أمين العلاقات الخارجية بالمؤتمر الشعبي الدكتور "بشير آدم رحمة" لـ(المجهر):
منذ أن أطلق الرئيس دعوته للأحزاب في خواتيم شهر يناير الماضي للتحاور حول مشكلات البلاد، وجاءت ردود إيجابية من بعضها، لم ير المتابعون للساحة السياسية خطوات عملية على محيط الواقع.. المؤتمر الوطني حينما سُئل عزا ذلك إلى حرصه على مشاركة أكبر قدر من الأحزاب في طاولة التفاوض، إلا أن المؤتمر الشعبي قال: قد يعود التأخير إلى رغبة المؤتمر الوطني في استصحاب المعارضين أو المتباطئين من عضويته إلى هذا الحوار.. وبالمقابل جدد رغبته في الاستمرار فيه تقديراً لظروف السودان السياسية والاقتصادية والاجتماعية بعد أن أخضع القراءة التي وضعها الحزب قبل ثلاث سنوات للتقييم، وكانت حول أفضل الوسائل لتغيير النظام، وتوصلوا في النهاية إلى أن أفضل خيار الاستجابة لدعوة الحوار إذا أطلقتها الحكومة، لأن أوضاع البلاد لا تتحمل.. وعندما طرحت الحكومة ذلك عدّ المؤتمر الشعبي أن هذا يمثل أقل الخسائر التي يمكن أن تحدث للسودان، أو كما قال لنا أمين العلاقات الخارجية بحزب المؤتمر الشعبي دكتور “بشير آدم رحمة” في حوار تناول مجريات الحوار بينهم والمؤتمر الوطني، وتحركاتهم بشأن إقناع الحركات والأحزاب التي ما زالت خارج مظلة التفاوض، والعلاقة بينهم وقوى التحالف المعارض بعد أن وافقوا على الحوار دون شروط، وردهم على من يقولون إن الإسلاميين اتفقوا وسيعودون بالبلاد إلى عهد التمكين.. فإلى التفاصيل.
} بداية.. نود السؤال عن أسباب تأخير مجريات الحوار بين المؤتمر الوطني والقوى السياسية التي وافقت عليه؟
– صحيح منذ 27 يناير تاريخ إلقاء الرئيس لخطابه وحتى الآن مرّ حوالي شهرين ولم يبدأ الحوار.. وفي تقديري أن المؤتمر الوطني استعجل دعوة الناس لخطاب الرئيس،، ويبدو أنه لم يكن متفقاً عليه ليكون ضربة البداية للحوار، وربما كان هذا خطاباً داخلياً.
} ما سبب هذا الارتباك؟
– لا أدري.. ربما السبب يعود إلى الاختلاف في وجهات النظر داخل المؤتمر الوطني، مما عجل بدعوة رؤساء الأحزاب لحضور الخطاب.
} ماذا كنتم تنتظرون لبداية الحوار مع المؤتمر الوطني؟
– الحوار حتى يكون منتجاً لابد أن تشارك القوى السياسية في وضع أجندته وآلياته واللجان التي تديره. كان الأفق قبل الخطاب أن يسبق ذلك لقاءات الرئيس بقادة الأحزاب التي جاءت بعد الخطاب بفترة.
} ألم تسألوا عن سبب التأخير؟
– عند طرح هذا السؤال على الممسكين بملف المؤتمر الوطني أرجعوا التأخير إلى زيارات الرئيس الخارجية، حيث كان أكثر من مرة بعد الخطاب خارج السودان، لذلك تأخرت بدية الحوار.
} ربما هناك أسباب أخرى؟
– حسب علمنا وما لمسناه من اجتماع المؤتمر الشعبي مع المؤتمر الوطني برئاسة “البشير”، ظهر لنا أن الرئيس شخصياً جاد جداً في موضوع الحوار.
} وماذا عن الآخرين خلافاً للرئيس “البشير”؟
– أقول لك صراحة، هناك أشخاص في المؤتمر الوطني غير متحمسين للحوار، وبالمقابل في الأحزاب الأخرى هناك من لا يرغبون في الحوار مع المؤتمر الوطني ويفكرون في اقتلاعه اقتلاعاً. كذلك أعزو التأخير إلى أن المؤتمر الوطني يريد أن يصطحب معه كل أعضائه حتى المعارضين أو المتشككين أو المتباطئين.
} هل هذه المجموعة غير المتحمسة للحوار مؤثرة داخل المؤتمر الوطني؟
– لا أدري هل هي مؤثرة أم لا، لكنك ترى تضارباً.
} مثل ماذا؟
– مثلاً تقول عندك حوار ويقتل طالب داخل جامعة الخرطوم، أو يطلق (بمبان) داخل مقر حزب يريد عقد ندوة، أو تحكم على من تريد التحاور معهم بالإعدام وتصعد من الحملة العسكرية في دارفور.. هذا يعطي مؤشرات بأن هناك مراكز داخل المؤتمر الوطني أو أن القيادة لم تستطع إنزال موضوع الحوار إلى القاعدة.
} يتردد حديث عن وجود أشخاص داخل المؤتمر الشعبي يقفون ضد الحوار مع المؤتمر الوطني؟
– نعم يوجد في الشعبي من يرفضون الحوار، لكنهم قلة.. أما المؤسسات فمقتنعة تماما بأن الحوار هو السبيل الأوفق في هذه المرحلة لتغيير وضع السودان إلى الأفضل.
} ما موقف الأحزاب التي لم تنضم حتى الآن للحوار؟
– معلوم أن أول حزب تم الاتصال به كان الاتحادي الديمقراطي الأصل، ومن بعده حزب الأمة القومي، ثم الحزب الناصري والعدالة، وأحزاب النيل الأزرق وجبال النوبة، والمؤتمر الشعبي.. وكل هذه الأحزاب وافقت على الحوار، وهناك اتصالات بالحزب الشيوعي وحركة (حق) لكنهما حتى الآن لم يقولا إنهما موافقان على الحوار.
} قيل إن المؤتمر الشعبي دخل كوسيط لإقناعهما؟
– لأننا في تحالف القوى الوطنية، اتصلنا بهم على أساس توضيح موقفنا والأسباب التي دعتنا للموافقة على مبدأ الحوار دون شروط.
} هل تفهموا أن هذا موقفكم من الحوار؟
– نعم تفهموه، بل سألناهم مباشرة هل يمكن أن يعاد النظر في موقفكم من الحوار أم هو موقف ثابت؟!
} ماذا قالوا لكم؟
– قالوا.. يمكن أن يعاد النظر فيه، وإذا حصل جديد من جانب الحكومة في مسألة الحريات، وتم بسط الحريات الصحفية وأصبحت الأحزاب تعقد ندواتها حتى خارج دورها.. ونحن نتوقع أن يؤثر ذلك مباشرة في إعادة الثقة، وعندئذ حتى الذين لم يوافقوا على الحوار يمكن أن يلحقوا به.
} وماذا عن الحركات المسلحة؟
– إذا سمح للحركات بالمشاركة في الحوار، وقبل ذلك تم إعلان لوقف إطلاق النار والعفو العام، وفتحت ممرات آمنة لتوصيل الإغاثة للمتضررين، فهذا بالتأكيد سيحفز كل الناس للعودة إلى طاولة الحوار.
} ألم يتم الاتصال بهذه الأحزاب حتى الآن؟
– هذا مرهون بلقاء يعقد بين الحكومة والأحزاب التي وافقت على المشاركة في الحوار وستنبثق لجنة لتكوين الآلية، ومن ثم تكلف بالاتصال بالحركات المسلحة التي لم تشارك حتى الآن.
} متى سيتم الاتفاق على آلية الحوار؟
– أتوقع خلال أسبوع أو عشرة أيام كأقصى حد أن يتم تكوين لجنة من أحزاب الحكومة والأحزاب التي وافقت على الحوار، مهمتها النظر في آليات الحوار وأجندته وسكرتاريته، والضمانات التي تعطى للحركات المسلحة حتى تشارك.
} قيل إن المؤتمر الشعبي اتصل بهذه الحركات قبل كل شيء؟
– نعم، اتصلنا بالحركات المسلحة الأسبوع الماضي، وما لمسناه منهم أنه إذا تمت بعض الإجراءات من جانب الحكومة فليس لديهم مانع في المشاركة.
} هل شملت اتصالاتكم كل الحركات المسلحة؟
– أنا أتحدث عن جميع حركات دارفور، وسيكون لنا اتصال بقطاع الشمال، وإذا كانت هناك حريات، وأعلن عفو عام، وأسقطت الأحكام التي صدرت تجاه من اتهموا بحمل السلاح ضد الدولة، وتم وقف إطلاق النار، وفتحت الممرات للإغاثة، وأعطيت ضمانات قوية من الحكومة والأحزاب المشاركة في الحوار فأتوقع أن يأتوا حتى لحوار الداخل.
} هل شرعتم في الاتصال بقطاع الشمال؟
– لم نحدد وقتاً لكن سنتصل به، والآن ليس ضرورياً أن تسافر للقاء شخص، وإنما يمكن أن يتم الاتصال عبر الوسائط الإعلامية المختلفة.
} الصحف تحدثت عن رؤية الشعبي للحوار.. فما هي رؤيتكم للحوار؟
– أهم قضية هي موضوع الحريات، فحتى يكون الحوار جاداً ويقود إلى نتائج لابد من توفر الحريات. ليس الحريات السياسية فقط، وإنما كذلك الصحفية لأنك تريد صحافة حرة تشارك في النقاش وتبدي آراء الشعب.. وعلى صعيد الحريات الشخصية، توقف الاعتقالات حتى لا يرهب الناس، ولدينا ورقة أخرى تتعلق بالمعيشة.. نحن نريد إجراءات عاجلة لرفع مستوى المعيشة بالنسبة للإنسان الذي أصابه الفقر.. وورقة حول نظام الحكم في الفترة الانتقالية، كيف يكون شكل الحكومة؟ وما هو دستورها ونظامها الذي تسير عليه؟؟ وهناك ورقة متعلقة بالعلاقات الخارجية، فهناك حصار ومشكلة مع بعض دول الجوار.. نحن نحتاج إلى رؤية في هذا المجال.. وهناك ورقة تتعلق بموضوع السلام والحركات المسلحة، والمؤتمر الوطني يمكنه طرح موضوعات إضافية، وكذلك حزب الأمة القومي.. ونحن نعتقد أن هذه هي الموضوعات الأساسية التي يمكن أن يدور حولها الحوار، بعد أن يأتي كل حزب بموضوعاته وتجمع اللجنة المسؤولة كل الرؤى وتضع موضوعات الحوار.
} تحدثت عن الضمانات.. فيما تتمثل؟
– الضمانات تعطى من رئيس الجمهورية، وهو رأس البلد والقائد العام، وأيضاً من القوى المعارضة التي شاركت في الحوار لأنه إذا حدث أي خرق من الحكومة لاتفاقها أو للضمانات التي ستعطيها للحركات المسلحة، فأخلاقياً القوى الموجودة في الحوار يفترض أن تتخذ موقفاً. لذلك هي محتاجة إلى إعطاء ضمانات للحركات، وأيضاً إذا جاءت الضمانات من الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي ستكون هناك ثقة كاملة لا تعطي عذراً للحركات لعدم المشاركة في حوار الداخل.
} قيل إن الرئيس سيتخذ قراراً خلال الأيام القادمة للعفو العام ووقف إطلاق النار.. فهل قال لكم ذلك عندما اجتمعتم معه؟
– لقاؤنا بالرئيس لم يتعرض لذلك، لكن الروح العامة خاصة لدى الرئيس تؤكد الرغبة والحرص على إنجاح الوفاق، لذلك لا أستبعد أن يقوم بأي شيء من أجل إنجاح الحوار.
} ما طبيعة علاقتكم بالتحالف المعارض بعد عزله بعض عضويتكم من هيكلته؟
– نحن ما زلنا أعضاء في تحالف الإجماع الوطني، وسبق قبل ذلك أن اتفقنا على الدستور الانتقالي ولم يتبق لنا غير التوقيع عليه، والآن هم أبدوا استعدادهم للتعاون معنا حتى في الأوراق التي يمكن أن تقدم في الحوار وأنا متفائل.. وإذا بدأ الحوار ولمسوا جدية من المؤتمر الوطني سينضمون للحوار. (بعدين.. أين الشيوعية الآن؟).. العالم كله تغيير، لم يعد عالم الستينيات والسبعينيات، وأتوقع أن تتغير حتى الأطروحات الفكرية.. وما يقود الناس الآن هو مصلحة المواطن، وهذا هو التحدي أمام كل الأحزاب.
} لكن عزل الناطق الرسمي للتحالف الذي يمثل المؤتمر الشعبي كيف نفسره طالما أنكم تتمسكون بالبقاء في التحالف؟
– هذا شيء طبيعي.. أنت دخلت في حوار والآخرين لم يدخلوا فكيف ستتحدث بلسانين، لسان المعارضين للحوار والموافقين عليه؟؟ لكن المؤتمر الشعبي ما زال عضواً في التحالف، وإذا دخلنا في الحوار سندخل بالأجندة التي اتفقنا عليها في التحالف حتى إذا لم يدخلوا، وقد قلنا لهم ذلك.
} هناك قضايا أساسية مثل الحكومة الانتقالية والانتخابات وحولهما اختلاف.. فما المتوقع أن ينتج عن الحوار حول هاتين القضيتين تحديداً؟
– معروف أن الانتخابات في العادة تبدأ قبل الخريف، فإذا بدأ الحوار الآن واستمر إلى نهاية العام فلن تكون هناك فترة كافية لإجرائها، لذلك أقول من المستبعد إجرائها في موعدها 2015م، وهذا يعني أنها ستؤجل.. ويصبح السؤال: من يحكم في هذه الفترة؟ المؤتمر الوطني ستكون آلياته قد انتهت بنهاية هذا السنة.
} إذن من يحكم؟
– هذا يحتم وجود حكومة انتقالية، ونحن نظرتنا سيتم الاتفاق عليها من خلال الحوار، وغالب المشاركين فيها سيكونون غير منتمين حزبياً ولن يترشحوا للانتخابات القادمة.
} تقصد شخصيات قومية؟
– شخصيات قومية، معاشيو الجيش أو الشرطة أو الخدمة المدنية.. الشرط أن لا يترشحوا للانتخابات القادمة، وألا يكونوا منتمين حزبياً.
} ألا تشارك الأحزاب فيها؟
– يمكن أن يدخل عدد محدود من الأحزاب.. المؤتمر الشعبي رأيه أن تكون غير حزبية، لكن الحوار هو ما يحدد طبيعتها وما يخرج به الحوار نحن معه.
} هل سيحكمها الرئيس “البشير”؟
– هذا ما سيتم الاتفاق عليه في طاولة الحوار ونحن لا نحدده.. (ويمكن الرئيس يقول ما عايز)، لذلك قلنا ليس لأحد حق الـ(فيتو) على هذا الحوار. الناس سيتداولون وسيخرجون بالأصلح، لكن الفكرة الأساسية أن تكون حكومة انتقالية، بعد ذلك يفكر الناس في مدتها هل تكون سنتين أم سنتين ونصف السنة كما يرى بعض الناس، لأن هناك نازحين ولاجئين والسجل الانتخابي وقانون الانتخابات الجديد.. كل هذه الأشياء تحتاج إلى زمن.
} هناك حديث عن عودة كوادر الشعبي المهاجرة تحديداً الدكتور “علي الحاج”.. فهل سيعود ليشارك في الحوار؟
– لا شك، نحن نحتاج إلى رأي وخبرة وعلاقات الدكتور “علي الحاج” في هذه الفترة، وإذا ظروفه وارتباطاته الخارجية سمحت له بالعودة للمشاركة في الحوار فهذا سيكون أنفع للسودان.
} هل سينضم للحوار أم لا؟
– ليست لديّ معلومات، لكن أنا إذا اتصلت به سأدعوه إلى العودة والمشاركة في الحوار، وإذا حضر لا أستبعد مشاركته، وحتى إذا لم يحضر سيشارك، لأننا أصبحنا في عالم مربوط بالوسائط الإعلامية.
} موافقتكم على الحوار أثارت هواجس الذين يختلفون معكم فكرياً وأصبح الحديث المتداول يقول: (الإسلاميين عايزين يتلموا تاني)؟
– أنا أسأل.. إذا توحدت كل أحزاب الأمة وفصائل الاتحادي هل هذا شيء سيئ أم جيد؟؟ الإجابة دائماً عند الناس أن توحدهم في صالح السودان.. إذن ما المانع من توحد الإسلاميين.. أليس في ذلك بناء كتل بدلاً عن التشرذم؟!
} إذن أنت تؤكد ما يدور في الأذهان؟
– أبداً.. أؤكد لك وللناس جميعاً أن دخولنا في الحوار ليس من أجل توحيد المؤتمرين (الشعبي والوطني)، وإنما من أجل السودان.. (مافي وحدة بين المؤتمرين) وليس من أهداف الحوار ومتطلباته توحيدهما.
} بعض الأوساط تحدثت عن قرب اعتزال “الترابي” للعمل السياسي؟
– هذا الحديث قاله “الترابي” من زمان وليس بالخبر الجديد، لكن إذا اعتزل العمل التنفيذي والحزبي فليس معنى ذلك أنه اعتزل الحياة السياسية.. سيحاضر ويكتب ويسافر.. والآن أقول لك إذا تمخضت عن الحوار حكومة انتقالية وأقيمت انتخابات، أي شخص من (65) عاماً وما فوق لن ترونه في العمل التنفيذي السياسي.. هذا بالنسبة لمعظم الأحزاب الموجودة.. وأنا هنا أتحدث بصورة خاصة عن الشعبي، لكن يمكن يكونوا أعضاء في مجلس الشورى أو ما شابه ذلك.. والشباب هم من سيديرون العمل في المستقبل.