المشهد السياسي

طريق الحرير وصل إلى أفريقيا

عرفت الصين بأنها ومنذ آلاف السنين قد فتحت طريقاً تجارياً وحضارياً وصلت به إلى العالم العربي وعمقته بعد الحصار الدولي الذي فرض عليها ليصبح أداة أكبر للتواصل مع الشعوب العربية والأفريقية رسمياً وشعبياً في زمن الادعاء بحقبة دولية جديدة يسيطر فيها العالم الغربي بعد سقوط وتفكك المعسكر الشرقي الذي يبدو أنه الآن في حالة حراك مستمر أسوة بالصين التي صار لها وضعها في المنظومة الدولية عبر الاقتصاد والدبلوماسية.
هناك في منطقتنا العربية جمعية عربية صينية لتوطيد العلاقات وكانت انطلاقتها وهي شعبية من الخرطوم حيث عملت لها جمعية الصداقة الشعبية العالمية السودانية التي هي أيضاً من أعظم آليات التواصل بين الشعب السوداني وبقية الشعوب إذ هناك جمعية للصداقة مع كل أو معظم الشعوب.
ويوم غدٍ (الاثنين) دعماً لذلك التوجه – وللسودان مبادراته وعلاقته الخاصة بين جمهورية الصين وشعبها – سينعقد هنا في الخرطوم وبقاعة الصداقة (منتدى الشعوب الأفريقي الصيني الثالث) وهو امتداد جديد لدرب الحرير الصيني وللعلاقة بين جمهورية الصين وجمهورية السودان التي صارت معبراً لذلك الطريق ومنذ أن بدأت العلاقة الدبلوماسية بين البلدين في مطلع ستينيات القرن الماضي – أي منذ أكثر من نصف قرن من الزمان.. علاوة على أن الصين نفسها وقد صارت قطباً دولياً فاعلاً قد عملت على تعميق علاقاتها بالدول والشعوب وعلى كل الصُعد والمستويات.
المنتدى المذكور حسب البيان الصادر يستمر لمدة يومين ويؤمه ستون عضواً من ست وعشرين دولة أفريقية واثنان وتسعون عضواً من جمهورية الصين، فهو تظاهرة دبلوماسية قل أن تشهدها أو تنعم بها دولة، والقائم بها وعليها منظمات مجتمع مدني سودانية غير حكومية أولها (شموس).
والهدف من المنتدى فضلاً عن دعم علاقات التعاون بين الشعوب الأفريقية والشعب الصيني هو مكافحة الفقر وتحسين معيشة الشعوب البرنامج الذي يشغل الكثيرين ولا سيما الشعب السوداني الذي يُعنى عبر جهوده الرسمية بهذا الجانب من البرنامج التنموي وعبر الجهود الطوعية الشعبية التي تقوم المنظمات العاملة لها بترتيب واستضافة هذا المنتدى ومنها – كما جاء في الأخبار – الهلال الأحمر السوداني ومنظمة الدعوة الإسلامية ومنظمة الشهيد الزبير الخيرية.
المنتدى – إجمالاً – يهتم ويُعنى بمكافحة الفقر ويبحث في أوراقه المطروحة عن تعزيز الشراكة بين المجتمع الصيني والمجتمع الأفريقي إلى جانب تعميق الشراكة الاقتصادية بين جمهورية الصين والدول الأفريقية.
وهذه كلها أهداف نبيلة وإيجابية وتلقي في الساحة المحلية بما يدعو إلى تحريك أطروحة الحوار الوطني في الاتجاه الإيجابي والصحيح. فمنظمات المجتمع المدني الطوعية تبدو أكثر وعياً وإلماماً بقضايا الوطن من الأحزاب السياسية وبخاصة تلك التي ترفض الحوار وتعرقله وتلقي في طريقه بكل ما يوقف الحركة ويعطلها..!
فمن طالع الصحف الصادرة صباح أول من أمس (الجمعة) لابد أن يكون قد قرأ إفادة الحزب الشيوعي السوداني الصادرة عن أحد مسؤوليه في (اليوم التالي) والتي قال فيها إن حزبه:
– يواصل لقاءاته بالأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية وسفارات الدول الأجنبية الراغبة في معرفة رؤية الحزب لحل الأزمة الشاملة.
– وكان قد بدأ بأن حزبه سيركز على النضال الجماهيري لإسقاط النظام.
الحوار الوطني بهذه الطريقة ليس في وارد الحزب الشيوعي ومن معه ذلك أنه يرى أنه عملية تمت بموجب ضغوط خارجية على النظام (دولية وإقليمية) ليبقى في سدة الحكم مع إجراء بعض التغييرات الشكلية..!
تلك هي قراءة الحزب الشيوعي للواقع السوداني وطريقته في مواجهته. وهي طريقة لا تستصحب الوقائع الإيجابية التي تجري أمام عيون قادة الحزب. ومن ذلك إضافة إلى منتدى الشعوب الأفريقي الصيني الثالث الذي ورد ذكره بالتفصيل في هذا (المشهد السياسي) هو:
– العلاقات المتطورة مع اثنتين من دول الجوار وهما دولة إريتريا وجمهورية جنوب السودان.
فالدولة الإريترية زار رئيسها أسياسي أفورقي جمهورية السودان وأكد على متانة العلاقات وتكامل المصالح والمنافع بين البلدين فهو يرغب في إمداد دولته بالكهرباء والنفط وغيره من التجارة التي صارت لها مواقع مفتوحة بين البلدين.
وأما جمهورية جنوب السودان فقد وقّع السيد وزير صحتها مع وزير الصحة السوداني في اليومين الماضين اتفاقاً للتواصل الصحي بين المؤسسات الصحية في البلدين فضلاً عن وصول وتدفق النفط من الجنوب عبر الخط الناقل السوداني لموانئ الصادر.
عليه فإن على الحزب الشيوعي السوداني وتجمع اليسار ومن يفكرون بعدم الدخول في الحوار الوطني والعمل من أجل إسقاط النظام أن يعلموا أن ما كان متاحاً لهم من قبل في دولة إريتريا وقد كانت مقراً وممراً لنشاطهم. وفي العاصمة الجنوبية (جوبا) وقد كان هناك ما يعرف بتجمع أحزاب جوبا، قد ذهب كله الآن ولم يعد متاحاً..!
فرغم ما يصاحب عمليات البحث عن الفساد وكشفه في أروقة الدولة وأضابيرها وصار سياسة معتمدة لا يعني أن إسقاط النظام اليوم قد بات أيسر مما كان عليه الحال في الماضي. والأسباب معروفة والعاقل من قرأ الواقع والوقائع والمستجدات بالضرورة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية