رأي

دور "عبد الناصر" في العبور

عاد الجدل حول الزعيم “جمال عبد الناصر” إلى الساحة من جديد، وذلك بسبب مسلسل (صديق العمر) الذي تبثه إحدى القنوات المصرية. وحتى الآن المسلسل يتناول العلاقة بين “عبد الناصر” وصديق عمره “عبد الحكيم عامر”، فقد كان “عبد الناصر” يثق في هذا الرجل ثقة عمياء. فسلمه قيادة الجيش مع أنه لم يكن مؤهلاً لذلك العمل الكبير. فكانت النتيجة أنه لم يهتم بالتحذيرات التي جاءته من “رأفت الهجان” من داخل إسرائيل. ويقال إنه قدمها له شخصياً من مكتبه وأكد له أن إسرائيل ستشن هجومها نهار (5) يونيو ولكن المشير لم يهتم لهذه المعلومة ولم يتخذ أي إجراء لمنع هذا الهجوم. فكانت النتيجة أن دُمر سلاح الطيران المصري على الأرض، وحتى القليل الذي بقي بعيداً عن المطارات التي ضربت جئ بها إلى السودان، حيث حفظت ودُمر الجيش بكامله في تلك الحرب لتبدأ مصر من جديد إعادة بناء الجيش.
ولعل قصة إعادة بناء الجيش المصري من القصص التي تستحق أن تروى للأجيال. فقد كانت أمريكا تمد إسرائيل بأسلحة متطورة جداً هي نفسها التي يستخدمها الجيش الأمريكي، بينما الروس يقدمون للجيش المصري أسلحة تقليدية عادية وليست إلكترونية ولكنه رغم ذلك أصر على المضي في تسليح الجيش بهذه الأسلحة. ورأى أن يكون للتفوق العددي دوره في المعركة. ولا أحد يذكر دور “عبد الناصر” في ذلك حتى الآن وقد تعمد “السادات” التعتيم على هذا الدور مع أنه لولا السلاح الذي أحضره “جمال عبد الناصر” ولولا الخبراء الروس الذين تعاقد معهم وبلغ عددهم (17) ألف خبير، لما صمد الجيش المصري لساعة واحدة. وكلنا يذكر الفترة التي سبقت الحرب. إن إسرائيل مُنعت بالقوة من الإغارة بأحدث الطائرات الأمريكية بعد أن أسقط لها المصريون عشر طائرات (فانتوم). وكانت تلك أحدث طائرة في تلك الفترة. وبعد سقوط الطائرة العاشرة تأكد للإسرائيليين أنهم فقدوا التفوق الجوي، ولم تتوقف الانتصارات المصرية عن هذا فحسب بل أنهم أغرقوا سفينتين محملتين بالسلاح في ميناء إيلان.
وكانت القوات المصرية تقوم بالغارات الخاطفة على الضفة الشرقية للقناة وكان ذلك تدريباً على العبور، ولهذا عندما حان وقت العبور كان كل جندي يعرف ما هو دوره، وكل ما فعله “السادات” أنه أوقف الهجوم ومنع الجيش المصري من التقدم، لكن هذا لا يضيع دور “عبد الناصر” في العبور. يكفي أن “عبد الناصر” أقنع الشعب المصري بتحمل الزيادة في السلع لتمويل الجيش، ويكفي أنه جعله يتحمل الوقوف في صفوف لينال نصيبه في التموين، ولولا ذلك لما صمد الشعب المصري ولما قام بالعبور.
إن البطل الحقيقي للعبور هو “جمال عبد الناصر” وأنه لو بقي حياً حتى (6) أكتوبر لما حدثت تلك الأخطاء ولما انسحب الجيش المصري من مواقعه، كما أكد الفريق “سعد الدين الشاذلي” الذي قال إن “السادات” إنهار بسبب الثغرة. وأمر الجيش المصري بالانسحاب من الضفة الشرقية مع أنه كان بالإمكان الاستعانة بقوات عراقية وسعودية وليبية لسد الثغرة. وحتى الآن لا نعرف أسرار تلك المرحلة الحساسة في تاريخنا. فالفريق “الشاذلي” لازال ممنوعاً من الحديث في هذه الناحية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية