تحقيقات

أحد أشهر طرق الحوادث.. (70%) منها بسبب السائقين

طريق (النيل الأبيض).. قصص وحكايات بعضها مسكون بالجن
ما قصة (الحمار) الذي يظهر ثم يختفي فجأة.. وهل شُيِّد الطريق على بيوت الجن
مواطن: (الحمير) حقيقية لطبيعة المنطقة.. (وطبيعي أن يقطع حمار الظلط)
“ولاية الجزيرة” في المرتبة الأولى تليها “نهر النيل” ثم “النيل الأبيض” من ناحية الحوادث المرورية

تحقيق ــ سعدية إلياس
ما أن يقترب عيدا (الفطر) و(الأضحية) حتى يتوجس الكثيرون من سكان وقاطني مدن بعينها يتعرض مواطنوها لحوادث كارثية يروح ضحيتها أفراد بل أسر كاملة، فكم من قرية تقع على امتداد الطريق فجعت في أبنائها وذلك لأسباب فنية وغيرها، رغم الاستعدادات المبكرة التي تبذلها إدارة المرور بمراقبة الطريق بكاميرات وتفويج المركبات ومع ذلك لا تسلم الجرة. وطريق (النيل الأبيض) أحد هذه الطرق التي تقع في منعطفاتها الحوادث وتحديداً عند نقطة معينة بمنطقة “القطينة” التي أصبحت علامة استفهام مقرونة بشئ من الخوف، فضلاً عن قصص متداولة عن وجود جن يفعل بالسيارات العابرة ما يشيب من فرطه الولدان،  وأساطير أخرى يتحدث عنها البعض منذ تدشينه.
(المجهر) استقصت عن الأمر من خلال زيارة ميدانية لمنطقة “القطينة” والتقت بمواطنيها ثم وضعت تساؤلاتهم على طاولة المسؤولين..
 طرق ضيقة ومقطوعات
وعن المطبات والأسباب التي تفضي إلى الحوادث ومن ثم ازهاق كثير من الأرواح، وما يروج عن وجود جن بالطريق، استطلعت (المجهر) عدداً من مواطني الولاية، قال “مدثر السماني” إن طريق (النيل الأبيض) من الطرق الضيقة وهذه واحدة من الإشكالات التي تتسبب في عدد كبير من الحواداث، وأن هناك مقطوعات لم تتم صيانتها زهاء السنتين ونصف السنة، هذا بالإضافة إلي عدم وعي أصحاب المركبات، وذهب “مدثر” إلى أن سائق المركبة نفسه والسرعة الزائدة وعدم الالتزام بالسرعة القانونية، فضلاً عن التخطي وعدم إتباع الإرشادات المرورية تشكل أسباباً أساسية في وقوع الحوادث.
 نفي وجزم
واتفق مع “مدثر” المواطن “الصديق بدر الدين” من سكان منطقة “القطينة”، ونفى أن تكون الحوادث التي تقع بالطريق بفعل الشيطان أو الجن كما يشاع، وإنما هي نتاج تهور وزيادة سرعة السائقين من مركبات عامة وخاصة، كما أن للقضاء والقدر دوره، وتمسك بنفيه لسكن الجن في طريق (النيل الأبيض).
فيما جزم “معتز أحمد الوسيلة” بحقيقة (الحمار) الذي يقطع الطريق، وقال: ربما تكون قصة الجن هذه حقيقية، ولكن الراجح أن هذا (الحمار) لم يتسبب حتى الآن في موت شخص مباشرة، وإنما دائماً ما تكون الخسارة في الأرواح بفعل الحوادث التي قيل إنه يعترضها، مشيراً إلى أنه يظهر بالفعل في حدود قرية “أبو كلاب”.
شاهد عيان
أما المواطن “السماني سليمان” فقد تمسك برأيه وهو أن الطريق مسكون بالجن، وقال لـ(المجهر) إن الحوادث دائماً ما تقع عند المساء ما بين الساعة الحادية عشرة والثانية عشرة، وفي هذا الوقت تحديداً يظهر (حمار) أمام السائق ويختفي في ثانية عندما يريد السائق أن يتخطاه ومن هنا تتأتى الحوادث المفضية للموت.
“كمال محمد الأمين” من سكان “ولاية النيل الأبيض” من مرتادي الطريق وشاهد عيان حكى كيف أنه في ذات مرة وهو في طريقه لزيارة أهله وأثناء قيادته لعربته الخاصة ظهر أمامه (حمار)، وعندما أراد تخطيه أوشكت العربة أن تنقلب به لولا أنقذته العناية الإلهية.
الطريق مسكون
أيضاً استعنا بأحد سائقي الحافلات المترددين على الطريق بخط (الدويم – الخرطوم) قال إن الطريق شُيِّد على مساكن الجن، لذا فهو دائماً ما يتراءى للناس في شكل (جمل) أو (حمار)، وبحد قوله فهو وبحكم خبرته الطويلة في هذا الطريق أصبح لا يخاف من ظهور (الحمار) إنما يمضي في طريقه حتى وإن ظهر أمامه، وشدد على أن هذا الجن موجود وتحديداً بالقرب من قرية “أبو كلاب”.
الحاجة “فاطمة جوادت” إحدى المكلومات التي أفقدها الطريق أعزاء عليها سيما أنها فقدت أربعة من أفراد أسرتها وهي لم تفق بعد من صدمتها، قالت لنا وهي تجاهد في كبح جماح دموعها: إن هذا الطريق مسكون، فمنذ أن تم تشييده وأرواح أبنائنا في خطر.
 مشكلة الطريق نفسه
وفند المواطن “بدر الدين حاج عربي” حديث الذين سبقوه بقوله: إن (الحمير) الموجودة حقيقية ذلك لطبيعة المنطقة و(شي طبيعي أن يقطع حمار الظلط)، والشخص الذي يتفاداها بتهور بالتأكيد سيتعرض لحادث، وقصة أن (الحمار) يختفي في لحظة هي قصة من نسج خيال السائق لكي يموه سبب الحادث الحقيقي الذي يكون نتيجة السرعة الزائدة، ثم استدرك بقوله: لكن بالفعل هناك مشكلة في الطريق نفسه الذي يحتاج إلى معالجة من الطرق والجسور، فالطريق غير آمن وليست فيه تقاطعات ولا حتى لافتة توضيحية.
انهيار ثلاثة كباري
مدير عام دائرة المرور السريع بالإنابة العقيد شرطة “الصادق علي إبراهيم”، قال في حديثه لـ(المجهر): العام السابق انهارت ثلاثة كباري ما بين “جبل أولياء” و”القطينة” جراء السيول، والآن تم صيانة اثنين منها والثالث في مرحلته النهائية، وأشار إلى أن العمل جارٍ في بقية القطوعات تحديداً طريق (الرقييق) لأنها تعتبر مجرى للسيول، وأضاف أن هذه الصيانة إذا تمت ستحد من مشاكل الطريق وتخفف من نسبة الحوادث التي بلغت في العام 2013م حوالي (417) حادث، وقد تدنت  قليلاً عن العام 2012م والذي كانت نسبة الحوادث التي وقعت فيه (440) حادثة، أي بنسبة (5%).
ولفت العقيد “إبراهيم” إلى أن “ولاية الجزيرة” تأتي في المرتبة الأولى من ناحية الحوادث، تليها “نهر النيل” ثم “ولاية النيل الأبيض”، واستطرد أنهم من ناحية مرورية لا تواجههم أية مشكلات، بل يتعاملون مع الشارع بشكله الحالي وينشرون قواتهم على الطريق مع تقديم التوعية المرورية، وما يختص بالخطأ الهندسي  – الحديث للعقيد – لا علاقة لنا به مع العلم بأن كل الحوادث التي تحدث تقع دائماً بدافع التخطي والسرعة الزائدة، وسلوك السائق يشكل نسبة (70%) من الحوادث المرورية، مضيفاً أن الطريق ليست به أية مشكلات بعد الصيانة سيما من “جبل أولياء” حتى “تندلتي”.

مهمتنا رقابية
من جانبه قال رئيس لجنة النقل والطرق والجسور بالبرلمان “عبد الله مسار” إن دور اللجنة رقابي فقط، تقوم بصيانة كل الطرق التي تحتاج إلى عمل سواء كان عن طريق شكاوى أو عن طريق أتيام دورية، مشيراً إلى أن هناك طرقاً في طور الصيانة طولها (500 /7) ألف كيلو متر، منها ما يحتاج إلى صيانة عادية وأخرى كبيرة، فيما تحتاج أخرى إلى تغيير كامل لأن عمرها الافتراضي انتهى.
وأشار “مسار” إلى أن هناك طرقاً تحتاج لتوسعة كطريق (مدني ــ الخرطوم) و(بورسودان ــ الخرطوم)، أما طريق (النيل الأبيض) تجرى عليه معالجات حتى مدينة “كوستي” تشمل الكباري، وهناك خطة لتوسعته إلى مسارين بدلاً عن واحد، وعند إنجاز الطريق الغربي سيخفف من الضغط عليه. وبالنسبة للأخطاء قال: إن هناك أخطاء إدارية وفنية نعمل على معالجتها ونقوم برفعها للوزارة المختصة بالطرق والجسور.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية