سواء أكان في الصومال، مالي، أفغانستان أو سوريا والعراق طالما أنه مقيم ببلاده وداخل حدوده الجغرافية، لكن من غير الممكن إطلاق وترديد هذه الكلمات في بلدة أوروبية أو دولة غربية تصبح مقراً ومكاناً لسكنه أو عمله أو دراسته، فإن الأمر قد يبدو مختلفاً تماماً وتتعدد فيه التفاسير والتحليلات والتأويلات، أو مجرد وجود شبهة أو ظن يرجح انتماء شاب مسلم لـ(القاعدة) أو تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام (داعش)، أو البوح والكشف عن نيته السفر أو تفويج نفسه للانضمام والالتحاق بكتائب المجاهدين في الجبهات والصفوف الأمامية للفصائل المقاتلة في المناطق التي تدور فيها مواجهات عسكرية وصدامات مسلحة بين التنظيمات الإسلامية والقوات الأجنبية يمكن أن تفتح عليه نيران جهنم وتجعله نزيلاً وضيفاً في زنازين ومعتقلات الدول الغربية.
في غضون ذلك أوردت صفحة منصة نداء الإصلاح والنهضة (سائحون) في صفحتها على (فيسبوك) معلومات عن “طارق عبد الرحمن حسان”، الذي يدرس بكلية الطب- جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا – (مأمون حميدة)- الدفعة (20) مؤكدة أن الطالب أوقفته شرطة مكافحة الإرهاب بالعاصمة البريطانية لندن بسبب تغريدة دوّنها في حسابه الشخصي بـ(تويتر) قال فيها: (إن الفرصة التي أتيحت له لدراسة الطب لم تكن تتناسب مع خططه المستقبلية لأن الشهادة في سبيل الله تبقى المكافأة التي كان ينتظرها)، في إشارة إلى تطلعه للالتحاق بجيش الدولة الإسلامية بالعراق والشام (داعش)، بجانب عبارة أخرى كتبها باللغة الإنجليزية ترجمتها (يا شباب إنّي أشم رائحة الحرب)، فهذه الكلمات وحدها تبقى كافية لتضع قائلها تحت القائمة السوداء واسمه مدرج ومضمن في لائحة الإرهابيين.
وفي ذات السياق تناولت صحف غربية خبر عملية اعتقال الطالب “طارق عبد الرحمن حسّان” وذكرت صحيفة (إيلاف) نقلاً عن (تليغراف) البريطانية الصادرة يوم الأربعاء 8 سبتمبر الماضي أنّ شرطة مكافحة الإرهاب أماطت اللثام عن طالب طب يدرس الطب بجامعة سودانية كان واحداً من مجموعة الأربعة الذين تم اعتقالهم بعد حملات دهم أمنية في مناطق مختلفة من العاصمة لندن لاحتمال تورطهم في مؤامرة إرهابية مرتبطة بتنظيم (داعش)، وقالت التقارير إن أحد المعتقلين هو “طارق عبد الرحمن حسان”، وهو طالب كان يأمل الدراسة في كلية الطب بجامعة (كينغز كوليدج) إحدى أكبر وأعرق الجامعات في المملكة المتحدة، وأضافت إنه تم القبض على “حسان” وثلاثة آخرين بعد مداهمات مسلحة في لندن ويشتبه أن المجموعة كانت في المراحل الأولى من التخطيط لهجوم كبير على أرض المملكة المتحدة نيابة عن تنظيم (داعش)، ووضع الرجال الأربعة وهم جميعهم في أوائل العشرينيات رهن الاحتجاز بعد مداهمة عقارات في أنحاء المدينة. وكشف مصدر أمني عن أن قيادة مكافحة الإرهاب في (اسكتلنديارد) ووكالة مكافحة التجسس البريطانية تشارك في التحقيق، وتابعت: (هذه الاعتقالات وعمليات التفتيش تمت في إطار تحقيق مستمر في أعمال إرهاب تتعلق بإسلاميين)، مشيرة إلى أنه تم تفتيش عدد من الأماكن السكنية والعربات بمعرفة ضباط متخصصين في غرب ووسط لندن في إطار التحقيق. وقالت التقارير إن “حسّان” البالغ من العمر (21) عاماً ويطلق عليه اسم (الجراح) كان قد كتب تغريدة على موقع (تويتر) قال فيها إن الفرصة التي أتيحت له لدراسة الطب لم تتناسب مع خططه المستقبلية لأنه يعتقد أن القتل في سبيل الله هو مكافأة له، كما كان قد كتب قبل اعتقاله بلحظات تغريدة قال فيها: (أيها الشباب أنا أشم رائحة الحرب). ولاحظت التقارير أن عملية اعتقال الطالب “حسان” التي صورها بعض الجيران تمت في شقة في شارع قريب من الشارع الذي تم فيه اعتقال اثنين من المتورطين بتفجيرات يوليو (تموز) 2005 وهو شارع (داغارنو غاردينز)، وكان حينذاك- أي قبل تسع سنوات- قد تم اعتقال التفجيريين المتورطين بتفجيرات الحافلات ومحطات قطارات الأنفاق، وهما “مختار سعيد إبراهيم” و”رمزي محمد” في شقة مجاورة.
فيما نسبت صحيفة (سينيار الإلكترونية) ذائعة الصيت لمصدر أمني أوروبي على علم بالقضية أن المحققين يعتقدون أنهم ربما أحبطوا مؤامرة لمهاجمة أهداف في بريطانيا كانت في مراحل التخطيط الأولى. وقال المصدر إن السلطات البريطانية تعتقد أن شخصاً واحداً على الأقل من الرجال الذين اعتقلوا أمضى وقتاً في سوريا. وبثت ذات الصحيفة شريط فيديو (إصدارة مرئية) على (يوتيوب) تحت عنوان (لحظة القبض على طالب خطط لعمليات إرهابية)، وذكرت صحيفة (إيلاف) في معرض تعليقها على الخبر أنّ (بريطانيا سبق وأن رفعت مستوى التهديد إلى “شديد” وهو ثاني أعلى مستوى مما يعني أن هناك هجوماً مرجحاً ومحتملاً بدرجة عالية، كما كان رئيس الوزراء البريطاني “ديفيد كاميرون” قد حذر من أن مسلحي تنظيم (الدولة الإسلامية) الذين يقاتلون من أجل السيطرة على أراضٍ في سوريا والعراق يمثلون مخاطر أمنية جسيمة على بريطانيا).
وأكدت الصحف البريطانية أن الطالب الذي كشفت السلطات هويته هو سوداني الجنسية، غير أن صحيفة الشرق الأوسط الصادرة أمس (الخميس) أكدت أن الطالب “حسان” ينحدر من أصول مغربية ويقيم مع والدته البالغة من العمر (56) عاماً في شقة بحي (لاديروك غروف) غربي لندن ومنح فرصة لدراسة الطب في جامعة (كينغجز) البريطانية إلا أنه اختار الالتحاق بالجامعات السودانية ودرس بكلية الطب جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا شرقي الخرطوم.