رئيس مكتب متابعة سلام دارفور، عضو المكتب القيادي بالمؤتمر الوطني "د. أمين حسن عمر" لـ(المجهر) (1 – 2)
الدكتور “أمين حسن عمر، من القادة السياسيين المثيرين للجدل، وربما مرد ذلك الجرأة التي تميزه عن من سواه من زملائه الساسة، كما أنه دائماً يخرج الجديد من الأخبار والمعلومات، ومن يجالسه يخرج منه بفوائد كثيرة.
(المجهر) طرقت بابه وكعادته يعامل زملاءه من أهل الإعلام باحترام وتقدير كبيرين ويجد لهم مساحات رغم مشغولياته الكثيرة. وتطرق الحوار مع رئيس مكتب متابعة سلام دارفور الى الكثير من القضايا المتعلقة بالأوضاع السياسية والأمنية في دارفور وفي السودان بصفة عامة، فإلى التفاصيل:
} دارفور تشهد تصعيداً الآن في عدد من المناطق، يأتي ذلك في ظل وجود عدد من اتفاقيات السلام، وقد يقول البعض دارفور إلى أين؟
-ماضية في تنفيذ اتفاقيات السلام، والتصعيد سببه أن الحكومة صعدت حملتها للقضاء على بؤر التمرد فانتشرت هذه مثل عش الدبابير إذا أهجته تحرك، وهذه بالطبع أمر مؤقت وستمضي هذه الحملة إلى آخرها، وإما أنها أجبرت هذه الحركات لتأتي للسلام أو أنها مضت في القضاء على هذه البؤر وتأمين المواطنين من المهددات.
} حتى في ظل وجود تصاعد للأحداث وصفها البعض بأنها أشرس من الوتيرة التي بدأت بها الحرب في دارفور؟
-هذا كلام لا يقوم على حقائق، ويقوم على انطباعات، ولا ينطبق على حقيقة، وكل الذي حدث أن قوات الدعم السريع بدأت الهجوم على المواقع التي استقرت فيها هذه الحركات لمدة طويلة فاضطرت لأن تتحرك وتحركت إلى مواقع ضعيفة، والحكومة لا تستطيع أن تكوِّن لها حامية في كل قرية، وفي كل بلدة ولذلك تحركوا وحتى في هذه البلدات خرجوا.
} مقاطعة: دخلوا مليط وفيها حامية؟
-هنالك قوة محدودة وهذه بلدات وفيها حامية صغيرة وفي أكثر الأحيان لا تتجاوز سريتين، وهؤلاء الجنود قاوموا مقاومة شرسة بالنسبة لحجم القوة التي هاجمت، ولكن من بعد ذلك تمت المطاردة والطرد، وواضح جداً أن هنالك انفعال شديد جداً، وهذه حرب طبعاً وهنالك عمليات عسكرية تحدث وفيها كر وفر وهذا طبيعي.
} هل أنتم مطمئنون لما يحدث الآن في دارفور؟
-نحن نمضي في خطة واضحة وفيها شقان، الأول سياسي وهذا عملنا نحن في أن نحرك المبادرات السياسية ونسعى إلى جمع المبادرات وضم الجميع إلى التفاوض، وهنالك شق آخر أمني، ومن أبى فسوف تتصدى القوات النظامية بأشكالها المختلفة لدفع الضرر وتحقيق الحياة الآمنة في دارفور.
} بشرتم المواطن في فترة قريبة ماضية بأن التغييرات الإقليمية ستفضي إلى إحداث سلام كامل في دارفور. ماذا..
-قاطعني قائلاً: هذا لن يحدث في ضربة لازب، وليس هنالك نزاع ينتهي كما ينطفئ عود الكبريت، وهناك حريق يستغرق إطفاؤه بعض الوقت وكل الذي ينظر ويتابع يعرف أن هذه الحركات الآن أصبحت ضعيفة، وحتى لو تصورنا أن خطوط إمدادها من الجنوب لو أن لها خطوط لا تزال مفتوحة مع الجنوب فهي خطوط طويلة جداً ولا يمكن أن تساعدها، وواضح جداً أن خطوط الإمداد من تشاد وليبيا قد انقطعت ولذلك بحساب العسكريين، والذين يعرفون أبجديات العمل العسكري يعرفون أن ذلك سيضعف أي قوة، وإذا لاحظنا طوال المدة السابقة فإن هذه الحركات لم تكن تهاجم وإنما ترابط في مكان واحد وتهاجم بعض النقاط الضعيفة للحصول على الوقود والتموين، يعني هي لم تقم بعمليات عسكرية وفق إستراتيجية معينة تقوم بتصعيد عملها العسكري باتجاه أهداف إستراتيجية معينة ولم تقم بذلك ولم يكن هنالك أي عمل مثل ذلك.
} رغم ذلك الحركات لديها علاقات مع المجتمع الدولي والآن هناك صوت دولي يتحدث بلغة مختلفة عما تقوله الآن؟
-ظلوا يتحدثون طوال الوقت، خمسة وعشرون عاماً وأمريكا تتحدث بهذه اللغة، ولم تفعل شيئاً، ونحن حسابنا بأن الموقف الأمريكي هذا من الصعب جداً تعديله في إطار موازنات السياسة الدولية الراهنة، وفي إطار النفوذ الكبير للوبي الصهيوني على السياسة الأمريكية المحلية والخارجية.
} لكن أمريكا في فترة سابقة ساندت وأيدت اتفاق سلام دارفور الموقع في الدوحة؟
-هذا ليس صحيحاً. ساندت اضطراراً ونحن شهود على ذلك وهي لم تكن متحمسة حتى للتوقيع في ذلك الوقت، وكانت تتلكأ وتحرض الحركات أن لا توقع وتقول لابد أن يوقع الجميع، واضطرت مع اتجاه كل المجتمع الدولي وإجماعه إلى تغيير اللهجة بعض الشيء، ولكنها تتحدث طوال الوقت عن حل شامل وتوحيد المنابر وهذا ليس جديداً بالنسبة لنا، وربما صرح به بصراحة في منبر رسمي قبل عدة سنوات ولكن هذا الخطاب موجود عندنا ومسموع منذ مدة وأحياناً كان يقع نقاش حوله مع المبعوثين الدوليين والدبلوماسيين وكنا نقول لهم ما هو تصوركم للمنبر الواحد.
} وما كان ردهم؟ وما هو تصورهم لذلك؟
-ليس لديهم رؤية واضحة، ونحن نعلم رغبتهم. الرغبة شيء والرد شيء آخر، والرغبة أنهم يريدوننا أن نتفاوض مع هذه المجموعات مثلما تفاوضنا في نيفاشا ويريدون أن نتفاوض مع ما يسمى بالجبهة الثورية على تأسيس دستور جديد للبلاد بناء على التفاوض معهم، وليس بناء على تشاور مع القوى السياسية في السودان، وطبعاً هذا مرفوض.
} الحركات المسلحة جزء من الأجسام الموجودة وقد يتحولون بذلك الحوار إلى قوى مدنية تتخلى عن السلاح؟
-لم يقل أحد إنهم ممنوعون من المشاركة وقلنا إنهم لا يمكن لهم أن يحتكروا الحديث باسم المجتمع السياسي والمدني في السودان، ولن نسمح لهم بذلك.
} مقاطعة: هم أيضاً يقولون إن المؤتمر الوطني لا يمكن أن يحتكر كل الأشياء؟
-لم نقل إننا سنحتكر دعوتنا للحوار بل سعينا وتجديدنا للتواصل مع القوى السياسية واحداً واحداً لتتفاوض معنا دليل على أننا لا نريد أن نحتكر رسم المستقبل السياسي في السودان. نحن لن نحتكر هذا ولن نسمح لأحد باحتكاره.
} أنتم متهمون بعدم الجدية في حواراتكم مع خصومكم؟
-طبعاً خصومنا السياسيون سيقولون ذلك ولكن كل مواطن ومراقب يعرف أن هنالك رغبة وجدية ولماذا عدم الجدية؟.
} يُقال إنكم تريدون كسب الوقت؟
-نكسب وقت على إيه؟، ونحن إذا عايزين نعمل دستور سنعمله ونمرره الآن في البرلمان ولن تكون هناك مشكلة في ذلك؟.
} المشكلة في أن الحكومة تواجه ضائقة مالية وحروب في عدد من المناطق، و..؟
-قاطعني قائلاً: ولو أجلنا هذا الأمر ثلاثاً أو أربع سنوات ما الذي سيحدث؟.
} ما الذي سيحدث؟
-هذا حديث مجاني، وحتى من الناحية الموضوعية متهافت.
} هل هم غير موجودين، لذلك تستطيعون تمرير الدستور وغيره؟
-لماذا تفترض كلام أنا لم أقله؟. وإذا كانوا غير موجودين لماذا نتجه للحوار مع غير الموجودين؟، وأقول لك إننا لم نطرح فقط الحوار مع الآخرين وإنما ذهبنا لهم وسعينا لتجنيد الناس للحوار.
} هم يقولون إنكم غير جادين، وهذا القول يردده الجميع؟
-طبعاً سيقولون لأنهم خصوم سياسيون، وليقولوا وهذا طبيعي، والقول بأن هذا القول يردده الجميع ليس صحيحاً، والدليل أن قوى سياسية مؤثرة مقتنعة الآن بالحوار ومقبلة له وهذا دليل، وإنها إذا لم تكن مقتنعة بجدية المؤتمر الوطني بالحوار لما أقبلت عليه، لأن الأمر أمر جد وليس هزلاً.
} قوى اليسار متخوفة من الحوار وتخشى من دخولكم في تحالف إسلامي؟
-قوى اليسار تتخوف من أن نصل إلى صيغة تذهب بنا إلى انتخابات سيخسرونها لا محالة، وهم يريدون دائماً حديثاً عن فترات انتقالية وحكومات انتقالية تشملهم، ويعلمون أنه وفق المعادلة الانتخابية ليس لهم سبيل، ولذلك هذا طبيعي، وهذه قوى ضعيفة.
} لكنهم على الدوام يتحدثون بل ويتمسكون بالديمقراطية ويطالبون بها؟
-الحديث عن الديمقراطية شيء والاستعداد لاستحقاقات الديمقراطية شيء آخر، وهذا مفهوم لكل مواطن ولا أحتاج لأجادل في هذا، وكل مواطن يعرف تاريخ السودان ويعرف تاريخ السياسة في السودان يعلم أن هذه قوى غير انتخابية، ولا يمكن أن تصدق قوى غير انتخابية في أنها تؤمن بالديمقراطية. هي لا تؤمن بالديمقراطية، والحديث عن الديمقراطية شيء والإيمان بها والاستعداد لاستحقاقاتها شيء آخر.
} قد يقول لك المعارضون في قوى الإجماع الوطني إنهم مُنعوا من إقامة ندوة سياسية سلمية في ميدان شمبات، فكيف تتحدثون عن قيم الديمقراطية؟
-عندما يحترمون الدستور والقانون سنحترم حقوقهم بالدستور والقانون، وأنت لا يمكن أن تتحدى الدستور والقانون وتريد أن تلتحف بعباءته، وعندما يعلنون أنهم ملتزمون بالدستور والقانون سنكون أعجل الناس لحماية حقوقهم لأنه ليس لنا مصلحة في مصادرة حقوقهم كما ليس لنا مخافة، بل بالعكس نحن نريد للشيوعيين أن يخرجوا في تظاهرة حتى يبدو حجمهم للناس، وعايزين لما يسمى بالمؤتمر السوداني أن يخرج للشارع حتى يراه الناس، ونحن نريد لهم أن يخرجوا حتى نراهم، ولكننا لن نسمح لأحد أن يخرق القانون والدستور ثم يقول إنه يريد أن يحتمي بهما.
} هل فعلاً تسعون للتحالف مع الحزب الاتحادي الديمقراطي وحزب الأمة القومي والمؤتمر الشعبي خلال الفترة المقبلة؟
– نتحالف ضد من؟.
} ضد التيار العلماني المسلح والمدني في الداخل؟
-يا أخي لا نحتاج لتحالف ضدهم، وهم لا يشكلون خطراً داهماً يدعونا للتحالف ضدهم، ونحن نريد تطبيع الحياة السياسية ونريد أن نرسم مرحلة جديدة تسمح بتعاطي موضوعي مع السياسة وتسمح بتنافس مناسب في الساحة السياسية، وتسمح باتفاق حول ثوابت وطنية واختلاف حول تقديرات سياسية، ونريد أن نفعل هذا ولا نحتاج لبناء تحالفات، ونحن لا نشعر بأي خطر من هذه القوى، ولا توجد قوى علمانية مؤثرة في السودان وهذا مجرد وهم، وإذا وجد شخص يتوهم بأن قوى اليسار أو القوى العلمانية سوف تشكل تحدياً للقوى الإسلامية فهذا وهم لأن القوى الإسلامية هي القوى المؤثرة الأساسية، وكل هذه قوى إسلامية، ونحن ليس لدينا مانع في أن نجلس في المعارضة ويأتي حزب الأمة، ونعلم أن حزب الأمة محسوب في صف القوى الإسلامية، وليس لدينا مانع في أن نجلس في المعارضة ويأتي الحزب الاتحادي الديمقراطي ولن نخشى على الإسلام من شيء، ويأتي المؤتمر الشعبي كذلك، ولذلك لا مخافة على الإسلام من القوى المؤثرة، وأما القوى غير المؤثرة فنحن نعلم أنها لن تستطيع أن تحكم السودان لا بالسياسة بحجمها الراهن ولا بالقوة تستطيع ذلك.
} ألا يستطيع حملة السلاح من التيار العلماني الوصول إلى السلطة بالقوة؟
-هذا وهم. الاعتقاد بأن الوصول إلى السلطة بالقوة ممكن مجرد وهم، والآن كل شرائح السودان هي معدة للقتال ومن أراد أن يفرض إرادته على شرائح السودانيين بالقتال سيواجه القتال، ولا يستطيع أحد أن يفرض إرادته على أهل السودان بالبندقية، لأنها لم تعد احتكاراً لأحد.
} حتى وإن جاءت مدعومة من قوى دولية؟
-هي ظلت مدعومة طوال هذا الوقت ولم يفدها ذلك بشيء، وأصلاً السياسة كلها والخروج والتمردات تتم في إطار دعم دولي وأحياناً إقليمي وإذا لم يتوفر هذا الدعم الدولي والإقليمي فلن تستطيع أن تستمر ولا شهراً واحداً، وكل إنسان يعلم أن نفقات الحرب طائلة لا يستطيع أن يقوم بتلك النفقات إلا جهات مقتدرة، ولذلك كل إنسان يفكر بطريقة بسيطة فيها منطق بسيط يمكن أن يعرف أنه أصلاً لا وجود لهذه الجبهات ولا الحركات من دون وجود دعم دولي أو إقليمي، وهذه الجهات لها أجندة معينة طبعاً، وهي لا تدعم حباً في هذه الجماعات لأنها لا تمتلك خصوصية خاصة في بلد مثل السودان فيه كل الثقافات موجودة وكل الأعراق موجودة، وأنت لا تستطيع أن تقول أنا مع عرق ضد عرق أو مع لون ضد لون لأن كل الألوان والثقافات موجودة.
} قد يقول معارضوكم إنكم ظللتم تطلقون مسميات وأجسام هلامية مثل الحديث عن الغرب وعن أمريكا بغرض تخويف المواطنين..؟
– قاطعني قائلاً: مواطننا أعقل وأذكى ممن يقول هذا الكلام ولذلك لا نحتاج لنرد على هذا الكلام، ونحن نوفر الرد ونعتمد على ذكاء المواطنين وعلى حسن تقديرهم للأمور.
} حتى وإن قال بذلك أحد قادة المؤتمر الوطني مثل الفريق “صلاح قوش”، الذي قال إن الإنقاذ عندما جاءت اصطنعت أعداءها بنفسها؟
-أنا لم أسمع ذلك، ولم أسمع أنه قال ذلك، ولو قاله فهو كلام خاطئ ومغرض، ولو صحّ فهو كلام لم يقله إلا عندما أصبح لديه موقف، وأنا لم أسمعه ولذلك لن أنسبه إليه.
} نشر ذلك الحديث في الصحف؟
-على أية حال أنا لم أسمعه، ومن خرج وأصبح لديه موقف وأصبح يتحدث من بعد الخروج عن أشياء جديدة فحظ الصدقية لهذا القول ضئيل عند الجمهور وليس له قيمة بالطبع.