«المهدي» يشرح حالة تفاقم الأوضاع في دارفور ويكشف أسباب الموافقة على دعوة الرئيس للحوار
أقام حزب الأمة القومي يوم أمس (الخميس) مؤتمراً صحفياً استثنائياً تحدث فيه رئيسه وبعض القيادات عن قضايا الساحة كان التهاب الأوضاع في دارفور على رأسها وخطط الحزب لجمع الصف الوطني.
لم يأتِ رئيس حزب الأمة القومي الإمام «الصادق المهدي» لوحده إلى دار حزبه بأم درمان، عند منتصف ظهيرة يوم أمس (الخميس) ليتكلم في المؤتمر الصحفي رقم (56)، ولكنه جاء بمعية نائبيه اللواء «فضل الله برمة ناصر» و»محمد الدومة» والأمين العام «إبراهيم الأمين»، ورئيسة المكتب السياسي للحزب «سارة نقد الله» ورئيس حزب الأمة القومي بشمال دارفور محمد آدم.
وقال الأمين العام لحزب الأمة القومي «إبراهيم الأمين» الذي كان يقدم وقائع المؤتمر الصحفي إن حزبه يقف مع مبدأ الحوار مع الحكومة و(مافي مجال إلا التغيير وإقامة النظام الجديد)، ولا يمكن أن تستمر الحكومة بشكلها الحالي.
ونبه «الأمين» إلى أن السودان محاط بدول مأزومة ومضطربة في أحوالها الداخلية، ودعا الحكومة إلى أن لا يكون للسودان دور في الصراع الدائر بدول الجوار مصر وليبيا وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان، كما دعا إلى أن تلعب الخرطوم دوراً في حل مشاكل الجوار الإقليمي.
وأشار «المهدي» إلى أنهم ملكوا الحكومة بوصلة المستقبل، ورأى أن المؤتمر الوطني يواجه ضغوطاً ولا يستطيع أن يعالج المشاكل الاقتصادية والأمنية والسياسية إلا عبر اتفاق وطني.
وكشف عن وجود ثمانية فصائل بالمؤتمر الوطني تنادي بذات الأجندة التي يطرحها حزب الأمة القومي.
وانتقد «المهدي» اتفاقية الدوحة، وقال إنهم نصحوا حركة التحرير والعدالة بأن الاتفاقية لن تحقق السلام في دارفور، وهي من دون صلاحيات دستورية وقانونية و(حبال بلا بقر)، وعلى الرغم من أنها خطوة لكنها تحتاج إلى خطوة أوسع، ورأى أن الموقف الأمريكي المنتقد لاتفاقية الدوحة (مؤيد لكلامنا)- حسب قول «المهدي».
وبدأ «المهدي» بالترحم على فقيد جامعة الخرطوم «علي أبكر موسى» المقتول رمياً بالرصاص، وتمنى عاجل الشفاء لزملائه «محمد الحاج» وسبعة آخرين أصيبوا بالرصاص الحي وهم يمارسون تعبيراً مدنياً أعزل، بحسب «الصادق» الذي تناول في المؤتمر الصحفي ثلاثة موضوعات شملت – بحسب تعبيره – استمرار حريق دارفور للعام الثاني عشر، وزيادة التدهور في العامين الماضيين حتى الانفلات الأمني الجديد في ولاية شمال دارفور، والاضطراب الأخير في جامعة الخرطوم وربطه بالموقف من إدارة الجامعات الوطنية، وبيان تطورات الموقف في مشروع النظام الجديد المنشود.
وقال «المهدي»: إن حزب الأمة القومي نظم ورشة فكرية وبمشاركة قومية في جامعة الأحفاد للبنات في شهر نوفمبر الماضي، وأصدرت توصيات مهمة خلاصتها أن سياسات النظام الحالي في دارفور مزقت النسيج الاجتماعي، ونقلت الحالة من مشاكل محلية تقليدية إلى قضية قومية ثم دولية. فالحالة تتدهور باستمرار رغم ما يبرم من اتفاقيات سلام ثنائية بين النظام وبعض الفصائل. كما أشار «المهدي» إلى أن اتفاقيتي السلام وهما «أبوجا» في مايو 2006، و»الدوحة» في يوليو 2012م، لم تحققا السلام المنشود للأسباب الخمسة، وهي أن الاتفاقيات لا تنفذ لجذور المشكلة بل تكتفي بترك النظام الحاكم كما هو قانوناً ودستورا، وتكتفي بمحاصصة في المناصب لموقعيها وتخصيص مانحين لأموال تنموية. كما أن الاتفاقيات لا تحقق بسط الأمن لأن غير الموقعين عليها ينشطون في أعمال العنف بعدها لتأكيد ألّا سلام دون مشاركتهم. وعدم توافر الأمن يعرقل مشروعات التنمية. وأن المانحين لا يوفون بوعودهم كما التزموا بها. والسبب الخامس أن الاتفاقيات لم تلبِّ مطالب مشروعة ومحل إجماع شعبي دارفوري، منها العودة للتمثيل في الرئاسة ولحدود 1956 م لدارفور مع بقية الأقاليم والحواكير كما كان قبل 1989. والتعويض الفردي والجماعي للضحايا، والعدالة الانتقالية، وحظوظ دارفور في الثروة والسلطة بنسبة السكان.
وأشار «المهدي» إلى أن هنالك أمرين مستجدين يتمثلان في وقوف عملية السلام عند اتفاقية «الدوحة»، مع أن الفصائل غير الموقعة على «الدوحة» دخلت في تحالف جديد رافعة سقف مطالبها لإسقاط النظام بالقوة، ثم مشاركتها في ملتقى «عروسا» في تنزانيا الذي أشرف عليه الوسيط الدولي «محمد بن شمباس» في اليوم العشرين من شهر أغسطس الماضي والذي فيه أعلنت فصائل دارفور غير الموقعة، أنها تراهن على حل سياسي على أن يكون حلاً شاملاً لا ثنائياً. والنقطة الثانية هي أن الموقف الأمني في شرق شمال دارفور دخل فيه أحد الفصائل المسلحة في تصفية حسابات قبلية بين (الزغاوة) و(البرتي)، والمشهد في عموم شمال دارفور صار أشبه باحتراب الكل ضد الكل بأجندات قبلية. وقال «المهدي» 🙁 لذلك استدعينا رئيس حزب الأمة في شمال دارفور د. «محمد آدم عبد الكريم» الذي نقل لقيادة الحزب الصورة كاملة عن المشهد الأمني هناك).
وأضاف «المهدي»: (نحن نعتقد أن حالة حريق دارفور سوف تستمر، والنهج الحالي لحل الأزمة غير مجد. ونقول إنه بالنسبة لكافة جبهات الاقتتال سوف يستمر النهج الثنائي العقيم وعندما يفشل كما هو متوقع سوف يرفع الأمر لمجلس الأمن لإصدار قرار آخر تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وزاد بالقول: (نحن نرى أن النهج الصحيح هو أن يدير الجانب السوداني من عملية السلام مجلس قومي للسلام، سيقرر حزبنا تفاصيله في اجتماع يوم (السبت) القادم. على أن يجلس في الجانب الآخر ممثلون لكل جهات القتال كالجبهة الثورية، على أن يسبق لقاء الطرفين الاتفاق على إعلان مباديء ملزمة واقترحنا أن يكون الإعلان من (10) مباديء أهمها التخلي عن إطاحة النظام بالقوة، والالتزام بإبرام السلام في نطاق السيادة الوطنية الواحدة. أما الانفلات الأمني الراهن في شمال دارفور فيوجب إسناد الأمن للقوات النظامية للحفاظ على سلامة المواطنين، فالقوات غير النظامية سوف تتبع أجندات قبلية ستساهم في احتراب الكل ضد الكل.
وأبدى رئيس حزب الأمة القومي أسفه للخسائر في الأرواح والأموال والقرى، وناشد الجميع بضبط النفس وقال: (سوف نتصل بكل الأطراف المعنية موجهين نداءً أخوياً لوقف الاحتراب والاستعداد للمصالحة الشاملة).
وبخصوص مقتل الطالب «علي أبكر» من كلية الاقتصاد واضطراب جامعة الخرطوم قال «الصادق المهدي»: (نحن نؤيد حق الطلبة وسائر المواطنين الدستوري في التعبير السلمي بمطالبهم. وندين التصدي لهم وهم يعبرون عن مواقفهم سلمياً بالقمع. ولا نقبل في بيان الحقائق إلا تحقيقاً تقوم به لجنة محايدة تتاح لها كل المعلومات، لتصدر تقريرها ومساءلة الذين قتلوا وجرحوا مواطنين عزل).
وأضاف: (أما الاتهام بأن هنالك بين الطلبة من يستخدمون السلاح، فقد أوضحنا في برنامج في الواجهة مسؤولية الحزب الحاكم والطلبة المنسوبين له، عن العنف في الجامعات.
ورأينا أن المطلوب بإلحاح هو إزالة آثار التمكين في الجامعات بإصدار قانون يجعلها مستقلة ويحرر مديريها من الانتماء للحزب الحاكم، ويجعل صناديق دعم الطلبة تابعة للجامعات المستقلة وكذلك الحرس الجامعي. الجامعات المستقلة هذه سوف تنظم ممارسة النشاط الفكري والسياسي والطلابي وتطهر الجامعات من أدوات العنف. الإصلاح المطلوب في هذا المجال هو قانون جديد يحقق استقلال الجامعات ويحررها من التمكين، السبب الأهم لحالة الاستقطاب الحاد الذي يعاني منه الوطن).
تطورات النظام الجديد
وأشار «الصادق المهدي» إلى أن سياسة حزب الأمة القومي تنشد إقامة نظام جديد، حددنا معالمه في مشروع النظام الجديد المذاع منذ اليوم التاسع والعشرين من شهر يونيو الماضي وقال:( ورأينا وسيلة تحقيق هذا النظام هي التعبئة الفكرية والسياسية والحشد والاعتصامات، بل كل الوسائل ما عدا العنف والاستنصار بالخارج. وجاء في المشروع أنه إذا استجاب النظام لهذه الأجندة الوطنية اقتداءً بما حدث في كثير من البلدان مثل تشيلي، وإسبانيا، ودول أروبا الشرقية، وجنوب أفريقيا فنحن على استعداد للتجاوب مع هذا النهج، وإذا أحجم النظام عن ذلك فسوف نستمر في العمل التعبوي حتى الانتفاضة الشعبية لنظام جديد).
وكشف «المهدي» عن أسباب الاستجابة المبدئية لمبادرة رئيس الجمهورية «عمر البشير» وقال: (اقترحنا ضبط الحوار بزمن محدد وبآلية محددة بيانها بالدعوة لملتقى تحضيري قومي، ويحدد الملتقى التحضيري اسمه هل هو مائدة مستديرة أم مؤتمر قومي دستوري. ويحدد الملتقى التحضيري وقت ومكان انعقاده وقائمة المدعوين لحضوره وأجندته، وأن يكون رئيس ومقرر الملتقى التحضيري وكذلك الملتقى الجامع شخصين مستقلين مشهوداً لهما بالكفاءة وعدم الانتماء لأي حزب سياسي. وأن يسبق اجتماع الملتقى التحضيري إجراءات لبناء الثقة وهي ليست شروطاً، فالقضايا سوف تبحث في المؤتمر الجامع ولكنها تهيء المناخ السياسي. وأشار إلى أنه في مجال تحديد المطالب الشعبية المشروعة وحزب الأمة سوف ينظم ورشة تؤمها القوى السياسية، والمدنية، والأكاديمية، والنقابية لكتابة ورقة عمل تتضمن المطالب الشعبية). وقال «المهدي»: (وفي سبيل تنظيم هذه الورشة أجرى حزب الأمة اتصالات واسعة بأكثر من (20) حزباً، وبفئات نقابية، وقبلية، ودينية، ووجد تجاوباً واسعاً، وفي يوم (الاثنين) الثالث من مارس الحالي اتصل بنا وفد يمثل أساتذة جامعة الخرطوم يحملون معالم مبادرة لجمع الصف الوطني على أسس قومية. اقترحنا عليهم تبني الورشة واستلام ما قمنا به من تحضيرات، ونرجو أن يوفقوا في هذه المهمة الوطنية التي تليق بتاريخ جامعة الخرطوم العريقة، ونرجو ألا يعيق قفل الجامعة نشاطهم).
وقال «الصادق المهدي» إنه توالت عليه مؤخراً أسئلة عن رأيه في احتمال وحدة الصف بين المؤتمرين الوطني والشعبي، فرد بالقول: (إذا اجتمعا للعودة للمربع الأول الذي أذاق السودان عشر سنوات من التمكين والإقصاء والقهر فسوف نعارضهم كما فعلنا منذ البداية، وإذا كان اتحادهما لصالح الأجندة الوطنية فنحن نرحب به ونعتبره جزءاً من ترميم الجسم الوطني المطلوب).
وأشار «المهدي» إلى أن هنالك مسألة أخرى هي انعكاس ما يحدث في مصر على المشهد السياسي السوداني، وتداعيات ذلك في كل المجال العربي. وقال إن التكوينات السودانية ذات المرجعية الإخوانية يتوقع أن تنحاز مع الإخوان، وتجر للبلاد كل الإجراءات الموجهة ضد كافة ذوي المرجعيات الإخوانية، والتكوينات السودانية ذات المرجعية العلمانية يتوقع أن تنحاز للموقف المضاد، وتجد دعماً من جبهة اجتثاث الإخوان).
وأضاف «المهدي»: (نحن لا علاقة لنا بالمرجعية الإخوانية بل كنا من ضحاياها، فقد قال قائلهم عن قادة نظام الإنقاذ إنهم أشبه بالصحابة، وقال مفتيهم عندما سئل عن جواز الانقلاب لتطبيق الشريعة: نعم إذا كان كانقلاب السودان، وأضاف: نحن دعاة اتجاه مدني بمرجعية إسلامية، ونهتم للغاية بالاستقرار والوحدة والوطنية والديمقراطية في مصر، ومن هذا المنطلق المستقل عن طرفي النزاع لن نألو جهداً في دفع طرفي النزاع في مصر لإجراء مراجعات ضرورية حددنا معالمها وطرحناها في مؤتمر القوى السياسية في عمان في يناير الماضي، وسنواصل ذلك في مؤتمر قادم في مدينة «فاس» المغربية في اليوم السادس والعشرين من هذا الشهر، ونعتقد أن حب التناهي غلط، وخير الأمور الوسط).