«نايل» في الـخرطوم.. أول سيماء (الغرور)
وصل الخرطوم ظهيرة أمس الأول المطرب الشاب «نايل» بعد مشاركته في برنامج (أحلى صوت) أكبر البرامج العربية لاكتشاف المواهب الغنائية بعد أن حقق نجاحاً لافتاً بوصوله إلى مراحل متقدمة من المسابقة لفت من خلالها إلى المواهب السودانية وقدرتها على تحقيق انجازات إقليمية وعربية.
وصل «نايل» إلى الخرطوم من بوابة كبار الزوار بـ(مطار الخرطوم) محاطاً برجال أشداء لمنعه من تحايا معجبيه الذين ساندوه في رحلة تحدي إثبات موهبته، رجال يطلق عليهم في العرف (بودي جارد) أو الحرس الخاص، ربما أن «نايل» استلهم الفكرة من بعض المطربين العرب الكبار الذين كانوا يشرفون على فرق البرنامج أمثال «كاظم الساهر» و«شيرين عبد الوهاب»، وهو الأمر الذي اعتبره كثير ممن وجدوا بالمطار بداية الموهبة السودانية للولوج إلى عالم الغرور الذي يعد (لحد) النجومية الأول الذي سوف تقبر فيه موهبة الفتى الناشئة.
ساندنا «نايل» في رحلة تثبيت دائم تجربته عندما كان يصدح في مسارح (أحلى صوت) ووقفنا بقوة ضد الأصوات التي كانت تنتقده وتحاربه كونه لم يردد أغنيات سودانية، وطوعنا كل ما نملك حتى يقدم «نايل» وجهاً مشرقاً للبلاد، ولكن الفتى السوداني الموهوب عندما أيقن أن ظهوره اللافت في (أحلى صوت) كفل له حشد نجومية عالية خاصة وسط الشباب كان أول ظهوره بهذه الخطوة، وربما أن بعد «نايل» عن الغناء السوداني ومعرفة كيفية تواصل إيقوناته مع المعجبين، ربما حجب عن عقله إدراك أن الكبير «وردي» والصوت الأعلى الآن «محمد الأمين» والصامد طوال عقود من الزمان «أبو عركي البخيت» وأسطورة الشباب «محمود عبد العزيز» كانوا من الجماهير يأكلون معهم ويسامرونهم ويمشون في الطرقات والأسواق بلا حرس وبلا حاشية، لهذا أحبهم الناس ومكثوا في عقولهم ووجدانهم كثيراً وسوف يمكثون في صفحات التاريخ.
و «نايل» الذي وجد مساندة قوية من كثير من قطاعات المجتمع ومن الصحافة الفنية التي دعمت مسيرته ودعمه الناس بالرسائل رغم كلفتها العالية، أظهر تعالياً واضحاً عليهم وهو يحتمي برجاله الأشداء وفي موقف غريب اختار صحيفة واحدة فقط لكي يتحدث لها، وهو الموقف الذي تذمر منه الزملاء الأعزاء في بقية الصحف.
لا نريد أن نقسو على «نايل» فهو لا يزال في العتبة الأولى من سلم الفن.. ولكن حضوره إلى البلاد بهذا الشكل، تبدو العتبة التي اختار الظهور عبرها مهترئة وممزقة الأطراف، ومن الممكن أن تسقط بتجربته الناشئة، وربما عليه أن يدرك كل خطواته التي يسير عليها مستقبلاً.
على «نايل» أن يدرك أن المجتمع السوداني مختلف عن نظيره العربي، فهو وإن كان يحتفي شعبياً بالإبداع وبالمبدعين، فإنه في ذات الوقت يحمل البسطاء منهم على أحداقه ويحمونه ويفدونه بأرواحهم في حال شعروا أن المبدع يتنفس معهم هواءهم ويتنسم (كتاحة) البلاد ويبلل جسده (عرق) شمسنا اللاهبة، وعليه أن يدرك أيضاً أن مظاهر النجومية التي ظهر عليها من حرس وحاشية لن تمنحه القدرة على الصمود طويلاً في قلوب الناس.