أخبار

هوامش

عشرة أيام برفقة الوفد الحكومي لمفاوضات أديس أبابا حول قضايا المنطقتين كانت كافية لي بالمتابعة والشهادة الحية لأوقن أن الحكومة السودانية وبلا ضلال أو تضليل حكومة مسؤولة ومحترمة تدير شأنها التفاوضي بوعي ومعرفة بأبعاد القضية ومحاورها المختلفة تتحلى في ذلك بالصبر اللائق والإحساس العظيم بمعاناة مواطنيها في مناطق النزاع، قدم الوفد ورئيسه البروفسور “إبراهيم غندور” بين يدي الوساطة الأفريقية أداءً محترفاً ومقنعاً، قدم كل التنازلات الممكنة ودفع بالمقترحات المناسبة وتحلى بصبر جعل المستشار “باتى” نائب “أمبيكي” ومفوضه لقيادة التفاوض يلحق به حينما ضاقت الفرج ليقول له (أشكرك على صبرك) قالها وهو يهز يد البروف وكاميرات الإعلاميين وأنفاسهم حاضرة.
الوفد الحكومي ضم قيادات عسكرية وأمنية ذات تاريخ ومجاهدات تميزت في دفعها بالنباهة والجسارة لا تتحدث كثيراً لكنها إن شرحت أوفت وإن تحدثت أقنعت، يحفظون جنوب كردفان شبراً شبراً وكذلك النيل الأزرق، يجلسون حيث تنتهى بهم المجالس لا يتخطون الرقاب وهم القادة وحملة الرايات وكتاب ملاحم الفتوحات، وضم الوفد كذلك سياسيين من سبعة أحزاب مثلوا مجتمعين (الحكومة) والسودان البلد لأن فيهم ممثلين لأحزاب معارضة وعضوة بالتحالف لكنهم في هذا الموقف تجاوزوا ضيق التصنيف لأفق الولاء العام وضم الوفد كذلك قيادات أهلية هي الحكمة والتمثيل الحقيقي لأهل المصلحة فكان الوفد الحكومي جامعاً واعياً كسب احترام المراقبين عكس الجانب الآخر الذي كانت كل الطرق فيه تؤدي إلى “ياسر عرمان”
وفد الحركة الشعبية كان بئيساً في كل شيء تمثيله الذي كان هجيناً من النشطاء المسيسين والقادة الذين لا (يحلون أو يربطون) وكذلك حضر “كمال الجزولي” و”فرح عقار” الذي لم يطل بلح الحكومة ولا عنب التمرد فبدأ في الردهات منبوذاً ولأي للحرب أو السلام يضم نفسه الحائرة. إن جملة الدرس الأول من تشكيل الوفدين تؤكد أن جدية الحكومة للسلام أعظم من جدية الطرف الآخر الذي يعد المسألة (ركن نقاش) يديره طلاب جدد وتختبر فيه جماعة طلاقة السن كوادرها الجديدة !!
لقد فجرت مفاوضات أديس أبابا قدرات البروفسور “إبراهيم غندور” مساعد رئيس الجمهورية، دبلوماسية رصينة مع الوساطة التي كسرت البرتوكول والعرف وأدمت يديها بالتصفيق حينما أوجز الرجل في دقائق موقف الحكومة من مقترح مسودة للوساطة لم يلحن أو يتتعتع، وكسب الرجل كذلك احترام الإعلاميين السودانيين والأجانب وجمهرة الحاضرين وأثبت بصحة لا مجال للطعن فيها إنه فعلاً يستحق التقديم وإمارة القيادة حيثما وضع وقدم، ولا أقول هذا تملقاً للرجل وإن ظنه البعض كذلك فليكن، فقد رأينا سياسيين ونشطاء معارضين يتملقون حركة قطاع الشمال و”عرمان”، سياسيين وشعراء مجيدين وإصلاحيين نابهون كلهم في سبيل لعاعة من الإعلام والحضور السياسي وربما الغرض تملقوا المتمردين حتى ظن بعضهم أن فجر السودان لا يكتمل دونهم.
وسنورد الكواليس وكامل القصص.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية