تقارير

مع إعلان المفوضية اليوم لجدولها الانتخابي هل ستجهض الانتخابات الحوار الوطني أم العكس!!

مع جدولة المفوضية التوقيت للانتخابات القادمة
متلازمة الحوار والانتخابات
تقرير – نجدة بشارة
ثمانية أشهر وبضعة أيام فقط تفصلنا عن موعد الانتخابات المزمع إجراؤها في أبريل القادم، والمشهد السياسي غارق في الضبابية والحكومة تؤكد في إصرار أن الانتخابات قائمة في موعدها وتعد لها العدة والعتاد، خاصة وأن المفوضية القومية للانتخابات قد بدأت في الاستعداد لإعادة تشكيل اللجان العليا للانتخابات على مستوى البلاد ووفقاً للدستور. وتعلن اليوم جدولها الزمني للانتخابات وفي ذات الوقت يدق الوطني الطبول ويدعو القوى السياسية إلى استمرار الحوار، وأن الحوار قائم رغم المتاريس والموقف يشتد تأزماً، ومراقبون يرون أن المخرج الوحيد لأزمة البلاد السياسية تكمن في الحوار. ويبرز السؤال الملح الراهن هل قيام الانتخابات في موعدها سيجهض الحوار برمته وينسفه؟! أم أن الحوار سيصلح البيئة السياسية ويعيد ترميمها ويقود البلاد إلى مصالحة وطنية شاملة ويحقق أماني بعض الأحزاب بتأجيل قيام الانتخابات. وكان المؤتمر الشعبي قد دعا سابقاً إلى تأجيل الانتخابات بداعي عدم تهيئة المناخ حالياً ومحاولة استثمار المدة التي أتاحتها الحكومة للانتخابات لمزيد من الحوار والتفاعل بين كافة القوى السياسية، فيما عقدت المفوضية عزمها على إعادة تشكيل اللجان العليا للانتخابات على مستوى ولايات البلاد، وتزمع إعلان جدولها الزمني للعملية الانتخابية.
وتوقع القيادي بالمؤتمر الشعبي “كمال عمر”في حديث لـ(المجهر) بأن مخرجات الحوار الوطني إذا أفضت إلى وفاق ومصالحة وطنية، فقد تؤدي إلى إلزام السلطة بتأجيل الانتخابات. وأضاف حتى إذا لم تكتمل الأمنيات بالحوار فالانتخابات قضية جوهرية لا مجال لتأجيلها. ويرى “عمر” أن الحوار قد حدد له أجل محدد عمره (3) أشهر بدأت باجتماعات اللجان، وأن الانتخابات تبقى لها (8) أشهر وهناك (5) شهور لتتمكن القوى السياسية من ترتيب أجندتها بشأن الانتخابات.
وذهب “عمر” إلى اقتراح أن تحرص القوى السياسية  في هذه المرحلة على دعم وبناء جسور الثقة بين مكوناتها. وقال يجب أن نغيِّر من لغتنا السياسية وأن يكون الخطاب خالياً من الكروت الحمراء.
وحسب قراءتي لمستقبل الحوار فإن رجاءنا كقوى سياسية أن يقود الحوار إلى سلام ووفاق وطني وديمقراطي، وأن يخرج البلاد من الأزمة الحالية بفتح الباب على مصراعيه للحريات، وأن تسود لغة السلام مما يؤدي إلى مناخ إيجابي تجري فيه الانتخابات بالإجماع، ونفوس مطمئنة بعد أن يفتح الحوار الطريق. ورغم تفاؤلي إلا أنه إذا حدث وكذبت التوقعات وفشل الحوار فاعتقد أن السودان سيدخل في حالة سيئة، وحتى إذا قامت الانتخابات رغم وعورة الظروف فإنها ستكون البلاء والقشة التي ستقصم ظهر البلاد.
لذلك فالخيارات البديلة غير الحوار خطيرة على مستقبل البلد وأي محاولة لإسقاط النظام ستقودنا لمضاعفة الأزمة والانتقال إلى واقع دكتاتوري جديد. وأرى أن التحالف المعارض الآن يركز على الخيار الإستراتيجي والذي يقود إلى الحريات والسلام.
في الأثناء هدد تحالف المعارضة (تحالف القوى الوطنية) المشاركة في الحوار الوطني بالانسحاب من الحوار حال إصرار الحكومة على إجراء الانتخابات. وحسب المتحدث باسم التحالف الذي انبثق مؤخراً والذي ضم (18) حزباً سياسياً “حسن عثمان رزق”، أن أي إصرار من جانب الحكومة على إجراء الانتخابات يعتبر تعطيلاً للحوار ومعوقاً أساسياً له. وأضاف أن الأحزاب لا يضنيها ما تقوم به الحكومة بشأن الإجراءات الجارية لإعلان الجدول الزمني، حيث ترى الحكومة في تصريحاتها أن الانتخابات استحقاق دستوري لا بد من إجرائها، وأن تسير في طريقها الدستوري حتى النهاية. وفي ذات الوقت فإن واقع الحال يفرض الحوار الوطني على الساحة بقوة كضرورة وطنية لحشد القوى السياسية.
وقال القيادي بـ(الإصلاح الآن) “حسن رزق” لـ(المجهر)، إن آلية الحوال  اتفقت مسبقاً على إدراج قضايا الانتخابات ضمن الموضوعات التي تتم مناقشتها في طاولة آلية الحوار الوطني. وذهب معتقداً بأن مساعي إنجاح الحوار وبسط الحريات، قد تقود إلى تأجيل الانتخابات ما لم تكن مسألة الحوار مجرد مرافعة من المؤتمر الوطني وتكتيك مرحلي لكسب الوقت، ثم يأتي ويقول في الآخر أن الحوار فشل. أؤكد أنه إذا كانت هذه الأفكار تجول برأس الحكومة فإنها بهذه الطريقة تنحر نفسها وتموت منتحرة، خاصة أنه حسب قراءتي للأوضاع فالحكومة حاسة أنها على ما يرام، وحدوث مثل هذا السيناريو سيؤدي بالمعارضة إلى خيار واحد وهو إسقاط النظام، لأن خيار المشاركة في الانتخابات حالياً مستبعد تماماً إلا إذا جاء لفضح الحكومة حسب رأي، فإن قيام الانتخابات في هذا التوقيت ليس سوى منبر لفضحها ونحن لا نشارك في مهزلة.
أما إذا كان المؤتمر الوطني جاداً في حواره مع القوى السياسية، فيمكن أن يحدث اختراقاً حقيقياً والباب مازال مفتوحاً قبل أن يبستفحل الأمر، ولا يستطيع العطار حينها إصلاح ما أفسده الدهر. ويرى المحلل السياسي القيادي بالمؤتمر الوطني دكتور “إسماعيل الحاج موسى” في حديث لــ(المجهر)، إنه ليس هناك تضارب بين قيام الانتخابات في موعدها وبين سير الحوار وإيصاله إلى غاياته. وأضاف لا أحد يعلم بمخرجات الحوار وإلى أي طريق سيقود للنجاح أم الفشل، في حين أن الانتخابات استحقاق دستوري وقانوني ولا بد أن يظهر جلياً للعيان، وأن هنالك مؤسسات بالدولة كرئاسة الجمهورية والمجلس الوطني ستنتهي مدتها القانونية أبريل القادم ولا بد من التجديد لها بانتخاب دستوري في البلاد.
وهناك سؤال يطرح نفسه إذا لم ينجح الحوار هل نكون قد جنينا على أنفسنا دستورياً، ويأتي توقيت الانتخاب دون أن تكون الدولة مستعدة للاستحقاق الدستوري. وذهب “الحاج” إلى أن قضية الحوار من المسائل المهمة والملحة ومطلب شعبي، وإذا حدث وتصافت النوايا فلا غضاضة من تأجيل الانتخابات، ولكن شريطة أـن لا يملي حزب على الوطني تأجيله الانتخابي. وفي اعتقادي المحاور لا يضع شروطاً وإنما يأخذها إلى طاولة الحوار ويتفاوض عليها، ولكن لن توقف الحكومة الاستحقاق الدستوري في كل الظروف.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية