تقارير

قرار «البشير» المرتقب ضمانات العودة تتصدر المشهد

رغم المغالطات التي تتم في الساحة السياسية حول مستقبل المشهد السياسي في السودان، لكن يبدو أن هناك ثمة مؤشرات إذا دققنا فيها قد تقود إلى التوصل لملامح المولود السياسي القادم.
المكون الجديد الذي يبدو الآن في طور التشكل والبلورة قد يتضمن صيغة كانت مرفوضة لدى السلطة الحاكمة مثل تكوين حكومة قومية انتقالية لكن في إطار الحوار والتفاوض قد تحدث بعض التنازلات من هنا وهناك.
الحكومة الانتقالية القادمة ستشارك فيها الأحزاب التي وافقت على الحوار مثل المؤتمر الشعبي وحزب الأمة القومي والحركات المسلحة التي من المنتظر أن تنضم لطاولة الحوار ومن ثم تتحول لآحقاً الى أحزاب سياسية. ووفقاً لحديث مصدر مقرب من مراكز اتخاذ القرار فإن الاتصالات تمت بواسطة بعض الأطراف مع معظم الحركات المسلحة الموجودة في الميدان. ومن المتوقع أن تعقد هذه الحركات خلال هذا الأسبوع أي في يومي الخامس والعشرين والسادس والعشرين من الشهر الجاري اجتماعاً بكمبالا لمناقشة موضوع الحوار الذي أطلقه الرئيس «البشير» في خواتيم شهر يناير بعد ما أبدت موافقة مبدئية للأطراف الوسيطة. وأكدت ذات المصدر أن هذه الحلقة ستكتمل بقرار سيصدره الرئيس «البشير» خلال نهاية هذا الأسبوع أو بداية الأسبوع القادم يتعلق بإطلاق ضمانات لهذه الحركات بعد الاتصال بها تتعلق بتهيئة الجو للحوار وتتمثل في وقف إطلاق النار وإتاحة الحريات العامة وإعلان العفو العام بالنسبة للمطلوبين للعدالة كحال «عقار» و«عرمان» بجانب ضمان مأمن لقيادات الحركات المسلحة التي ستشارك تمهيداً لانطلاق الحوار الداخلي الذي يجمع المكونات السياسية السودانية كافة. وفي الإطار سبق أن كشف رئيس آلية الوساطة الأفريقية «ثابو أمبيكي» في مؤتمر صحفي مشترك الشهر الماضي مع الأمين العام للمؤتمر الشعبي دكتور «حسن عبد الله الترابي» عن ترتيبه للقاء بكمبالا لجمع قيادات الحركات المسلحة. والأيام الفائتة شهدت لقاء قادة الحركات المسلحة بشخصية حزبية قريبة من الملف كوسيط في إطار الجهود التي تتم لتنقية الشوائب العالقة في النفوس وإعادة الثقة من خلال طمأنة المعارضين بضمان تنفيذ الضمانات.
يذكر أن المؤتمر الشعبي كان أول من طرح موضوع الضمانات حينما قال دكتور «بشير آدم رحمة» للصحفيين في المؤتمر ذاته الذي جمع حزبه بأمبيكي، قال: لابد من توفير ضمانات لقادة الحركات المسلحة للدخول في حوار، والآن تتحدث الأوساط السياسية عن تجاوز هذه العقبة، وأهل السلطة الآن يرتبون إلى الاتصال المباشر بهذه الحركات. الأمر الذي جعل كثيراً من السياسيين يصفون هذه الخطوة بالمهمة بالنسبة للتشكل السياسي الجديد الذي تطالب فيه الأحزاب المحاورة بتكوين حكومة قومية انتقالية بينما ما زالت تصر بعض الشخصيات النافذة على عدم إمكانية تطبيق هذا الخيار إلا أن حديث الرئيس في بورتسودان الذي فسر بعدة تأويلات، لم يستبعد فيه أن يفضي الحوار لهذا الخيار حال اتفقت الأحزاب على ذلك.
المراقبون بدورهم أصبحوا لا يرون غير هذه النتيجة وهي تكوين حكومة لإدارة البلاد لفترة انتقالية وهؤلاء استندوا على عدة معطيات سياسية في الساحة أولها بالنسبة للحوار الذي أطلقه الرئيس «البشير» فواضح جداً أن حزب الأمة القومي ليس لديه مشكلة في التوصل الى اتفاق مع الحكومة بل أن بعض المتابعين يعتبرونه أصلاً متفقاً مع الحكومة قبل إعلان الرئيس وما يصدر من رئيسه «الصادق المهدي» حول تهديده بالخروج من الحوار إذا كان القصد منه إعادة الساحة إلى عهد التمكين واجتماعه مع بعض أحزاب التحالف الرافضة للحوار بمنزل نائب رئيس حزب الأمة القومي «فضل الله برمة ناصر» يمكن قراءته في سياق المناورات السياسية.
أما المؤتمر الشعبي فحسب إشارة مصدر موثوق فإن الحزب قد اقترب من استكمال هذا الملف بعد أن تم وضع النقاط على الحروف، وبالنسبة للحزب الشيوعي هناك وساطات يقودها الشعبي وبعض الأطراف الأخرى لدخوله في الحوار وقد تثمر هذه الجهود خاصة إذا دخلت الحركات المسلحة التي تتفق معه فكرياً مثل حركة «عبد الواحد محمد نور» وقطاع الشمال حينها قد لايصبح أمامه خيار على ضوء معاناة الحزب في جانب التمويل. ووفقاً لحديث المصدر فإن انضمام (الشيوعي) لطاولة الحوار ربما يكون صعباً لكن غير مستحيل، هذه الرؤية تتسق مع ما قاله دكتور «قطبي» قبل يومين عن صعوبة انضمام الشيوعي للحوار.
وعلى كل يقول العلماء السياسة هي فن الممكن والممكن حتى الآن انطلاقاً من منصة الحوار يمضي نحو تكوين حكومة انتقالية، وحال الشروع فيها قد يترتب على ذلك تبعات من بينها تأجيل الانتخابات التي من المفترض إجراؤها في أبريل (1015) وبالفعل كانت هناك إرهاصات لهذا التأجيل في الفترة السابقة ابتدرتها أمريكا على لسان الرئيس الأسبق «جيمي كارتر».
على المستوى الداخلي تأجيل الانتخابات كان من ضمن مطلبيات المؤتمر الشعبي عندما قابل دكتور «الترابي» الرئيس الأمريكي الأسبق «جيمي كارتر» بينما ظلت الحكومة والحزب الحاكم ينفيان أي اتجاه لتأجيلها.
الآن كل الترتيبات ونتائج الحوار سيفضيان إلى تأجيل الانتخابات بل ستكون واحدة من أهم المطالب في هذا الحوار والحكومة لن تقف عند هذا المطلب لأنه مرتبط بقضايا أساسية حتى بالنسبة لها من بينها توفير التمويل الذي لايبدو أنه موجود على ضوء الأزمة الإقتصادية التي تشهدها البلاد والمفوضية وضعت رقماً يحتاج إلى مصادر تمويل وإذا لم تجر نتيجة لهذا المعوق ستدخل البلاد في فراغ دستوري لكن إذا تم الاتفاق بين السلطة والقوى السياسية والحركات المسلحة حول تأجيل الانتخابات ومن ثم الوضع الانتقالي عندئذ ستوفر الحكومة الأموال الطائلة التي كانت تصرف على الحرب الأمر الثاني الذي يبين وجاهة هذا المطلب أن الأحزاب تحتاج إلى تهيئة المناخ والاستعداد للإجراءات التشريعية والمدة المقررة لانعقاد الانتخابات غير كافية بالنسبة لها، أما الحركات المسلحة فتحتاج حال انضمامها إلى طاولة الحوار هي الأخرى إلى فترة للتحول من حركات مقاتلة الى أحزاب سياسية وبعد ذلك يمكن أن تشارك في الانتخابات، وطالما أن هناك موضوعية لهذا التأجيل فأن الوضع الذي يسبق الانتخابات أي بعد أبريل 2015 سيصبح انتقالياً وهناك حديث عن أن هذه المرحلة الانتقالية سترأسها شخصيات محايدة ويشترط أن يرتبوا للانتخابات دون أن يمنحوا حق الترشح سواء لمواقع تشريعية أو تنفيذية حتى يضمن نزاهتها.
وفي سياق قال أحد المقربين من ملف الحوار بين الحكومة والأحزاب إن الحكومة الانتقالية لا خلاف عليها وسيحكمها التوافق السياسي الذي سيتمخض من الحوار ويكون جزء من الفترة الانتقالية وسيتم الاتفاق على برنامج يحكم هذه الفترة يتصدر أجندته وقف الحرب وجبر الضرر والاتفاق على قانون الانتخابات بجانب وضع معالجات عاجلة للأوضاع الاقتصادية وإذا تم التوافق السياسي بين القوى الساسية وحاملي السلاح سيقود ذلك إلى استقرار اقتصادي وسيدعم بالاتفاق النهائي مع دولة الجنوب حول موضوع البترول والتجارة، إذن الأيام وربما الشهور القادمة ستشهد تحولات على صعيد الوضع السياسي السوداني.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية