القيادي بتحالف المعارضة أمين الأمانة السياسية بحزب البعث العربي الاشتراكي "محمد ضياء الدين" في حوار مع (المجهر) (1-2)
بعد أيام قليلة من لقاء رئيس الجمهورية والأحزاب، الذي التأم في قاعة الصداقة، فاجأ “محمد ضياء الدين” القيادي بحزب البعث العربي الاشتراكي تحالف المعارضة باعتراضه عالي النبرة داخل المؤتمر الصحافي الذي نظمه الأخير، وأعلن خلاله بياناً مشتركاً مع الجبهة الثورية يعبر عن تنسيق وموقف مشترك للتحالف والجبهة بشأن الحوار.. وبعد اعتراضه شديد اللهجة غادر “ضياء الدين” – وهو يشغل في ذات الوقت منصب رئيس اللجنة السياسية للتحالف – المؤتمر الصحافي مغاضباً قبل ختامه الأمر، الذي نثر التساؤلات وأحاط المشهد بالغموض والإبهام. ما سبب غضبة “ضياء الدين”.. وفيم تمثل اعتراضه؟؟ هل هو ناجم عن موقف قديم من الجبهة الثورية؟
(المجهر السياسي) التقت “محمد ضياء الدين” وحاورته حول الموضوع فماذا قال؟!
} الموقف الذي أعلنتموه في المؤتمر الصحافي أحاط موقفكم من الحوار بالإبهام والغموض.. ما هو موقفكم الحقيقي والنهائي من الحوار مع الوطني؟ وما حقيقة ما حدث في المؤتمر الصحافي؟
– أولاً ما حدث في المؤتمر الصحافي الأخير الذي دعت له قوى الإجماع الوطني، هو أننا في جزئية من المؤتمر قمنا بتسجيل اعتراض على ما تم الاتفاق عليه في البيان الصادر من قوى الإجماع الوطني والجبهة الثورية.. وأكدنا أن هناك خطأ إجرائياً قد وقع، باعتبار أننا في حزب البعث العربي الاشتراكي لم نطلع على هذا البيان، وتمت الدعوة لمؤتمر صحافي قبل أن يتم عرضه على الأحزاب السياسية.. في المؤتمر الصحافي أكدنا أن هذا الإجراء غير صحيح، وفي ذات المؤتمر أكد المتحدثون أن هناك خطأ إجرائياً حدث.. ونحن لم نتناول في المؤتمر الصحافي مضمون البيان لا سلباً ولا إيجاباً، باعتبار أنه وحتى ذلك الوقت لم يكن حزبنا قد اطلع عليه.
} ألم يكن اعتراضكم على أن حزبكم لم يشارك في إعداده؟
– نحن تحدثنا حول أننا لم نطلع عليه، وبالتالي أكدنا أن الخطأ إجرائي، ولم نتحدث عن مضمون البيان.. وفي ذات المؤتمر أكد المتحدثون أن هناك خطأ إجرائياً بالفعل، وكذلك أمن الاجتماع الأول للهيئة العامة الذي انعقد بعد المؤتمر الصحافي على أن هناك خطأ إجرائياً وقع.
أما تناول الصحف للأمر باعتبار أن هناك خطأ نبه له حزب البعث العربي، وباعتبار أن هذا قاصمة ظهر لتحالف قوى الإجماع الوطني، وأن هناك خلافات داخل التحالف، فهذا الأمر غير حقيقي.. ونحن استطعنا تجاوز الأمر في أول اجتماع، ونحن في حزب البعث حريصون على وحدة قوى الإجماع الوطني السياسية والتنظيمية.
} معنى ذلك أن هناك آخرين غيركم قد اعترضوا أيضاً على هذا الخطأ؟
– نعم هناك آخرون أكدوا أنهم لم يطلعوا على هذا البيان. وأكدوا أن…
} (مقاطعة).. لكن لماذا لم يبرزوا موقفهم؟ ما برز كان صوت حزب البعث فقط؟
– أنا أشرت إلى الخطأ في المؤتمر الصحافي، وهم أشاروا له في الاجتماع الذي عقد بعد المؤتمر.. ونحن معنيون بإبراز موقفنا والآخرون (مخيرين) في أن يحددوا طريقة اعتراضهم على الخطأ الإجرائي بالطريقة التي يرونها مناسبة.
} اعتراضكم كان على خطأ إجرائي وليس على مضمون البيان ثم بعد ذلك اطلعتم على المضمون.. ما رأيكم فيه؟
– نحن نعتقد أن الحركات المسلحة، أية خطوة تخطوها نحو الحل السلمي الديمقراطي الذي يجعل الناس يلقون السلاح أرضاً ويجنب البلاد مخاطر الاحتراب وتداعياته، هي خطوة متقدمة ونؤمن عليها.
} هذا يعني أنكم مع البيان وموافقون على مضمونه؟
– نحن مع ما ذكرت.
} الآن ما الموقف داخل التحالف؟ هل تمت معالجة الخطأ الإجرائي وهل تجاوزتم الأمر واتفقتم بشأنه؟
– نعم اتفقنا على كيفية معالجة مثل هذه الأخطاء حتى لا تتكرر، ولدينا اجتماع تداولي الأسبوع القادم لمناقشة تجربة قوى الإجماع الوطني على الصعيد السياسي والتنظيمي في وضع ضوابط ولوائح لإدارة العمل السياسي والتنظيمي في الهيئة العامة لقوى الإجماع الوطني.
} كنتم قد ذكرتم في اعتراضكم في المؤتمر الصحافي أن هذا البيان لا يعبر عنكم.. هل الموقف اختلف الآن؟ هل البيان يعبر عنكم وعن اسم حزبكم؟
– نحن لدينا تحفظ وذكرناه، وذكرت لك الموقف من مضمون البيان بأن أية خطوة نحو الحل السلمي الديمقراطي نحن نتفق معها.
} جاء في الأخبار أن الحزب الشيوعي وافق على الحوار مع النظام.. ما تعليقك؟
– ما يُطرح الآن في الصحف ينبغي الوقوف عنده عدة مرات.. فبالأمس القريب، وفي قناة (الشروق) تم تناول حديث للرفيق “وجدي صالح” عضو القيادة القطرية وممثل حزب البعث العربي الاشتراكي في الهيئة العامة لقوى الإجماع الوطني، عندما كان يتحدث في منتدى (أخبار اليوم).. تناولته القناة بشكل مجتزأ على شاكلة لا تقربوا الصلاة، ونحن قمنا بالرد على هذا، وأكدنا موقف حزبنا وتعهداته واشتراطاته مع قوى الإجماع الوطني.. وأنا أعرف تماماً موقف الحزب الشيوعي.. لست متحدثاً باسمه ولكني أؤكد أن الشيوعي ملتزم بموقف الإجماع الوطني، وجميعنا ملتزمون بتعهداتنا مع بعضنا البعض في ما يتعلق بمسألة الحوار.
} كم عدد أحزاب التحالف التي ما زالت ثابتة في موقفها من الحوار؟
– (19) حزباً.
} أستاذ “ضياء الدين” المشهد الماثل يقول إن الحوار ماضٍ وإن بعض هذه الأحزاب لن يؤثر على الحوار وسيتم تجاوزها خاصة أنها أحزاب صغيرة.
– ماذا تقولين عن كلام رئيس الجمهورية عن أهمية استصحاب كل القوى السياسية بما فيها قوى اليسار التي صنفت بأنها تقف الآن ضد الحوار؟ ولماذا كل هذا التوجه نحو هذه القوى التي وصفتِها بالصغيرة؟ ولماذا تمنع من العمل السياسي الجماهيري ويتم اعتقالنا واعتقال كوادرنا وقياداتنا، ويتم الاعتداء على شبابنا وطلابنا في الجامعات إذا كنا أصلاً صغاراً بالقدر الذي لا نؤثر فيه على الواقع السياسي؟! فلتمضي مسيرة ركب الأقوياء الكبار نحو المصالحة والتسوية السياسية.. نحن كبار بمواقفنا، كبار بانتمائنا لهذا الشعب، وحريصون على الدفاع عن قضايا الشعب. فمقدار حجم هذا الحزب أو ذاك يتوقف على مقدار ارتباطه بقضايا الشعب، لذلك نحن نعدّ أنفسنا أكبر من كل الأحزاب التي اجتمعت في اجتماع قاعة الصداقة الأخير.. وأصغر حزب عندنا أكبر من كل الذين اجتمعوا مع بعضهم البعض، لأنه ملتزم بموقف جماهير شعبنا.
} هل عاود الوطني الاتصال بكم بعد اللقاء التشاوري لإقناعكم بالحوار؟ هل هناك لقاءات واتصالات وحوارات جارية بينكم والوطني؟
– هناك اتصالات رسمية عبر خطابات، ومحاولات لاتصالات جانبية ذات طابع اجتماعي، وكلها لن تؤثر على موقف حزب البعث العربي الذي أسس موقفه من قضية الحوار على أسس وضوابط من أهمها أنه لا يمكن أن ندخل في أي حوار مع نظام المؤتمر الوطني ما لم يتهيأ المناخ لحوار منتج، وما لم يقد إلى سلطة انتقالية.
} حزب البعث لماذا يتعنت في موقفه ويرفض الحوار وهو حزب مؤمن بالحوار وبالوسائل السلمية؟
– للمرة الألف، أؤكد أن حزبنا من حيث المبدأ ليس ضد الحوار.. الحوار هو أحد وسائل العمل السياسي التي يمكن أن تجنب البلاد المخاطر المحدقة بها إذا خلصت النيات، وإذا كانت هناك مصداقية بين أطراف الحوار، لكن بالتجربة وبعد مرور (25) عاماً، ومنذ أكتوبر 89 عندما دعا الوطني إلى مؤتمرات الحوار وبدأها بمؤتمر الحوار الوطني، المؤتمر الوطني كان طوال الـ(25) سنة الماضية يدعو الأطراف التي يختلف معها سياسياً وعسكرياً إلى طاولة الحوار، وتوصل إلى أكثر من (40) اتفاقية مع العديد من الحركات المسلحة والأحزاب السياسية، والـ(40) كانت نتيجتها الفشل، وأبرز ملامح هذا الفشل تمثل في ما يسمى باتفاق السلام الذي أدى إلى انفصال الجنوب.. لذلك نحن لا نريد تكرار هذه التجارب.
} لكنكم تقدمتم بشروط ومطالبات رهنتم بها قبولكم للحوار؟
– نحن تحدثنا بأنه لا حوار في ظل مصادرة الحريات العامة، لذلك طالبنا بإلغاء القوانين المقيدة للحريات وإطلاق سراح المعتقلين، والبعض يعتقد أن القرارات الأخيرة التي أعلنها رئيس الجمهورية في ما يسمى باجتماع المائدة المستديرة هي فرصة للانفتاح نحو الحريات.. نحن لم نطالب رئيس الجمهورية بإعطائنا منحة رئاسية بالعفو عن المعتقلين أو بالسماح للأحزاب السياسية بممارسة النشاط السياسي، لأن من يعطي بإمكانه أن يأخذ.. نحن طلبنا إلغاء القوانين المقيدة للحريات.. رئيس الجمهورية تحدث عن الحريات وفقاً للقوانين، والإشكالية الرئيسية هي في هذه القوانين.
} أنتم طالبتم بشكل واضح بإطلاق سراح المعتقلين؟
– نعم تم إطلاق سراح أربعة معتقلين، وفي ذات اليوم تم اعتقال خمسة، وبإمكاني أن أعطيك أسماء الذين تم اعتقالهم.. وبعد خطاب الرئيس…
} (مقاطعة).. من هم الخمسة الذين تم اعتقالهم؟
– نعم.. تم اعتقال طالب في الجامعة الأهلية يتبع لحركة (الإصلاح الآن).. وتم اعتقال أربعة طلاب في نيالا ضمنهم ثلاثة ينتمون لحزب المؤتمر السوداني، بعد ذلك تم إلغاء ندوة لحزب سياسي في بورتسودان، وتم إلغاء ندوة لحزب الإصلاح الآن، وتم الاعتداء على فعالية لحزب البعث العربي في يوم 6 أبريل في جامعة النيلين، كما تم الاعتداء على فعالية طلاب جامعة القرآن الكريم من أبناء دارفور نجم عنه إصابات كبيرة بحقهم.
} وبعد خطاب الرئيس تم إيقاف صحيفة (الميدان) رغم أن جهاز الأمن أشار إلى أنه لم يتدخل، وأيضاً أشار جهاز الأمن إلى أنه هو لا يعرف الجهة التي قامت بالاعتداء على طلاب جامعة القرآن الكريم.. فهل هناك أكثر من جهاز أمن؟!
– أنا أعتقد إذا كان النظام جاداً فليكن الحوار بين جهاز الأمن والقوى السياسية.. نحن نؤكد بأن الذي يدير النظام ليس هو الحزب الحاكم وإنما هو جهاز الأمن.. جهاز الأمن يمثل السلطة الحقيقية للمؤتمر الوطني.