في أول حوار صحفي لها مولانا "تهاني تور الدبة" رئيسة لجنة التشريع والعدل بالمجلس الوطني لـ(المجهر) (2-2):
مثلما يضج الشارع السوداني بجدل لا ينتهي عن قضايا الفساد فإن أروقة المجلس الوطني كذلك تضج وتتفاعل مع تلك القضايا بعد أن أثيرت خلال الفترة السابقة كثير من تلك القضايا، وهو الأمر الذي دعا كثيرين إلى المطالبة بأن تكون هناك قوانين قوية وصريحة توقف عبث الاعتداء على المال العام.
وتقف على رأس الإدارة التشريعية والعدلية قانونية جاءت إلى منصبها خلفاً لمولانا “الفاضل حاج سليمان” في الهيئة التي يقع على عاتقها كثير من تغيير تلك القوانين بالإضافة إلى القوانين التي تتعلق بإطلاق الحريات العام والانتخابات والدستور.
مولانا “تهاني تور الدبة” البرلمانية التي أوكلت لها إدارة هيئة التشريع والعدل بالمجلس الوطني يعرف عنها الصحافيون ميلها إلى الصمت وعدم التحدث كثيراً مع وسائل الإعلام، ولكنها أبلغت (المجهر) أنها على استعداد للجلوس إلى طاولتها والرد على كثير من الاستفسارات والمعضلات القانونية التي تتعلق بالحياة السودانية إجمالاً. وضعنا حزمة تساؤلاتنا أمام مولانا “تهاني تور الدبة” حول التشريعات المرتقبة لكثير من القوانين مثار الجدل وما يعتزمه البرلمان خلال دورته المتبقية من محاسبة المفسدين. وردت رئيسة لجنة التشريع والعدل بكثير من الوضوح والشفافية فإلى مضابط الحوار:
} هناك جدل كثيف أثير حول قانون النظام العام خاصة أن البعض يشكو من ملاحقات قد تصل إلى حد التدخل في خصوصيات الناس بالإضافة إلى (الكشات) وغيرها.. هل ثمة تغيير سيطرأ على هذا القانون؟
– أولاً أي شخص يمارس عمله بناءً على مستندات وتصاديق رسمية لا أظن أن جهة ما ستتدخل لمنعه، ولكن العمل غير المقنن يمنح الجهات المختصة شرعية التدخل لإيقافه.
} ولكن بعض الجهات (بِكشوك ويدقوك)؟
– لا أستطيع التعليق على الأسلوب الذي يتم به قمع هذه الظواهر، وإذا اتبعه ضرب أو اعتداء أو غيرهما فإنني بالتأكيد لا أساند ذلك.
} إذا تم ضرب المواطنين كيف يتم حساب المعتدي؟
– (في الآخر لما جوا يكشوك معناها عملت حاجة غير قانونية).. و(الكشات) دائماً تكون ضد العمل غير القانوني والذي يتعارض مع القانون، لكن إذا كان الأسلوب الذي يتم به هذا العمل (فيهو ضب وكده ما بنكون معاهو).. (والزول البيكشوهو ده بيكون عمل حاجة غير قانونية.. لكن بالضرب أنا ما عندي فكرة عن الحتة دي).
} (ما مشيتي شارع النيل مثلاً وشفتي كشات ستات الشاي)؟
– لا.. لا.. (ما مشيت).. (وقبل فترة سمعت إنو ستات الشاي ديل بينظموهن بتصديق).. ونحن في هذا البلد أصبح لدينا وجود أجنبي كبير جداً وموجودين بصورة غير مقننة (ودي من الإجراءات) التي تقوم بها وزارة الداخلية، ونحن في البرلمان (برضو نشدد عليهم بقوة) ونقول لهم يجب أن يتم التعامل مع الوجود الأجنبي بصورة حازمة، وأغلب مداخلات البرلمانيين تكون منصبة حول هذا الموضوع.. (نحن ما عندنا مشكلة في إنو يجونا أجانب هنا)، فمثلما نحن (نمشي) الدول الأخرى (برضو يجونا ومرحب بيهم هنا).. ولكنهم انتشروا بشدة خاصة في الأعمال الهامشية.
} ننتقل إلى موضوع آخر وهو قانون الانتخابات.. هل ثمة بوادر لتغييره؟
– قانون الانتخابات هو قانون في رأيي يحتاج إلى تعديل قبل خوض الانتخابات القادمة في عام 2015م، وأبسط الأشياء المفترض أن تعدل في هذا القانون هو أن يتضمن الكليات وليس التفاصيل، وقانون الانتخابات يحتوي على كثير جداً من التفاصيل مكانها اللوائح وليس الدستور، ويعود هذا إلى الوقت الذي تمت فيه إجازة قانون الانتخابات، في تلك الفترة رأت الجهات التي وضعت القانون أن كل التفاصيل توضع في القانون.. (ما عارفة هل كانت هناك عدم ثقة في أن تمضي هذه الأشياء للوائح أم ماذا).. وحتى الفترة التي تم فيها وضع قانون الانتخابات كانت فترة حرجة.. (ده غير إنو في أشياء كثيرة بداخله تحتاج إلى تغيير).
} ألا ترين أن الوقت ضيق للغاية لتغيير القانون قبل قيام الانتخابات؟
– المفوضية القومية للانتخابات حضرت لهم كذا ورشة ولديهم مقترح لتعديل القانون، بالإضافة إلى أننا كلجنة تشريع لدينا بعض الملاحظات في القانون.. لكن قانون الانتخابات في النهاية هو شأن يخص كل القوى السياسية الموجودة في الداخل الآن وكلها معنية بتعديل القانون لأنه هو القانون الذي يحكمها في الانتخابات، ومفترض أن تشارك كل الأحزاب في تعديل القانون وتقول رأيها.
} هناك اتهام باستخدام المؤتمر الوطني لأغلبيته دون تنازع داخل البرلمان لتمرير أجندته الحزبية؟
– لا.. أبداً.. وأصلاً القوانين عندما توضع على منضدة البرلمان وتحال للجنة المعنية قد نكون معنيين به في لجنة التشريع والعدل أو في لجنة أخرى، نكون نحن في اللجنة نشارك معهم، وفي إجازة القوانين تعقد اللجنة المعنية الورش وتستدعي جميع الجهات ذات الصلة بهذا القانون بالرغم من أن القانون الذي يصل إلى منضدة المجلس يكون مر أولاً بوزارة العدل، وفي المرحلة الثانية مجلس الوزراء، ثم يأتينا نحن بعد ذلك في المجلس الوطني. وبالرغم من ذلك عندما يأتينا نخضعه للورش وتتم مراجعته مادة مادة وأخذ الرأي فيها من كل الجهات ذات الصلة بالقانون المعني، سواء أكانت وزارة أو منظمة مجتمع مدني أو مؤسسات أخرى، وكل الجهات نستدعيها.
} بدون تدخل من المؤتمر الوطني؟
– أبداً.. ونحن هنا في البرلمان نمثل الشعب بغض النظر عن اللون السياسي.. وورشة القوانين تحوي كل عضوية المجلس الوطني من الأحزاب الأخرى التي تكون موجودة في البرلمان، وعندما يصل القانون إلى صيغته النهائية يدخل وقتها إلى قبة البرلمان، وإذا كان المؤتمر الوطني صاحب الأغلبية داخل المجلس فإن القانون تمت دراسته في الخارج ومن جهات أخرى، وقد تكون ليست لديها علاقة بالمؤتمر الوطني، سواء أكانت أحزاباً داخل البرلمان أو جهات أخرى ذات صلة.
} ننتقل إلى محور ثانٍ.. هل تعتقدين أن المرأة داخل المجلس الوطني تعاني من التهميش أو أن صوتها ضعيف؟
– لا ليست مهمشة.. وأعتقد أن كسب الـ(25%) كسب كبير جداً للمرأة، ولو قارنا أنفسنا بأية دولة من الدول التي حولنا فإنني أقول إن تجربة السودان في تعزيز المرأة يستند إليها في مشاركة المرأة، وفي البرلمان مشاركتها ليست ضعيفة وحتى إعطائها الفرص داخل الجلسة تكون بنسبة الـ(25%) وإعطاء الفرصة بالبرلمان يكون بمنح الأولوية لرؤساء الكتل، وبعد ذلك رؤساء اللجان، ثم للأعضاء وتمنح المرأة حسب نسبتها، وإذا أعطوا (15) فرصة (ينوبها) ما مقداره فرصتين أو ثلاث، والبرلمانيات عموماً دورهن فاعل داخل المجلس أو خارجه، وهناك هيئة للبرلمانيات حالياً تضم جميع الأعضاء من النساء في المجلس الوطني وفي مجلس الولايات ولها نشاطات كثيرة جداً داخل السودان وخارجه، وحتى في الإصلاحات الأخيرة لديهن مبادرة جاهزة في كثير من القوانين، وبمجرد أن أعلن الرئيس تعديل بعض القوانين جئن إلى الرئيس وقدمن مبادرتهن في إطار قوانين كثيرة جداً، وجاءتنا هنا في لجنة التشريع والعدل حتى يتم تضمينها في القوانين المعينة، وهن مواكبات.
} والدورة الحالية تخطو نحو نهاياتها.. هل تعتقدين أن البرلمان قام بدوره تماماً تجاه التشريع والرقابة ومتابعة قضايا الناس؟
– بالنظام الجديد باستدعاء القطاعات ستكون كل وزارات السودان على منضدة البرلمان، وهذه لم تحدث قبل ذلك نهائياً، وكنا قبل ذلك نتحصل على أقل من (20%) من تقارير أداء الوزراء خلال السنوات السابقة، والآن على منضدة المجلس بيان عن أداء مجلس الوزراء والحكم اللا مركزي، ولم يكن يأتينا قبل ذلك والمبادرات الجديدة لرئيس البرلمان أعتقد أنها تمثل قمة في الأداء التشريعي، لأن اللائحة تمنح الدستور الحق بالمبادرة سواء أكان من لجنة أو من عضو.. ونحن الآن نمارس قمة حقنا التشريعي والرقابي.. وأنا أحمد ربنا كثيراً أنني كنت في هذه الفترة بالذات في قيادة المجلس.. وغير أداء البرلمان الآن هناك لجنة كونت لإصلاح البيئة في البرلمان حتى يتمكن النائب من أداء دوره بسهولة ويسر. وأعتقد أنه توجد تظاهرة كبيرة جداً وتغييرات من حيث البيئة والتشريع والراقبة.
} هل من الممكن أن تكون المرأة في السودان رئيساً للبرلمان؟
– الن نائب رئيس المجلس امرأة، وهي الأستاذة “سامية أحمد محمد” وتترأس كثيراً من جلسات البرلمان، ويكون فيها كثير من الانضباط، كما أنها تتمتع باحترام كبير جداً من الأعضاء، وهي شخصية قديمة ومخضرمة، ومن الممكن أن تكون المرأة رئيساً للبرلمان.. لا توجد مشكلة.
} مولانا “تهاني” ما بين هموم البيت والجلسات ورئاسة لجنة مهمة والمشاركات الاجتماعية.. كيف تستطيعين التوفيق بين كل ذلك؟
– (في زحمة حاصلة).. وأنا من سنار ولكني مستقرة الآن في الخرطوم.. (وفي توفيق بين البيت والعمل).. و(التكليف الجديد ده زاد الأعباء.. لكن بنشكر القيادة على ثقتها).
} هل أحسست في يوم ما أن مهامك كثرت وأنك تريدين الاستقرار بالمنزل؟
– لا.. والتكليف بالنسبة لي ثقة قيادة (ومفروض أكون قدرها)، ويجب أن أوفق بين بيتي وأولادي وعملي ولا أستطيع أن أتحجج بأن مسؤولياتي كبيرة.
} هل تمارسين دورك الاجتماعي في سنار.. مثل مناسبات الأهل والأصدقاء الحزينة والمفرحة؟
– (أول حاجة أنا بمشي لقواعدي.. ونحن ممثلي الشعب في البرلمان وبننزل دوائرنا وبنقابل الناس وبنمشي مناسبات الأهل).. ويمكن لا يمر أسبوعان أو ثلاثة دون أن أذهب إلى سنار.
} العودة إلى سنار مع تكاثر المسؤوليات؟
– نحن سودانيون (والحاجات دي ما بنقدر نخليها).. وبعد تكليفي الأخير قل اللوم كثيراً، وأصبح الناس يلتمسون لي الأعذار، وحتى إذا ذهبت إلى مناسبة ما متأخرة وحاولت تقديم الأعذار فإن الناس هناك يبلغونني أنهم يقدرون ظرفي تماماً.. لكن نحن بطبعنا كسودانيين لا يمكننا التخلف عن أية مناسبة لأحد الأقرباء (وحتى بظرفنا ده لو اتأخرنا بنمشي خجلانين).. لكن أغلب الناس يعذرونني.