تقارير

جامعة الـخرطوم.. تفاصيل مؤتمر صحفي يحكي قصة الدماء والدموع!!

بعد الأحداث المتسارعة وموجات العنف المتكررة التي شهدتها جامعة الخرطوم، وإصدار إدارة الجامعة قراراً بتعليق الدراسة إلى أجل غير مسمى، واجه الصحفيون مدير جامعة الخرطوم البروفيسور «الصديق أحمد المصطفى الشيخ حياتي» بموجة من التساؤلات اللاهبة، ويبدو أن مدير الجامعة الذي واجه خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد ظهر أمس (الخميس) بوكالة السودان للأنباء، اتهامات لإدارة الجامعة بتغييب الإعلام عن تلك الأحداث وتفاقمها، لم يتوقع عقب فراغه من توضيح ملابساتها، أن تطرح عليه هذه التساؤلات الصعبة ما جعله يتجاوز الإجابة عن بعضها. وقد ذهب الرجل إلى الحديث تفصيلاً عن أحداث العنف والشغب التي أدت إلى مقتل طالب كلية الاقتصاد «علي أبكر موسى إدريس» بطلق ناري خلال احتجاجات طلابية على الأوضاع بدارفور.
مؤتمر الساعة ونصف الساعة
مدير الجامعة بروفيسور «حياتي» بدا هادئاً طوال الساعة ونصف الساعة التي قضاها في الحديث عن وقائع ما حدث في الجامعة مؤخراً، بعكس مجريات الأحداث التي حركها برمي حجر في بركة السكون بعد أن كال الاتهامات للتنظيمات السياسية الطلابية التي قال إنها تقود حرباً بالوكالة عن الأحزاب السياسية بغرض إقصاء الآخر، وعدّ الجامعة (أسهل مكان للأحزاب السياسية لكي تخرج منه للشارع)، مشيراً إلى أن كل من لديه تنظيم أو حركة يريد أن يستغل الجامعة كمنصة انطلاق لنشاطه، مؤكداً رفضه لكل أنواع العنف وتخريب الممتلكات، وكشف عن تسليمهم الشرطة كاميرات رصدت بعض الأحداث توضح من خلالها المخربين، لكنه استدرك بأن الطلاب كانوا يعلمون بمواقع تلك الكاميرات وعندما يقتربون منها (يلثمون وجهوهم) لكي لا يتم التعرف على هوياتهم.
ويبدو أن تصاعد الأحداث والتخريب أدى إلى مخاوف جعلت أولياء أمور الطلاب يخشون إرسال أبنائهم للجامعة لما فيها من عراك وشجار وأحداث دامية، ويؤكد مدير الجامعة أن الأحداث قادت أغلب الطلاب إلى المكوث بمنازلهم خاصة عقب إرهابهم من قبل بعض التنظيمات السياسية، مشيراً إلى رصدهم دخول بعض الأفراد من خارج الجامعة وبعض الخريجين وطلاب الدراسات العليا الذين قال: (اتضحت قيادتهم لهذا العمل)، وكشف عن بروز ظاهرة جديدة وهي مشاركة الأساتذة بأركان النقاش والمؤتمرات الأمر الذي أشار إلى أنه أدى إلى تعقيد المشهد أكثر.
مخاطبة إدارة الجامعة لوزير العدل
أماط «حياتي» اللثام عن مخاطبة إدارة الجامعة لوزير العدل في الثامن عشر من شهر مارس الماضي بشأن مقتل الطالب «علي أبكر» وانعقاد اجتماع لمجلس العمداء بعده بأيام، ليؤكد أسف مجلس العمداء على الأحداث المؤسفة والعمل على تهيئة الظروف المناسبة لاستئناف الدراسة حتى لا يتضرر الطلاب.
وقال مدير جامعة الخرطوم إن اجتماع مجلس العمداء تمخض عنه قرار بفتح جزئي لبعض الكليات مثل مجمع الطب ومجمع شمبات وكلية التربية وبعض الكليات بمجمع الوسط، لكنه أشار إلى أن الأمر لم يثنِ الطلاب عن الدخول المستمر في الاعتصامات مطالبين بالقصاص، مما حدا ببعض التنظيمات السياسية إلى محاولة إقناعهم بأن مدير الجامعة ليس هو من يوقع القصاص، لافتاً إلى أن إدارة الجامعة من خلال بيان لها ناشدت جميع الطلاب مواصلة الدراسة ورفع الاعتصام بحسبان أن قضية مقتل الطالب «علي أبكر» جنائية وأنه يمكن لإدارة الجامعة أن تتابع مجرياتها فقط.
واسترسل «حياتي» بأنه منذ فتح بعض كليات الوسط في نهاية مارس، بدأت الكليات تدخل في اعتصامات بحجة عدم التوصل إلى الجاني وتقديمه للمحاكمة ومطالبتهم بفتح بقية الكليات، مبيناً أن الاعتصام كان يرفع يومي (الأربعاء) و(الخميس) من كل أسبوع، وعند هذا الحد أصدرت لجنة مبادرة أساتذة جامعة الخرطوم بياناً بتاريخ الرابع عشر من أبريل حول الاتفاق الإطاري بين الأساتذة والطلاب، أكدوا من خلاله العمل معاً على استقرار الجامعة ومشاركة الطلاب في لجان التحقيق وفتح بقية الكليات في الرابع والعشرين من شهر أبريل، على أن يلزم الطلاب الهدوء ورفع الاعتصامات.
«علي أبكر» حاضراً في مشهد المؤتمر
ويؤكد البروفيسور «حياتي» أنه وبعد استئناف الدراسة بكليات الاقتصاد والآداب والجغرافيا في التاريخ المتفق عليه، ولم يمض على الاتفاق سوى أيام، تجددت الاعتصامات وأحداث العنف بين الطلاب، لافتاً إلى أن الرابع من مايو شهد أحداثاً مؤسفة بين مجموعات من الطلاب في مجمع الوسط، وأعقبتها أحداث عنف بمجمع شمبات في اليوم التالي نتج عنها حرق عدد من المباني وإصابة عدد من الطلاب، الأمر الذي قاد عمادة الطلاب إلى إصدار بيان أكدت من خلاله حرص إدارة الجامعة على الاستجابة إلى المطالب التي رفعها الطلاب والاستجابة لتشكيل لجان من خارج الجامعة.
وقال «حياتي» إن اجتماعاً طارئاً عُقد لمجلس العمداء في السادس من ذات الشهر لمناقشة الأوضاع في الجامعة بعد بروز مظاهر عدم استقرار في مجمعي شمبات والوسط، مبيناً أن الاجتماع اطمأن على عمل اللجان التي تم تشكيلها عقب أحداث 11 مارس، وأن المجلس أكد التزام الجامعة بمتابعة الإجراءات كافة المتعلقة بالأحداث بما في ذلك القضية الأساسية المتعلقة بمقتل الطالب «علي أبكر».
استمرار الاعتصامات
ويقول «حياتي» إنه منذ استئناف الدراسة ببقية الكليات توالت الاعتصامات والمناوشات بين الطلاب إلى أن انتقلت إلى مجمع الطب الذي قرر طلابه الدخول في الاعتصام تضامناً مع طلاب الوسط، مشيراً إلى أن هناك تنظيمات تستهدف الحرس الجامعي وتريده أن يكون ضعيفاً لكي تلج الحرم الجامعي بكوادرها في أي وقت، وأضاف: (بعد تعليق الدراسة في مجمع شمبات لأجل غير مسمى وترك مجمع الوسط لمدة أسبوع لمراقبة الأوضاع، ازداد الأمر سوءاً وطفت ظواهر جديدة وهي تخويف الطلاب بالرسائل والشائعات، كما أن هناك طلاباً سياسيين يتحدثون عن الديمقراطية ولا ينفذونها). وأوضح أن كل شخص يستخدم العنف ليجبر الآخرين على السير برأيه، ورأى «حياتي» أن الحرية المكفولة بجامعة الخرطوم ليست موجودة في مكان آخر، مشيراً إلى أن البعض قام باستغلالها استغلالاً سيئاً، حيث عدّ جامعة الخرطوم منطقة لا يدخل حرمها (البوليس)، وبالتالي أصبحت ملاذاً آمناً للتنظيمات السياسية لتمارس نشاطها على هواها، وكشف عن توجه الأحزاب السياسية لضرب بعضها البعض داخل الجامعة دون الاهتمام بالطالب ولا سمعة الجامعة مما سماه كسباً رخيصاً لكل الأحزاب السياسية والوطنية.
أسئلة ليست للإجابة
ويبدو أن سخونة الأحداث التي شهدتها جامعة الخرطوم جعلت مدير الجامعة يتجاهل الرد على تساؤل حول تأخر توضيح إدارة الجامعة الحقائق للناس، وجدوى عقد مؤتمر صحفي بعد أن وصل الأمر إلى ما وصل إليه، وبدا على بعض الصحفيين التذمر نتيجة تجاهل مدير الجامعة الرد على بعض الاتهامات وتحميله مسؤولية الأحداث وعدم الإلمام بتفاصيل ما يجري في جامعته، وضعف وجود الحرس الجامعي، وترك أمر تحديد فتح أبواب الجامعة لاجتماع مجلس عمداء الكليات المزمع دون أن يقطع بموعد له.
مدير الجامعة الذي واجه تلك الاتهامات اعترف بوجود مشكلة حقيقية حول عدد الحرس الجامعي، ملمحاً إلى صعوبة مهمته في إدارة جامعة الخرطوم في ظل الأوضاع الحالية، وأضاف: (مافي زول بتمنى يكون مدير لجامعة الخرطوم في الظروف الحالية التي تمر بها البلاد)، وقال إن ما تمر به البلاد وثورات الربيع العربي يجعل من استمرار الجامعة إلى الآن إنجازاً. ودعا «حياتي» الدولة إلى أن تقوم بدورها كاملاً في دعم جامعة الخرطوم كمؤسسة خدمية أولاً، وأن تساهم في إنفاذ مشاريعها الاستثمارية حتى تستقل الجامعة مادياً، مشيراً إلى أن لديهم (37) مشروعاً يهدفون من تنفيذها إلى استقلال الجامعة مالياً. ودعا أجهزة الإعلام إلى مراجعة موقع الجامعة على الشبكة العنكبوتية للتأكد من صحة المعلومات.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية