تقارير

رفض تسجيل الحزب الجمهوري.. اختبار الحريات على (عقبة) مجلس الأحزاب السياسية

في الوقت الذي تتهيب فيه الساحة السياسية لتطبيق مبادرة الرئيس «البشير» القاضية بإطلاق الحريات والعمل السياسي، وتمضي عملية الحوار مع الأحزاب والقوى السياسية قدماً، فوجئت الأحزاب والقوى السياسية السودانية بقرار مجلس شؤون الأحزاب السياسية والقاضي برفض اعتماد تسجيل (الحزب الجمهوري)، رغم أنف القانون والدستور الذي كفل هذا الحق الأصيل لكل السودانيين، بغض النظر عن توجهاتهم الفكرية والعقدية حيث اعتبر المواطنة أساساً لكل الأنشطة والممارسات السياسية.
وكان (الحزب الجمهوري) تقدم بطلب لمجلس الأحزاب حتى يتسنى له ممارسة نشاطه السياسي وفقا للقانون بتاريخ الثامن عشر من ديسمبر للعام (2012)، وتم نشر طلب الحزب وفقاً لما هو معمول به في الصحف اليومية بتاريخ الثالث والعشرين من شهر فبراير من العام الحالي، إلا أن جمعيات وأفراداً قدموا طعوناً لدى مجلس شؤون الأحزاب خلال القيد الزمني. وأمس (الثلاثاء) قال المجلس في رده على طلب (الحزب الجمهوري)، إن الطلب المقدم من الحزب خالف أحكام المادة (1/5) من الدستور القومي الانتقالي لسنة 2005)، بالإضافة لمخالفته المادة (14/ط) من قانون الأحزاب السياسية لسنة( 2007) معللاً ذلك بتعارض مبادئ الحزب مع (العقيدة الإسلامية) والسلام الاجتماعي، والأسس الديمقراطية لممارسة النشاط السياسي، إذ أن الحزب الجمهوري بحسب مجلس الأحزاب يقوم على أساس طائفي ومذهبي، كما أن هنالك عدداً من الأفراد والمجموعات تقدمت بطعون لدى المجلس ضد تسجيل الحزب، قبل منحه الرخصة بمزاولة العمل السياسي أشار إليها المجلس في رفضه تسجيل الحزب الذي اعتمد فيه حسب نص قراره على المادة (1/10/ا)من قانون الأحزاب لسنة(2007) والمادة (12/3) من لائحة تسجيل الأحزاب السياسية بالسودان.
وفي السياق وحول تعليقها على قرار مجلس الأحزاب القاضي برفض تسجيل (الحزب الجمهوري)، وصفت القيادية بالحزب الجمهوري وابنة زعيم (الجمهوريين) الأستاذة «أسماء محمود محمد طه» قرار مجلس الأحزاب بالمعيب. وقالت لـ(المجهر) أمس(الخميس): (إن الحزب الجمهوري سيرفع دعوى أمام المحكمة الدستورية. وأضافت القرار يصب في خانة الحجر على حرية التعبير والتنظيم التي كفلها الدستور وقانون الأحزاب نفسه، كما أنه يمايز ما بين السودانيين). وشددت على مناهضة حزبها للقرار بكل الوسائل المشروعة، باعتباره قام على أساس وتفسير وفهم خاطئ. وأضافت (لن نتنازل عن حقوقنا الدستورية ولن نقف مكتوفي الأيدي أمام حقوق دستورية وأساسية حبانا بها الله). ورأت أن مسجل الأحزاب تأثر بالطعون التي قدمت في حق الحزب الجمهوري.
وفي السياق أبلغ الأستاذ «نبيل أديب « المحامي الصحيفة بأنه بصدد إعداد رفع دعوى للتقدم بها للمحكمة الدستورية إنابة عن (الحزب الجمهوري) ضد قرار مجلس الأحزاب السياسية، معتبراً القرار مجرد قمع لحرية التنظيم لا يسندها سند قانوني، واصفا القرار بالمجحف ولا صلة له بالمستندات التي قدمها الحزب. وقال إن الحزب الجمهوري قدم مستندات عبارة عن لائحة وبرنامج ليس فيها أية إشارة لما أورده مسجل الأحزاب، فالمسجل لا سلطة له في مناقشة فكر الحزب، إنما فقط عليه من حيث النظام الأساسي أن يتأكد من أن عضويته مفتوحة لكل السودانيين. وهذا ما ينص عليه النظام الأساسي للحزب، وأيضاً أن لا يكون برنامج الحزب يحض على الكراهية ضد أي طائفة دينية أو يكون داعياً للعنف، وهذه كلها غير موجودة، وحتى ما أشار إليه السيد مسجل الأحزاب من حيثيات الرفض لاتستند على أي جزء من مستندات الحزب المقدمة للتسجيل، وبالتالي فليس هناك شيء مما ذكره، ووفقاً لذلك يرى «نبيل أديب» أن قرار رفض تسجيل الحزب الجمهوري لا صلة له بعمل المسجل، فالمسجل ليس دوره أن يصبح (صائداً للساحرات) كما يقول، فيقوم بالبحث في أفكار ومزاعم ويقيمها من الناحية الفكرية، إنما عليه فقط فحص المستندات المطلوبة للتسجيل، وهي أشياء محددة. وحول ما إذا كانت هنالك أية أسباب أخرى وراء الرفض يضيف (ولا أستطيع التيقن من السبب الذي استند عليه للرفض، فالوثائق التي قدمها الحزب من نظام أساسي ولوائح وقائمة بأسماء القيادة السياسية بالإضافة لنسخة من الكشف المعتمد بأسماء المؤسسين، ونسخة معتمدة من محضر الاجتماع التأسيسي كل هذه المستندات والوثائق ليس فيها ما يمكن تفسيره لما ذكره المسجل، وقانون تسجيل الأحزاب السياسية للعام (2007) لايجيز للمسجل البحث في أفكار الحزب، كما أن المادة (14/ط) التي تقول: (لا يمارس أو يحرض على العنف ولايثير النعرات والكراهية بين الأعراق والديانات والأجناس)، والتي استند عليها المسجل في رفض التسجيل، فيدحضها أن النظام الأساسي المجاز وبرنامج الحزب الجمهوري ليس فيهما أية إشارة لما ذكرته نص المادة .
ويرى المحلل السياسي – أستاذ العلوم السياسية الدكتور «حمد عمر حاوي»، أنه ومنذ عصر «محمود محمد طه» اختلف الناس مع طرحه، حيث اعتقد على نطاق واسع أن هنالك مخالفة في هذا الطرح، ويضيف: (صحيح أن طرح الحزب الجمهوري يعتبر طرحاً اجتهادياً متقدماً).
وحول رفض خطوة التسجيل يرى الدكتور»حاوي» أن الحزب (الجمهوري) وضع مسجل الأحزاب والبلاد كلها في مأزق، وذلك لأنه لا توجد وصاية على الدين، كما لا يوجد شرط للالتزام بعقيدة معينة في الحزب، فحتى الأحزاب التي لا تقوم على أسس دينية يتم تسجيلها، ولكن المشكلة هنا هي أن هذا الحزب يواجه رفضاً شعبياً، ويواجه كذلك تيارات دينية متشددة، ويعتبر رفض التسجيل قدحاً لمبادئ الديمقراطية التي كفلها الدستور والقانون. ويضيف أرى شخصياً وبغض النظر عن رفضي أو قبولي لأفكار الحزب الجمهوري، ولكني أرى أنه لا مبرر لرفض تسجيله، وما حدث بالأمس يشبه تماماً ما حدث للحزب الشيوعي في الستينيات بكافة تفاصيله. ويضيف: (أرى أنه من الأفضل أن يتم قبول تسجيل الحزب الجمهوري، ويترك أمر رفضه أو قبوله للشعب السوداني). ويختم حديثه بالقول(الحزب الجمهوري طرق الوسائل الشرعية، ورفض تسجيله يبرر لهم اتخاذ الوسائل الأخرى).
على الصعيد الآخر بدا مسجل الأحزاب متمسكاً بقراره القاضي برفض تسجيل (الحزب الجمهوري)، وقال للصحيفة الأمين العام للمجلس «محمد آدم إسماعيل» إنهم استندوا في قرارهم إلى الدستور والقانون، داعياً الجمهوريين الذهاب إلى المحكمة الدستورية في حال لم يقتنعوا بقرار المجلس. ودافع عن القرار قائلاً إنهم لم يتأثروا بضغوط أفراد أو مجموعات دينية متشددة لها مواقف حادة ورافضة للفكرة الجمهورية. وقال (نحن نعمل وفق القانون، وأحياناً قد نتخذ قراراً ضد الحكومة ذاتها، وسبق أن أبطلنا قرار معتمد «الخوي» القاضي بوقف نشاط حزب (المؤتمر السوداني) المعارض باعتباره قراراً غير قانوني، وصب القرار في مصلحة الحزب).

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية