حوارات

(المجهر) تحاصر رئيس اتحاد الشطرنج حول المباراة الضجة

 لعل الخبر الأبرز صباح الأمس وصاحب الصدارة هو نبأ مشاركة لاعب الشطرنج السوداني “عمر عبد المجيد التيجاني” في مباراة طرفها الآخر ما لم يخطر على بال أي سوداني، نعم كان خصم “التيجاني” لاعباً إسرائيلياً، ولأن الأمر يحمل في طياته أبعاداً متشابكة، السياسية فيها أكبر من الرياضية، يممت (المجهر) وجهها شطر رئيس اتحاد الشطرنج المستقيل المهندس “طارق علي زروق” لاستجلاء الأمر، فبدا على الرجل التأثر الواضح بما جرى، لكنه لم يتهرب من كل أسئلتنا الساخنة، وبدا كمن يبذل نفسه فديةً لخطأ يرى أنه ليس المسؤول المباشر عنه.
اللاعب فاقد للإحساس الوطني السوداني تجاه إسرائيل
لا نتخوف من رد فعل ديني متطرف تجاهنا
آثرنا أن لا ننسحب رسمياً حتى نتجنب العقوبة على السودان
أصدقاؤه المجريون هم من أقنعوه بالمشاركة
اللجنة المنظمة رفضت طلب الوالد بالتعديل
كل أعضاء الاتحاد جاهزون لتقديم استقالاتهم
تحملنا العقوبة عن اللاعب حتى لا نفقد من يحرز لنا البطولات 
فعلنا ما بوسعنا لتجنب هذه اللحظة
سنتحمل أي قرار تصدره الدولة تجاهنا ولا نتوقع حل الاتحاد
حوار: عقيل أحمد ناعم
تصوير : محمد تركي
 # أطلعنا على تفاصيل وطبيعة مشاركة لاعب الشطرنج السوداني في هذه البطولة التي خلفت هذه الضجة الإعلامية؟
* هي بطولة العالم للشطرنج للناشئين، وشارك فيها اللاعب “عمر عبد المجيد التيجاني” ممثلاً  للسودان
# عرفنا على هذا اللاعب؟
* اللاعب عمر من أب سوداني وأم مجرية، وعاش حياته كلها في المجر، وكان يلعب في بداياته باسم الاتحاد المجري، ونحن بذلنا جهوداً كبيرة لنقله ليلعب باسم السودان، ونجحنا في هذا قبل عامين ونصف، وكان عمره حينها (15) سنة، وقد شارك باسم السودان في البطولة العربية للناشئين في اليمن وأحرز كأس البطولة، ثم شارك في البطولة الأفريقية للشباب بتونس تحت عشرين سنة وأحرز المركز الخامس، ثم شارك في البطولة العربية للناشئين في الأردن تحت (18) سنة وأحرز كأس البطولة، وشارك في بطولة العالم السابقة بالإمارات وحقق أفضل مركز بين العرب والأفارقة، وأخيراً شارك في بطولة العالم هذه بجنوب أفريقيا. وفي إحدى الجولات أوقعته القرعة مع لاعب إسرائيلي.
# ـ مقاطعة ـ هل كنتم تعلمون بأن هناك لاعباً إسرائيلياً مشارك في هذه البطولة؟
* لم يكن لدينا علم قبل بداية البطولة، لكن بعد بداية الجولات كان واضحاً وجود لاعب إسرائيلي
# إذن كان معلوماً لديكم في هذه المرحلة أن اللاعب السوداني يمكن أن يواجه الإسرائيلي
* لا، لا يكون واضحاً في هذه المرحلة أن لاعبنا يمكن أن يلاعب اللاعب الإسرائيلي، لأن التزويج يظهر قبل المباراة في أمسية اليوم الذي يسبق المباراة.
# أليس للبطولة جدول معلوم  يوضح أطراف المباريات؟
* لا ، بطولة الشطرنج ليست كالبطولات الأخرى، التي يكون لها جدول واضح، فهي تُلعب بالنظام السويسري، حيث يتم تحديد أطراف المباريات (التزويج) بعد نهاية مباراة وقبل بداية الأخرى.
# ولكن هذا لا ينفي أنه كان متوقعاً أن تضع القرعة أو عملية التزويج اللاعب السوداني في مواجهة الإسرائيلي؟.
* في الجولات الأولى لم يكن متوقعاً لأنهما كانا بعيدين في عدد النقاط.
# متى تأكد لكم أن السوداني والإسرائيلي سيتقابلان؟
* في اليوم الذي سبق يوم المباراة
# وكيف تصرفتم حينها؟
* تحركنا بسرعة، واجتمع مجلس الإدارة وناقشنا الأمر وقررنا بالإجماع انسحاب اللاعب من المباراة
# واضح أنه لا ولاية لكم على لاعبيكم، فاللاعب رغم قراركم شارك في المباراة
* نحن أخطرنا والده بقرار المجلس قبل يوم من المباراة، فاللاعب لا يتحدث العربية، وكل المخاطبات بيننا وبينه تتم عبر والده ، ووجهناه بأن يخطر اللجنة المنظمة للبطولة طلباً لتعديل التزويج، لأنه عادة الدول العربية لا تقابل إسرائيل، وهناك بعض اللجان المنظمة تتفهم هذا الأمر.
# وماذا كان رد اللجنة المنظمة؟
* كنا متابعين مع والد اللاعب والذي استعان بحكم مصري لتقديم طلب التعديل، لكن اللجنة المنظمة اعتذرت بعدم قدرتها على التعديل في هذه المرحلة وعندها اتفقنا مع الوالد على انسحاب ابنه من البطولة.
# هنا ثغرة ونقطة ضعف واضحة فكيف لا يكون للاتحاد مندوب في بعثة السودان المشاركة في البطولة حتى تضطروا لمخاطبة اللجنة المنظمة عبر والد اللاعب؟
* عادةً هذا اللاعب في كل مشاركاته يأتي من المجر إلى مقر البطولة المعنية مباشرة، فهو غير موجود بالسودان ، وعمره صغير ويصر والده ووالدته على مرافقته في البطولات، وفي البطولات السابقة يكون هناك إداري مرافق، لكن في حالة هذا اللاعب نكتفي بوجود والده معه.
# هل يعقل أن يكون لاعب يمثل السودان وليس معه أي إداري من الاتحاد، أليس هذا سبباً أساسياً في وقوع هذا الخطأ الجسيم ؟
* نحن دورنا كاتحاد أن نوصل رأينا للاعب، لكن يظل القرار النهائي بيد اللاعب، فإذا لم يلتزم بقرار الاتحاد يعرض نفسه للعقوبة.
# قبل الانتقال للعقوبة، كيف تتركون القرار للاعب لا يمثل نفسه بل يمثل السودان، أليس من حقكم كاتحاد مخاطبة اللجنة المنظمة وإعلان انسحاب السودان دون الأخذ بموقف اللاعب؟
*نحن اعتمدنا على أن والده كان موافقاً على الانسحاب، بجانب أننا آثرنا أن الانسحاب لا يكون انسحاباً رسمياً صادراً عن الدولة حتى نتجنب العقوبة التي يمكن أن تفرض على السودان، لذلك فالطريقة التي أردناها أن يتخلف اللاعب عن المباراة.
# سؤالي قائم، أليس من حقكم إعلان انسحاب السودان بغض النظر عن موقف اللاعب؟
* قرار الانسحاب حق اللاعب، وهو أصلاً قبل الجولة لم يكن رافضاً قرار الانسحاب، ووالده كان متفقاً معنا، وحتى آخر لحظة هو كان مقتنعاً بالانسحاب.
# إذن ما الذي جعله يغير رأيه ويشارك؟
* كان معه أصدقاؤه المجريون، وهم من أثروا على رأيه وجعلوه يشارك ، فهم حسب ثقافتهم ليس لديهم إشكال في اللعب مع إسرائيل.
# وماهو موقف والده وهو سوداني يحمل ذات ثقافة السودانيين؟
* اتصلنا به بعد المباراة، وأخبرنا أنه بذل كل ما بوسعه لمنعه من اللعب،  ولكن حسب ثقافة الابن الغربية فتعامله مع أسرته يختلف عن طريقتنا، فهو لديه حرية كاملة في اتخاذ قراراته، وأبدى الوالد أسفه الشديد لما حدث.
# ألم تتحدث مع اللاعب نفسه؟
* لا هو لا يتحدث العربية
# إن كنتم اتخذتم قراراً بالانسحاب، هل كان سيؤثر هذا على الاتحاد ويعرضه للعقوبة؟
* بالتأكيد، فأي انسحاب رسمي من بطولة رسمية يكون له تبعاته، ونخضع فيها للوائح والقوانين والتي ترفض انسحاب أي جهة رسمية لأي سبب، لذلك تتم المعالجات عبر تخلف اللاعب عن المباريات.
# إذن تخوفكم من العقوبة دفعكم لعدم التدخل المباشر؟
* لا ليس هكذا، فالسبب الأساسي لعدم تدخلنا المباشر أن والده كان موافقاً ومؤيداً بشدة لقرار الانسحاب، فلم يكن هناك حاجة للتصعيد.
# ولكن ما حدث أثبت خطأ تقديراتكم في عدم إعلان الانسحاب؟
* نحن منذ ظهور التزويج، تناقشنا مع والده وهو اتصل باللجنة المنظمة ، ولكن الوقت كان ضيقاً ولا يتيح لنا الاتجاه نحو التصعيد.
# إذن أنتم تحملون المسؤولية للاعب؟
* نعم، فهو فاقد للإحساس الوطني السوداني تجاه إسرائيل، فقد نشأ في بيئة ليست لديها هذه المفاهيم، وهو قد زار السودان مرة واحدة فقط.
# ولكن هو بعيد عن السودان فهل أطلعتموه قبل المشاركة في البطولات على موقف الدولة المقاطع لإسرائيل رياضياً وسياسياً وغيرها؟
* هذا النوع من الثقافة يتلقاه اللاعب من جهات أخرى ليس من بينها اتحاد الشطرنج، فهذه الثقافة الدينية والسياسية ليست من دورنا والاتحاد غير مؤهل لتقديم تثقيف سياسي وديني .
# بعد كل ما حدث ألا تشعرون بالتقصير كاتحاد؟
* ـ صمت طويلاً مطرقاً رأسه ـ لا أعتقد أنه كان هناك تصرف أفضل من ما قمنا به.
# الآن فعلياً شارك السودان في مباراة مع إسرائيل ما هو موقفكم تجاه الاتحاد العربي والدول العربية الملتزمة جميعها بالمقاطعة الرياضية؟
* كل مجلس إدارة الاتحاد فعل ما بوسعه لتجنب هذه اللحظة بأن يشارك السودان في مباراة مع إسرائيل، وبالتالي إحداث تأثير سالب على وضع السودان وسط الاتحادات العربية، ونتيجة لهذا أنا تقدمت باستقالتي إحساساً بالمسؤولية الأدبية، وستكون هذه خطوة مقدرة لدى الاتحادات العربية.
# هل ترى أن الاستقالة كافية لإسكات السخط الذي أحدثته هذه المشاركة؟
* في النهاية الخطأ المباشر يتحمله اللاعب، وهو خطأ ناتج عن صغر السن وعدم المعرفة بحساسية علاقة السودان تجاه إسرائيل، وبالتأكيد ستكون هناك عقوبة على اللاعب.
# ما هي هذه العقوبة بالضبط؟
* سيعقد مجلس الإدارة اجتماعاً اليوم ويناقش هذا الموضوع.
# ما هو سقف هذه العقوبة؟
* ـ إجابة مشتركة بينه وعضو المجلس “عماد أسد” ـ نحن تحملنا العقوبة بدلاً عن اللاعب، حتى لا نفقد لاعباً يحرز بطولات للسودان، لذلك ستكون عقوبة تراعي كل العوامل.
# هل يمكن أن يعود ذات اللاعب بعد هذه الحادثة لتمثيل السودان مرة أخرى أم أنَّ الخيار الأفضل إبعاده نهائياً؟
* مجلس الإدارة سيناقش هذا الأمر، وسيأخذ في اعتباره أن الخطأ فادح،  لكنه سيراعي سن اللاعب وكل العوامل المحيطة آخذاً في الاعتبار السلبيات والإيجابيات المتعلقة بقرار الإيقاف.
 # هذه ليست الحادثة الأولى المتعلقة باتحاد الشطرنج، من قبل طلب بعض لاعبيكم اللجوء السياسي بالنرويج، أنتم عاجزون عن السيطرة على لاعبيكم؟
* مسألة اللجوء السياسي تمت مناقشتها وكان الاتحاد واضحاً في أن ذلك اللجوء لم يكن سياسياً، وأولئك اللاعبين لا علاقة لهم بالسياسة، فلجوؤهم كان اقتصادياً. فلجوء الرياضيين متعلق أساساً بالوضع الاقتصادي وهو متكرر في غالب الدول الأفريقية.
# لكن اتحاد الشطرنج أضحى ثغرة رياضية تُؤتى من خلالها الدولة سياسياً؟
* لا نشعر بهذا أبداً، صحيح أن موضوع اللجوء قد يُستغل من بعض الجهات، لكن نعتقد أن الرأي العام السوداني واعٍ جداً وليس سهلاً خداعه سياسياً.
# هل اللعب ضد إسرائيل هي  السابقة الأولى؟
* أول مرة نتعرض لهذا الموقف في اتحاد الشطرنج
# هل تعرضتم لأية ضغوط من جهات تنفيذية لتقديم استقالاتكم؟
* لا أبداً، ليس هناك أية ضغوط.
# هل تلقيتم أي اتصال من الدولة ممثلة في وزارة الرياضة أو غيرها بخصوص الموضوع؟
* لدينا اجتماع اليوم (أمس) بين سكرتير الاتحاد ووزارة الرياضة لمناقشة الحادثة.
# هل تتوقع عقوبات من الدولة تصل حد حل الاتحاد؟
*ـ صمت طويلاً ـ عموماً نحن في اتحاد الشطرنج نعمل على إطلاع الرأي العام والجهات المسؤولة على كل التفاصيل، وفي النهاية سنلتزم ونتحمل أي قرارات تصدرها ضدنا الوزارة.
# هل تتوقع أن يكون من بين هذه العقوبات حل الاتحاد؟
* أياً كان، فكل أعضاء مجلس إدارة الاتحاد جاهزون لتقديم استقالاتهم  إن اقتنعوا بأن الحل في تقديم الاستقالة. وأنا بتقديمي استقالتي تحملت المسؤولية الأدبية  .
# هل هذا تخوف واستباق لصدور قرار بالحل؟
* لا أتوقع صدور قرار بحل الاتحاد. ونحن كل تفكيرنا كان محصوراً في أن نعاقب أنفسنا عقاباً ذاتياً قبل أي قرار من الدولة.
# في ظل ظهور بوادر تطرف ديني متعلقة بالموقف من إسرائيل ألا تخشون من ردة فعل تجاهكم؟
* بعد صمت وإشعال السيجارة الثالثة ـ أي تفكير منطقي في السلوك الذي بدر من اللاعب لا أعتقد أن الناس ستتحامل على اللاعب لأنه صغير السن ولا يعيش في السودان، لذلك لسنا متخوفين من رد فعل ديني متطرف تجاه اللاعب أو تجاهنا في الاتحاد.
 # الآن الأمر تطور لإفتاء هيئة علماء السودان بحرمة لعبة الشطرنج نفسها
* نفس الفتوى التي أوردتها صحيفتكم (المجهر) ذكرت أن الشافعية أفتوا بتحليل الشطرنج وأنها تنمي العقل والذكاء
# هل تشعر بالرغبة في تقديم اعتذار، ولمن ؟
* أحب أن أؤكد أن الاتحاد بذل كل ما بوسعه، وأصدر قراره لكن اللاعب لم يلتزم به نتيجة للمعطيات التي ذكرتها، وفي النهاية تأتي استقالتي اعتذاراً للشعب السوداني وكل إخواننا في الدول العربية والإسلامية، وخاصةً إخوتنا في فلسطين، وأخص أخانا “خالد عز الدين” رئيس الاتحاد الفلسطيني للشطرنج.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية