رأي

طموحات «الترابي» لا تعرف حاجز (الثمانين) !

ما هو سر طموحات الدكتور “حسن الترابي” الأمين العام للمؤتمر الشعبي في مواصلة مشوار التكاليف العامة وهو في الثمانين من العمر؟؟ ولماذا تزداد رغبة الرجل بين الفينة والأخرى في دلق المشهد السياسي بالإبهار الواضح والتصورات الجديدة والحراك الكثيف دون كلل وملل!!
كان الدكتور “الترابي” على الدوام محط الأنظار في الساحة منذ ريعان الشباب، ابتداءً من مرحلة جامعة الخرطوم مروراً بأحداث الستينيات وانقلاب مايو، حتى أطل على الجمهور بوصفه الأب الروحي لانقلاب 30 يونيو 89 وهو في السجن حبيساً في السنوات الأولى للإنقاذ.
العمر في مفهوم “الترابي” ليس السنوات التي تمر من عمر الإنسان، فهو يعتقد أن المقياس الصحيح يتمثل في إنتاج الأفكار الموحية، والقوة البيولوجية، والقدرة الفائقة على العطاء، واتساع البصيرة والخيال الخصيب، والطموح الذي يتجاوز الحدود.
كان “الترابي” غليظاً مع المؤتمر الوطني بعد المفاصلة، فكان يعرف كيف يضرب إخوان الأمس الذين انقلبوا عليه في مقتل، وكان حاذقاً في تعرية أخطائهم ومثالبهم بالقدر الذي صار فيه الخصم اللدود الأول والأكثر خطورة وإيلاماً على الحكومة.
قطعت السلطة محطات كثيرة في التحالفات مع بعض القوى السياسية الداخلية، وقامت بتنظيم العديد من البرامج والرؤى في سبيل إصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن محاولة إيجاد الوسائل لخلق نافذة خارجية مع الدول المؤثرة، غير أن تلك التحركات لم تثمر وكان مصيرها البوار والإخفاق الواضح، حيث ازدادت العزلة بكثافة وتردت الأحوال المعيشية إلى أقصى حد ممكن، وتوصلت جولات المشاركة مع الإمام “الصادق” إلى طريق مسدود، ولم يتوانَ “الترابي” في صبّ المزيد من الزيت على المؤتمر الوطني، بينما أحكمت القوى الخارجية (الكماشة) على الحكومة حتى صار الوطن على فوهة بركان!!
هكذا شكلت تلك الأوضاع الكالحة العبور إلى الأفق الذي يحمل شحنات كبيرة من الانفتاح والتعامل مع الآخر، فكانت قرارات هيكلة المؤتمر الوطني والحكومة، وظهور اللغة السياسية الجديدة حتى جاءت ترتيبات المائدة المستديرة.
بناءً على ذلك، زحف “الترابي” في مشهد يخطف الأبصار والألباب إلى مربع معاكس لمواقفه العدائية حيال المؤتمر الوطني، فكان هنالك خيط قوي يربطه مع “البشير” من وراء الحجب حتى استبان الأمر من خلال الرغبة الشديدة من جانب الرئيس في فتح صفحة جديدة مع الدكتور “الترابي”.
في الصورة المقطعية، كان “الترابي” براغماتياً كما قال الإمام “الصادق”، حيث لم يقف عند مفترق الطريق، بل التقط القفاز وصار المرجعية الأساسية التي تنثر التفاؤل وتبشر بالنتائج الإيجابية عن مردود المائدة المستديرة، فقد استخدم الرجل لسانه الذرب ومنطقه العميق في رسم الصورة المزدهرة والهمة العالية لتحولات الحكومة في الاتجاه الذي يلبي رغبات جميع السودانيين، بل الدكتور “الترابي” وزع الأدوار على بعض منسوبي حزبه في هذا الخصوص، وها هو “كمال عمر” يحاول محو العدائية مع المؤتمر الوطني و”إبراهيم السنوسي” يقوم بالتفاكر مع الإخوان في الخارج، بينما يحاول “الرضي أحمد التوم” قياس نبض الشارع والجماهير.
ربما كان “الترابي” بذكائه يحاول إدخال النظام في المحك ويضع السانحة الذهبية في الوعاء التاريخي، فالشاهد أن الشعبي قد دخل مرحلة المائدة المستديرة ارتكازاً على رؤية داخلية ناقشت المحفزات والمنفرات في إطار قراءة متأنية، فهل يطمح “الترابي” بمساندة البعض في تولي رئاسة الوزراء من خلال برنامج طموح بمشاركة الأحزاب الأساسية في المرحلة المقبلة سيما حملة السلاح، وقد لا يريد “الترابي” المنصب الكبير في حد ذاته، فهو يفكر في الأفق البعيد بعد الثمانين!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية