مجرد سؤال

(أبوي) إن شاء الله لي تسلم..!!

يحتفل السودان اليوم ولأول مرة في تاريخه بعيد الأب، الذي يصادف اليوم الخميس 15 مايو.. نعم العالم خصص 21 من مارس عيداً للأم، والسودان ظل يحتفل سنوياً بهذه المناسبة التي نعدّها سعيدة للغاية لكون الأمهات لهن أدواراً كبيرة في التربية والتنشئة والسلوك للأبناء، ولكننا كنا نتجاهل تماماً دور الأب ولم نحتفل به بالرغم من أن العالم ظل يحتفل به منذ بدايات القرن الماضي.
اليوم نحتفل بهذه المناسبة التي نعدّها كبيرة لتعظيم دور الأب.. احتفالنا سيكون سودانياً بحتاً إذ إن الدول العربية ظلت تحتفل بعيد الأب في 21 من يونيو من كل عام.. واحتفالنا بعيد الأب ستكون له نكهة وطعم خاص يشبه شيمة وأهل السودان، الذين شيمتهم الكرم والشهامة، والكرم يغرسه رب الأسرة الذي هو الأب في أسرته وأبنائه، يعلمهم كيف يكرمون الضيف ويساعدون الضعيف ويلبون النداء دفاعاً عن الأرض والعرض والوطن. الاحتفال بالأب له معانٍ ودلالات، لأنه ما زال يغرس فينا ويعلمنا الإباء والصمود والرضا بالمكتوب.. يصدر تعليماته للنهي عن ما لا يرضي الله ورسوله، وبالتالي نحن مجتمع محافظ يستمد أعرافه وتقاليده من الدين الإسلامي.
السودان تأخر كثيراً في تخصيص يوم للاحتفال بعيد الأب رغم أنه يستحق الاحتفاء والاحتفال لنفيه جزءاً بسيطاً من جمائله.. وهو الذي كافح وكابد من أجلنا.. يسهر ويسافر ويبتعد من أجل توفير لقمة العيش الحلال.. وقوامته ليست مقتصرة على أسرته الصغيرة بل ممتدة للأسرة الكبيرة.. يعطى بغير منّ وأذى ولا يحسب.. لا يقول لا أبداً حتى وإن كان لا يمتلك يقول (حاضر)، وهو يعرف تماماً أنه لا يستطيع تلبية المطلوب حالياً ويجتهد في اليوم التالي للتلبية الفورية حتى وإن كلفه ذلك الكثير.
يعلّم الأبناء ويحرص جداً على تعليمهم، ويتذكر أن قطار التعليم فاته ولكنه لن يفوت أبنائه، ومن أجل ذلك يسعى بشتى السبل لتعليم أبنائه.
أب بهذه المعاني يستحق حقيقة الاحتفال وتخصيص يوم للاحتفال به أسوة بالأمهات.. فهنالك أمهات يرحلن باكراً إلى الدار الآخرة ويتركن أبناءهن الصغار فيقوم الأب هنا بدور الأب والأم، يكفكف الدموع ويجهز الطعام، وبعد ذلك يذهب للعمل وقلبه معلق بهم إلى أن يرجع.. فإذا تزوج في حالة وفاة زوجته يصرّ على الزوجة بأن الأبناء أولوية.. وعندما تحدث المشاكل ولا تستطيع الزوجة تحمّل الأبناء يطلق سراحها بالمعروف فقط من أجلهم.. فأب بهذه المعاني ألا يستحق أن نحتفل به؟؟
الآباء المثاليون كثر، لكننا في السودان لم ننقب للبحث عنهم، لأن الرجال الشِهام لا يحبون الأضواء ويقولون إن ذلك يقع من صميم أعمالهم، فالله سبحانه وتعالى يقول:( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ..)، فقوامة الرجال على النساء ارتبطت بالإنفاق الذي هو من صميم عمل الرجال.
التحية للآباء الذين كابدوا من أجل توفير العيش الرغد لنا.. فابتعدوا واغتربوا..
التحية لأبي الحنون العطوف “أحمد محمد أبو شوك” الذي كانت له جولات وصولات في تربيتنا.. تربينا باللقمة الحلال والعيش الرغد.. سهر من أجلنا.. يحفزنا إذا تفوقنا في المدارس، وكان يحرص على معرفة النتيجة ونحن بالسنوات الأولى في الدراسة، يحفظها عن ظهر قلب (والله يكون في عوننا إذا نقصنا درجة واحدة) يوبخنا ويخاصمنا خصاماً بلا فجور من أجل إصلاح الاعوجاج.. تعلمنا منه الكرم وإكرام الضيف.. غرس فينا حب الخير للجميع حتى أصبحنا نحن وشقيقنا الوحيد “محمد” نسخة كربونية عنه، فهو الذي تنطبق عليه حقيقة كلمات شاعر الشمال “أحمد سيد أحمد بلول” التي جاءت:
يلاقيك باسم.. كرم في طبعو صار شيمي
يقولك لاجوة قنب يكترلك في العزيمي
هذا هو أبى.. و(أبوي إن شاء الله لي تسلم)
التحية لجدتي “فاطمة بت علي ود نقد” التي قالت فيه:
أحمد ود محمد فوقك القيوم
فوقك تور القناوي الما شرب متموم
أحمد ود محمد فوقك الجبار
وفوقك تور قناوي الما شرب كنقار

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية