المشهد السياسي

زيارة أمير قطر أتت في زمانها

اليوم (الأربعاء) يكون الشيخ “تميم بن حمد آل ثاني” أمير قطر قد شرف البلاد زائراً ومكملاً ومتمماً لعلاقة بين البلدين ظلت حميمة ودافعة بالسلام والاستقرار والاقتصاد والتنمية في البلاد إلى الأمام رغم الظروف الإقليمية والدولية التي لم تكن على ذلك الحال.
إلا أنه والأعمال بالنيات والتصميم والإرادة فقد جاءت الزيارة في وقت انفراج في كل الاتجاهات تقريباً، ومما يذكر فيها قبل غيره السلام في دارفور والعلاقات الخارجية العربية والحراك الخاص بالحوار الوطني والاستثمار. وما يشار إليه هنا:
– أم جرس الثانية ونتائجها وما أحاط بها من موجبات.
– دعم القمة العربية الخامسة والعشرين التي انعقدت بالكويت للسودان أمناً واقتصاداً وعلاقات خارجية.
فلكلٍ من النقطتين دورها في الذي يجري الآن من تطورات إيجابية يمكن أن يضاف إليه خروج حزب العدالة والتنمية في تركيا بقيادة زعيمة أردوغان من (المأزق) والنفق الذي دفع به فيه.. فلتركيا ولحزب العدالة دورهما في دعم البلاد في كل المجالات.
أم جرس الثانية في تشاد حضرها الدكتور “الترابي” أمين عام (المؤتمر الشعبي) واللواء “برمة ناصر” من حزب الأمة ولذلك دلالاته الكبرى في ملف السلام في دارفور وفي ملف الحوار الوطني والاستقرار إجمالاً. فعلاقة المؤتمر الشعبي ببعض الفصائل المتمردة في دارفور (حركة العدل) لا تخفى على أحد لاسيما وأن المهندس “آدم الطاهر حمدون” أحد أركان المؤتمر الشعبي قد كان قبل أيام في لقاء جمعه ببعض أركان الجماعات المتمردة داعياً إلى إلقاء السلاح والانضمام إلى دعاة السلام.
والدكتور “الترابي” كان له خطابه وحراكه الموجب داخل ملتقى أم جرس الثانية. فقد التقى الرئيس “البشير” رئيس حزب المؤتمر الوطني وعمل معه كذلك جنباً إلى جنب وكأن شيئاً من الخصومة وحدة المواقف عبر أكثر من ثلاثة عشر عاماً لم يكن.. والتقى الاثنان معاً بالرئيس التشادي “دبي” صاحب المكرمة في اللقاء المذكور، كما فعل ذلك ممثلو حزب الأمة القومي في غياب زعيمه وأحزاب أخرى.
أم جرس الثانية على كل حال تعتبر اختراقاً لما يجري في دارفور بشكل عام قديمه وجديده. فقد التقى الرئيس “البشير” على هامش ذلك اللقاء بالسيد “موسى هلال”.. ولذلك ما يعوّل عليه في الاستقرار في دارفور.
على كلٍ ودارفور والسلام في السودان كانا من هموم الشقيقة (قطر) التي كانت لها مجاهداتها ومساعيها ومؤتمراتها واتفاقياتها في ذلك الخصوص ودعمها بالميزانيات وتخصيص البنوك الداعمة للتعمير والتنمية فيها.. ومن تلك المجاهدات الاتفاق مع ” التجاني السيسي” وجماعته الذي قام بموجبه إقليم دارفور.
ونتصور أن هذا مجتمعاً يضيف إلى زيارة الشيخ “تميم بن حمد” أمير قطر اليوم إلى بلادنا، ليس ذلك وحده – كما ذكرنا – في ثانياً أعلاه.. وإنما ما حدث من تطور إيجابي في العلاقات العربية السودانية وقد أوردنا تفاصيله إجمالاً، إلا أننا نضيف إلى ذلك ما حدث من تطورات إيجابية مؤخراً في العلاقات السعودية السودانية تبعاً لما جرى من اتصال هاتفي من السيد النائب الأول للرئيس الذي هنأ فيه الأمير “مقرف بن عبد العزيز” وتسميته مؤخراً نائباً للأمير “سلمان” ولي العهد.. ولما صرح به السيد وزير المالية والاقتصاد “بدر الدين محمود” الذي طمأن الرأي العام ومن يهمهم بأن المعاملات البنكية بين المملكة العربية السعودية والإمارات والسودان قد عادت إلى ما كان عليه الحال سابقاً.. وليس منع التعامل كما سبق أن قيل.
وسيكون لذلك انعكاساته الموجبة مستقبلاً للعلاقات المصرية السودانية أياً كانت الرئاسة والأوضاع الدستورية فيها وهي بين يدي انتخابات رئاسية بعد أيام.
إن زيارة الشيخ “تميم” أمير قطر للسودان في هذا الظرف الذي أشرنا لبعض المتغيرات الإيجابية فيه يزيد من ألق الزيارة التي لم تكن بحاجة إلى شرح ذلك سلفاً. فدولة قطر وعبر كل الأزمان والأمراء والحاكمين كانت لها سياساتها وقراراتها المستقلة وإن اختلف ذلك مع مجموعة الـ (5+1) الخليجية ومواقف الكبار في جامعة الدول العربية التي تؤخذ قراراتها بالإجماع. إذ لا يزال في البال أن هناك من كان يقول عن قرارات ومواقف دولة قطر الإقليمية والدولية (إنها فأر يحاول أن يلعب دور الفيل..!)
إنها الحسادة والغيرة على كل حال.. غير أن من يملك قراره ويعرف إمكاناته ومصالحه ومنافعه وعلاقاته بالآخر يفعل ما يريده (الجمل يسير والكلب ينبح..!) إن جاز التعبير. وقد كان ذلك في الحرب على العراق. وفي الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية على جمهورية السودان.
ورغم كل ما قلنا من موجبات ومن ذلك الحوار الوطني وتطوراته الإيجابية، فإن زيارة الشيخ “تميم بن حمد” التي لم تسبقها زيارة مماثلة تعد دفعاً بالسلام والاستقرار والاقتصاد والتنمية إلى الأمام؛ ذلك أنها ستحقق الكثير على ذلك الصعيد، وربما تغرى آخرين بالقيام بذات الفعل الذي تحتمه الضرورات والعلاقات بين ذوي الأرحام.
لقد استبقت بهذا (المشهد السياسي) اليوم الحدث الإقليمي الكبير وهو الزيارات والعلاقات من المستوى العالي بين دول المنطقة التي ظلت في حالة ركود وكمون منذ (الربيع العربي) الذي لم تكن له إيجابيات وإنما خسائر..! ذلك أنه – أي الربيع العربي – انقلب إلى (خريف) كانت له خسائره التي تبدو للعيان من اضطرابات وعدم استقرار وتوافق بين الجماعات والأحزاب.
فالشكر للسيد أمير قطر الدولة التي تعرف دوماً أين تقف من الأحداث ومجريات الأمور في الإقليم والعالم الخارجي – العارف عزه مستريح – كما يقولون..!
فالدولة القطرية – والحمد لله – ذات مقومات وإمكانات لم (تحوجها) إلى آخرين بل جعلتها تفعل ما تريد وترى تبعاً للعقل والمصلحة بالضرورة..!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية