هلال مريخ
لا أعرف أيهما أكثر، جماهير الهلال أم جماهير المريخ؟ فقد عاش السودان منذ أن عرف بطولة الدوري انقساماً بين الفريقين. وللحقيقة كنا دائماً نحس أن جماهير الهلال هي الأكبر، ولا أعرف هل هي الأكبر فعلاً أم أنها تحدث ضجيجاً كبيراً يجعلنا نشعر بذلك. وعندما كنا أطفالاً في المرحلة الابتدائية كان (90%) من تلاميذ المدرسة يشجعون الهلال ويحتفلون بانتصاراته.. حتى ساد اعتقاد أن معظم السودانيين يشجعون الهلال. وفي يوم من الأيام كان كل المليونيرات (هلالاب)، فكان الهلال يشتري أغلى اللاعبين دون تردد ويحرم المريخ منهم.
عاش المريخ في هذه الظروف إلى أن ظهر الهداف الخطير “ماجد” الذي استطاع أن يهزم الهلال في ثماني مباريات متتالية. وأنهى أسطورة الهلال وأصبح للمريخ جماهير تهتف له بفضل هذا اللاعب. وجاء المليونيرات إلى صفوف المريخ ولم يعد الهلال يحتكر أهل المال. ولكن كل هذا لا ينفي أن الهلال صاحب الأغلبية في كل شيء، ولا يستطيع أي مريخابي أن ينكر ذلك.
يكفي أن برنامج الرياضة في التلفزيون حينما يستعين بلقطة رياضية من مباراة تكون لجماهير الهلال، وهي ترفع أعلامه وشعاراته وتهتف له. كأن السودان ليس به فريق غير الهلال. وهم يفعلون ذلك لأنهم على ثقة أن الغالبية الجماهيرية مع الهلال. الآن في أي مباراة للفريقين تجد التحديات من جماهير الهلال تبلغ ذروتها. الهلالاب لديهم إحساس أنهم (أسياد البلد) وهذا يظهر في هُتافهم.
أقول لولا “ماجد” لما أصبح للمريخ جماهير، فهو قد جلب الجماهير للمريخ بانتصاراته المتتالية.. وأذكر في تلك الفترة أن أي مباراة بين الهلال والمريخ نتيجتها معروفة سلفاً، فهي لصالح المريخ بصفة مؤكدة. ولكن الهلال لم يستسلم واستطاع أن يحشد مجموعة من رجال المال والأعمال، ويستفيد من أموالهم في تسجيل أقوى اللاعبين لكن إلى حين، لأن “ماجد” عاد مرة أخرى لتحقيق متوالياته التي لا يستطيع أحد من الهلالاب إنكارها.
وقبل أن يرتاح (الهلالاب) من “ماجد” ظهر لهم لاعب آخر أكثر خطورة منه اسمه “جاد الله”، واصل المريخ انتصاراته حتى كاد معظم الهلالاب أن يتركوا تشجيع الكرة، لكن الهلال مرت عليه فترات شهد بعض الانتصارات مثل الفترة التي شهدت تألق “عز الدين الدحيش” و”مصطفى النقر”، لكنها كانت فترة قصيرة وسرعان ما عاد المريخ إلى انتصاراته، ومشكلة المريخ أنه ليس لديه مجموعة من رجال الأعمال مثل الهلال. فالهلال يشجعه معظم رجال الأعمال في السودان لأنهم يظنون أنهم بهذا التشجيع يضمنون تأييد السلطة، فهناك رجل الأعمال “صلاح إدريس” ورجل الأعمال الآخر “البرير”، وهناك رجل الأعمال “الكاردينال” و”الحاج عطا المنان” و”طه علي البشير”. والمريخ ليس له إلا بضعة رجال أعمال (غلابى) على رأسهم البطل “جمال الوالي”. وأقول البطل لأنه فعلاً بطل فهو يتصدى لكل الهلالاب وحده ولن يتراجع.
وبإمكان “الوالي” أن يريح نفسه من هذا العناء ويتخلى عن المريخ، لكن لأنه شجاع فهو صامد في مواقفه ولن يتزحزح.
منذ أن بدأ تسجيل اللاعبين الأجانب في الفرق السودانية اختل التوازن بين الناديين. وأصبح الهلال يسجل أقوى اللاعبين، ولا يبقى للمريخ إلا اللاعبين الذين رفضهم الهلال فيسجلهم مضطراً. وفي الغالب يكونون لاعبين من الدرجة الثانية في مستواهم. ولهذا يكثر شطب وتسجيل اللاعبين في المريخ للوصول لتشكيلة قوية دون جدوى.
وكان الله في عون “جمال الوالي”، لأنه لا يجد من يعاونه في موضوع اكتشاف اللاعبين وتسجيلهم، بينما الهلال له عشرات العيون، ما أن يرصدوا لاعباً خطيراً في أي منطقة حتى يبادروا بتسجيله فوراً، بينما “جمال الوالي” لا يجد من يعاونه في هذا الأمر، ويسجل ما تبقى من لاعبين تركهم الهلال. وكان الله في عون “جمال الوالي”.