رأي

الاعتداءات على السودان

يلاحظ أن الاعتداءات على حدودنا كثرت هذه الأيام. ففي الشمال رجحت أخبار الاعتداءات من الأخبار العادية جداً. وكلما سكت الناس عن اعتداء فاجأهم الإخوة المصريون باعتداء جديد في منطقة أخرى. ولا أحد يعرف من هذا الذي يحرك كل ذلك هو بالتأكيد لا يريد أي خير لمصر أو السودان.
آخر الاعتداءات أن مجموعة من الخنازير الإثيوبية دخلت إلى السودان وشربت من نهر عطبرة وكأن الإثيوبيين يريدون أن يجربوا الاعتداء علينا وهل سنستمر في الصمت إلى ما لا نهاية أم سنتحرك؟ لا شك أن الذين يعتدون يقومون بذلك وهم في غاية الاطمئنان أن السودان في حالة ضعف شديد ولا يستطيع حتى الاحتجاج فانتهزوا هذه الفرصة. حتى مصر التي تعيش مشكلة سياسية تكاد تعصف بالدولة كلها تركت كل مشاكلها واتجهت للسودان حتى تلهي شعبها عن مشاكله وهي في غاية الاطمئنان أنها لا تخشى أي شيء. لا أحد يعرف إن كان جنوب السودان أيضاً قد دخل إلى الساحة استغلالاً لهذه (الفرصة التاريخية) ويريد أن يثبت اعتداءاته على منطقة أبيي فسلفاكير نسي أن رياك مشار احتل نصف دولته وقتل نصف جنوده وهو ماضٍ في تقدمه حتى جوبا. نسي كل ذلك وفتح معركة مع السودان ليس هذا وقتها. كان الأولى به أن ينشغل ويشغل شعبه بهزائمه المذلة أمام رياك مشار ولكنه وجد أن الأسهل إلهاء شعبه بمشكلة حدودية مع السودان لا وجود لها وأن هذا هو الوقت المناسب لنيل أي مساحة من السودان دون الخشية من أي عواقب. ولا نعرف هل ليبيا أيضاً اعتدت على منطقة في السودان أم أنها تخطط للاعتداء. المهم أنها في يوم من الأيام وبعد أن تشاهد السودان صامتاً لا يتحرك ستتحرك هي وتأخذ ولو أربعة كيلو مترات منه فلماذا لا تستغل هذه (الفرصة التاريخية).
لو تأملنا كل هذه الاعتداءات لاكتشفنا أنها كلها يجمع بينها أنها اختارت هذا التوقيت لأنها تراه الأنسب وأن السودان في هذه المرحلة عاجز عن الرد وكأن هناك من يحرك كل هذه الاعتداءات، لهذا فالدول المعتدية مطمئنة كل الاطمئنان بأننا لسنا قادرين حتى على الاحتجاج بل حتى رفع شكوى لمحكمة العدل الدولية. وبصراحة لا أحد يعرف لماذا وزارة الخارجية السودانية عاجزة حتى عن الاحتجاج لمحكمة العدل الدولية. والمعروف أن هذه المحكمة محايدة ولا تصدر قراراً إلا بعد فحص كل (الوثائق) و(الخرائط) وبذا يكون حكمها نهائياً. إذا كنا لا نريد الحرب مع مصر لأسباب كثيرة جداً فلماذا لا نرفع الأمر إلى المحكمة الدولية وهل نحن ممنوعون من رفع شكوى لمحكمة الدول الدولية بصراحة لا أحد يعرف شيئاً وزارة الخارجية مستمرة في صمتها. لكن الأمر المهم هو لماذا يظل السودان في حالة ضعف وهو محاط بكل هؤلاء الأعداء الذين تحركهم القوى الشريرة في العالم والذين تكالبوا على السودان الآن حتى جنوب السودان يريد نصيبه من الغنيمة بعد فشل تجربة انفصال الجنوب وعجزه عن الانضمام إليه. أيضاً يبحث عن جزء من الغنيمة ولايريد أن يمضي (مُولد) تقسيم السودان دون أن يحصل على نصيبه منه وقد يستبعد القراء ما أقوله ولكني أقول لهم إن النمسا قبل الحرب العالمية الأولى كانت إمبراطورية لكن أين هي الآن دولة صغيرة لا تكاد تكون في حجم ولاية الخرطوم لقد اقتسمها جيرانها بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى ونخشى نفس المصير.
السؤال الذي يطرح نفسه هل نحن على هذه الدرجة من الضعف بحيث تستأسد علينا حتى أفريقيا الوسطى ولا تجد إثيوبيا مرعى لخنازيرها إلا داخل حدودنا. هل يستطيع السودان أن يردع أي عدو من التفكير في الاعتداء؟.
إن إسرائيل التي عدد سكانها لا يتجاوز الأربعة ملايين عرفت كيف تختار الأسلحة المدمرة والطائرات الحديثة فماذا يمنعنا من سلوك نفس الطريق. هل يمتنع الاتحاد السوفيتي والصين الشعبية عن تزويدنا بالسلاح؟!(لا). لماذا لا نعقد اتفاقيات مع الدول الصديقة ونستورد أحدث الأسلحة وأفتكها بقروض طويلة الأجل وعندها لن يصبح السودان مرعى للخنازير الإثيوبية ولن تفكر أفريقيا الوسطى في الاعتداء علينا.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية