مجرد سؤال

القانون ( جاكم يا أولاد الشوارع )

الأسبوع المنصرم تناولت في هذه الزاوية مقالاً بعنوان ( تشرد وتسول وتبديد أموال)، استعرضت من خلاله ظاهرة التسول والتشرد التي أفرزت حالات كثيرة سالبة ودخيلة على مجتمعنا  وغيرت تماماً من الوجه الإيجابي لمجتمعنا،  وتمنيت أن تلتفت وزارة الرعاية الاجتماعية لهذه الظاهرة ومعالجتها بشتى الطرق.
الآن وبهذه الصفحة ستقرأون خبراً يصب في نفس الاتجاه حيث أجاز مجلس ولاية الخرطوم في جلسته مؤخرا قانون معالجة ومكافحة التسول، كأول قانون ولائي يعالج ظاهرتي التشرد والتسول، فحسناً مافعلته ولاية الخرطوم ومجلسها التشريعي.
نعم هذه الظاهرة التي أصبحت مهددة للأمن لابد من معالجتها بالقانون حتى نحد منها .. فالقانون نفسه لابد من تطبيقه تطبيقاً كاملاً وبحذافيره، بدءاً من المتسولين والمتشردين أنفسهم وصولاً إلى الجهات التي من وراء هؤلاء، حيث أثبتت الدراسات أن هنالك جهات وراء المتسولين يتم توزيعهم خلال اليوم على عدد من الأماكن، ثم يأتون آخر اليوم لأخذ ما تحصلوا عليه جراء التسول وإعطائهم كما ذكرت ( الفتات).
هؤلاء بالطبع سيتولد بداخلهم الحقد والانتقام من المجتمع حكومة وشعباً .. يحاولون بشتى السبل الانتقام من المجتمع .. يتعلمون السرقة والغش والخداع والكذب وكل أنواع العنف ..يتعلمون ويعلمون من حولهم من الأطفال الأبرياء كل ما تعلموه ويزيدون إفساد أخلاقهم بعد أن فسدت أخلاقهم هم.. فالذي تفسد أخلاقه بلا شك سيكون فاسداً في أي شيء ولن نستطيع أن نغير الدواخل فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ).. فالتغيير يكون من جانب النفس نفسها ولكننا هنا كمجتمع تنحصر مسؤوليتنا في التذكير بالأشياء الدينية لنؤثر في الدواخل ومن ثم تتغير…فالأخلاق الجميلة تبني الأمم.
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبوا أخلاقهم ذهبت
أين نحن يا هؤلاء من التعفف وإذا رأيتنا تحسبنا أغنياء من التعفف .. فالذي ينشأ على التسول والشوارع لا أظنه قد وقف مع هذه المعاني السامية التي ذكرنا الله بها …فالتنشئة المبنية على القيم والأخلاق الفاضلة تحد بلا شك من كل الظواهر السالبة، ليس التسول والتشرد فحسب بل وكل الأشياء التي لا تنتمي للإسلام بصلة. وإذا حاولنا فقط الخوض أو مجرد التفكير في شيء لا يرضي الله ورسوله ولا ترضى أنفسنا، فإننا قطعاً سنتراجع عن الفعل حتى وإن قادنا ما كنا نفكر بالمال الكثير ..فالأخلاق الفاضة هي التي تقف بيننا وبين ما ننوي من أعمال لا علاقة لها بالدين … ألا أقل لكم إن الأخلاق السمحة هي التي تبني الأمم.
فالقانون الذي تمت إجازته من قبل المجلس التشريعي لولاية الخرطوم يجب أن يتم تطبيقه من الآن، وأن لا نتكاسل من التطبيق وأن تكون هنالك جهة تتبع لوزارة الرعاية الاجتماعية معنية فقط بالتطبيق، ومراقبة من جاء من أجلهم القانون لأنهم كالنبت الشيطاني ممكن جداً أن يختفوا في الخرطوم ويظهروا في بحري أو أم درمان، ثم يعودون مرة أخرى للخرطوم وهكذا .. وممكن جداً أن يختبئوا بعيداً عن الجهات التي تطاردهم، ثم يظهرون بعد أن تتأكد الجهة المطاردة لهم بأنهم لا أثر لهم.
فالأمر ليس بالساهل ويجب أن لا نتهاون في التطبيق حتى وإن مارسنا عقوبات ضدهم.. فالعقوبة هي التي تكون عظة وعبرة لغيرهم.
فأولاد الشوارع يحبون جداً الشوارع حتى وإن حاولت توفير العيش الرغد لهم.. والمتسول يحب التسول حتى وإن أعطيته كنوز الأرض، فكلما تعطيه يقول لك هل من مزيد ..وبكرة تاني يجيك بفهم تاني وبأسلوب مختلف عن أسلوب الأمس…وأذكر هنا أن مسلسلاً مصرياً كان قد عرض في القنوات اسمه ( أولاد الشوارع).. أبطال هذا المسلسل كانوا يجتمعون يومياً وبالليل وعلى شوارع الأسفلت يضعون الخطط وتقاسم الأدوار فيما بينهم.. المهم انتهى الأمر بينهم إلى تبني أحد الجهات هؤلاء وإخراجهم من هذه الأعمال، وتم إدراجهم في المجتمع وخرجوا بعد ذلك للمجتمع برؤية تختلف تماماً عما كانوا عليه.
إذاً لابد من تكامل الأدوار من كل شرائح المجتمع للقضاء على هذه الظواهر السالبة جداً.
نتمنى ذلك

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية