أمين الأمانة السياسية بالحزب الناصري الموحد "ساطع الحاج" في حوار مع (المجهر السياسي)
منذ أن أطلق المؤتمر الوطني مبادرة الحوار الوطني مع القوى السياسية، التي تباينت مواقفها داخل تحالف قوى الإجماع الوطني.. فبينما هرول بعضها تجاه الوطني وأعلن قبوله بحوار غير مشروط، ظلت أحزاب أخرى تراوح مكانها، تقدم رجلاً وتؤخر أخرى لتقف في المنطقة الرمادية التي تحتمل المعنيين (نعم للمبادرة.. ولا لحوار بلا ضمانات).
(المجهر السياسي) جلست مع أمين المكتب السياسي بالحزب الناصري الموحد “ساطع الحاج” وحاورته حول موقف الحزب من مبادرة الحوار الوطني التي أطلقتها الحكومة.. فإلى مضابط الحوار..
} كيف استقبل الحزب الناصري الموحد دعوة الحكومة للحوار؟
– نحن كناصريين أو كحزب سياسي ينتهج الوسائل السلمية، نرى أنه لا يمكن أن نصل إلى تحديد المشكلة أو إلى كيفية حلها إلا بالحوار.. ونحن كناصريين، المنهج الفلسفي الذي نعتمد عليه اسمه (جدل الإنسان)، وجدل الإنسان يعني الحوار بين الإنسان والإنسان لتحديد المشكلات وتحديد الحل وتحديد آليات الحل.. إذن منهج الحوار هو منهج أصيل في تفكيرنا كحزب سياسي ديمقراطي يؤمن بالوسائل السلمية لإحداث التغيير. نحن لا نؤمن بالبندقية للحل، ولا نؤمن بالرصاصة.. والذين يؤمنون بالرصاصة لا يؤمنون بالحوار.
} إذن أنتم وافقتم على المبادرة التي قدمتها لكم الحكومة؟
– أنا يا سيدتي قلت لك إن الحوار جزء من تفكيرنا.. نحن لا يمكن أن نرفض الحوار بأي حال من الأحوال.
} أنت تتحدث عن الحوار من حيث المبدأ.. لكن ماذا عن الدعوة التي قدمتها الحكومة.. هل وافقتم عليها؟
– من حيث المبدأ نحن مع الحوار، لكن دعوة الحكومة نريد لها أن تمضي إلى آخرها.. نحن نريد لهذه الدعوة أن تمضي إلى منتهاها.
} تمضي إلى منتهاها بمعنى ماذا؟
– الآن عندما قلنا إننا نريد مطلوبات للحوار.. فنحن نريد أن نجبر كل الأطراف على أن يكون هناك منتوج إيجابي للحوار.. والمنتوج الإيجابي لن يتحقق إلا بتوفر مطلوبات مثل مشاركة كل القوى السياسية في الحوار، ومشاركة الذين يحملون السلاح، ووقف إطلاق النار.. نحن نبحث هذه المطلوبات حتى يكون هناك منتوج حقيقي لهذا الحوار. نريد أن نبني أرضية صالحة للحوار. فأنت إذا كنت تريد أن تبني بيتاً أو عمارة من طوابق فلابد أن توفر كذا طن من السيخ وكذا طن من الأسمنت والمواد الضرورية الأخرى، وأن تحفر بعمق محدد حتى يمكن لهذا البناء أن يقوم. أما أن تأتي الحكومة وتقول أنا أريد أن ابني عمارة من خمسة طوابق دون أن توفر المطلوبات الأولية ومواد البناء فلن تتمكن من بناء شيء، ولن تحقق المكاسب الحقيقية.
} إذن أنتم تضعون شروطاً لقبول دعوة الحكومة للحوار؟
– لا نضع شروطاً.. نحن قلنا هناك مطلوبات ضرورية لهذا الحوار لابد من توفرها.. ولم نقل (شروط).. فكما قلت لك إذا كنت تريدين بناء عمارة فلابد من توفير السيخ الذي يكفي وتوفير الأسمنت الذي يكفي ومواد البناء وأموال للعمالة.. لا يمكن أن تشرع في البناء قبل أن توفر هذه الأشياء، وإلا سيكون كلاماً وحواراً غير مجدٍ.
} من الممكن توفير جزء من المواد والشروع في البناء إلى أن يتم توفير بقية المواد (ماذا لو جلستم للحوار وجعلتم هذه المطلوبات أجندة للحوار)؟
– نحن إذا كنا نريد بناءً حقيقياً فلابد من توفير مواد البناء بشكل واضح.. لابد من توفيرها.. القصة ليست قصة شروط تعسفية.. نحن نريد أن تكون المواد الأساسية متوفرة.. طيب عشان أقدر ابني العمارة على الأقل وفر طن أسمنت و.. و.. (ما في شيء متوفر .. ولا عندك خُرط).
على أي حال، نحن لسنا ضد مبادرة المؤتمر الوطني إذا كانت مبادرة منتجة وإذا توفرت المطلوبات التي حددناها.. المؤتمر الوطني أعلن الدعوة للحوار، وأن يعلن رئيس البلد أن حل قضايا السودان لن يكون عبر الطريق العسكري والأمني، وسيكون عبر الحوار، هذه محمدة، لأن الحلول العسكرية والأمنية الحكومة جربتها على مدى (25) سنة ولم تنجح.. لذلك نحن مع الدعوة للحوار، ولكننا نتحدث عن حوار مشروط، وعلى المؤتمر الوطني ألا يأخذ ما نطرحه وما تطرحه المعارضة على أنه تعسف.. هو ليس تعسفاً، بل نحن نقدم رؤية تساعد على المضي بالحوار إلى الأمام.
نحن نتكلم عن كيف نهيئ المناخ للحوار.. إذا أنا قلت لك والله يفترض أن تطلق سراح المعتقلين ويفترض أن توقف إطلاق النار ويفترض نحن كلنا في مركب واحدة إذا غرقت سنغرق كلنا بما فينا المؤتمر الوطني.. لذلك فالمؤتمر الوطني لا يملك الحق في تقديري- أن يقول أنا لا أوافق.. ولا أوافق.
} هذا الحديث يعني أنكم رفضتم دعوة الوطني للحوار؟
– لا لا.. نحن لم نرفض الحوار.. أصلاً لم نرفض الحوار.. عندما تطلب إسرائيل الحوار، يمكن أن نرفض أو نقبل، لأننا نحن وإسرائيل طرفان يمضيان في طريقين متصادمين، لكن عندما يطلب المؤتمر الوطني الحوار أو عندما (يعمل مبادرة حوار) فيجب أن نكون معه في خطوط متوازية.. لذلك التفكير هنا يكون في إنقاذ الوطن..إذا قلت لا فسيبدو وكأنك أنت تمتلك هذا الوطن.. إذا جاءك شخص يقول لك نحن نريد أن ننقذ الوطن تعال نتحاور، وأنت قلت له لا، فكأنما أنت عندك صك ملكية هذا الوطن.. إذا كنت جاداً في الحوار دعنا نفكر كيف نخرج بالوطن إلى بر الأمان بأقل خسائر ممكنة. لذلك مسألة أنتم مع الحوار أم ضده، مسألة غير قابلة للإجابة ببساطة بنعم أو لا.
} إذن عندما اتصل بكم المؤتمر الوطني ودعاكم إلى الجلوس للحوار ماذا قلتم له؟
– قلنا له الكلام الذي قلناه لك هذا.. قلنا له: (يا مؤتمر يا وطني الحوار كويس جداً)، نحن لسنا ضد الحوار لكن حتى يكون الحوار منتجاً يا مؤتمر يا وطني دعنا نفعل الآتي: دعنا نطلق سراح المعتقلين السياسيين.. (وقد فعلوا الآن وأطلق سراح معظم المعتقلين) دعنا نبدأ (بقولة خير)، نربط الأمر بالحريات العامة.. دعنا نرى كيف نعدل القوانين المقيدة للحريات.. دعنا مع بعضنا البعض نحدد الأجندة والآليات لنصل إلى سودان بلا فقر.. سودان بلا مرض.. سودان بلا نزاعات.
} أستاذ “ساطع”.. مواقف القوى السياسية داخل التحالف تباينت فهناك من يرفض الحوار وهناك من…
– قال بسرعة قبل أن أكمل: كل القوى السياسية لم ترفض الحوار.. تباينت مواقفها لكنها لم ترفض الحوار.. منها من أراد أن يدخل الحوار بدون أي مطلوبات أو شروط أو استعداد لهذا الحوار، ومنها من يريد توفير مطلوبات أو ضمانات لإنجاح هذا الحوار، ومنها من يقف في منزلة بين هذا وذاك.. لكن جميع القوى السياسية لم ترفض مبادرة الحوار.
} التحالف.. هل تخلي عن فكرة إسقاط النظام؟
– (نحن مُش تخلينا عن فكرة إسقاط النظام)، بل.. أنا أعتقد أنه عندما طرح النظام مسألة الحوار فهذا يعني أن النظام أدرك أنه لن يكون هناك حل إلا عبر إسقاطه.. أدرك أن الجماهير ستعمل على إسقاط النظام، لذلك من تخلى عن فكرة إسقاط النظام ليس نحن.. وإنما النظام تخلى، عندما قال إنه يريد أن يكون هناك حوار.. هو من تخلى عن فكرة أنه إذا كنا نريد أن نمضي إلى الأمام فلابد من إسقاط النظام.
مبادرة الحوار الآن جاءت من الوطني، ونحن ظللنا طوال (25) عاماً ننادي بالحوار، وأصلاً ما نادينا بإسقاط النظام إلا في 2010م بعد إصرار النظام على نظرية أحادية ونظرية إقصائية وبعدما يئسنا من استجابة النظام للحوار.. وعندما رفض النظام الاستجابة ورأينا أن المؤتمر الوطني أصبح عقبة كأداء أمام الحوار وأمام التغيير الديمقراطي، لذلك نحن في تحالف القوى السياسية آلينا على أنفسنا وتواثقنا في 26 ديسمبر 2010م على أنه حتى نفتح الطريق أمام سودان جديد لابد من إسقاط النظام لأنه رفض أن يتحاور معنا.