القيادي بحركة التحرير والعدالة وزير الصحة "بحر إدريس أبو قردة" لـ(المجهر):
يعتبر “بحر إدريس أبو قردة” من الشخصيات القيادية المعروفة انجذب لدعوات الجهاد في بداية حياته ومن ثم غادرها للعمل بشركة الصمغ العربي بتشاد، عندما اندلعت مشكلة دارفور وتكونت الحركات المسلحة انحاز “أبوقردة” إلى حركة العدل والمساواة بقيادة دكتور “خليل إبراهيم” بل كان من مؤسسيها الأساسيين، لكن يبدو أن طموح الرجل وكارزيما القيادة دعت إلى عزله لاحقاً، تنقل “أبوقردة” من موقع لآخر وأخيراً فضل الانضمام إلى ركب السلام من خلال حركة التحرير والعدالة والتوقيع على اتفاق الدوحة، رغم مدحه لهذا الاتفاق إلا أن هناك حديثاً يدور حول توتر قيادة الحركة منه بحكم أنه رجل يعرف أسرار الميدان ورجاله، على المستوى التنفيذي اختارت الحكومة بالتنسيق مع الحركة وضعه في وزارة الصحة الاتحادية، ورغم كثرة القضايا والمشاكل في هذه الوزارة إلا أن “أبوقردة” يتعامل بروح عالية ولا مستحيل تحت الشمس، كذلك يعتبر الوزير من الشخصيات المثيرة للجدل والمغامرة حيث سبق أن اتهم بموضوع حسكنيتة بدارفور فذهب إلى مقر المحكمة الجنائية غير مبالٍ بنتائج الخطوة.. (المجهر) التقت القيادي بالحركة وزير الصحة الاتحادي “بحر إدريس أبوقردة” في حوار من جزأين، اليوم ننشر الجزء الأول وننتظر الوزير لتحديد موعد لتسجيل الحلقة الثانية المتعلقة بقضايا الصحة، فتفضلوا بمطالعة الجزء الأول.
} بداية نود التعرف على الأوضاع بصورة عامة الآن في دارفور؟
– بالنسبة للأوضاع معلوم أن خلال الفترة الماضية حصل تدهور في الأوضاع في دارفور من قبل الحركات غير الموقعة على السلام، شمل بعض المناطق في دارفور خاصة ولاية شمال دارفور في الجزء الشرقي منها وبعض الأماكن في شمال الولاية كذلك من الأشياء التي أسهمت في التدهور الأمني الاحتراب بين القبائل.
} ماذا عن حقيقة الأوضاع الآن؟
-أستطيع أن أقول هناك تحسن تدريجي في الوضع خاصة خلال الشهر الماضي، فعلى صعيد الاحتراب حصلت مصالحات قبلية، حيث تمت مصالحات في أم جرس الثانية بشاد بين الرزيقات والمعاليا والسلامات والتعايشة من جهة، والسلامات والمسيرية من جهة أخرى، هذه المصالحات الآن تمضي بصورة جيدة ومن قبل تمت مصالحات بين بني هلبة والقمر، الآن نستطيع القول إن الاحتراب القبلي بدأ يتحسن ويتعافى.
} ما هي ضمانات عدم العودة للانفلات مرة أخرى على ضوء مواقف بعض القبائل والحركات في دارفور من مؤتمرات أم جرس؟
-لا توجد ضمانات (100%) لكن قراءة الوضع في دارفور في الفترة السابقة وما بعد المصالحات يشير إلى أنه أصبح هناك وعي بين أبناء القبائل خاصة المتعلمين سواء كانوا داخل السودان أو خارجه وتأثيرهم على أهلهم ووعيهم بأن الاحتراب الذي حدث لم يعد بفائدة لأي جهة يمكن أن يكون ضمانة، لكن ليس هناك ضمانة بنسبة (100%) وأعتقد هذه كله ليس بالحل.
} ما الحل إذن؟
-الحل لابد من وجود دولة لها هيبة في دارفور تستطيع حسم الأمور بميزان واحد قائم على العدل في التعامل مع أي شخص يخطئ سواء كان قبيلة أو شخصاً متفلتاً، هذه هي المسألة الأساسية، ما لم تكن هناك دولة بكافة الأجهزة ولديها هيبة وتتعامل مع كل الجهات بمسافة واحدة لا نستطيع أن نتحدث عن ضمانات كافية تحد من عدم تكرارها.
} كثر الحديث هذه الأيام عن قوات الدعم السريع فكيف تنظر إلى هذه القوات؟
-حتى أكون صريحاً وأنا هنا أتحدث بصورة شخصية، فعلى المستوى الشخصي لا أتفق مع فكرة قوات الدعم السريع لكن في النهاية الدولة لديها توجهاتها ورؤيتها في كيفية المحافظة على أمنها وسلطتها يمكن أن يكون بصورة مؤقتة أو غيرها، (فممكن تتعامل بذلك طبعاً) لأن الدولة مبررها في هذا أن هناك جهات متمردة وغير موقعة على السلام، وبالتالي يمكن أن تكون مهددة للأمن وهى تستطيع أن تتعامل بهذه المسائل للحفاظ على أمنها.
} البعض يتحدث عن أنها مليشيات والحكومة تقول إنها قوات نظامية، ماذا ترى أنت؟
-رأيي أن قوات الدعم السريع ينبغي أن تذوب في داخل القوات النظامية الأخرى بصورة كاملة، ليس بالشكل الموجود الآن وأفراد الدعم السريع هم أبناء السودان ومن المكون الدارفوري (ما في حد بيرفضهم).
} حسب علمك ما صحة الزعم وجود أجانب بين هذه القوات؟
-الحديث عن وجود أجانب بينهم غير صحيح، هم أبناء دارفور ونحن نعرفهم أصلا بحكم أننا أهل نعرف بعضنا البعض وهم مثلهم مثل الدفاع الشعبي، يمكن أن يكونوا تعاملوا مع الحكومة بطريقة محددة في ظروف معينة لكن هذا لا يفترض أن يكون شيئاً إستراتيجياً.
} قيل هناك خلاف بين حركتكم ومكتب سلام دارفور؟
-لا يوجد خلاف بيننا وبين مكتب متابعة سلام دارفور.
} على مستوى حركة التحرير والعدالة رغم حديثكم عن تجاوز الخلافات لكن هناك من يتحدث عن وجود إشكالات بينك ودكتور “التجاني السيسي؟
-على مستوى الحركة كان هناك بعض الإشكالات الآن تم تجاوزها لكن أكرر لا توجد مشكلة بيننا وبين مكتب متابعة سلام دارفور، وعلى مستوى حركة التحرير والعدالة فإن الاجتماع الأخير للمجلس الرئاسي للحركة الذي استمر لمدة ثلاثة أيام في مدينة الفاشر تم فيه تجاوز كل الإشكالات، والآن أستطيع أن أقول إن الحركة موحدة وأصبحت (تلملم) في أطرافها وتطرح نفسها للحوار وتبذل مجهودات كبيرة لدمج قواتها استعداداً لتصبح مستقبلا حزبا سياسياً، والآن الحركة في حراك دائم وفي اجتماعات وعقد ورش وتتواصل مع القواعد لتعد نفسها للمستقبل.
} موضوع دمج قواتكم وفق بند الترتيبات الأمنية يبدو أنه ما زال متعثراً؟
-دمج القوات يتم من خلال تسريع الخطى وعندنا رؤية مكتوبة نريد طرحها.
} قيل إن هناك مشاكل متعلقة بالتنافس بينكم ورئيس الحركة دكتور “التجاني السيسي”، فأنت تمتلك ناصية الميدان بحكم أنك ميداني وهو يمتلك ناصية السياسة؟
-لم أنكر بأن هنالك مشاكل وخلافات كانت في السابق داخل جسم الحركة لكن تجاوزناها في اجتماع مطول للمجلس الرئاسي، أما موضوع التنافس فالقضية ليست قضية تنافس، فأنا لو اشتغلت ضد دكتور “التجاني سيسي” فمعناها لن يكون هناك تماسك في الحركة لذلك لا توجد أي منافسة بيني وبين دكتور “التجاني سيسي”.
} حول ماذا كان يقوم الخلاف؟
-كان هناك تباين في وجهات النظر والخلاف كان في حدود وجهات النظر في قضايا كثيرة والآن تم تجاوزها وأنا لا أريد الخوض في تلك القضايا التي تجاوزها الواقع.
} العلاقة بين السلطة وبعض ولاة دارفور يشوبها كثير من التوتر والخلاف؟
-لا توجد بين السلطة وولاة الولايات في دارفور أي مشكلات حتى بين والي شمال دارفور “عثمان محمد يوسف كبر” ودكتور “التجاني سيسي” الآن لا توجد مشاكل بل هم في تواصل وبينهم تعاون مستمر.
} ما موقفكم كحركة من الخلاف بين “كبر” و”هلال”؟
-موضوع الشيخ “موسى هلال” مع “كبر” كان خلافاً وتبايناً في وجهات النظر والمسألة هذه مستمرة، لكن أعتقد أنه في الفترة الأخيرة جلس عدد من أبناء السودان مع الطرفين إلى أن جاء “موسى هلال” إلى مؤتمر أم جرس الأخير وأعتقد الآن المسألة تقلصت ويمكن أن تكون هناك حلول في المستقبل القريب.
} اتفاق الدوحة اقترب من نهاية مدته المقررة وما زالت بعض القضايا معلقة؟
-اتفاق الدوحة من حيث هو اتفاق جيد ومن أفضل الاتفاقيات وباعتباري مشاركاً فيه أعرف المراحل التي تمت ابتداءً من أبوجا ولا يوجد شخص يدعي بأن هناك اتفاقاً أفضل من اتفاق الدوحة لذلك أعتقد أن الاتفاق جيد لكن شابه نوع من البطء في التنفيذ والدليل على ذلك نحن في العام الثالث وبالتالي تبقى منه عام واحد من الناحية السياسية، وهذا تحدٍّ كبير لكن هناك بعض المشروعات بدأت تظهر مثل برامج الإنعاش المبكر ومشروعات أخرى الآن وصلت مراحل ترسية العطاءات للمقاولين لبدء العمل فيها لكن يبقى هناك تحدٍّ آخر وهو المشكلات الأمنية وأعتقد خلال المرحلة القادمة ستظهر بعض الأشياء الملموسة للمواطن حتى يقتنع المواطن بأن اتفاق الدوحة بدأت ثماره تظهر.
} مؤخراً، المجتمع الدولي ممثلاً في أمريكا انتقد اتفاق الدوحة واعتبره منتهي الصلاحية؟
-الكلام عن أن المجتمع الدولي غير راض عن الاتفاق غير صحيح، لأنني حضرت الاجتماع الأخير للجنة المتابعة الدولية للاتفاق، وتقريباً رأي المجتمع الدولي كان مسانداً لاتفاق الدوحة ويعتقدون أن اتفاق الدوحة ما يزال هو الاتفاق الذي يحل مشكلة دارفور، ولابد من المضي قدماً فيه فهذا حديث المندوب الأمريكي في الاجتماع حيث كان حديثه إيجابياً.
} هذا يتناقض مع حديث مندوبة الولايات المتحدة الذي قالته في أديس؟
-الحديث الذي أوردته “سيمانس بور” في أديس أبابا أنا شخصياً تحليلي له ليس المقصود منه اتفاق الدوحة، وإنما جاء في إطار العلاقات الثنائية بين السودان وأمريكا ويعبر عن رأي أمريكي في موضوع العلاقات بين البلدين أكثر من كونه حديثاً تجاه اتفاق الدوحة، والدليل على ذلك أن حديث المندوب الأمريكي خلال اجتماع اللجنة الدولية للمتابعة لم يكن سلبياً تجاه اتفاق الدوحة، وهذا هو الشخص المختص في الملف.
} ماذا كانت طبيعة دوركم في ملتقى أم جرس؟
-ذهبت لأم جرس لإقناع بعض قادة الحركات الرافضين للسلام وفي هذا كان رأينا واضحاً بأن اتفاق الدوحة للسلام حقق تطلعات أهل دارفور حول القضايا التي ناضلنا من أجلها لفترة طويلة، وفي الوقت ذاته نعتقد أن الحكومة لابد أن تتفاوض مع قادة الحركات ولابد أن يأتوا للسلام وبدونهم لا يكتمل السلام ولا يستقر الوضع الأمني بشكل كامل لأنهم موجودون بالخارج ولديهم قوات معتبرة في الميدان، ورأينا أن الحكومة لابد أن تفتح باب الحوار وتسعى للم السودانيين كلهم في إطار الحوار الوطني الذي لا يكتمل بغياب غير الموقعين وفي هذا ليس لدينا مانع في أي تكملة للاتفاق مع قادة الحركات المسلحة والحكومة فنحن نرحب بذلك.
} خلفيتك إسلامية وكنت واحداً من الذين يعدون للجهاد، حدثنا عن أسباب الانتقال ؟
-(مقاطعة) كنت أنتمي لتنظيم الحركة الإسلامية. وانتمائي للإسلاميين صحيح كان في السابق، لكن بعد ذلك خرجت وحاربت ولا أعتقد أن شخصاً يختلف ويخرج ويحارب تكون له فكرة العودة إليهم.
} كيف كان مدخلك لحركة العدل والمساواة؟
-حركة العدل والمساواة بالنسبة لي ليس موضوع انتماء فحسب وإنما أنا من المؤسسين للحركة وبعد خلافات حادة تم إقصاؤنا وحدثت مفاصلة وانشقاق في جسم الحركة، ونحن ذهبنا في طريق ومضت حركة العدل في طريق آخر وأسسنا بعدها مع الآخرين الجبهة المتحدة للمقاومة التي تتألف من (6) فصائل ميدانية، وصحيح ذهبنا وقتها إلى جوبا أثناء دعوة الحركات في جوبا في العام 2007 وكنت رئيس تلك الفصائل في الدوحة مع الآخرين وصرنا في الدوحة (22) فصيلاً وأسسنا حركة التحرير والعدالة وأنا من المؤسسين لحركة التحرير والعدالة.
} يرجع البعض سبب خلافك مع العدل والمساواة لتنافس الإسلاميين أي التنافس بينك والمرحوم دكتور “خليل” ؟
-لا أفتكر ذلك لأن معظم قادة العدل والمساواة من الإسلاميين وأي شخص عنده رؤيته، لكن السبب الرئيسي أنا بفتكر كانت هناك أخطاء، وأنا كنت معظم الوقت في الميدان وأعتقد (أنو ما كان في) استيعاب للوضع الميداني والصعوبات الموجودة في الميدان والمشاكل التي بيننا وبين الإخوة في الخارج لكن قرار مفاصلتنا لم يكن قراري أنا فقادة الحركة هم الذين اتخذوا قرارات عزلنا ما أدى إلى انشقاق الحركة على مستوى الميدان ولم أتخذ قراراً بالانشقاق من العدل والمساواة إنما تم عزلي، صحيح أنا عندي رأي وهناك تباين في وجهات النظر.
} هل تربطك علاقات مع قادة الحركات المسلحة غير الموقعة على السلام؟
-نعم هناك علاقات شخصية بيني وبينهم بحكم أننا تربطنا علاقة المنطقة والقبائل بجانب المعارف وهناك اتصالات بيننا.
} اتهامكم بالهجوم على حسكنيتة قادتكم لإدانات ما ملابسات هذه القضية ؟
-كان مجرد اتهام، وفي النهاية تمت تبرئتي في المحكمة الجنائية الدولية وهذا الاتهام جاء في إطار المكايدة السياسية رفعت معلومات مغلوطة.
} ذهابك إلى المحكمة الجنائية أثار كثيراً من التساؤلات من شاكلة هل يقدم الشخص نفسه إلى هكذا محكمة، بينما وصف البعض الآخر ما تم بالمسرحية لجر أطراف أخرى ؟
-أولاً أؤكد أن الموضوع لم يكن مسرحية، فأنا إنسان صاحب قضية وكنت موجوداً في (الخلا) ومستعد أن أموت من أجلها لذلك الموضوع بالنسبة لي واحد، المخاطر موجودة هنا وهناك، فإذا كنت غير مبالٍ بما يحدث لي في الميدان فمن باب أولى أن أكون غير مبالٍ بما يتمخض من المحكمة خاصة أنني كنت واثقاً من براءتي وأن الموضوع كان وراءه كيد سياسي.
} كيف تعامل “أوكامبو” مع قضيتك ؟
-“أوكامبو” شخصياً سعى سعياَ حثيثاً لإدانتي ربما حتى يؤكد صحة ما ذهبت إليه المحكمة.
} أي طرق اتبعتها في وصولك إلى لاهاي ؟
-من الميدان ذهبت إلى تشاد ومن ثم إلى ليبيا لكن هناك قال لي مدير المخابرات الليبي وقتها “عبد الله السنوسي” بأن الزعماء العرب لا يريدون هذه المحكمة، وكانت هذه بمثابة إشارة لي باتخاذ طريق آخر فاتجهت إلى نيروبي ومن هناك غادرت إلى مقر المحكمة.
}ما هي أول الخطوات التي ابتدرت بها قضيتك ؟
-من البداية اتصلت بأحد الأخوان ونصحني بالاستعانة بمحامين، وقلت له أريد أن تمدني بأسماء محامين لأختار واحداً منهم للدفاع عني، وبالفعل رشح لي عدداً منهم وفي النهاية اخترت أحدهم يدعى “كريم خان” بريطاني الجنسية.
} لماذا وقع الاختيار عليه دون غيره ؟
-أبداً، لكن سيرته الذاتية كانت زاخرة، فقلت هذا الرجل يستطيع أن يثبت براءتي وبالفعل اتصلت على هذا الرجل وقام بالمهمة كما توقعت وتبرع بالترافع عن شخصي مجاناً دون أن تدفع له أي جهة شيئاً مقابل أتعابه وأنا عبر صحيفتكم أشكر هذا الرجل على ما قام به من جهد.