تقارير

غندور يدعو الميرغنى للعودة وإيلا يرفع راية التحدى مجدداً

بورتسودان – يوسف بشير
رغم أن مدينة بورتسودان تشهد طفرة تنموية في العمارات السوامق، وسياحية متعاظمة، إلا أن إنسانها يحمل كماً هائلاً من الأحزان داخله، ولعل في إجابة بائع القهوة الأربعيني معنى آخر حينما قال: )دي مناظر ساي، أنا هسي شغال هنا بس قروش ما في(. فوالي ولاية البحر الأحمر “محمد طاهر إيلا” أولى اهتمامه برصف طرق المدينة ونظافة الأسفلت دون أن يكنس معه الفقر في باقي الولاية الذي لو كان رجلاً لقتله “علي بن أبي طالب” قبل أن يصل لأيلا، وتتواصل مشاهد الفروقات في الولاية فيقول الرجل الأربعيني عن همومها الأخرى )وأنت قاعد هنا، أمشي سواكن سنكات، لف القرى وشوف بعينك ما تقعد تسأل ساي).
فالرجل الذي يحكم الولاية منذ العام 2005م رغم أنه أهمل باقي مدن الولاية الأخرى وأريافها وكأن حدود ولايته بورتسودان فقط، متهم من قبل قطاع من أهل الولاية بأنه يمارس الدكتاتورية، فأعضاء حكومته لا يعرفون ما ينوي أن يفعله الوالي حاضراً ومستقبلاً، فقط عندما يبدأ المشروع يعرفون، وهذا موظف حكومي يقول (80%) من ميزانية الولاية تذهب للشركات العاملة في مجالات السياحة والطرق والبنية العمرانية، فإنسان الولاية آخر اهتمامات الرجل الذي رشح نفسه للانتخابات القادمة في منصب الوالي عبر حزبه المؤتمر الوطني الذي شهدت (المجهر) مؤتمره العام في عاصمة الولاية بورتسودان “الأحد”، فأغلبية المؤتمرين الذين يقل عددهم عن (900) عضو وهبوا أصوتهم له فحصل على (679) صوتاً.
{ إشارة ذكية
“إيلا” الذي يتحصن بثقل قبلي واسع في الولاية وقبول من مواطنيها، ختم حديثه خلال مخاطبته الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العام للمؤتمر الوطني بولاية البحر الأحمر بحضور عدد من قيادات الحزب على المستوى الاتحادي يتقدمهم نائب رئيس الحزب “إبراهيم غندور” وأمين الإعلام “ياسر يوسف” والقيادي النافذ “النذير الكاروري”، ختمه بمطالب أهل الولاية بضرورة الاهتمام بمد مياه نهر النيل للولاية ومد وتمويل الكهرباء القومية في مدن الولاية كافة فضلاً عن الإسهام في دفع الطريق الدائري، فتلك الإشارة الذكية من الوالي استلمها نائب رئيس الحزب الحاكم “إبراهيم غندور” فقال خلال مخاطبته المؤتمرين إنَّ مد مياه النيل للولاية أولوية كبيرة يتبناه رئيس الحزب، رئيس الجمهورية “عمر البشير” بنفسه، وزاد بالقول: (والرئيس لا يخلف وعده). ووعد “غندور” الذي يشغل منصب مساعد رئيس الجمهورية أهل الولاية بقرب اكتمال الكهرباء القومية في بقية مدنها، لتأتي منه الدعاية الانتخابية رغم أنه نفاها فقال: (جينا لنقدم الخدمات والأمن للمواطنين فإن لم نفعلها لا خير فينا وعلينا أن نمضي غير مأسوف علينا)، مؤكداً حرص حزبه الحاكم على تقديمها بالقول: (يجب أن يكون همنا الأول الخدمات والثاني الخدمات والثالث الخدمات). وجدد موقف الحزب الحاكم بضرورة إجراء الانتخابات في موعدها أبريل 2015م مبدياً حرص حزبه على المضي قدماً في شراكته مع الأحزاب المشاركة في حكومته في الانتخابات، ولعل الإشارة الأكثر ذكاء من نائب رئيس الحزب الحاكم هي تمنياته بأن يعود رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) “محمد عثمان الميرغني” للبلاد قريباً، ليشاركه الانتخابات، ولعل تمنيات “غندور” جاءت في وقت يتذبذب فيه موقف قيادات الاتحاديين بين المشاركة فيها ومقاطعتها، رغم أن قرار المشاركة أو عدمه في يد “الميرغني” وحده.
{ صورة مغايرة
ويؤكد مراقبون أن الوالي “محمد طاهر إيلا” يرى أن حدود ولايته مدينة بورتسودان فقط بدعوته لولاة الولايات الأخرى إلى جانب الولايات التي تشهد حروبات وأعمالاً مسلحة للنهوض بالتنمية قائلاً: (إن التنمية سبيل للسلام والاستقرار) وعدَّد المشروعات التنموية التي انتظمت ولايته وبالأحرى المدينة السياحية بورتسودان فقط، في وقت ما زالت فيه مدن الولاية وأريافها تقع تحت خط الثالوث الخطير (المرض، الفقر، الجهل)، الذي ما استطاع الوالي أن يقف في وجهه بشجاعة. فهذا طفل لم يتعدَّ السنوات العشر يساسق في طرقات السوق عازفاً على بضع حبات  أقفال من زجاجات المشروبات الغازية واضعاً إياها أمام الجركانة الصغيرة قائلاً: (أرونيش – أورنيش – أورنيش)، فسألناه: “لم لا تذهب للمدرسة؟” وأتت الإجابة على شكل تراجيديا تدخل النفس في عالم الفروقات بين جمال المدينة وفقر إنسانها فقال:(جيت هسى من المدرسة).. و”لِم تعمل؟” فأجاب إجابة متعثرة تختزن فيها المأساة بكل فصولها: “كي أعيش”.
وبالعودة إلى مجلس شورى المؤتمر الوطني بالولاية الذي عُقد يوم (السبت) فقد ظهرت فيه استقطابات حسب تسريبات من داخل الأعضاء الذين يناصرون “محمد طاهر إيلا” الذي دفع بـ (4) ممن لا يهددون عرشه فحصل “حسن عمر مختار” الذي يناصره قطاع عريض من الجماهير على (82) صوتاً، في حين حصد “محمد سعيد” (7) أصوات، وأحمد عيسى عمر (6) أصوات، بينما حصل على ثلاثة أصوات كل من “محمد محمود” و”كمال علي إبراهيم” هؤلاء من ضمن السبعة الذين دفع بهم مجلس الشورى لمؤتمر الولاية العام، إضافة إلى “إيلا” نفسه بحصوله على (173) صوتاً، وحصل على (31) صوتاً “حسب الله صالح حسب الله” الذي يغرد خارج سرب “إيلا”. وشهدت الجلسة احتجاجات قوية من الأعضاء تؤكد حالة الاستقطاب الحاد، ونجح في إدارتها بمهنية عالية رئيس اللجنة الفنية “فيصل حسن” الذي هدد عدداً من الأعضاء بطردهم خارج القاعة، وكانت أسباب الاحتجاج أنَّ بعض المرشحين لا تنطبق عليهم لوائح الحزب لاختيار رئيسه في الولاية وما خلت الاحتجاجات من مواقف طريفة فأحد أعضاء الشورى قال لرئيس اللجنة: ( ديل فيهم ستة ما عندهم بكالوريوس انتو دايرين تغشونا ولا شنو، بعدين نحن ذاتو ما بنعرفهم خليهم يقوموا على حيلهم عشان نعرفهم).. أما المؤتمر العام للحزب بالولاية لم يشهد استقطاباً لمجلس الشورى رغم أنه يرفع خمسة أعضاء للمركز لاختيار واحد منهم رئيساً للحزب بالولاية يرشحه للانتخابات القادمة لمنصب والي الولاية عبر لجنة خاصة لا تهتم بأعلى وأدنى الأصوات، فاكتسحهم والي الولاية الحالي “محمد طاهر إيلا” بـ(679) صوتاً يليه “حسن عمر مختار” بـ (118) صوتاً ثم “حسب الله صالح” بحصوله على (51) صوتاً، وحصل “محمد سعيد علي إدريس” على (16) صوتاً وتذيل قائمة الخمسة “أحمد عيسى عمر” بـ(10) أصوات، لينتهي مؤتمر الولاية وفقرها يقبع في مكانه.
اجتماع مجلس الشورى والمؤتمر العام للحزب شهد مظاهرات محدودة العدد والأثر.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية