الأمين العام للمؤتمر الشعبي بولاية الخرطوم المهندس "آدم الطاهر حمدون لـ(المجهر):
مهندس “آدم الطاهر حمدون” الأمين العام للمؤتمر الشعبي بولاية الخرطوم، عضو قيادة الحزب، ومن قبل كان أميناً للولاية وغادرها في 2006م، وكما شغل موقع أمين الاتصال التنظيمي للمؤتمر الوطني حتى المفاصلة وتكوين حزبين، ثم أصبح أمين الاتصال التنظيمي بالشعبي منذ المفاصلة وحتى 2004م. وفي إطار العمل التنفيذي عمل محافظاً للدويم، ونائباً للوالي ووزير الشؤون الهندسية بولاية بحر الجبل (جوبا) ثم مستشاراً للسيد رئيس الجمهورية لمستشارية السلام، ووزيراً للتجارة الخارجية.. كان صائماً عن الكلام لا يتحدث ولا يحمل خصومات شخصية لأحد. ويعتبر أحد رموز السودان ودارفور بصفة خاصة، يتحرك ولا يفصح – يحمل ذخيرة من المعلومات ولكن نادراً ما يقولها. رشح مؤخراً في الإعلام أنه كلف من حزبه المؤتمر الشعبي لمقابلة قادة الحركات المسلحة بنيروبي في إطار دعوة الرئيس “البشير” للحوار، بحكم العلاقة الوطيدة التي تربطه بها، لكن الرجل نفى هذا الخبر لكن ربما بين ثنايا حديثه إشارات لا تفوت على فطنة القارئ.. (المجهر) كسرت طوق الصمت وجلست مع القيادي بالمؤتمر الشعبي المهندس “آدم الطاهر حمدون” في حوار تناول خلافات الإسلاميين ودواعي العودة إلى منابر الحوار المشتركة، وصحة ما رشح حول لقائه قادة الحركات المسلحة بنيروبي ومستقبل الحوار والسلام في دارفور، فماذا قال؟
} كيف تنظر للانقسام الذي وقع في صفوف الحركة الإسلامية في نهاية التسعينيات وتداعياتها على الحركة السياسية السودانية؟
– نعم إن نهاية التسعينيات هي البداية الظاهرة للانقسام في إجراءات وقرارات تخص الحزب أدت إلى المفاصلة الكاملة في 27 يونيو 2000م، بقيام مؤتمرين – المؤتمر الوطني وهو الحزب الحاكم الآن، والمؤتمر الشعبي هو الحزب المعارض واشتد الصراع وألقى بتداعيات بالغة الخطورة على الحركة السياسية السودانية وامتد تأثيرها على مساحات مقدرة إقليمياً ودولياً.
} إلى ماذا تشير؟
-يرجع كثيرون إلى تلك المفاصلة نشوء أو تفاقم الأزمة في دارفور وتداعياتها المحلية والإقليمية والدولية بما في ذلك اللجوء، النزوح، العقوبات، والقوات والمحكمة الجنائية وغير ذلك من الأزمات، ويلحق آخرون بذلك معالجات الأوضاع في جنوب السودان، التي انتهت بالانفصال وما خلفه من بؤر توتر خطير في جنوب كردفان والنيل الأزرق وغير ذلك من تعقيدات سكانية وجغرافية وأمنية وسياسية واقتصادية تتقاذف البلاد علاوة على الأخريات.
} كيف تنظرون الآن للأوضاع بعد إطلاق الرئيس “البشير” الدعوة للحوار وموافقة القوى السياسية عليه؟.
– إن تجاوز المرارات والتسامي على الجراحات لم يعد اختياراً في هذه المرحلة بل أضحى ذلك واجباً دينياً وإنسانياً ووطنياً، يثاب فيه الفاعل، ويؤثم فيه التارك (بالطبع أنا لست بفقيه أو عالم ولكني جاورتهم) قد شهد تاريخ المبادئ والأفكار، لحظات الاختيار الصعبة في تاريخ الأمم والشعوب، مشاهد من صحوات نبيلة تسابق فيها الفرقاء والألداء إلى تجاوز الأدنى ولو عظيم، ومن أجل الأسمى ولو صغر وأنا شخصياًَ قدمت عدة رسائل في هذا الخصوص.
} فيما تمثلت؟
-ظللت أكرر بوجوب مبادرة تنطلق من إرادة سياسية صادقة، قوية، طامحة للقفز من الوضع السياسي الراهن يقودها الرئيس نفسه، معتمداً على الصلاحيات الدستورية التي بين يديه وآخرها كان في مؤتمر طلاب المؤتمر الشعبي ولاية الخرطوم لدورتها الحالية بقاعة الشهيد والحمد لله كما ذكرتي فإن الرئيس “البشير” خرج مشروعه الإصلاحي ابتداءً بالتغيير الأولي في المواقع الدستورية وهذا مهم وجيد ومقبول، ولكن الذي نتوقعه بهذا المشروع الإصلاحي أن يطال السياسات، البرامج، المناهج، الهياكل والأشخاص ومراجعات شاملة تطال كافة المجالات التي يمكن أن يطالها بما في ذلك رد الحقوق ورفع المظالم وجبر الضرر وإيقاف الحرب. ثانياً: أن تخرج اللقاءات التي تتم مع القوى السياسية بالاتفاق على آليات الحوار ومدته وتقديم كل منهم رؤيته في القضايا والموضوعات وأهمها وحدة الصف الوطني.
} ما هي توقعاتك لتطور الحوار؟
– أتوقع أن يتم الاتفاق على الحد الأدنى الذي يحفظ وحدة ما تبقى من البلاد ويجنبها مخاطر الانزلاق إلى مهاوي الحرب الأهلية والتمزق، وكذلك الاتفاق على وضع برنامج انتقالي قصير المدى لإيقاف الحرب وتحقيق السلام الشامل والحريات العامة والعدالة والاقتصاد، ثم الوصول إلى إجابة واضحة كيف يحكم السودان؟
} بعض المختصين والسياسيين يعتقدون أن الحوار سيقود إلى توحيد الحركة الإسلامية السودانية، ما رأيك في ذلك؟
– للناس الحق في أن يقولوا ويحللوا ولكن إن حسمت القضايا التي تمت من أجلها المفاصلة وانقسمت الحركة إلى مؤتمرين وتباعد آخرون بأنفسهم بعيداً عن العمل العام لتقديراتهم الفكرية والمنهجية، فماذا يمنع من تكوين تكتل سياسي قوي وواسع يسع الجميع، ويرجح فرص التماسك الوطني ويضعف فرص الانهيار ويعمل على تمتين الحقوق والواجبات بالمواطنة الحقة وليست بالمسميات.
} قيل إن الدكتور “علي الحاج” سيشارك في موضوع الحوار خاصة مع موافقة الحركات المسلحة – متى سيعود للمشاركة؟
– الشيء المعلوم عندي وأحب أن أؤكده لك أن الدكتور “علي الحاج” لم يقرر العودة للسودان حتى هذه اللحظة وأسأل الله أن يعجل بعودته لأنه بطل سياسي من الطراز الأول ومحنك وذو باع طويل وأفق واسع ومتجرد تحتاج إليه البلاد وخاصة في ظل هذا المناخ التصالحي الجيد.
} ماذا يعني إمساك الفريق أول “بكري حسن صالح” النائب الأول لرئيس الجمهورية بملف السلام؟
– دلالة على أهمية قضية السلام والسرعة في تحقيقه، فالرجل في تقديري ومعرفتي له مناسب واختياره موفق وجاء في الوقت الضروري ويجد الاحترام والمعقولية نسأل الله له التوفيق والنجاح ويبعده من شرور أصحاب الأجندة الشخصية.
} يقال إن زيارتكم الأخيرة لنيروبي في إطار اللقاء بقيادات الحركات المسلحة بدارفور.. هل تم ذلك بتكليف من الحزب أم الحكومة؟
– هذه الزيارة أثارت لغطاً كثيراً وأطلعت على ما كُتب في (النت) ووسائل التكنولوجيا الحديثة، أسئلة كثيرة جاءتني من عدة صحف وإذاعات ولكن الذي أحب تأكيده أن الزيارة عادية وشخصية، ولم يتم تكليفي من أي جهة حزبية أو حكومية للقاء قيادات الحركات المسلحة بالرغم من معرفتي بهم، علاوة على ذلك فإن أولئك القيادات في كمبالا وليسوا في نيروبي، وهم يعلمون أن الحرب ليست غاية في ذاتها ولا يوجد منتصر أو مهزوم أبدي وإنما الجلوس للتفاوض والحوار للوصول إلى السلام بين الطرفين المتحاربين، والآخرون مسهلون فقط وليسوا مفاوضين والمجالس أمانات.
} دائماً تتحدثون عن تهيئة المناخ للحوار وللتفاوض مع الحركات المسلحة ماذا تقصدون؟ وما هو المراد؟
– أولى متطلبات الحوار هي الثقة بين الأطراف ومن ثم كسر الحواجز والسمو وتجاوز المرارات للانطلاق إلى الحلقة الجامعة للحل، وتبدأ تهيئة المناخ بإطلاق الحريات الصحفية والنشاط الحزبي والإعلام المسموع والمرئي وبإطلاق سراح المعتقلين والمحكومين السياسيين لكل ألوان الطيف السياسي، ووقف العدائيات بصورة كاملة، وذلك للخروج من الاحتقان، وقف إطلاق نار شامل من جميع الأطراف، العفو العام، فتح ممرات آمنة لإيصال الإغاثة للمواطنين المتضررين في كل المناطق المتأثرة بالحرب والقتال، ضمانات محلية من رئيس الجمهورية والقوى المشاركة في الحوار، وهذه لم تكن الأولى بالسودان وتجربة “وليم دينق” والمائدة المستديرة، وما تم قبل مباحثات أبوجا شاهدة على ذلك علاوة على الضمانات الإقليمية لأن الغاية هي السلام والأمن والاستقرار للحفاظ على ما تبقى من البلاد وكسر شوكة الطامعين العالميين.
} إلى أي مدى يمكن أن يساهم ملتقى أم جرس في حل مشكلة دارفور، وفيما تتمثل مشاركتكم؟
– ملتقى أم جرس الأول معلوم الأهداف والمقاصد بالنسبة لي لذا شاركت فيه، أم جرس الثاني انتقل من الحالة الحصرية لبعض أبناء قبيلة واحدة إلى توسيع الدعوة لتشمل قبائل دارفورية أخرى، وهذه محمدة وخطوة تصحيحية لأن كل من يحمل السلاح ليس (زغاوياً)، وقد أفاد القائمون على آلية أم جرس بأنهم قابلوا قيادات الحركات المسلحة وأبدوا موافقتهم للدخول في السلام، ولا أعتقدأن عاقلاً يرفض السلام، ولكن المهم كيفية تحقيق هذا السلام بالحرب والبندقية أم بالحوار والتفاوض – أين ومتى؟ نسكت إلى أن نسمع توصيات وقرارات (أم جرس اثنين)، أما عن المشاركة لا أدري الجمع الأخير (كم) للشخص أم للحزب إن كان لشخص فقد ذكرت لكي الرأي، أما الحزب فأطلعت في صحافة اليوم (أمس) بسفر الأمين العام للمؤتمر الشعبي الشيخ «حسن الترابي» ولا أدري بصفة شخصية أم رسمية ولكن عموماً قد يراد بحضور الجلسة الختامية وما يفهمه أهل السودان من خلال الإعلام.
} كيف يمكن أن تقود هذه الجهود إلى حلول بالنسبة لموضوع دارفور في ظل ما يدور في ولاية شمال دارفور بين “كبر” و”موسى هلال”؟
– لا أظن أن الصراع بين الوالي “كبر” والشيخ “موسى هلال” من أجندة ملتقى أم جرس الثاني، ولكن حسب تقديري معالجة هذا الأمر بيد الحكومة وتستطيع معالجتها إن رغبت ولا يحتاج لكل الذي يحدث فالأمن والاستقرار من واجبات الدولة والوالي “كبر” والشيخ “موسى هلال” دستوريان وتحت مظلة حزب واحد هو المؤتمر الوطني، ولم نسمع بأن أي من الطرفين أعلن تخليه عن المنصب أو الحزب، فهل نتعامل بسياسة إلغاء العقول كأن شيئاً لم يحدث – آمل أن يعالج هذا الصراع بصورة راشدة ومعقولة.