رأي

نهارية (المجهر).. وأمسية (دال)!!

(السبت) الماضي لبيت دعوة كريمة من شركة (دال) احتفاءً بيوم المرأة العالمي.. مكان الاحتفال مدرسة (مجتمع الخرطوم الدولية) التي شيدتها الشركة.. والحق أقول الحمد لله أنني لبيت الدعوة إذ كنت في غاية السعادة ذلك المساء.. عن ماذا أحدثكم؟ عن المدرسة أم البرنامج؟! موقع المدرسة قرب مدخل الطريق المؤدي إلى سوبا.. عند الاستقبال طالبنا الموظف بكروت الدعوة، وهذا تقليد حضاري (حقو نحرص عليه) إذ إن الأمور (بتجوط عندنا) في مثل تلك المناسبات، وكثيراً ما يتطفل الطفيليون بلا دعوة ولا يحزنون ويفرضون أنفسهم على مضيف لم يقدم لهم دعوة، ولكم أن تتصوروا اختلال الأمر خاصة لو كانت الدعوة عشاء زفاف أو نحو ذلك، إذ نجد أن من تمت دعوته بكارت دعوة لا يقدم له عشاء أو يضطر مقدم الدعوة إلى جلب ملحق طعام لم يكن في حساباته.. هنالك استقبلنا أستاذ مشرف على الحفل، وأجلسنا حول مائدة مستديرة تسع عدداً مقدراً من المقاعد.. غطاء المائدة غاية في النظافة، والأواني تم انتقاؤها بعناية لا تخلو من ذوق يتسم به الذي اختارها.. بعدها طاقم من الشباب الأنيق المظهر أحضر لنا أصنافاً من الطعام.. (طعمية حارة، وصباعات كنافة، وزلابية ساخنة) وأباريق أنيقة للشاي والقهوة، وعصائر وماء بارد، ومكبرات صوت تبث موسيقى وأغاني عذبة، وخضرة منثورة في أحواض لأنواع من الأشجار والزهور والورود.. نصف ساعة تناولنا فيها القهوة والشاي وذلك الطعام الذي ذكرته، بعدها دخلنا المسرح الدائري الذي صُمم بمواصفات عالمية، وخشبة المسرح أسفل المشاهدين.. تذكرت مسارح ارتدتها بسويسرا وتحسرت على مسرحنا القومي مقارنة بهذا المسرح الأنيق الجميل الذي يرقى أن يقدم فيه الفن الراقي.. علمت أن مهرجان العود الذي جرت فعالياته في نفس المسرح الذي أشاد به الضيوف من مبدعين قدموا إبداعاتهم في مسارح عالمية.. تابعت أخبار ذلك المهرجان عبر أجهزة الإعلام التي أتمنى أن تنقل أي برنامج تنظمه شركة (دال)، خاصة إذاعاتنا المرئية، وتنقله للناس ليشهدوا لنا بأن هنالك مسارح عظيمة بالسودان، وليت كبريات الشركات عندنا حذت حذو الشركة العظيمة التي خصصت مالاً مقدراً للعمل الثقافي.. وانسابت فقرات البرنامج، لوحة درامية غاية في الروعة جسدتها نجمتان من نجوم الدراما، جسدتا ويلات الحرب وما تحدثه من فظاعات في حق الأطفال والأمهات، ولخصت أستاذة “عزيزة” وهي قانونية ناشطة في حقوق الإنسان للحضور ورقة في غاية الأهمية، سلطت الضوء على نضال المرأة السودانية، وأفاضت شارحة قوانين الأحوال الشخصية لا سيما ما يتعلق بأحوال المرأة السودانية، ثم أدت الابنة الفنانة التي اشتهرت بنغمة الموبايل.. نسيت اسمها.. (فرحانة بيك أنا يا جناي).. وكان بحق الختام مسكاً، فقد اعتلت الفضلى الفنانة “آمال النور” المسرح، وحلقت بنا في سموات الإبداع الغنائي الموسيقي الأصيل، فهي فنانة عالية الموهبة دارسة لعلوم الموسيقى، عالية الثقافة والمقام وظفت موهبتها وسارت بمشروعها الإبداعي فارتقت به إلى عوالم العالمية.. غنت في تلك الأمسية وكأني أسمعها للمرة الأولى، فأحدثت في المسرح الأنيق هزة الطرب الأصيل، ومن ورائها فرقة موسيقية دارسة متمرسة.. عازفون ماهرون ويبدو أنهم معجبون بـ”آمال” فلم يملوا أو يكلوا، بل أخذتهم حالة من التجلي والإبداع بصورة ملحوظة.. الموسيقيون مستمتعون و”آمال” مستمتعة برغم سخونة الجو التي تحضرت لها بـ(هبابة) تهب بها وتفردها وتطويها.. غنت أغنية خاصة بها بالفصحى صاغ كلماتها الأديب الشاعر الإعلامي الشاب “خالد الفنوب” وصاغ لحنها المايسترو “محمد حامد جوار”، وجاء موضوع الأغنية متسقاً مع المناسبة، ثم صدحت بكلمات الراحل “صديق مدثر” وألحان الفنان “كابلي”.. (أي صوت زار بالأمس خيالي)، وحيت ذكرى الراحل الفنان الكبير “وردي” وغنت من كلمات أستاذنا الحلنقي وألحان الراحل الأغنية الرائعة (أقابلك في زمن ماشي وزمن جاي) فرقص الحضور جميعهم ورددوا معها مقاطع الأغنية كأروع كورال جماعي، ثم صدحت بـ(كل أرجائه لنا وطن) و(جينا نخت أيدينا الخضراء فوقك يا أرض الطيبين).. وقبيل الختام في ثلث الساعة الأخير غنت مقطوعات من أغاني البنات بالأوركسترا، كشفت فيها “آمال” عن ثراء هذا الضرب من الغناء، وطلب الحضور من “آمال”– في الزمن بدل الضائع– أغنية للرائعة “فيروز” فاستجابت لرغبتهم.. وخرجنا من المسرح بعد أن تناولنا وجبة فنية وجدانية دسمة، وقال أخي الفنان التشكيلي الأستاذ “الأمين محمد عثمان”– الذي وجه لنا الدعوة: (بالله مش حاجة عجيبة.. هذه القامة الفنية تكون في الظل وغيرها ذائع الصيت والشهرة؟! شيء عجيب!!).. فعلاً شيء عجيب.. إذن شكراً لمجموعة (دال).. وشكراً للأستاذ “فتحي محمد عثمان” مدير وحدة خدمات التسويق بمجموعة شركات (دال).. وشكراً لأخي وصديقي الشاعر “القدال” مدير منتدى (دال) للدعوة، ونتوقع مزيداً من الفعاليات الثقافية.. وليت بقية الشركات الكبرى بالعاصمة حذت حذوها، فالثقافة عمل مطلوب بشدة بالسودان، ففيها دواء كثير من علل الوطن والمواطنين، وأول تلك العلل نسيجنا الاجتماعي الذي لن يرتق فتقه سوى الفعل الثقافي.. والحمد لله، فالوطن ثري ثراء فاحشاً بفنونه.
وفي نهارية لا تنسى، نصبنا خيمة في حديقتنا بصحيفتنا (المجهر) وزيناها بحضور طاقم زملائنا وزميلاتنا من الشباب، توسطها جلوساً موسيقارنا الكبير “بشير عباس” والفضلى الفنانة الصديقة “هادية طلسم” وعدد مقدر من الزملاء من فضائياتنا وزملاء من صحف أخرى، جاءوا لمشاركتنا انعقاد مؤتمر اختار “بشير عباس” انعقاده بدار صحيفتنا (المجهر).. وأنجز الأستاذ “الهندي عز الدين” ما وعد به قبل عام حينما دشنا انطلاقة صحيفتنا وسلم “هادية” مفتاح عربة (على الزيرو) موديل هذا العام وشيكاً بمبلغ عشر آلاف جنيه لموسيقارنا “بشير عباس”، وتبادلت المنصة المايكروفون، “بشير عباس” و”هادية”، وعبارات الثناء والمدح انسابت بصدق شديد، وانداح “بشير عباس” في سرد ذكريات مسيرته الفنية التي استمرت لعقود، وشارك بالعزف وأثنى على الفنانة الشابة “إنصاف فتحي”، وشارك بالعزف على العود الصديق الفنان “أحمد المك” الذي يمت بصلة قربى لـ”بشير عباس” الذي طلب أن يكون عضواً فاعلاً بأسرة صحيفة (المجهر)، وأعطى الحضور تصريحاً بعزمه توثيق حياته في ثلاثين حلقة بقناة (الشروق) في رمضان المقبل.. فالشكر أجزله لمانح العربة، ذلك المحسن المتبرع الذي لم يشأ ذكر اسمه.. أشكره نيابة عن كل مبدعي بلاده لعطائه الكريم، وأجزم أنه رجل خير نقي الدواخل يعترف بقيمة الفنان السوداني.. وأسأل الله أن يزيده نعماً وصحة وعافية.. أما أخي الأصغر الأستاذ “الهندي عز الدين” فشاهدتي فيه مجروحة، أسأل الله له القدرة الدائمة على العطاء، فللرجل أيادٍ بيضاء في عمل الخيرات، ومنحاز لقبيلة الإبداع، وحادب على دعم أهل الإبداع.. وحسناً فعلت وستفعل بإذن الله الكثير عبر (المجهر) التي تقود مسيرتها، وهذه سنة حميدة أجريتها بيننا أرجو أن يستنها رصفاؤنا في مؤسسات القطاع الخاص.. فاتني أن أهنئ الابنة د. “أريزة” الموسيقية الموهوبة التي أشاد بعزفها الموسيقار “بشير عباس” وتنبأ لها بمستقبل رائع في مجال التأليف الموسيقي.. كذلك للفنانة “عنايات نورين” الشكر والتقدير للمشاركة الجميلة وهي تودع الغناء الجماعي للغناء الفردي.. نرجو لها التوفيق.. ولزملائي وزميلاتي أجزل الثناء، فقد كنتم في تلك النهارية مثالاً للأسرة القوية.. أسأل الله لكم جميعاً التوفيق، ولـ(مجهرنا) مزيد التقدم والنجاح.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية