رأي

تحالف الضرورة بين «مبارك الفاضل» و«إبراهيم الأمين»..!!

القصة الملحمية التي جسدت الخطوة الدراماتيكية التي قامت بها الهيئة المركزية لحزب الأمة القومي بإقالة الدكتور “إبراهيم الأمين” من موقعه كأمين عام للحزب، وما تلاها من تعليقات واسعة وردود أفعال كثيفة، قد فتحت الباب على مصراعيه حول إمكانية قيام تحالف الضرورة بين “مبارك الفاضل” والدكتور “إبراهيم الأمين”، تقوم أعمدته على أجندة مضادة لتوجهات الإمام “الصادق”.
كانت انعكاسات القرار قاسية ومؤلمة في دواخل الدكتور “إبراهيم” لدرجة أن الرجل شنّ هجوماً كاسحاً على رئيس حزب الأمة القومي، واتهمه بتدبير مؤامرة إزاحته من موقعه بالتنسيق مع نجله الأمير “عبد الرحمن”، مؤكداً عدم اعترافه بقرارات الهيئة المركزية. وقد صادفت إشكالية الدكتور “إبراهيم” مع الإمام وصول “مبارك الفاضل” إلى الخرطوم بعد غيبة امتدت لعامين، حيث أطلق الرجل إشارات مصداقية مع الحكومة وحزب الأمة القومي قُوبلت بالرفض والاستنكار والشكوك من الإمام “الصادق”.
هكذا تتكون عوامل تحالف الضرورة بين “مبارك الفاضل” والدكتور “إبراهيم” دون أفكار وبرامج مسبقة رويداً رويداً، فالمصائب تجمع المصابين، وربما تنسج الظروف والأقدار خيوط العلاقة الثنائية من وحي الهموم المشتركة والاحتياجات المتبادلة بين الرجلين، التي فرضت عليهما المشي على هذا الطريق الطويل لمواجهة التحديات التي تقابل كليهما، علاوة على محاولة استنهاض أوضاعهما في الساحة، فالحصار المضروب على الاثنين من حزب الأمة القومي صار هائماً في الأجواء، فالإمام “الصادق” لم يتورع عن القول إنه يحبذ مفارقة قاطعة كضربة سيف مع “مبارك الفاضل”، حيث طالبه بتكوين حزبه والابتعاد عنهم بشكل نهائي. وبذات القدر فإن الكرامة الشخصية والمعطيات السياسية المنطقية لا تسمح للدكتور “إبراهيم” بالعودة إلى أسوار الحزب بالصورة القديمة بعد عملية إقصائه التي ارتسمت على المنهج السينمائي، فضلاً عن اعتزامه القيام بإجراءات قضائية ضد الهيئة المركزية.
إذا حاولنا إضاءة المصابيح حول شكل العلاقة بين “مبارك” والدكتور “إبراهيم” قد لا نجد نوعاً من الترابط والخصائص المتطابقة سوى الانتماء الحزبي العريض، وربما تكون هنالك العديد من التقاطعات في المفاهيم والرؤى بين الاثنين، غير أن المبررات الواقعية قد تحتم عليهما بناء صيغة تحالفية في وجه التطورات المتسارعة على باحة حزب الأمة القومي التي تستهدف كليهما!! كيف يستخدم كل طرف مزايا الآخر؟ وما هو دور أنصار الرجلين في قيام علاقة مرتقبة بينهما؟؟ وهل تنطلق التفاهمات المتوقعة بين الرجلين من زاوية الهموم أم التطلعات؟!
من الواضح أن منهج الدكتور “إبراهيم الأمين” يقوم على مساندة الدولة المدنية الليبرالية، وله رأي قاطع في سياسات الإنقاذ التي يرى أنها قائمة على المراوغة والالتفاف وعدم المصداقية، علاوة على ذلك يحاول الدكتور “إبراهيم” كسب عنصر الشباب والمرأة والقوى الحية في حزب الأمة القومي.. ومن جانبه فإن “مبارك الفاضل” يعدّ رجلاً تنفيذياً له قدرة فائقة على الحركة الواسعة وفتح المسارات المغلقة، وهو صاحب علاقات واسعة، وإذا تلاقحت الصفات المشتركة بين الاثنين فربما تؤدي إلى مردود تتراكم آثاره الواضحة في الساحة في إطار التشجيع من أنصار الطرفين.. فالشاهد أن هذا التلاقي يمكن أن يتأطر على الهموم والتطلعات في آنٍ واحد.
عندما سألت الدكتور “إبراهيم” في لقاء بمنزله بحضور عدد من الزملاء الصحافيين حول إمكانية تحالفه مع “مبارك الفاضل”، أرسل الرجل إشارات مبطنة حول قبوله الالتقاء معه في سياق لمّ الشمل لحزب الأمة القومي.. وفي تقديري ربما تتطور هذه العبارة إلى أشياء مكشوفة في المستقبل.. فالمحصلة أنه لا توجد مستحيلات في عالم السياسة، وأقوى التحالفات هي التي قامت على صيغة الإكراه والضرورة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية