سماسرة السياسة (2)
{ في هذه الأيام ينظم بعض السماسرة (بيعة) عهد وميثاق لأحد الولاة.. ويحرّض آخرون على حملة سياسية وصحافية في الخرطوم بادعاء أن الوالي الفلاني يسقط في امتحانات الشورى والمؤتمر العام لحزبه ولن يرشح ضمن الخمسة البررة الموعودين بالتقيب في سيرتهم وتفتيش حقائبهم وملابسهم واجراء اختبارات ولاء لهم قبل اختيار أحدهم كمرشح لمنصب الوالي!!
{ أحد السماسرة ممن تقلبوا في (مراقد) الأحزاب ومشارب الولاءات.. ذهب لوالٍ يثق في نفسه.. فقال له إنه قادر على إقناع نافذين في أجهزة الدولة بترشيحه والياً في الفترة المقبلة ولكن الأمر يحتاج (لتسهيلات).. الوالي صده برفق معتذراً عن أية تكليف في الفترة المقبلة!! ووسطاء في المحليات ينشطون في ترشيح نواب البرلمان المقبل ونواب المجالس التشريعية ويدعون امتلاكهم مفاتيح الجماهير والنفاذ لقلوب الناخبين والخبرة التي في جعبتهم تؤهلهم لفوز المرشح الذي يدعمونه دون كثير عناء ورهق بشرط (توفير) المعينات.. وهي ليست خيام لإيواء المتأثرين من السيول والفيضانات ولا آليات زراعية لإنجاح الموسم الزراعي.. هي جنيهات من فئة الخمسين!!
{ أحد عتاة مشجعي النظام المايوي كان قريباً من المؤتمر الوطني في فترة “حسن حمدين” قبل أن يكشف عن وجهه الحقيقي.. ويعترف بالآخرين.. ويتخلى عن فكرة الحزب الواحد والتنظيم الطليعي على غرار الاتحاد الاشتراكي.. قال إنه يناهض التعددية الحزبية.. ويساند وجود حزب واحد في الساحة السياسية حينما يعقد مؤتمره العام يأتي بالقروش في جوالات البلاستيك!!
{ لقد فطن البروفيسور “غندور” لثغرة السماسرة والوسطاء.. ومحترفي النهب السياسي والثراء في ما قبل إجراء الانتخابات (بتمرير) قرار للمكتب القيادي يقضي بترشيح الولاة الحاليين ضمن المرشحين الخمسة المبشرين بمنصب الوالي.. وقطع بذلك الطريق أمام كثير من السماسرة والوسطاء.. فقد أصبح الآن د. “عبد الرحمن الخضر” مرشحاً لولاية الخرطوم “وأيلا” مرشحاً لولاية البحر الأحمر و”آدم الفكي” ضمن الخمسة الموعودين بمنصب الوالي في (جنوب كردفان) ومثله “عثمان كبر” و”الشنبلي” و”أحمد عباس”.. فلماذا يهدر الولاة طاقتهم ويبددون زمنهم في الإصغاء لتجار السياسة وسماسرة الانتخابات؟! لقد ضمن كل الولاة ترشيحهم ضمن الخمسة المبشرين بجنة السلطة والظفر بعروس السلطة، فما الذي يدعهم ينشطون وسط قواعد حزبهم استقطاباً وتمزيقاً لأواصر التنظيم وجعله كتلاً متصارعة.. هؤلاء معي وأولئك في صف آخر!!
{ تفتقت عبقرية التنظيم في مسألة الترشيح لمنصب الوالي مبكراً، وتم قطع الطريق أمام السماسرة والوسطاء الذين أفسدوا الحياة السياسية.
{ ولما كان أمر الاختبار في الأصل سلطة مركزية والمكتب القيادي بالخرطوم غير مقيد بقبول من حاز على أعلى الأصوات أو أدناها.. أو من كان ترتيبه في رأس القائمة أو أسفلها.. فإن الولايات تصبح سلطتها ثانوية جداً.. فقط عليها ترشيح خمسة قيادات من بينهم الوالي الحالي.. وبعد إعلان ترشح الوطني لأحد قادته يتقدم الوالي باستقالته أو يتم إعفاؤه وتكليف نائبه طوال فترة الانتخابات تحقيقاً لمبدأ العدالة وسداً لذريعة استخدام السلطة وتجيير آلياتها لصالح الولاة.. ولكن هل إذا اختار المؤتمر الوطني شخصاً غير الوالي الحالي لخوض الانتخابات.. بالضرورة أن يتقدم الوالي باستقالته من منصبه وهو أصلاً غير مرشح؟! لقد حاول المؤتمر الوطني سد أبواب السمسرة وأغلالها.. ولكن السماسرة بارعون في الكشف عن مداخل مصالحهم!!