تقارير

السلطات تخلي سبيل المعتقلين السياسيين.. وجهاز الأمن يصدر بياناً ويؤكد التزامه بتوجيهات الرئيس

بخلاف ما كان يتوقعه الكثيرون وبخاصة الأحزاب المعارضة أطلقت السلطات سراح بعض المعتقلين السياسيين تنفيذاً لتوجيهات رئيس الجمهورية التي أعلنها في اللقاء التشاوري مع قادة الأحزاب السياسية وهي إطلاق الحريات العامة وحرية الإعلام وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتقديم الضمانات الكافية لقادة الحركات المسلحة للقدوم إلى الخرطوم بكل حرية من أجل انخراطهم مع الحكومة في حوار شامل يستهدف حل الأزمة السودانية، الأمر الذي يمثل اختباراً لمصداقية الحكومة وجديتها باتباع القول بالعمل، بما يعزز من الثقة بين الأطراف السياسية.
المؤتمر الشعبي: لا معتقلين من عضويتنا
وفقاً للقيادي بالمؤتمر الشعبي «أبوبكر عبد الرازق» فإن الحزب ليس لديه معتقلون الآن، وكان آخر من أطلق سراحه القيادي بالحزب، نائب أمين الأمانة السياسية «يوسف لبس». وعن قرار الرئيس «البشير» القاضي بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين الذي بدأ تنفيذه بالفعل اعتباراً من يوم أمس (الثلاثاء) يرى «أبوبكر» أن القرار قاصر في حال لم يشمل ذلك معتقلي الحركات المسلحة، خاصة وأن الرئيس «البشير» أعلن تقديمه ضمانات كافية لقيادات هذه الحركات لتأتي إلى الخرطوم وتتحرك بحرية من أجل الانخراط مع الحكومة في حوار سياسي شامل، ولذلك يتوجب في هذه الحالة أن يشمل قرار إطلاق سراح المعتقلين إطلاق سراح معتقلي الحركات من أمثال المعتقل الدكتور «عبد العزيز عشر».
المؤتمر السوداني: (3) من بين (4) معتقلين تنسموا عبق الحرية
وفي الأثناء رحب حزب «المؤتمر السوداني» المعارض الذي رفض دعوة الحوار التي أطلقها رئيس الجمهورية إلا بتحقيق مطالب اعتبرها ضرورية لتهئية المناخ، رحب بخطوة الإفراج عن المعتقلين السياسيين. وقال مسؤول الإعلام «أبوبكر يوسف» إن السلطات أطلقت سراح ثلاثة من معتقلي الحزب، بينما تبقي واحد ما زال في المعتقل هو الدكتور «صديق نورين». وتمنى في الوقت ذاته إطلاق سراح بقية المعتقلين السياسيين لأنهم اعتقلوا بذات الحيثيات. وطالب بمعالجة القوانين المقيدة للحريات كشرط أساسي نادت به كل القوى السياسية لتعارضها هذه القوانين مع الدستور ووثيقة الحقوق.
حديث المعتقلين بعد الافراج عنهم
وكانت (المجهر) في جولة صحفية من أجل لقاء المعتقلين السياسيين الذين أفرجت عنهم السلطات أمس، حيث التقت بعضو «مؤتمر الطلاب المستقلين» «إبراهيم صالح إبراهيم« الذي شمله الإفراج، فقال انه لا يوجد سوداني يرفض الحوار. وأضاف (أنا معه من حيث المبدأ بحيث يفضي لحل الأزمة السودانية فالبلاد تعاني من حالة حروب أهلية ممتدة منذ الإستقلال)، وقال:(أنا من المطالبين بإيجاد حلول متكاملة لكل مشاكل السودان وبحل دستوري كامل لكل القضايا السودانية دون أن يستثني ذلك أي تنظيم سياسي أو حركة مسلحة لضمان استقرار البلاد وسلامتها ولإبداء حسن النية بين كل الأطراف على الحكومة توسيع دائرة مشاركة الحوار ليشمل الحركات المسلحة والتنظيمات السياسية كافة). وختم حديثه بالقول (الجدية مطلوبة من الحكومة وبقية الأطراف الأخرى).

أما عضو «الجبهة الديمقراطية»، التنظيم الطلابي للحزب «الشيوعي» السوداني «محمد صلاح»، الذي ألقي القبض عليه عقب مشاركته في المخاطبة السياسية التي تلت تشييع الطالب بجامعة الخرطوم «علي موسى أبكر»، فقال لـ(المجهر) أمس (الثلاثاء) عقب الإفراج عنه، إن إطلاق السراح لابد وأن يشمل جميع المعتقلين بمن فيهم معتقلو الحركات المسلحة. ورأى أن الحوار في ظل وجود الدم في الجامعات والاهتمام باعتقال المعارضين دون محاسبة المتورطين يدعو للتشكيك. وحمل «المؤتمر الوطني» المسؤولية في الأزمة الحالية التي تعيشها البلاد، وبالتالي عليه كما يقول تقديم تنازلات حقيقية بعد إقراره بالذنب لما فعله. وحول شكل «الحوار الوطني» قال: (لابد أن يتم عبر «دائرة مستديرة» دون أن يكون ذلك منة من أحد). ونادى في ختام حديثه بما سماه «تفكيك الدولة البوليسية، وقيام حكومة انتقالية تعد لدستور دائم، وتهيئ لانتقال سلمي للسلطة.

وبدا المعتقل المفرج عنه من «تجمع روابط دارفور الأستاذ «الرضي علي إبراهيم» متشائماً خلال حديثه حيث اعتبر الحوار الجاري الآن «لن يولد أية نتائج في ظل الاعتقالات وما سماها الممارسات، وما يحدث في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق ورأى أنه لا سبيل سوى إسقاط النظام، وإقامة نظام ديمقراطي حقيقي!!.
من جهته وصف الناشط في مجال حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني «عبد العزيز التوم إبراهيم عثمان» الذي أفرجت عنه السلطات أمس، وصف الحوار الدائر الآن بين الحكومة والقوى السياسية بالأمر الإيجابي الذي يمكن أن يفضي لبعض النتائج. ويرى الناشط الذي اعتقل كما يقول بسبب كتاباته في المواقع الإلكترونية ودعمه القانوني لحقوق النشطاء السياسيين وبخاصة طلاب الجامعات: (إن الأمر يتطلب حسن النوايا بشكل أكبر). وأضاف: (إن كان الحوار «تكتيكا» سياسياً من الحكومة، فلن يفضي ذلك لحل سياسي على الإطلاق). ونبه إلى أن العدد الذي أطلق سراحه قليل قياسا إلى ما تبقى في المعتقلات، وبخاصة من طلاب دارفور ومن أولئك المنتمين للحركات المسلحة وغيرهم، ولذلك يرى أن على الحكومة أن تكون أمينة مع نفسها في إكمال ما بدأته كبادرة لتهيئة المناخ السياسي، الأمر الذي يؤسس لوفاق وطني يعجل بحلول وطنية تفوت الفرصة لتشرذم وتفكك البلاد، بحيث لا يصل السودان إلى نقطة «اللاعودة» والتي إن وصلناها فإنه يصعب معها تلافي كارثة تفكك الدولة السودانية إلى الأبد، ويضيف الأمر الآخر في هذه العملية هو (ضرورة إشراك الحركات المسلحة في عملية الحوار الوطني حتى لا يعزل أي سوداني من ذلك).
«كمال الجزولي»: تقييد إطلاق الحريات بالقانون
وبينما يرى بعض المراقبين خطوة الإفراج عن المعتقلين بأنها جيدة، وتمثل تطبيقاً عملياً للتعهدات السياسية من قبل الحكومة، يرى المراقب والقانوني الأستاذ «كمال الجزولي» خلاف ذلك باعتبار أن الحكومة قيدت إطلاق الحريات بالقانون. واعتبر خطاب الرئيس «حبال بلا أبقار» يعطي باليمين ويأخذ بالشمال، فهو قيد إطلاق الحريات بالقانون، حيث لا جديد في الواقع، فهو قيد حرية الأحزاب داخل وخارج دورها بالقانون، ولم يعط شيئاً جديداً. ويرى أن المطلوب هو وجود «حريات حقيقية»، غير منقوصة. ورأى أن حديث الدكتور «الترابي» أمر يخصه هو لأن لديه خلافاً شخصياً ينطلي على إحن وضغائن شخصية. وأضاف: (ليست هنالك ضمانات فنحن لا نريد منحة فهي منحت من قبل، فالمطلوب هو إلغاء القوانين المقيدة للحريات كشروط مهمة للدخول في الحوار، والمطلوب كذلك إصدار قرارات لإيقاف الحرب، وقرار يوقف إطلاق النار من جانب الحكومة، والاتصال بالحركات المسلحة، ومحاسبة مرتكبي الجرائم).
جهاز الأمن يصدر بياناً
إلى ذلك أصدر جهاز الأمن والمخابرات بياناً أمس أعلن فيه إطلاق سراح الموقوفين وتعهد بإسناد الحريات وتهيئة الأجواء للحوار السياسي في هذه المرحلة من تاريخ البلاد التي تتطلب تحلي جميع الأطراف بالمسؤولية والقيام بالواجبات الوطنية من أجل الاستقرار والسلام والتنمية. ونفى في الوقت ذاته قيامه بمصادرة صحيفة (الميدان) لسان حال الحزب الشيوعي السوداني، وقال إنه قام بإطلاق سراح جميع الموقوفين بطرفه الذين لم تثبت في حقهم تهم جنائية ترتبط بالحق العام أو الخاص وفاء لتوجيهات المشير «عمر حسن أحمد البشير».
وقال مدير إدارة الإعلام بالجهاز إن الموقوفين أخلي سبيلهم وتم إطلاق سراحهم، مؤكداً في الوقت ذاته اتخاذ الجهاز لكافة التدابير لإسناد توجيهات رئيس الجمهورية في ما يلي تعزيز مناخ الحريات وتهيئة الأجواء للحوار السياسي في هذه المرحلة من تاريخ البلاد التي تتطلب تحلي جميع الأطراف بالمسؤولية والقيام بالواجبات الوطنية من أجل الاستقرار والسلام والتنمية، منوهاً إلى أن جهاز الأمن سيظل ملتزماً بأداء واجباته ومهامه كافة في إطار تأمين الوطن والمواطن.
من ناحية أخرى نفي مدير إدارة الإعلام ما نشر من أخبار حول مصادرة الجهاز لعدد صحيفة (الميدان) الناطقة باسم الحزب الشيوعي السوداني، مبدياً استغرابه من ذلك الادعاء الذي وصفه بالمختلق. وفي ما يتعلق بندوة حزب «الإصلاح الآن» التي كان يفترض إقامتها بالجامعة الأهلية أكد مدير الإعلام بجهاز الأمن أن الحرس الجامعي وإدارات الجامعات هي المسؤولة عن إدارة المناشط داخل الجامعات وليس جهاز الأمن، وبالتالي فإن أي قرار يلي النشاط بالجامعات تتخذه إدارة الجامعة بما يتوافق مع استقرار الجو الأكاديمي ومصلحة وسلامة الأبناء الطلاب.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية