أزمة الدراما (4)
} قال: أنت تقول إن هناك أزمة في الدراما ما هو دليلك على ذلك؟
– قلت: دليلي على ذلك أن المسارح أطفأت أنوارها وأن الممثلين هجروا المهنة وبعضهم يبحث عن عمل في المدارس وبعضهم يبحث عن عمل في أماكن أخرى وكلهم نسوا ما هو التمثيل.
} قال: ولكنك قدمت مسلسل (العودة إلى الأرض) وهو عمل ناضج لفت إليه الأنظار فماذا تريد أكثر من ذلك؟
– قلت: هل تصدق أن هذا المسلسل كتب وقدم قبل عشر سنوات وأنه يعاد للمرة الثالثة. أليس ذلك دليلاً على أن هناك أزمة حادة في النصوص؟
} قال: وماذا يفعل المسؤولون في التلفزيون، هل يكتبون نيابة عن المؤلفين. إن كل ما يكتب يجد طريقه للبث فماذا تطلبون منهم أكثر من ذلك؟!
– قلت: وهل هم فتحوا الباب للمؤلفين الدراميين كما كان الحال في السابق ليتقدموا بنصوصهم، بل هل هناك لجنة للنصوص؟ ستكشف أنه ليس هناك أي قسم مخصص لاستقبال الأعمال الدرامية الجديدة.
} قال: لا شك أن هناك سبباً قوياً لكل ذلك، فأهل الدراما لم يقدموا نصوصاً جادة بل لا يستطيعون كتابة نص من ثلاثين حلقة كما يفعل المصريون كما أنهم لا يجيدون المواضيع التي يكتبون فيها بحرية.
– قلت: لقد قدم التلفزيون من قبل مسلسل “عبد الفضيل الماظ” فماذا كانت النتيجة؟ ألم يشعل ذلك حماس كل السودان وتحمس كل الشباب لذلك العمل. لقد تزامن هذا المسلسل مع عمليات الجهاد في الجنوب فزاد حماس المجاهدين.
} قال: ولكن ماذا بعد ذلك هل تطالبهم بإعادة المسلسل؟
– قلت: ما أكثر القصص التي تصلح لتقديمها كمسلسل. إن بطولات “عثمان دقنة” وحدها تحتاج لمسلسلات كثيرة، وجهاد “المهدي” يتطلب عشرات المسلسلات. نحن بحاجة لهذه المسلسلات لتصحيح التاريخ أولاً. إن البريطانيين زعموا أن “المهدي” قابل غردون في الخرطوم وأن “غردون” تحداه ولذلك قتله “المهدي”، وهذه وقائع غير صحيحة. والصحيح أن “المهدي” أمر جنوده بعد اقتحام القصر بأن يأتوا بغردون حياً لأنه أراد أن يفتدي به “أحمد عرابي” ولكن أنصاره قتلوه، وذلك ضد تعليمات “المهدي”، فهذه النقطة من التاريخ تحتاج لتصحيح ليعرفوا أن الإسلام يستخدم السياسة في موضعها وأن “المهدي” كان رجلاً سياسياً.
} قال: وماذا بعد أن نصحح الأخطاء التاريخية هل ينتهي دور الدراما؟
– قلت: إن الأخطاء من الكثرة بحيث تحتاج لمجلدات وأن الدراما واجبها تقديم أشياء أخرى غير التاريخ فبالإمكان استغلال الكاميرا لتصوير مشاهد طبيعية لا يصدق السواح أنها بالسودان مثلاً هل يصدق السواح الأجانب أن بالسودان منطقة ذات طبيعة ساحرة وأن بها جو معتدل طوال العام هي “أركويت”، وهل يصدقون أن معظم الآثار في مصر بناها السودانيون وأن السودان به من التماثيل الفرعونية أضعاف ما لدى مصر وأن بالسودان أفضل مشتى في العالم وأن به أفضل مصائد للغزلان وأن كل ذلك بحاجة لكاميرا تعرضه على العالم ولكن لا أعرف ماذا يمنع تصوير هذه المشاهد وماذا يمنع صيانة الآثار وتقديم مدينة سواكن التاريخية للعالم هل هناك أحد يمنعنا أم أننا نمنع نفسنا بنفسنا؟ سأظل أطرق هذا الموضوع كل يوم ولن أمِل أبداً.
} قال: أتمنى أن تواصل الطرق على هذا الموضوع في كل عمود وسترى هل تجد الاستجابة أم أنك ستحصل على مزيد من التجاهل.