أخبار

أي شيء.. كل شيء..!!

نحتاج إلى الموسيقى.. نحتاج إلى الشعر.. والقصة والرواية.. نحتاج إلى الكلام بلا صراخ ولا شتائم.. إلى صوت هادئ.. ومرهف.. إلى معانٍ رقيقة.. ومفردات شفافة.. إلى وضوح لا يفضي بالضرورة إلى الحقيقة.. ولكنه يحترم عقولنا.. ولا يجرح مشاعرنا!!
نحتاج إلى لحظات صفاء.. ونقاء.. وربما بعض الصمت.. والانسحاب ولو قليلاً من صخب المدن وضوضاء الشوارع.. وضجيج الأمكنة.. فالعيون لم تعد تتحدث كما قبل.. والناس ما عادوا يكترثون بما يقولونه.. ذلك لأن الصمت قد غاب.. والألسن تتبارى في الكلام.. الذي يعنيها.. والذي لا يعنيها..!
ثمة أناس ماهرون في الكلام عن أي شيء وفي أي شيء.. والأشياء التي لا تتحدث عن نفسها لا يمكن أن تدافع عن نفسها.. لذا كل ما يقولونه عنها يجد من يصدقه.. فالماهرون وما أكثرهم يعرفون كل شيء.. والأشياء لا تنفى أو تؤكد..!!
نحتاج إلى الموسيقى.. والشعر.. والقصة والرواية.. وإلى رؤية لوحات مرسومة.. أو عروض مسرحية أو فيلمية.. أشياء من قبيل الخيال أو حتى الواقع.. ولكن بنظرة متأملة وأفكار تتجاوز مجرد الثرثرة.. نحتاجها لأنها العوالم التي يمكن أن تغسل أرواحنا وتمسح همومنا وتمنحنا بعض الدهشة الغائبة والأمل الذي تنغلق أبوابه في وجه نهاراتنا ويسدل الستار على أحلامنا قبل أن نصحو منها..!.
لماذا لا تتذكر شيئاً من حلم البارحة.. هل يعقل أن تحلم كل يوم.. وتصحو بلا أحلام.. لماذا لا تذكر تفاصيل هذه الأحلام أو حتى عناوينها العريضة.. ربما يحتاج الأمر إلى معاودة طبيب.. أو.. لا داعي فهي مجرد أحلام وستشفي نفسك بالبحث عن تفسيراتها.. هذا أفضل: أن تصحو بلا حلم..!
الماهرون يتحدثون عن أي شيء وفي أي شيء.. ونحتاج إلى الموسيقى والشعر والقائمة الموازية التي تغربل الحياة من حولنا جيداً وربما تمنحها الدفء والحيوية أكثر.. ومشكلة من يحلم ويصحو بلا أحلام ما زالت تبحث عن حل.. وهذا الصباح مقلق ومربك.. ويبدو طويلاً ومملاً أكثر مما ينبغي.. كأنما هذا الحلم عليه أن يعاني مرتين.. ليل بأحلام لا يتذكرها.. وصباح مطاطي يباغت حصة الزمن.. الزمن الذي يمتلئ بالثرثرة.. والماهرون الذين يتحدثون عن أي شيء وفي أي شيء.. إلا سيرة من يستيقظ كل يوم وهو لا يذكر شيئاً عن أحلامه..!
قال الطبيب: هذا عرض مرضي، وأوصاه بإتباع روشتة الدواء.
قال الفنان: هذا عرض نفسي، وحرضه على الاستماع للموسيقى.
قال العراف: هذه نبوءة خير فأحلامه كلها مجابة.. ولأنها ستتحقق فلا داعي لأن يتذكرها وكأنها مجرد حلم.
قالت الوردة: عليه بالحب.. فالمحبون يحلمون حتى في نهاراتهم.. من لا ينبض قلبه.. يصحو بلا أحلام..!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية