رئيس البرلمان د. "الفاتح عز الدين" في حوار لم يكتمل!! (2- 2)
الانتخابات القادمة ستجرى وفق الدستور الانتقالي الساري لهذه الأسباب…!!
البرلمان كان متفاعلاً بوقائع القضايا والتحولات التي وقعت في الساحة!!
أتوقع أن يكتمل الحوار الوطني بمشاركة كل القوى بالداخل والخارج!!
قضية القوانين المتعلقة بالحريات ليست بمشكلة.. إنما المشكلة في الممارسة!!
نجل الدين آدم ـ فاطمة مبارك ـ إيمان
تصوير ـ محمد تركي
{ هل أنت راضٍ عن أدائك وأداء المؤسسة التشريعية خلال الفترة القصيرة التي قضيتها كرئيس للبرلمان؟
_ البرلمان مثله مثل المؤسسات الأخرى ومنظمات المجتمع المدني والأفراد، يتأثر بالواقع والظروف التي تحيط به سواء آنية مرحلية أو بطبيعة تكوين البرلمان من حيث الأصل، ثم تكوينه من حيث أعضائه وقدرتهم على التحليل وتداول القضايا بشكل أمثل. لذا أي تقييم لأداء البرلمان لابد أن يخضع لهذه الفرضية لأنها ستحدد ملامح التقييم الحقيقي والأهداف من حيث الرقابة التشريعية والقوانين ووضع الخطط والسياسات العامة ومقارنتها بواقع الحال بشكل عام. في ظل هذه الوقائع كانت التقلبات كثيرة، والطوارئ دائماً في السودان غالبة على استقرار السياسات والبرامج، ومن قراءتي لهذا الواقع فإن البرلمان كان متفاعلاً حقيقة بهذه الوقائع وبالتحولات التي وقعت في الساحة.
{ وماذا عن الدور الرقابي للبرلمان على الجهاز التنفيذي؟
_ بالنسبة للعمل الرقابي أدى البرلمان دوراً متميزاً، وكان المطلوب الاطلاع على خطط وسياسات الوزارات والتأشير عليها من قبل البرلمان حتى ترتبط الدولة بالمنهجية والإستراتجية، وفي هذا الجانب ناقش البرلمان أداء كل الوزارات بصورة غير مسبوقة وهو عمل جيد إلى حد كبير، ويكمل هذا الجهد بالدخول إلى صلب القضايا وتفاصيلها ومعرفة إلى أي مدى تم تنفيذ الخطط والبرامج المقررة لكل وزارة وفق ما تم التأشير عليه إجمالاً، وقد أحدث البرلمان نقلة نوعية في هذا الجانب.
{ هل ستجرى الانتخابات القادمة وفقاً للدستور الانتقالي لعام 2005م أم بدستور جديد؟
_ أولاً إذا بدأنا بالدستور كميثاق حاكم وقانون أسمى، فهو يقتضي آلية أوسع ومشاركة قطاعات سياسية ومدنية ويتطلب نقاشاً كبيراً حتى يحدث إجماع حوله من أهل السودان، أجماع غالب إن لم يكن كاملاً باعتباره سيضمن وضعاً مستقراً للبلاد لأن السودان وفي تاريخه السياسي القريب تم تعديل الدستور بصورة متسارعة دون توافق من الغالبية، لذلك تأتي حالات الطوارئ والتقلبات السياسية، وفي رأيي أن صياغة الدستور القادم تتطلب التمهل لينال حظه من النقاش بمشاركة القوى السياسية كافة ومنظمات المجتمع المدني، حالياً نجد أن الدستور الانتقالي من أفضل الدساتير، وقد وجد رضا كبيراً وأفرز اتفاقية السلام الشامل بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، وكثير من القانونيين والسياسيين يرونه من أفضل الوثائق في تاريخ السودان القريب وهو دستور (صالح) ليحكم المرحلة المقبلة، كذلك قانون الانتخابات جاء بمشاركة الأحزاب المختلفة ووضعت لبناته كل منظمات المجتمع المدني، بجانب أن التعديلات التي تمت فيه جاءت في مصلحة الأحزاب من خلال زيادة التمثيل النسبي وزيادة المسألة الصفرية لإتاحة أكبر فرصة لمشاركة القوى السياسية بنسب متوافق عليها عالمياً، والمحافظة على قواعد المرأة، فضلاً عن المنافسة على الدوائر الكلية وليس الخاصة باعتبار أن الكلية جامعة لأهل السودان وتتيح للأحزاب الناشئة أو الحديثة المنافسة، إلى جانب الأحزاب التقليدية، وبهذا تكون التعديلات صممت بمرجعية واحدة تتيح الفرصة لأكبر القطاعات ليس للتمثيل فقط بل إحداث نتائج والحصول على مقاعد بالبرلمان، لذلك أؤكد أن الانتخابات القادمة ستجرى وفق قانون الانتخابات المعدل ودستور 2005م.
{ لماذا.. هل لأن الوقت لن يكفي خاصة مع اقتراب الانتخابات مع ملاحظة أن هناك قوانين تحتاج إلى تعديل؟
_ أولاً لابد من الإشارة إلى موضوعات مهمة.. القضايا الكبرى التي صاحبت البلاد لفترات وتقتضي التحاور حولها كالهوية، الاقتصاد، الحقوق، الحريات والعلاقات الخارجية.. الآن المطلوب أن نتفق على ميثاق ننظر فيه إلى مستقبل السودان والحياة السياسية والخطط والآليات التي تحكمها.. المهم الآن كيفية إدارة الشأن العام بغض النظر عمن يدير، ثم تأتي القضية الثانية وهي الدستور حتى يكون جامعاً وبمشاركة الجميع. وأقول حقيقة لم يعد هناك زمن للدستور وبعدها على القوى السياسية أن تعمل ما تراه مناسباً فلها أن تقرر قيام جمعية تشريعية للدستور أو أية صيغة من الصيغ، لذلك أرى أن الدورة البرلمانية القادمة غير كافية، فقد تبقت ثلاثة أشهر فقط تتيح النظر إلى قضايا مهمة كالموازنة العامة للدولة لعام 2015م، إلى جانب الاستحقاقات والمتطلبات الدستورية كقيام الانتخابات في موعدها.
{ لكن نعلم أن هناك تعديلاً سيتم في الدستور الانتقالي؟
_ لا.. مطلقاً.. لن يحدث تعديل في الدستور. ما تم سابقاً إسقاط المواد المتعلقة بالجنوب ولم يمس الجوهر، أما الآن ما سيتم هو إضافة فقط لاتفاق الدوحة لسلام دارفور بصورته الكاملة دون تفاصيل، والاتفاق بعد إيداعه يقتضي الانتظار شهرين حتى يتم التداول فيه قبل إجازته لأن الإجراءات التي تتم على الدستور تختلف عن بقية القوانين.. إذن ما سيحدث إضافة فقرة واحدة وسيقال العبارة التالية: (هذه الاتفاقية جزء أصيل من الدستور القومي)، وقد كونا لجنة وأودعنا ما ستتم أضافته في الدورة الماضية توطئة لمناقشتها في الدورة المقبلة، فنحن لن نودع الاتفاق كنصوص تفصيلية وإنما جملة، وذلك سيعزز ثقة الحركات الموقعة مع الحكومة ويشكل ضمان أن الاتفاقية لن تتأثر بأي تقلبات سياسية في حال قيام حكومة جديدة.
{ حتى لو أفضت المشاورات السياسية إلى تعديل الدستور؟
_ الهدف من الحوار ليس من يحكم السودان وإنما كيف يحكم، وهو ما يجري الآن من مباحثات في أديس وما سيتم من حوار في الداخل.. موضوع (من يحكم) تقرره الانتخابات والواقع السياسي بما فيه من معطيات كيف تنظر إلى تفاهمات ما قبل الانتخابات وبعدها مع القوى السياسية لتستجيب للواقع وتداعياته المختلفة، هذا الموضوع هو محل الحوار مع القوى، تربطه الضوابط العامة ومدى ثقل تلك القوى ووجودها ونفوذها في صلب المجتمع وتوسعها، وقد تأتي بعض المقتضيات الأخرى التي تتحقق بتفاهمات ما قبل وبعد، وفي شكل الحكم، وهذا لا يتم إلا بضوابط معيارها إما سياسي تقدره القوى السياسية مع الحزب الحاكم أو معيار دقيق بالرجوع للناخب الذي يحدد من سيفوض في الحكم مستقبلاً.. وهاتان القضيتان فيهما التباس كبير ما بين تشكيل قضية مستقبلية في القضايا الجوهرية التي يمكن أن تكون محل تفاهم واتفاق كحد أدنى بين القوى السياسية، وقضية الحكم التي ستقرر فيها الانتخابات، والمعيار الوحيد الذي ارتضيناه كمرجعية دولية لتأهيل أي حزب للحكم هو الانتخابات، وأرجو أن تكون تلك القضايا واضحة للناس في الساحة السياسية لأنه من الممكن مثلاً أن أكون خارج دفة الحكم وغير مشارك في السلطة الآن أو مستقبلاً، لكن على أقل تقدير أرغب في وضع ضمانات للتداول السلمي للسلطة.
{ وماذا عن القوانين المقيدة للحريات والحقوق العامة؟
_ فيما يتعلق بالقوانين والحريات العامة هي أحد موضوعات الحوار مثلها مثل الاقتصاد والهوية، وطالما أنها قضية حوار فلننتظر بها الحوار، وقد قلت سابقاً إن المؤتمر الوطني إذا دفع بحلول لكل القضايا فما سيتبقى للحوار المطلوب من القوى السياسية والمجتمع المدني التحاور في هذه القضايا.. الآن نقرأ واقعنا هل نحن متقدمون أم متأخرون في قضايا الحريات؟ مقارنة بالاتفاقات الدولية نجد أن وثيقة الحريات العامة من أميز ما تحدثت عنه البشرية وهي لم تخرج عن دستور 2005م، ما يعني أنها محمية بالدستور والقانون، كما ذكر المحامون أن قضية القوانين ليست المشكلة وإنما المشكلة في الممارسة، وهنا يجب أن يتجه الشخص إلى المحاكم إذا حدثت أي تجاوزات.
{ لكن الرئيس عملياً أصدر قراراً بشأن موضوع الحريات.. فهل بدأت الأجهزة الرسمية تتيح مساحة للقوى المعارضة؟
_ في هذا الجانب مطلوب من وزارة الإعلام إتاحة فرص متساوية للقوى السياسية.. كدولة ليس لدينا حجر على أحد أو توجهات كهذه، وعلى الأجهزة الإعلامية ألا تضيق على الأحزاب.
{ برغم ذلك ما زال هناك تضييق على الحريات الصحفية؟
_ مصادرة الصحف محكومة بالقانون.. لا أتحدث هنا عن حالة بعينها.. مثلاً فلنتحدث عن فئة أو جماعة أو مؤسسة تم الاعتداء على حريتها العامة، هنا تنتزع الحقوق بالقانون مثلها مثل القضايا المدنية كالميراث، إذا وقع خلاف تذهب للمحاكم لفض النزاع، ونحن أكدنا أن قضية الحريات محلها الحوار تقول فيه الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني ما تشاء ونحن مستعدون لمراجعتها، فنحن نتحدث عن دولة القانون.. أنا اليوم حكم وغداً محكوم.. نحن نريد تثبيت الحقوق بالقانون.
{ هل تتوقعون تعارضاً في قضايا بعينها.. وما حجم السقوفات في الحوار؟
_ سقوفات الحوار لا نحددها، يجب أن يجيب عنها الحوار.. نحن الآن في القضايا الشكلية، من سيضمهم الحوار وما هي موضوعاته، حتى لو حددنا ذلك، فهذا بمثابة شكل الأصل وبعدها ندخل في تحليل القضايا ومقارنتها بالواقع ومدى تلبيتها لتوقعاتنا، لذلك قلت إن الحوار من أميز ما يخرج للناس، لهذا أنا أحترم الأحزاب التي وضعت بدائل مكتوبة لأنك حينما تأتي للحوار سيكون (حامياً) فإما أن يتفق الناس على منهج جديد أو يصلوا إلى مرحلة وسطى.. أنا (يا أخوانا) متوقع في الحوار أن يكون هنالك تعارض واختلاف واسع، لكن كل ذلك سيحسمه الحوار الداخلي الذي من خلاله سنصل إلى تفاهمات يمكن أن تمثل ثوابت لتراضٍ وطني يوفر للسودان الاستقرار والتداول السلمي للسلطة بين القوى السياسية.
{ هل وضعتم سقفاً زمنياً محدداً للحوار.. بمعنى هل سيكتمل قبل الانتخابات مثلاً؟
_ الوقت الآن كافٍ لو استمرت التفاهمات مع المعارضة في الداخل والخارج وموافقتها على الثوابت، فإن الوقت سيكون كافياً قبل الانتخابات لتحقيق الاتفاق المطلوب، وما زلت أكرر حديثي بأن الاتفاق يجب أن ينبني على أصول وركائز تجمع عليها الممارسة السياسية بصورة عامة وليس التفاهمات على المشاركة في السلطة، فهذان موضوعان مختلفان.. مثلاً الاتفاق الذي سيأتي يمكن أن تكون له ظلال على الانتخابات، وكذلك على التفاهمات التي ستقع.