مسلسلات رمضان
مع كل شهر من شهور رمضان يصبح التلفزيون المصري هو البطل الأول في تسلية الناس، وقد عودتنا الدراما المصرية على ذلك، وبالطبع لا وجود للدراما السودانية إطلاقاً، بينما الدراما المصرية تعالج كل القضايا الاجتماعية والتاريخية والوطنية. وتزود الناس بالمزيد من المعارف رغم وجود بعض الهنات البسيطة، بحكم أنها دراما موجهة من قبل الدولة.
وفي كل عام يكون هناك طابع مشترك يغلب على المسلسلات، فعندما تكون هناك حالة توتر مع إسرائيل وحروب يغلب على المسلسلات قصص الحرب والتجسس، وعندما تكون هناك حالة استرخاء يغلب عليها قصص الغرام والزواج. وعندما يتصاعد المد الديني تكثر المسلسلات الدينية، وهكذا مع اختلاف التفاصيل. في هذا العام كثرت المسلسلات التي تتناول ما يسمى بالإرهاب، وقد اتضح أن معظم كُتاب السيناريو قصدوا أن يكسبوا ود الحكومة، لهذا جاءت مسلسلاتهم مليئة بالأخطاء الساذجة التي تصور الإسلاميين بصورة الوحوش التي لا هم لها إلا قتل الناس وتدميرهم. حتى بعد أن اتضحت الحقائق وظهر أن معظم عمليات الإرهاب لا يقوم بها الإسلاميون، وأن العمليات التي نسبت للإسلاميين كلها مفبركة، وهذا واضح في طريقة تنفيذها إذ لا يسقط منها ضحايا كُثر.
في هذا العام لفت الأنظار مسلسل (صديق العمر) عن علاقة “عبد الناصر” بـ”عبد الحكيم عامر”، وفيه تمت إضاءة جزء مهم من تاريخ مصر حول ما تم من وحدة بين مصر وسوريا ثم تراجع السوريون، وقد أحسن المخرج في اختيار الشخصيتين اللتين قامتا بشخصيتي “عبد الناصر” و”عبد الحكيم عامر” وأيضاً شخصية “أنور السادات”. وعرفنا الكثير من أسرار تلك الحقبة، ولكننا حتى الآن لم نعرف دور “عبد الحكيم عامر” في نكسة 1967م، فنأمل أن يكون المخرج شجاعاً ويقدم لناالحقائق كاملة، إذ أن كل شيء يشير إلى أن المشير “عامر” كان له الدور الأساسي في تلك النكسة لأنه تجاهل ما جاءه من جاسوسهم في إسرائيل حول استعداد إسرائيل لتوجيه ضربة إلى سلاح الطيران المصري يوم (5) يونيو، ولكنه تجاهل كل ذلك لأنه كان مشغولاً بحفل في أحد القواعد العسكرية، وتم تدمير سلاح الطيران المصري بكامله وهو على الأرض.
وهناك مسلسل آخر لفت الأنظار هو مسلسل (سرايا عابدين) الذي قدم لنا أسرار القصر وصراع الحريم والجواري وغياب العاملين بالقصر عن ما يجري من سخط في القواعد الشعبية، وظلوا في غيبوبتهم حتى جاءتهم الثورة. أما مسلسل (عد تنازلي) برغم أنه يمضي مع التيار المساند للسلطة، إلا أنه مصنوع بحرفية جيدة ويستحق مخرجه التهنئة. ومسلسل (شمس) للفنانة “ليلى علوي” أيضاً من المسلسلات القوية ولا يعيب هذا المسلسل إلا مشاهد الرقص التي (تُحشر) دون أي داع لمجرد ملء الفراغ، وهناك مسلسل (سجن النساء) الذي قدم الحياة داخل السجن بكل ما فيها. المهم في الأمر أن الدراما المصرية نضجت هذا الموسم أكثر من السابق، وأصبحت أكثر جدية وأكثر جرأة في تناول الأحداث التاريخية، فنأمل أن تعدي شقيقتها السودانية وتوقظها من نومها العميق (قادر يا كريم).