حوارات

عضو مجمع الفقه الإسلامي المكلف باستتابة الطبيبة المرتدة الشيخ" جلال الدين المراد" لـ( المجهر):

أثارت قضية الطبيبة المرتدة “أبرار” التي تحولت إلى “مريم” بعد ارتدادها – حسب المحكمة- عن دين الإسلام واعتناقها المسيحية، أثارت جدلاً واسعاً وردود أفعال متباينة داخل وخارج السودان، وقد بلغ اهتمام العالم حداً أن أصدرت الخارجية الأمريكية بيانا طالبت فيه حكومة السودان باحترام حرية الاعتقاد!!، ولكن أين تكمن الحقيقة؟ هل كانت “مريم” هي “أبرار”.. هل كانت مسلمة وبدلت دينها أم أنها مسيحية منذ ميلادها كما تزعم؟!
(المجهر) بحثت عن الحقيقة الغائبة وسعت إلى الشيخ المكلف من المحكمة باستتابة المتهمة بالردة “أبرار الهادي” عضو مجمع الفقه الاسلامي “جلال الدين مراد” الذي كشف الكثير المثير، ونسف الكثير من الشائعات عن هذه القضية..فماذا قال؟

} من الذي اختارك لاستتابة الدكتورة “مريم” التي عرفت بهذا الاسم في الاعلام ؟
– المحكمة هي التي طلبت من مجمع الفقه الإسلامي إبتعاث أحد العلماء لمناقشة هذه المرأة المرتدة (أبرار)، وذلك عبر خطاب رسمي، وبالتالي فإن مجمع الفقه الإسلامي استقر قراره على أن أقوم بهذه المهمة.
} وماذا حدث في المحكمة بعد لقائك بـ”مريم” أو أبرار” ؟
-لقد طلب مني الأخ القاضي مولانا “عباس” أن أخاطب هذه المرأة من على المنصة، بينما كانت هي تقف في القفص، فاستأذنته أن أخاطبها عن قرب حتى لا يمثل ذلك استفزازاً لها، فاستأذنت ودخلت معها قفص الاتهام.
} ماذا حدث في القفص؟
-عرفتها بنفسي، وقلت لها إن مجمع الفقه الإسلامي ابتعثني حتى أحاول إنقاذك من طائلة القانون..
} ماذا كان ردها؟
– قالت لي إذا كنت تريد التحدث معي في الدين فأرجو أن يكون ذلك في السجن.
} ماذا تقصد؟
– هي أصلاً موجودة في سجن “التائبات”، وقالت لي الآن أنا غير مهيأة لسماع أي شيء عن أي دين في هذه اللحظة..
} كم كانت الساعة وقتها؟
-حوالي الحادية عشرة صباحاً.
} ماذا قالت بعدها؟
-قالت لي مثلما أنت لديك قناعات بالإسلام، فأنا لدي قناعات بالمسيحية، وأنا ذكرت لها أن “محمد” صلى الله عليه وسلم والمسيح عليه السلام لا يشكلان أدياناً مختلفة، فالدين واحد، والنبيان “عيسى” و”محمد” يسرهما إنقاذك مما أنت فيه الآن.
} ماذا كان ردها؟
-كان الحديث متلاحقاً، قلت لها أنت مسلمة، وأي مصلحة لك في ردتك عن الإسلام؟.
وكان حديثي متصلاً .
} ماذا حدث بعد بعد ذلك؟
-قلت لها أي مصلحة في الكفر بالإسلام وهو دين مكمل ومتمم لجميع رسالات الأنبياء.
فلما قلت لها يا بنتي يا “أبرار”، قالت لي: “أنا ما “أبرار”، ثم أخذت تحكي لي كيف أنها مظلومة لأن المحكمة في نظرها تحاكم شخصاً آخر غيرها.
} ماذا قصدت بقولها؟
-هي ترى أنها ليست معنية بحيثيات ومداولات المحكمة .
} كيف؟
-ترى أن هذه المحاكمة لشخص آخر، أي ينبغي أن تكون لشخص آخر وليس..
} مقاطعة.. لماذا؟
-قالت إن اسمها “مريم” وليست “أبرار”.
} وماذا كان ردك؟
-قلت لها يا بنتي أنا أطلعت على جميع الوثائق الخاصة بك، من شهادة الميلاد التي قرأت فيها بوضوح أن اسمك “أبرار” واستخرجت لها هذه الشهادة في مرحلة الأساس.
}ما هي بقية تفاصيل الأوراق والمستندات التي اطلعت عليها ؟
-هي من “القضارف”، وكذلك اطلعت على شهادات المدرسة الخاصة بها، وطالعت بطاقتها الجامعية حيث إنها درست بجامعة السودان – كلية المختبرات الطبية بحسب التواريخ التي استخرجت فيها، مع أنها تزعم أنها خريجة كلية الطب جامعة الخرطوم!!.
} هل قالت لك هذا الكلام؟
– لا لم تقله لي، بل قرأته في الوثائق الثبوتية، هي كانت تكذب كما تتنفس.
} ما هو دليلك؟
-ابتداءً من اسمها الموجود في (20) وثيقة، وكل الوثائق الموجودة تؤكد أنها (مسلمة).
} أين وردت كلمة (مسلمة) في وثائقها؟
– الوثائق عند القاضي.
} ما هي بقية بياناتها؟
-اسم والدتها “زينب عبد الله” وهذه مكتوبة في شهادة ميلاد “أبرار”، ووالدتها من قبيلة “العبابدة” وهي قبيلة مشهورة بالصالحين والعلماء والمجاهدين.
} دعني أسألك سؤالاً مهماً.. هل هي فعلاً تركت الإسلام واعتنقت “المسيحية؟
-أنا قلت لها لماذا تركت الإسلام ودخلت المسيحية؟ فقالت لي أنا مسيحية منذ ميلادي وكذلك والدتي كانت مسيحية وكانت تأخذني إلى الكنيسة”.
} أين تقع هذه الكنيسة ؟
-لا أعرف.. هي كنيسة كاثوليكية، ولكن لا أعتقد أنها في الخرطوم، لأن طفولتها لم تكن في الخرطوم، قلت لها: لو أني ذهبت إلى القسيس وسألته هل لك صلوات في الكنيسة؟ قالت لي: نعم كانت لي صلوات حينما كانت أمي حية والآن رحمها الله.
} هل تعرف شيئاً عن والدتها؟
-أنا عرفت أن والدتها جاءت قبل أسبوع تقريباً إلى الخرطوم وزارتها في المحكمة، إلا أن “أبرار” أنكرت أمها، فحزنت أمها حزنا شديداً وقالت لها “يا بتي حملتك في حشاي ورضعتك من شطري تقولي لي ما أمك؟”!!.
} هل سمعتها أنت تقول ذلك؟
-“قالوهو ناس الشرطة” وبعض الشهود وعلى رأسهم أشقاؤها.
} هل قابلت أشقاءها؟
-نعم قابلتهم.
} هل دار أي حديث بينك وبينهم ؟
-نعم، وقالوا لي إن هذه البنت أذلتنا وأذلت كرامتنا، ولو أنها رجعت عن مسيحيتها الكاذبة “بنشيلها في راسنا”.
} ماذا قالت لك “مريم” أو أبرار” عن أشقائها؟
-قالت إن شاباً هجم عليها بسكين وأراد قتلها وهو شقيقها الأصغر، لكن هي لا تعترف به أخاً لها.
} هل جلست مع زوجها المسيحي؟
-لا فقد عرفت أنه أراد حضور الجلسة ومنع.
} من منعه؟
– السلطات منعته، لكنه يزورها في السجن بانتظام كما سمعت.
} أليس الجلوس معها بحضور زوجها شرطاً من شروط “الاستتابة؟
-هي استبعدت زوجها وقالت لا ضلع له في القضية.
} هل أنت طلبته بحيث يؤثرعليها ؟
-زوجها أمريكي وجذوره من جنوب السودان من قبيلة (الباريا) وهو موظف جاء من أمريكا ليأخذها معه إلى هناك، فقام أشقاؤها بفتح هذا البلاغ.
} هنالك شائعات عن معاناتها من اضطرابات نفسية هل لاحظت عليها شيئاً من ذلك؟
-أنا عندي إحساس أنها (غير طبيعية).
} ما هو دليلك؟
-أثناء لقائي بها كانت تتحدث بصوت خافت وتتحدث بأنها مظلومة و(6) شهور موجودة في السجن، ولديها ابن مع والده وإنها حامل وفي بطنها ولد.
} هل ترجح أنها تعاني من اضطرابات نفسية؟
-المحكمة عرضتها على طبيب نفسي وأثبت صحتها وعدم إصابتها بأي اضطراب.
} وماذا ترجح أنت؟
– أنا أرى أنها مسحورة أو أملي عليها ما تقول.
} باعتقادك من أملى عليها ذلك؟
– قد تكون منظمة أو هيئة فهي تقول كلاماً كله خاطئ وتنكر والديها وإخوانها وهي تكذب كما تتنفس.
المحكمة طلبت من جامعة الخرطوم إفادة حول أنها تخرجت من كلية الطب كما تزعم والجامعة أفادت أن لا اسم لها في جميع كشوفات الجامعة وأنا أطلعت على هذا المستند.
} هنالك اختلاف بين فقهاء المسلمين حول حد الردة؟
– ذلك صحيح.
} إذن المحكمة أخذت بالرأي المتشدد؟
-أنا لا أقول إن المحكمة أخذت بالرأي المتشدد، المشرع السوداني –القانون -أخذ بأكثرية رأي الجمهور من العلماء، وهناك آراء أخرى معتبرة.
} مثل من المعتبرين؟
– الإمام أبو حنيفة الذي لا يرى قتل المرأة المرتدة بينما يرى قتل الرجل المرتد.
} علمنا أنك أجريت استتابات من قبل؟
-كلا أنا أجريت مراجعات فكرية وفقهية مع جماعات إسلامية متشددة من الشبان، وهذه الحادثة حادثة فريدة إذ تعتبر أول حالة ردة لامرأة في السودان وكنت أرجو أن لا تكون لما تجلبه علينا من متاعب.
} البعض يرى أن شروط الاستتابة ناقصة في هذه القضية؟
– هذه القضية وصلت إلى مرحلة الحكم فكيف تكون الشروط غير مكتملة؟
} بمعنى؟
-بمعنى أن كل الحيثيات كانت متوفرة للقاضي بأكثر من المطلوب وأنا في نظري أن المحكمة بالغت في الاعتذار والبحث عن مخرج. قبل صدور الحكم بحثت عن مخرج واستعانت بمجمع الفقه الإسلامي، كما بحثت الوثائق التي رأيتها مع القاضي، وربعها يكفي لإدانتها. إخوانها جابوا صورة لها مع شقيقتها في عرس شقيقتها كدليل وهي نفس صورتها.
} هل المسلم إذا اختار ديانة أخرى يقتل؟
-(حديث الرسول) صل الله عليه وسلم واضح ( من بدل دينه فاقتلوه).
} بعض العلماء يقولون إن هذا الحديث عليه خلاف؟
-لا خلاف عليه وهو مجمع على صحته، ولكن اختلفت حوله المفاهيم بسبب أحاديث أخرى والسبب الذي دعا “أبوحنيفة” إلى عدم تطبيق عقوبة الردة على المرأة بينما أوقعها على الرجل بسبب أن الرجل مقاتل.
} ولكن هذا يعتبر اجتهاداً، أليس كذلك؟
-نعم هو اجتهاد، فأبو حنيفة يرى أن المرأة المرتدة لا تقتل لأنها غير مقاتلة بينما يقتل الرجل لأنه سينحاز إلى جماعة ويقاتل المسلمين.
} كم من الزمن جلست معها؟
– نصف ساعة أثناء انعقاد المحكمة حيث ظلت المحكمة في صمت طيلة مناقشتي لها.
} ألا تعتبر مناقشتك لها أمام الناس في ظل هذه الظروف خرقاً للشريعة؟
-لذلك أنا طلبت من القاضي أن أجلس بجوارها في القفص، فأذن لي، ثم أنا لم أتحدث معها حديثاً مباشر عن الاستتابة، بل أخذ منحى آخر عندما قالت لي أنا مسيحية منذ اليوم الأول، وبالتالي لا أستطيع في هذه الحالة أن أطلب منها ترك المسيحية والعودة للإسلام.
} لماذا؟
-لأنها محكومة بالردة وهي تقول إنها مسيحية وقالت لي هل تريد أن تحملني قسراً على أن أسلم.
} ماذا كان ردك؟
– قلت لها لا.. ولا الإسلام يحتاج لك، إنما أنا أتيت لمساعدتك في إنقاذك من طائلة القانون.
} ماذا كان ردها؟
– قالت لي أنا لا أتنازل عن قناعاتي وهذا قدري واختياري ولا أتنازل عنه.
} ماذا قلت لها؟
-صمت وقلت لها إن شاء الله ربنا يطيب خاطرك ويحل عقدتك ومشكلتك.
وانتهى الأمر على ذلك وبعدها أبلغت القاضي بما دار بيني وبينها.
} ماذا قلت للقاضي بالضبط ؟
-قلت للقاضي هي تقول إنها مسيحية منذ اليوم الأول وما بتتراجع، وأنا طلبت منها التراجع ونزولها عند رغبة المحكمة وهذا لا يؤذي المسيح ولا “محمد” عليه الصلاة السلام.
} ماذا كان رد القاضي؟
– قال: “محكمة” فوقف الناس، وقال بهذا إن المحكمة حكمت على فلانة الفلانية بالإعدام.
} ألا يقدح ذلك في عدالة المحكمة إذ قالت إنها مسيحية منذ اليوم الأول؟
– لا يقدح.. لأن القاضي ملكني البيانات التي بموجبها أصدر الحكم وفي نظري كلها سليمة. وأكد أشقاء البنت بأنها مسلمة وارتدت.
} هنالك حديث نشرته بعض الصحف بأنها وافقت على الاستتابة ولكنها تراجعت بعد ذلك؟.
– لا علم لي بذلك.
} هل أنت مطمئن إلى أن المحكمة حكمت بعدالة؟
– القضاء لا يحتاج لتأييدنا أو معارضتنا، لكنني أرى أن تراجع هذه البنت في السجن بعد الحكم رجاء الاستتابة.
} هل ترى بصيص أمل أن تتراجع عن أفكارها.
– إن شاء الله .. أرى بصيص أمل وهي لم تغلق الباب في وجهي، وأنا قمت بتسليمها مقالاً بعنوان “المسيح في عيون المسلمين”، أخذته مني بمجاهدة وكانت غير راضية فقد ذكرت أن لديها قناعات كافية.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية