رأي

حديث لا بد منه (16)

بادئ ذي بدء أزف التهنئة خالصة للطبقة العاملة وبخاصة عمال السكة حديد والنقل النهري والمرطبات بمرور ثلاثة وثلاثين عاما على ثورة العمال التصحيحية التي كانت في إبريل 1978م بمدينة عطبرة قلعة الجهاد والصمود.
النهوض بمرفق السكة الحديد والنقل النهري والمرطبات كان من الضرورة بمكان لأهمية هذه المرافق الحيوية جداً حيث إن السكة الحديد امتدادها على القطر كله تمتد في مساحة تزيد عن الخمسة آلاف كيلو قضيب وهي الناقل الأساسي لكل مدخلات الصناعة بالبلاد والناقل الأساسي للوقود والفرنيس والدقيق والسكر والثروة الحيوانية بالبلاد كافة، بالإضافة لنقل الركاب بحيث أن الآمال العراض كانت تعقد على مرفق السكة الحديد والذي نأمل أن تهتم الدولة بهذا المرفق الحيوي وتعيده إلى وضعه الطليعي الذي كان يضطلع به وقد حكم المحتل من خلاله السودان قاطبة، وكذلك النقل النهري كان العمود الفقري الرابط بين الشمال والجنوب، وعند وصول الباخرة ملكال تهتز كل ملكال وتعم الفرحة أبناء الجنوب، أما المرطبات فقد كانت تخفف عن المواطنين عناء ووعثاء السفر وهي فندقة محمولة على القاطرات فالنقابة التي تولت المسؤولية بعد انتخابات حرة ونزيهة وقد مثلت خيار العمال الحقيقي والنابع من قناعتهم بها كقائدة لهم، إذن كان من الضروري تحريك دولاب العمل، وقد بدأت سواعد العمل الفتية بالقاطرة (1022) ديزل وتفانى العمال بإخلاص وتجرد مشهود بصيانتها بجدارة وخرجت من العمرة وكأنها جاءت من بلدها جديدة. وكما قلت النقاشون أبدعوا زينتها والخطاط المبدع “سليمان حرجولي” كان على قمة أهل هذا الفن ثقتنا كانت قوية جداً في عاملينا البواسل بأنهم قد أتقنوا تماماً عمرة الوابور الديزل (1022) والذي قررنا أن يأتي به الأخ رئيس الجمهورية وقتها المشير “جعفر محمد نميري” رحمه الله رحمة واسعة، وقلنا إن بعض المهندسين قد تحفظ على الوابور بحيث إن المهندسين لم يكونوا طرفاً في صيانة الوابور، ونحن لا بد أن نؤكد احترامنا لإخواننا المهندسين لأنهم منا وإلينا ونحن منهم وإليهم، ولكن تجد بعض من يعكر صفو العلاقات الأزلية والحميمية جداً.
فنحن كنقابة نشهد بكفاءة العمال ومهارتهم المتفوقة جداً، وقد شهد بها الخبراء الأجانب الذين يفيدون إلينا من وقت لآخر وعندما اشتد النزاع تدخل الأخ المهندس “صالح محمد الطيب” وكان وقتها مدير الإدارة العامة للهندسة الميكانيكية بالسكة الحديد من أجل معالجة الموقف الذي احتدم بيننا ومهندس الورش وقتها، ثم ذكر الأخ المهندس “صالح” أنه يثق في كفاءة العمال وأنه مطمئن أن الوابور قد خرج بالصورة المطلوبة وطلب أن يكون مهندساً من المهندسين مصاحباً للقطار وذلك من أجل أن يسود الوئام وتزول الجفوة التي ما كان ينبغي لها أن تحدث وأن نظهر جميعاً بمظهر الوحدة المطلوبة في هذا المرفق الحيوي وأنتم الآن تبعثون فيه الروح ليكون أكثر عطاء، قلنا إن كان لا بد من مهندس يصاحب القطار ويرافقه، فليكن الأخ المهندس “الفاتح نبق” لأنه علاقته بالعمال حميمة وحميدة، وهو رجل متواضع وإداري ناجح محترم بين العمال فوافق الأخ المهندس “صالح محمد الطيب” على هذا الاختيار وباركه، وقد عزمنا على السفر للخرطوم أقصد بذلك المكتب التنفيذي من أجل دعوة الأخ رئيس الجمهورية لحضور المهرجان الكبير احتفالاً بانتصارات العمال وتحقيق رغبتهم في اختيار نقابة جديدة وبداية انطلاق الإنتاج.
وقبل سفرنا للخرطوم حدثت بعض التغييرات السياسية في بعض المواقع فقد تم قسم المديرية الشمالية إلى محافظتين فأصبحت مديرية نهر النيل والمديرية الشمالية وكلف الأخ الأستاذ “سعد عوض” بموقع آخر حيث إنه كان يقود المديرية الشمالية كاملة قبل قسمتها، وقد عين الأخ الأستاذ “مختار الطيب بابكر” محافظاً لمدير النيل ولعله عين الأخ اللواء شرطة “نابري” للمديرية الشمالية وقطعاً بحكم كثافة العمال في مدينة عطبرة وهي القلب النابض للمديرية بل للسودان قاطبة لابد من التعامل معه وإشراكه باعتباره الواجهة التنفيذية، وقد شكرنا الأخ الأستاذ “سعد عوض” على تعاونه الصادق ومواقفه المشرفة ثم بعد مجيء الأخ الأستاذ “مختار الطيب” بعد أدائه القسم تمت مقابلته وباركنا له المنصب ودعونا له بالتوفيق والسداد وقلنا أن يكون خط التواصل بيننا مفتوح وبالفعل كانت اللقاءات تترى في قاعة المديرية بالذات للاطمئنان على نقل المواد التموينية من بورتسودان للخرطوم عبر القاطرات المتمثلة في الدقيق والسكر والوقود والزيوت، ولكي لا تحدث اختناقات على مستوى السودان تم في إطار المديرية أي مديرية نهر النيل بصورتها الجديدة وأكد لنا ثقته فينا وأننا معه شركاء لا أجراء وهذا هو شعار من شعارات نظام مايو، أعود وأقول بحمد الله تعالى بعد وفرة المواد التموينية وفتح مركز للبيع في عطبرة وحركة الكناتين المتحركة للأقاليم ودخول الدجاج الكويتي والأسماك حدث ارتفاع للروح المعنوية تماماً، السكة الحديد فكنت أتجول داخل مواقع العمل ولقد لمست منهم الرضاء تماماً وقال لي واحد منهم هو ممسك بالمفتاح لربط صامولة جربندية وابور بخار، وقال يا رئيس أنا لست بحاجة لماسورة أضعها على المفتاح من أجل الربط والتقريط أي إحكامه لأن سواعدنا بحمد الله أصبحت قوية بعد وفرة المواد التموينية فشكرته وكان ذلك قبل صافرة الإفطار وخرجت مع صافرة الإفطار وذهبت للسوق لإحضار بعض الحوائج للمنزل وقد أردت شراء لحمة من الأخ الجزار “عبد الله أبو عجاج” ولم أستلم اللحمة بعد فإذا بالأخ “حسن عبد الله إبراهيم” عضو اللجنة المركزية يقول العمال خرجوا الشارع في موكب كبير وعندها تركت اللحمة والأخ “عبد الله أبو عجاج” ينادي يا ريس فقلت له معليش الموضوع أتركه شوية وقلت للأخ “حسن” لماذا خرجوا وقد كنت معهم قبل قليل.
فركبت سيارة النقابة وكانت رانج رفور وذهبت لدار النقابة لعلهم توجهوا إليها فلم أجد أحداً وأخذت أتسمع لصوت فإذا بصوت حاد وقوي جداً يهتف فعلمت أنهم قد توجهوا لبلدية عطبرة وأخذت أفكر لماذا البلدية ووصلت للبلدية والموكب هادر وضخم وهو يهتف التطهير لمحافظ النيل موقف حاسم يا نقابة والشرطة مطوقة البلدية، لماذا خرج هذا الموكب وكيف كان التعامل معه هذا ما نقف عليه لاحقاً إن شاء الله.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية