(7+7)
اقتربت ساعة العمل ودقت في ميقات الحقيقة وتلتئم لجنة (7+7) ليمضي الحوار الوطني بعد ذلك للجميع فيه حصتهم وللكل دورهم من الجنوب، وبالمناسبة لا أدري لماذا أحس كلما أتت كلمة الجنوب أن الجنوب عندنا لا يزال هو إحساسنا بالجنوب القديم وليس ولاية النيل الأبيض حالياً والشمال والوسط ودارفور. وستحضر أحزاب وتغيب أخرى لتقديراتها فيما من المؤكد أن الحزب الشيوعي لن يحضره لأنه أصلاً اعتاد أن يفرغ أي نشاط لا يؤسس له من محتواه.
وصحيح أن الحكم على الحوار بالنجاح أو الفشل من الجلسة الإجرائية سابق لأوانه لكن يمكن قياس نجاح البداية باعتباره بشرى وإشارة تفاؤل يحق لنا استيفاء خواتيمها بالنجاح والنجاح الباهر، أول مدارج النجاح أن تكون خلاصات المداولات واضحة و(نشيطة) وملزمة، وأن يتم المضي بها إلى نهاية الأشواط، لا نريد حواراً يمكن تجميده في أقرب محطة لأن الحركات المسلحة رفضت أو لأن “غازي صلاح الدين” تضجر أو لأن الشيوعي تلكأ، فما أكثر الحجج والمتحججين، فقد أثبتت التجارب أن كثيراً من أحزابنا وقياداتنا إن لم يجد مشكلة لخلقها واصطنعها.
أعجبني جداً وسرني التعامل الحكيم والرصين للشيخ “حسن عبد الله الترابي” مع مبادرة الحوار الوطني، الرجل قدم الصالح العام للوطن وظروف المرحلة على مواقفه الخاصة بحزبه، إن كان الأمر اعتقالات ومطاردات فمن مثل الترابي حاقت به وألمت، ورغم ذلك ظل الشعبي ثابت الجأش والرأي، وظل”الترابي” على الدوام في روح معنوية عالية ويحسن الظن بهذه السانحة. وكان الرجل في يوم المائدة متألقاً أكسب المنصة (ثقلاً (أضاع على المقاطعين للمبادرة فرصة لإفساد الأمر. وثبت أن أصحاب (الأوزان (من الأحزاب انحازت للمبادرة وكفى.
ليس مطلوباً من مناقشات الحوار الوطني عبر الآلية المشتركة أو اللجان اللاحقة إخراج التوصيات والمقررات وحسب، لكن المهم فيها برنامج) العمل) على أرض الأزمة، وسيكون مفيداً للغاية لو أن الحوار قدم أشكالاً عملية للحل، مشروعات للتنمية تشاد وتقام، معالجات سياسية تخفف الاحتقان، ترتيبات أمنية باشتراك الجميع ومسؤوليات تتوزع بالتساوي، كلها نقاط في محصلتها الأخيرة يمكن أن تنعكس على حياة المكتوين بنار الأزمة، وتنقلهم إلى أوضاع أفضل ثم إلى أوضاع مستقرة .
وإجمالاً تفاءلوا بالخير تجدوه، ولنحسن الظن فمثلما اختبر الناس في ظل الأزمة لغة العنف والسلاح، ولم تقد البلاد إلا إلى مهاوي الضيق والفتنة، فلنختبر الحوار والقول الحسن والرأي والرأي الآخر.