حوارات

القيادي بحزب الأمة القومي "عبد الجليل الباشا" في حوار مع (المجهر) (2-2)

منذ طرح الحكومة مبادرة الحوار الوطني، تتناثر تصريحات حزب الأمة القومي بشأن الموقف من الحوار، وتتضارب ما بين أصوات تعلن أن (الحكومة غير جادة في الحوار.. ، لتبرز أصوات أخرى من ذات الحزب وتقول: (حزب الأمة دخل في الحوار مع الحكومة لأنه وجد منها أذناً صاغية).. وصوت ثالث يعلو ليؤكد (لاءات الرئيس دليل على أن الوطني لا يريد الحوار).. و(لن نشارك إلا في إطار وضع انتقالي شامل).
في إطار حواراتها مع قيادات حزب الأمة وسعيها لإجلاء المشهد، التقت (المجهر) القيادي بالحزب “عبد الجليل الباشا” وحاورته حول الموضوع، وعرجت إلى مواضيع أخرى تناولت الأوضاع داخل الحزب، والموقف من التحالف، وأسباب استقالته الشهيرة.. فماذا قال..؟! إلى مضابط الحوار..
} نشرت الصحف خبراً يقول إن “مبارك” اتصل بقياداته داخل حزب الأمة وطلب انتخابه إماماً للأنصار وطالبهم بأن يحتفظ كل منهم بموقعه داخل الحزب في الوقت الحالي؟
– هذا كلام غير صحيح وينم عن جهل كبير جداً.. أولاً حزب الأمة حزب ديمقراطي، وحزب مؤسسي وبالتالي القيادة يتم اختيارها من خلال المؤتمر العام ومن خلال مؤسسات الحزب، لذلك لا أعتقد أنه يمكن أن يحدد إنسان أنه هو القيادة.. هذا منطقياً غير سليم، فالمؤتمر العام ومؤسسات الحزب هي التي تحدد من يقود الحزب.
} أليس هناك أي قدر من الصحة في هذا الخبر الذي نشر بالصحف.. ألم يتصل “مبارك” بكم ويطلب أي شيء؟
– “مبارك” الآن هو جزء من حزب الأمة القومي، لذلك هو (ما عنده قيادات بعينها).. وهو يعلم علم اليقين أن جماهير حزب الأمة هي من يحدد من يقود الحزب في المستقبل.
} لكن بالتأكيد العلاقة بين “مبارك” والحزب متوترة؟
– صحيح هناك خلاف.. لا أقول خلافاً بينه وحزب الأمة، ولكن هناك خلافاً شخصياً بينه والإمام.. خلاف شخصي، وخلاف على المستوى الأسري.. لذلك الآن هناك مساعٍ كبيرة في أن تتم معالجة هذه الخلافات الأسرية والشخصية على أساس أن مؤسسة حزب الأمة وجماهيره هي التي تعالج الخلاف على المستوى السياسي.. يعني نفصل بين الخلاف الشخصي ونحاول أن نعالج كلاً في إطاره، ومن ثم مؤسسات الحزب هي من يحدد توجهات وسياسات الحزب ومواقفه تجاه القضايا.
} هل جمد “مبارك” نشاطه داخل الحزب؟
– (لا، ما مجمد نشاطه).. هو يتحرك كشخصية قومية في إطار القضايا العامة إلى حين تسوية الخلافات.
} هل هنالك اتصالات بينه والحزب؟
– ليس هناك اتصال مباشر، ولكن الاتصال يكون من خلال آرائه وأفكاره، وأحياناً لقاءاته التي تُنشر.
} تأثير الخلافات الشخصية بين “مبارك” و”الصادق المهدي” على الحزب دليل على ضعف المؤسسية داخله.. فلماذا يكون للخلافات الشخصية تأثير على الحزب؟
– بالتأكيد هذه الخلافات يكون لها تأثيراتها على الأداء في الحزب، فحزب الأمة كحزب عريض وحزب كبير فيه تيارات، وبالتالي تكون هناك اختلافات في وجهات النظر، واختلاف في التقديرات السياسية، لكن في النهاية القرار الذي سيحكم الناس هو قرار المؤسسة. صحيح هناك مشكلة تعاني منها كل الأحزاب في أفريقيا هي مشكلة المؤسسية والديمقراطية الشكلية، حيث إن قرارات بعض الأفراد تعمل على إفراغ المؤسسات من مضمونها، بحيث إنها تكون ضعيفة.. وفي هذه الحالة قد تكون القرارات فردية، ولكن العكس هو الصحيح، يفترض أن تكون المؤسسات قوية بحيث تفرض إرادتها على الأفراد، وليس العكس.
} لكن ما يحدث في حزب الأمة عكس ذلك.. ويبو أكثر وضوحاً من بقية الأحزاب؟
– لا أعتقد أن المسألة بهذا المستوى.. المسألة فيها تعقيدات كبيرة جداً، لكني أؤكد لك الآن أن حزب الأمة فيه حركة على مستوى جماهيره وكوادره، وحركة على مستوى المركز، وعلى مستوى الولايات تجعلنا نطمئن على مستقبل هذا الحزب.. وفي النهاية- ومهما كانت الأوضاع معقدة- وعن طريق الديمقراطية، وعن طريق المؤسسية ستتمكن جماهير حزب الأمة من أن تفرض إرادتها من خلال مؤسسات قوية تستطيع أن تعبر عن إرادة الجماهير.
} كيف نظرت لموضوع خروج المؤتمر الشعبي من التحالف واتجاهه نحو المؤتمر الوطني؟
– أعتقد أن السودان الآن يحتاج وحدة القوى السياسية والمجتمع المدني، فتحقق تلك الوحدة سيكون في صالح تحول دولة الحزب إلى دولة الوطن.. وما حدث داخل التحالف هو اختلاف في التقديرات السياسية، باعتبار أن الشعبي وافق على الحوار بدون شروط، بينما قوى الإجماع الوطني ترى أنه لابد من تهيئة المناخ. وكان ينبغي لحزب المؤتمر الشعبي أن يبلغ قوى الإجماع الوطني بتوجهه، ولماذا وافق على حوار بدون شروط، وما هي الأجندة التي يود أن يتحاور بها مع النظام، وهل هذه الأجندة تعبر عن مواثيق الإجماع الوطني أم هي أجندة أخرى خارج مواثيق الإجماع الوطني، لأنه حدث تفسير كبير جداً خاطئ لتوجه المؤتمر الشعبي، فبعض المحللين وبعض القوى السياسية فسرته على أنه خطوة في اتجاه وحدة الحركة الإسلامية، وهذا يعيد للأذهان التجربة التي حدثت في 89 وأنا أعتقد أن حزب المؤتمر الشعبي هو أكثر حزب تضرر من هذه التجربة، خاصة وأنه (من أكثر الأحزاب الرافعة لشعار الحرية والديمقراطية والتعددية).. لذلك، لا أعتقد أن حزب المؤتمر الشعبي يحاول أن يعيد تجربة 89 بعد كل ما مر به.
} إذن لماذا قام بهذه الخطوة حسب قراءتك؟ كيف تفسرها ؟ وهل أنت مقتنع بأنه سيتحاور مع النظام بأجندة التحالف بالفعل كما يقول؟
– أصلاً هناك واحد من خيارين.. إما أن الشعبي يريد أن يتحاور بأجندة الإجماع الوطني ليتحقق تحول كامل من الدولة الشمولية إلى الدولة الديمقراطية، بحيث تتفكك دولة الحزب لإيجاد دولة الوطن.. وهذه مسألة محمودة وإيجابية وتلبي طموحات كل الناس.
} والخيار الآخر؟
– الخيار الآخر.. إذا ذهب المؤتمر الشعبي ليتفاوض مع الوطني من أجل أن يتوحد الإسلاميون ويفرضوا حكماً شمولياً كما كان في 89، فأنا أعتقد أن هذا (انتحار سياسي)، ولا يوجد عاقل يمكن أن يقدم على هذه الخطوة.. بالرغم من ما تواجهه الحركة الإسلامية وما يواجهه الآن تنظيم الإخوان المسلمين سواءً أكان في مصر أو في الشرق الأوسط من محاكمة من جهات كثيرة، لكن في السودان أعتقد أنه على المؤتمر الشعبي أن يستوعب هذه التجربة، ويحاول أن يتعامل مع الواقع السوداني بمعطيات السودان وليس بمعطيات واقع مختلف عنه.
} هل تتوقع أن ينتهي حوار الشعبي مع الوطني بمشاركة الشعبي في الحكومة؟
– لا أستطيع أن أجزم بذلك.. ولكن ذلك يتوقف على رؤية المؤتمر الشعبي لمعطيات الواقع السياسي.. ما قلته هو إن كل الخيارات الآن أمامه، وعليه أن يختار ما يوحد أهل السودان ولا يفرقهم.
} هل من المتوقع أن يشارك حزب الأمة في الحكومة مع النظام؟
– حزب الأمة لن يشارك في حكومة إلا من خلال- وأنا أتكلم الآن عن رأي جماهير حزب الأمة ورأي مؤسساته- لن يشارك إلا في إطار وضع انتقالي كامل، بحيث يحدث انتقال من الشمولية إلى الديمقراطية، ومن الأحادية إلى التعددية، ومن دولة الحزب إلى دولة الوطن.. وحزب الأمة حدد اشتراطات أجازتها كل مؤسسات الحزب.. لذلك حزب الأمة مع الحل القومي الشامل.
} لكن رأي جماهير حزب الأمة ورأي مؤسساته قد يكون مختلفاً عن رأي قيادته.. من الممكن والمتوقع أن يكون مختلفاً؟
– قد يختلف الناس في الآراء، لكن ما يسود هو رأي الجماهير ورأي الحزب.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية