ماذا يحدث في "باريس"؟!
{ ما هذا الذي يحدث في “باريس” هذه الأيام متعلقاً بالوضع السياسي في السودان؟! وهل تحولت العاصمة الفرنسية من مضيفة لـ”عبد الواحد محمد نور” أحد قادة (التمرد) في دارفور، إلى (حاضنة) جديدة لجميع فصائل (للمعارضة) السودانية؟!
{ ففي الأخبار أنَّ (الجبهة الثورية) توالي عقد اجتماعاتها هناك منذ أسابيع، ولحق السيد “الصادق المهدي”، وكريمته د.”مريم” بالركب قبل أيام!!
{ وليس جديداً أنَّ فرنسا هي أكبر داعم للمحكمة الجنائية الدولية، وأنها تولت كبر إحالة ملف الحرب في دارفور إلى محكمة “لاهاي”، لما تستشعره الولايات المتحدة الأمريكية من حرج بالغ وتناقض في المواقف تجاه هذه المحكمة بسبب رفض “واشنطن” التوقيع على ميثاقها بل وعدم اعترافها بها خشية أن يتعرض أحد ضباطها وجنودها (بمئات الآلاف) من (القتلة الدوليين) في العراق وأفغانستان والصومال لأحكام قضائية صادرة عن هذا الكيان (المُُسََيََّس)!!
{ على الصعيد (الشخصي)، لاحظت اهتماماً زائداً من السفارة (الفرنسية) بالخرطوم تجاه تحليل الأوضاع بالبلاد، لا يوازيه سوى اهتمام السفارة (البريطانية)، وبالطبع فإنََّ (الإنجليز) دوافعهم مبررة باعتبارهم من كانوا يستعمرون بلادنا لأكثر من (نصف قرن)، ولهذا فإنَّ تدخل (الفرنسيين) في الشأن السوداني خاصة في ملف (دارفور) من بعد (الألمان)، يبدو مثيراً للعجب!.
{ في العام الفائت، طلب المستشار (السياسي) بالسفارة الفرنسية بالخرطوم مقابلتي بالصحيفة للتحاور حول الأزمة في إقليم دارفور، ولكن لأسباب خاصة بي، ورحلة (خارجية) طرأت في تلك الأيام لم يتم ترتيب اللقاء، وغير ذلك، فإنني فشلت في تلبية عدة دعوات آخرها لإفطار رمضان موجهة من الإخوة في السفارة الفرنسية.
{ وهكذا، فإنه يبدو واضحاً ارتفاع وتيرة الاهتمام (الفرنسي) الرسمي، ومن أحزاب سياسية في باريس بمستقبل الحكم في السودان وتطور الأوضاع فيه، غير أنني لا أستطيع – حتى الآن – الجزم ما إذا كان هذا الاهتمام (الزائد) سيخدم (بإيجابية) ترسيخ الاستقرار والسلام في بلادنا، أم لا؟.
{ ولتحقيق ذلك الهدف فلا شك أنه لابد من (التعامل) و(التعاون) مع حكومة السودان (الشرعية)، ففي كل الأحوال لن يجدي فتح الفنادق الفرنسية لصالح قادة (التمرد) و(المعارضة) المدنية، دون البحث عن طريق للحوار مع الرئيس “البشير” ومساعديه في الحزب الحاكم.
{ ولا شك أنََّ فرنسا تعلم أنََّ “أمريكا” و”أوربا” احتضنت ودعمت ومولت خلال عقد تسعينيات القرن المنصرم الحركة الشعبية والتجمع الوطني المعارض، فانطلقت العمليات (الحربية) ضد مركز السلطة من غالب دول الجوار ابتداءًً من “يوغندا” وانتهاءً بإريتريا، ولكن النظام لم يسقط، ولم يترنح، ولم يتحقق لـ(الجنوبيين) هدف (واحد) بالحرب، بينما كسبوا ما لم يكونوا يحلمون به من (انفصال) وقيام دولة إلا بعد مفاوضات السلام الطويلة والتوقيع على اتفاقية (نيفاشا).
{ نأمل أن تدرس “باريس” تجارب رعاية ودعم الحركات المتمردة خلال العشر سنوات الماضية، كيلا تكرر ذات الأخطاء، وتضم السودان لقائمة أعدائها في أفريقيا.
{ جمعة مباركة.