الصرف الصحي
} قبل فترة طويلة أشرت إلى خطورة تجاهل هذه المشكلة. فقلت ما هو صعب آنذاك سيضحى مستحيلاً في الغد. تلك المشكلة هي مياه الصرف الصحي في الأحياء الشعبية بمدينة الخرطوم. هذه الأحياء تعاني من غياب شبكة الصرف الصحي.. والجميع يتظاهر أنه لا يرى شيئاً. فإذا كان المواطن العادي لا يرى ولا يستطيع أن يفعل شيئاً فما بالك المسؤول.
} إن المشكلة أيها السادة أن آلاف وملايين من الجوالين تسكب على الأرض لأننا لا نعرف كيف نصرفها. وكما هو متوقع هذه خلقت مشكلة جديدة تؤثر في صحة الناس وثبات منازلهم. الشبكة الحالية التي أنشئت في الخمسينيات لا تصرف هذه المياه تصريفاً صحيحاً فهي تتركها في المناطق للأرض تشربها، وقد اقتنع الناس أن هذا هو الحل الوحيد وما هو بحل بل يزيد المشكلة. وكانت النتيجة أن خبراء المياه يرون أن الصرف الصحي أصبح يؤثر على مياه الشرب ويلوثها. وكما تلاحظون هي مشكلة غير عادية. بل هي شديدة الخطورة ولكن لا أحد يهتم. كبار المسؤولين لا يعانون من هذه المشكلة لأن منازلهم موصلة بالشبكة القديمة وهم بالتالي أراحوا أنفسهم من عناء التفكير في مشاكل البلاد والعباد. وكل واحد يقول لنفسه (وأنا مالي).
} حتى الآن لم يفكر أحد مهندسينا أو إحدى شركاتنا الهندسية في إيجاد حلول للمشكلة تحت شعار (وأنا مالي). ولا أحد يعرف لها حلاً من أي نوع. والمشكلة تتفاقم كل يوم.
} هذه المشكلة واجهتها كثير من الدول حولنا لكننا نحن نعتقد أن مشاكلنا فريدة. وما دام الواحد ينال مرتبه كل آخر شهر فلماذا يصدع رأسه. في السعودية ودول الخليج واجهوا هذه المشكلة واستطاعوا خلال عامين فقط في السعودية القضاء على هذه المشكلة لأنهم اتبعوا الطرق العلمية في علاجها وأوكلوا الأمر إلى شركات أجنبية متخصصة لإقامة شبكات في كل المملكة، وخلال خمس أعوام أصبحت هذه المشكلة نسياً منسياً. وكل مهندسينا ليست لديهم خبرة بالمشكلة ولكنهم لا يعترفون.. والجهات المختصة لا تعرف حلاً سوى الصهينة والطناش.. ولكن ليس لديها حل ويمكن إحالتها للجيل القادم.
} لقد كنت مترجماً لعدة مشاريع صرف صحي في المملكة وحصلت على خبرة لا بأس بها. وعرفت أن الشركات الكورية لديها العلاج للمشكلة وبتكلفة رخيصة. ولكن لا أحد يهتم. ولا أحد يعقد اتفاقيات مع هذه الدول تتضمن تقديم العون في مجال شبكات الصرف الصحي. ولا أحد يفكر في ذلك الآن أو مستقبلاً. ولا أحد لديه حل ولو مؤقت.
} لقد كنت مترجماً لمشروع شبكة الصرف الصحي وتابعت مراحل تنفيذ هذا المشروع منذ لحطة استلام موقع المشروع. وعرفت أن الشركة المختصة تقوم بكل شيء فهي تحفر وتحضر الأنابيب من كل الأحجام وتقوم بكل التجارب اللازمة.. وما على الجهة صاحبة المشروع سوى استلامه جاهزاً والإشراف على تشغيله في الشهر الأول وعلاج أي مشكلة تطرأ.
} بدلاً من الصراخ، علينا الاستعانة بالشركات الكورية التي تنجز العمل بأقل تكلفة ودائماً عملها أرخص كثيراً من الشركات الأوروبية.
} فإذا كانت جهات الاختصاص جادة فعليها الإعلان عن حاجتها إلى استشاري يشرف على هذا المشروع. وعليها توفير تكلفته الآن قبل الغد.. وما نراه صعباً اليوم سيصبح مستحيلاً في الغد, لا مساحة للانتظار. يجب أن يكون التحرك فوراً.. الآن الآن.. وإلا أصبحت كل مياه الشرب ملوثة وتفشت الأمراض الغريبة.
> سؤال غير خبيث
كيف عالجت دول الخليج مشكلة الصرف الصحي؟